زكاة المكاتب الاستشارية الهندسية والمحاسبية والمحاماة


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

قد استشكل بعض الزملاء من أصحاب المهن الحرة من محامين ومهندسين ومحاسبين طريق احتساب زكاة المكاتب المهنية، فكتبت هذه الخلاصة وآمل أن  كون كافية وافية.

 فإذا كان صاحب المكتب مسلماً أو كانت الشركة المهنية بين مسلمين أو أحد الشركاء مسلم وحال الحول الهجري على الوعاء الزكوي، وكان المبلغ الذي في الوعاء الزكوي أكثر من النصاب (فتجب الزكاة وفقا للآتي:

1)      إذا كان أحد الشركاء مسلم فيخرج الزكاة للشركة ثم يضربها في حصته من الشركة، مثلا إذا كان يملك 30%، فتكون زكاته: (زكاة الشركة ضرب 30%)

2)      وعاء الزكاة لمكتب المحاماة = الموجودات الزكوية من نقود وما في حكمها وديون حالة مرجوة السداد – (المطلوبات المستحقة الدفع خلال الفترة المالية في تاريخ قائمة المركز المالي + الحقوق الحكومية) ثم يقسم الناتج على 40 ليخرج قدر الزكاة.

3)      يشمل الوعاء الزكوي الأموال التي في حسابات المنشأة لدى البنوك، وفي الخزنة. ولو كان مخصصاً لاحتياطات محاسبية، أو مرصوداً لسداد دين، أو لشراء كراسات أو لتغطية خطابات ضمان للدخول في مناقصات حكومية. ويشترط في المال أن يكون ملكه تاماًّ، فلا يدخل الدّين المجحود إذا لم يكن للمالك بيّنة، والمال المغصوب الّذي لا يقدر صاحبه على أخذه، والمسروق الّذي لا يدري من سرقه، والدين على معسر.

4)      ينضاف للوعاء الزكوي الديون الحالة التي في ذمم العملاء ذوي الملاءة. وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي القرار ذو الرقم : (1/2) بشأن زكاة الديون، والمنشور في مجلة المجمع – ع 2، ج 1/61، ونصه: أولاً: تجب زكاة الدين على رب الدين عن كل سنة إذا كان المدين مليئاً باذلاً. ثانيا: تجب الزكاة على رب الدين بعد دوران الحول من يوم القبض إذا كان المدين معسراً أو مماطلاً.

5)      في حال العقود السنوية مع المكتب، فإن الأجرة لا يزكيها المحامي أو المهندس أو المحاسب حتى يقبضها، ويحول عليها حول، بناء على أن الأجرة لا تستحق بالعقد، وإنما تستحق بانقضاء مدة الإجارة. وبهذا الرأي قال الإمام مالك كما يظهر بالنظر في كلام المالكية حول زكاة الدين( ). وبه أفتى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز، وفضيلة الشيخ محمد ابن عثيمين، وأخذ به مجمع الفقه الإسلامي ونصه:" : "إن الزكاة تجب في الغلة وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم القبض مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع."

6)        الديون المؤجلة لا زكاة فيها، وهذا ما ذهب إليه الحنابلة في إحدى الروايتين، وقد صححها في التلخيص وغيره، وقد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية. وقال في "المبدع" عقب ذكر هذه الرواية في تعليلها" لأنه –أي الدين-غير نام، وهو خارج عن يده وتصرفه، أشبه الحلي ودين الكتابة.  ولأن الزكاة وجبت في مقابلة الانتفاع بالنماء حقيقة أو مظنة، وهو مفقود هنا."

7)      يخصم من الأموال الديون التي في ذمة المكتب من رواتب وإيجار ورسوم حكومية وضرائب تسدد خلال العام القادم (معيار الزكاة 7/3/11) وغيرها لقول عثمان رضي الله عنه: هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤدّه وليزكّ بقيّة ماله". ويشمل ذلك مستحقات الموظفين الذين سيتركون العمل في العام القادم من مكافأة نهاية الخدمة والتعويض عن فسخ العقد قبل انتهائه وغيرها من حقوق مقرة في نظام العمل (معيار الزكاة 7/3/6), وكذلك التعويضات الصادرة بحكم قضائي نهائي يلزم تنفيذه خلال العام القادم العمل (معيار الزكاة 7/3/7).

8)      إذا أخرج المحامي أو المحاسب أو المهندس الزكاة لهيئة الزكاة والدخل فإن ذمته تبرأ بمقدار ما أخرج عن مكتب المحاماة، وباقي زكاة أمواله لا يزال في ذمته، ومستند ذلك حديث أنس رضي الله عنه أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله؟ فقال: نعم، إذا أديتها إلى رسولي فقد برئت منها إلى الله ورسوله، ولك أجرها، وإثمها على من بدلها". وحديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال اجتمع عندي نفقة فيها صدقة يعني بلغت نصاب الزكاة فسألت سعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد الخدري أن أقسمها أو أدفعها إلى السلطان فأمروني جميعا أن أدفعها إلى السلطان ما اختلف علي منهم أحد" وفي رواية "فقلت لهم: هذا السلطان يفعل ما ترون، فأدفع إليهم زكاتي؟ فقالوا كلهم: نعم فادفعها". رواهما الإمام سعيد بن منصور في مسنده. وقول ابن عمر رضي الله عنهما: ادفعوا صدقاتكم إلى من ولاه الله أمركم فمن بر فلنفسه ومن أثم فعليها رواه البيهقي، وقال النووي عنه: إسناده صحيح أو حسن، وعن قزعة مولى زياد بن أبيه أن ابن عمر قال ادفعوها إليهم وإن شربوا بها الخمر رواه البيهقي وقال النووي عنه: إسناده صحيح أو حسن. وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله:" وما أخذه السلطان من الزكاة بغير أمر أصحابه احتسب به"، وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله:" ما يأخذه ولاة المسلمين من العشر وزكاة الماشية والتجارة وغير ذلك فإنه يسقط ذلك من صاحبه إذا كان الإمام عادلا يصرفه في مصارفه الشرعية باتفاق العلماء. فإن كان ظالما لا يصرفه في مصارفه الشرعية فينبغي لصاحبه أن لا يدفع الزكاة إليه بل يصرفها هو إلى مستحقيها فإن أكره على دفعها إلى الظالم بحيث لو لم يدفعها إليه لحصل له ضرر فإنها تجزئه في هذه الصورة عند أكثر العلماء. وهم في هذه الحال ظلموا مستحقيها كولي اليتيم وناظر الوقف إذا قبضوا ماله وصرفوه في غير مصارفه".

9)      إذا أخرجت المنشأة الزكاة الشرعية لإلزام ولي الأمر بذلك، أو رغب مالكها في ذلك فإنه يتصور ثلاث صور:

1.      إذا أخرجت المنشأة الزكاة الشرعية دون زيادة أو نقصان، فإن ذمة مالكها تبرأ بذلك، في زكاة منشأته.

2.      وإن أخرجت المنشأة أقل من الزكاة الشرعية، فيجب على مالكها أن يخرج الفرق، ولا تبرأ الذمة إلا بذلك.

3.      وأما إذا أخرجت المنشأة أكثر من الزكاة الشرعية، فيجوز لمالكها أن يعدها من الزكاة المعجلة، أو يعدها زكاة أموال أخرى غير المؤسسة، أو يحتسبها صدقة زائدة عن الواجب الشرعي.

والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

عبدالله الحميدي

09:22:47 2023-03-26

نفع الله بكم حبيبنا المبارك وشكر لكم هذا التفصيل الواضح