فوائد ومسائل في أحكام الحيض

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

هذا جمعٌ لبعض الأحكام المتعلقة بالحيض والنفاس مرتّبة مرقمة سهلة القراءة على (٣٠) نقطة:

1-      قال الأزهري: والحيض هو دم يرخيه رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة.

قال الله سبحانه: {ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض}

قوله تعالى "عن المحيض" في الآية: هو دم الحيض بإجماع العلماء.

قوله "أذى": قال صاحب الحاوي: سُمّيَ أذى لقبح لونه ورائحته ونجاسته وإضراره.

قوله "فاعتزلوا النساء في المحيض" قد فسره النبي صلى الله عليه وسلم: باعتزال الجماع.

2-      إذا احتسبت المرأة الصبر على ما في الحيض من أذى لها فتثاب بإذن الله

في الحديث "إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم"

قال ابن رجب: أي أنه قضى به عليهن وألزمهن إياه فهن (مُتعبدات بالصبر عليه).

3-      فائدة:

قال إمام الحرمين: وعلى الجُملة فهي أسرع بلوغا من الغلام.  ا هـ

4-      غالب الحيض والطهر:

اتفق العلماء على أن غالب الحيض: ستة أو سبعة أيام، وغالب الطهر بين الحيضتين: ثلاثة أو أربعة وعشرين يومًا.

5-      لون دم الحيض:

•        السواد. (وهو الأصل) للحديث (إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يُعرف).

•        الحمرة. إذا كانت في أيام الحيض لأنها أصل لون الدم.

•        الصفرة. وهي ما تراه المرأة كالصديد يعلوه اصفرار.

•        الكدرة. وهي التوسط بين لون البياض والسواد كالماء الوسخ.

تنبيه: الصفرة والكدرة تكون حيضًا إذا كانت في أيام الحيض أما إذا كانت بعد الطهر فليست بحيض.

6-      كيف تعرف المرأة الطهر؟

بإحدى العلامتين:

•        وجود الطهر: وذلك أن ينقطع خروج الدم والصفرة والكدرة. - وهو ما يسمى بالجفوف .

•        القُصَّة البيضاء: وهي ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض.

قال مالك: سألت النساء عنه فإذا هو أمر معلوم عندهن.

7-      مسألة: هل الحامل تحيض؟

قال ابن عثيمين: الغالب الكثير أن الأنثى إذا حملت انقطع الدم عنها. وإن رأت الحامل الدم بصفته؟

محل خلاف، قيل يعد دم فساد وليس بحيض وقيل بل يعتبر حيضا وهو اختيار ابن تيمية.

8-      فوائد في "طهارة الحائض":

* إذا قصدت الوضوء تعبدًا مع علمها أنه لا يصح تأثم بهذا لأنها متلاعبة بالعبادة.

* كما لو أمسكت عن الطعام بقصد الصوم اثمت وان أمسكت بغير قصد الصوم لم تأثم.

* الطهارة المسنونة للنظافة كغسل الإحرام فمسنونة لها بلا خلاف.

9-      تحريم الصلاة والصوم:

جاء في الحديث: "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة" قال ابن حجر عن الحديث: يتضمن نهي الحائض عن الصلاة وهو للتحريم.

جاء في الحديث الآخر الطويل والشاهد منه: "أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم؟!"

والقول ببطلان صلاتها وصيامها في حال حيضها أمرٌ مجمعٌ عليه، كما نقله النووي.

10-    تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة:

قالت عائشة رضي الله عنها:

كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة.

ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.

قال النووي: أجمعت الأمة على أنه يسقط عنها فرض الصلاة فلا تقضي إذا طهرت.

وقضاء الحائض الصلاة (بدعة) كما نص عليه عطاء بل هو من شأن الخوارج.

11-    مسألة: إذا طهرت الحائض في آخر وقت الصلاة هل تصليها أم لا؟

الجواب: الذي رجحه ابن عثيمين وابن تيمية أنها إذا طهرت قبل الغروب بقدر ركعة لزمها العصر .

وهل يشترط مع الركعة إمكان الطهارة؟ قال النووي: أصحها أنه لا يشترط.

12-    مسألة: إذا طهرت الحائض قبل المغرب هل تصلي الظهر والعصر وإذا طهرت وقت العشاء هل تصلي المغرب والعشاء؟

الجواب: المسألة خلافية هناك من يقول أنه إذا طهرت مثلا وقت العصر فعليها العصر والظهر وكذلك إذا طهرت وقت العشاء فتصلي المغرب والعشاء لما روي عن ابن عباس في ذلك.

وقال آخرون كابن عثيمين ما قاله الحسن: "إذا طهُرت في وقت الصلاة صلت تلك الصلاة ولا تصلي غيرها".

والله أعلم.

13-    إذا حاضت المرأة بعد دخول وقت الصلاة ولم تصلي بعد هل يجب أن تقضيها إذا طهرت؟

•        قال البغوي: ولو حاضت المرأة بعدما دخل عليها وقت الصلاة ومضى إمكان الأداء، يجب عليها قضاء تلك الصلاة.

•        ورجح ابن تيمية أنه ليس عليها قضاء ولا يلزمها شيء لأنها تأخرت تأخيرا جائزا فهي غير مفرطة.

•        وقد سألت شيخنا صالح بن عبدالله العصيمي عن المسألة فاختار القول الأول وهو أن الصلاة تبقى في ذمتها حتى تطهر فتقضيها. وهو معتمد المذهب عند الحنابلة.

14-    إذا طهرت الحائض في نهار رمض ان هل تمسك باقي النهار؟

ج/عليها قضاء هذا اليوم، ولا يلزمها مثلا إذا طهرت في الظهر أن تمسك حتى تغرب الشمس. إذ لا دليل يوجب عليها الإمساك وهو ترجيح ابن عثيمين.

15-    إذا طهرت الحائض قبل الفجر وكانت في رمضان ولم تغتسل حتى طلع الفجر؟

ج/عليها الصوم ويجزئها، ولا قضاء عليها.

16-    قضاء صوم رمضان؟

قالت عائشة رضي الله عنها: (كان يكون علي الصوم من رمضان فما استطيع أن أقضي إلا في شعبان).

قال ابن حجر: وفي الحديث دلالة على جواز تأخير القضاء سواء بعذر أو لغير عذر، ويؤخذ من حرصها على ذلك في شعبان: أنه لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان آخر.

17-    تحريم وطئ الحائض في الفرج:

قال تعالى: (فاعتزلوا النساء في المحيض)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح)

قال النووي: أجمع المسلمون على تحريم وطء الحائض للآية الكريمة والاحاديث الصحيحة.

فإن وطأها فقد ارتكب ذنبا عظيما نص الشافعي على أنه من الكبائر، وعليه التوبة.

وفي إيجاب الكفارة عليه خلاف والذي رجحه النووي أنه لا كفارة لضعف الحديث الوارد في ذلك. ومذهب الحنابلة أن عليه الكفارة.

18-    مباشرة الحائض فيما دون الفرج:

في الحديث (اصنعوا كل شيء إلا النكاح)

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يباشر نساءه وهن حيّض.

قال الشيخ أبو إسحاق الحويني: لك كل شيء وتجنب القبل والدبر.

-19 ذكر الله تعالى في حال الحيض:

قال ابن المنذر: لا أعلم أحدا منع من ذلك.

وأجمع أهل العلم على أن للحائض وللجنب أن يذكرا الله ويسبحانه. فتح ابن رجب.

-20    تلاوة القرآن للحائض:

»ذهب بعض أهل العلم إلى المنع واستدلوا بحديث (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن) وهذا الحديث قال عنه ابن تيمية: ضعيف باتفاق أهل المعرفة. ا هـ

»وذهب بعضهم إلى الجواز قالوا لا دليل صحيح صريح يحرم ذلك،

»ومن الأدلة على الجواز:

1- (أفعلي ما يفعل الحاج..) والحاج يذكر الله ويقرأ القرآن.

2- النساء كُنَّ يحضن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يُنقل المنع من ذلك.

3-أن الحائض ليست بنجسة.

4- أنها محتاجة لقراءة القرآن والاتعاظ بما فيه.

وهو ترجيح ابن باز والألباني والوادعي والعلوان وغيرهم.

21-    مس الحائض للمصحف دون حائل؟

من أهل العلم من منع واستدل بقول الله (لا يمسه إلا المطهرون) وحديث (لا يمس القرآن إلا طاهر) وهذا قول جمهور العلماء.

وذهب آخرون إلى الجواز كالألباني والوادعي وغيرهما قالوا لعدم الدليل الصحيح الصريح في المنع وقالوا عن الآية أن المراد بها الملائكة.

وقالوا عن الحديث أنه معلول وعلى التسليم بصحته فالمراد به المؤمن فأخرج بذلك الكافر.

والله أعلم.

22-    مكث الحائض في المسجد؟

اختلف في ذلك على قولين:

•        القول الأول (المنع) واستدلوا بحديث (لا أحل المسجد لحائض ولا جنب) وهذا الحديث لايصح ضعفه الألباني وغيره.

•        القول الثاني (الجواز) لعدم وجود دليل صحيح صريح في المنع من ذلك.

وهذا القول وقد قال به الألباني والوادعي والعلوان والطريفي من المعاصرين.

•        ومن الأدلة على جواز مكثها في المسجد:

1-      أن الحائض ليست بنجسة.

2-      أن هناك امرأة جائت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأسلمت فكان لها خباء في المسجد.

قال ابن حزم: فهذه امرأة ساكنة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والمعهود من النساء الحيض ولم ينهها ولم يمنعها وكل ما لم ينه عنه مباح.

3-      لو كان دخول الحائض المسجد لا يجوز لأخبر بذلك عليه الصلاة والسلام عائشة رضي الله عنها إذ حاضت فلم ينهها إلا عن الطواف بالبيت. ذكره ابن حزم.

والله أعلم.

23-    الاتكاء في حجر الحائض وقراءة القرآن

عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (يتكئ في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن) متفق عليه.

قال النووي: فيه جواز قراءة القرآن مضطجعا ومتكئا على الحائض وبقرب النجاسة.

وقال ابن حجر: فيه جواز ملامسة الحائض، وأن ذاتها وثيابها على الطهارة ما لم يلحق شيئا منها نجاسة.

24-    استخدام الحائض:

عن عائشة قالت: (كنت أُرَجّل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض) البخاري.

في الحديث دليل على أن الحائض طاهرة غير نجسة إلا موضع النجاسة. قاله ابن عبدالبر.

25-    مؤاكلة الحائض ومجالستها:

عن عائشة قالت: (كنت اشرب وأنا حائض ثم أناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيَّ فيشرب) مسلم.

قال النووي: ولا يكره وضع يدها في شيء من المائعات، ولا يكره طبخها وعجنها وغير ذلك من الصنائع، وسؤرها وعرقها طاهران.

26-    سألت امرأة عائشة رضي الله عنها هل تختضب الحائض؟ فقالت: قد كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نختضب، فلم يكن ينهانا عنه. صححه الألباني.

قال السيوطي: قال فقهاؤنا: يجوز للحائض أن تختضب.

27-    المرأة تجنب ثم تحيض؟

قال ابن قدامة: إذا اجتمع شيئان يوجبان الغسل كالحيض والجنابة ونواهما بطهارته أجزأ عنهما قاله أكثر أهل العلم.

وقال: فإن أغتسلت للجنابة في زمن حيضها صح غسلها وزال حكم الجنابة نص عليه أحمد وقال: تزول الجنابة، والحيض لا يزول حتى ينقطع الدم.

28-    الحائض هل تسجد للتلاوة؟

اخرج البخاري عن ابن عباس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس)

والشاهد منه: أنه لا يعقل أن المشركين كانوا على وضوء.

قال الشعبي: من سمع السجدة وهو على غير وضوء يسجد حيث كان وجهه، وقد سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس، ففعله الكافر والمسلم، وسجد سحرة فرعون. اهـ

فتسجد سواء كان سجود تلاوة أو شكر لأنه لم يرد دليل صحيح على اشتراط الطهارة لسجود التلاوة والشكر كما يقول من ذهب لهذا القول.

وهو ترجيح ابن باز و مقبل الوادعي وفتوى اللجنة الدائمة. والله أعلم.

29-    إذا انقطع دم الحيض ولم تغتسل المرأة بعد هل للرجل اتيانها؟

ج/قال تعالى: (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله. .)

"فإذا تطهرن فأتوهن" فيها دليل على بقاء تحريم الوطء بعد الطهر حتى تغتسل.

قال به ابن رجب وابن قدامة وغيره.

30-    " تحريم طلاق الحائض"

•        قال النووي في المجموع: أجمعت الأمة على تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، فلو طلقها أثم ووقع طلاقه ويؤمر بالرجعة. ا هـ

•        والسنة في التطليق كما قال ابن تيمية في الفتاوى: فقد ثبت بالنص والإجماع أن السُّنة أن يطلِّقها طاهرا من غير جماع. اهـ

•        ويستثنى من تحريم طلاق الحائض ثلاث مسائل ذكرها ابن عثيمين:

١-  إذا كان الطلاق قبل أن يخلو بها أو يسمها لأنه لا عدة حينئذ.

٢- إذا كان الحيض في حال الحمل.

٣- إذا كان الطلاق على عوض فلا بأس أن يطلقها وهي حائض.

مسائل متفرقة:

-  دم الحيض نجس بالإجماع.

- الحائض إذا طهرت ولم تجد الماء تيممت وصلت جاز للزوج غشيانها. (النووي)

- لابأس على الحائض أن تغسل من ماتت من النساء وان تحضر حين احتضارها على الصحيح.

- المرأة إذا ماتت وهي حائض لا تغسل غسلان على الصحيح بل يصنع بها ما يصنع بغيرها وهو قول عوام أهل العلم كما قال ابن المنذر.

الخلاصة:

1- المرأة تثاب إذا صبرت على أذى الحيض.

2- الحامل الغالب لا تحيض وان رأت الدم بصفته فاختلف فيه.

3- لا يجوز للحائض أن تصوم ولا أن تصلي ولا أن تطوف بالبيت ولا يصح منها شيء.

4- تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.

5- قضاء الصلاة للحائض بدعة بل هو من شأن الخوارج.

6- إذا طهرت في آخر وقت الصلاة وجبت عليها هذه الصلاة واختلف في التي قلبها.

7- إذا دخل وقت الصلاة فحاضت ولم تصل بعد وكانت تستطيع فتقضي بعد الطهر.

8- إذا كانت في رمضان وهي حائض فطهرت في النهار عليها القضاء ولا يجب عليها أن تمسك إلى الغروب.

9- يحرم وطئ الحائض في الفرج وللزوج كل شيء غير الفرج والدبر.

10- وطئ الحائض من الكبائر على فاعله التوبة وفي إيجاب الكفارة خلاف.

11- للحائض أن تذكر الله وأن تقرأ القرآن بحائل.

12- اختلف في مكث الحائض في المسجد.

13- الحائض بدنها طاهر إلا موضع النجاسة.

14- إذا اجتمع شيئان يوجبان الغسل كالحيض والجنابة ونواهما بطهارته أجزأ عنهما.

15- الحائض لها أن تسجد سجود التلاوة والشكر.

16- لا يكفي انقطاع الدم عنها ليحل للزوج الوطئ بل عليها أن تغتسل.

17- يحرم طلاق الحائض بغير رضاها، فلو طلقها أثم ووقع طلاقه ويؤمر بالرجعة.

18- دم الحيض نجس بالإجماع.

19- الحائض إذا طهرت ولم تجد الماء تيممت وصلت جاز لزوجها غشيانها.

20- لابأس على الحائض أن تغسل من ماتت من النساء وان تحضر عند احتضارها.

21- المرأة إذا ماتت وهي حائض لاتغسل غسلان بل يصنع بها ما يصنع بغيره.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين