بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
كل إنسان يريد أن يعزَّ نفسه، ولا يرضى لها الذلة والمهانة، وعزها في طاعة الله عز وجل، قال جعفر بن محمد رحمه الله: من نقله الله عز وجل من ذل المعاصي إلى عز الطاعة أغناه بلا مال، وآنسه بلا أنس، وأعزه بلا عشيرة.
ومن تلاعب به الشيطان واستسلم لهواه وارتكاب الحرام فقد أهان نفسه وأذلها، ولو أن الأمر اقتصر على ذلك لهان ،ولكنه بعصيانه محارب لله جل جلاله، قال الحسن رحمه الله: ويحك يا ابن آدم هل لك بمحاربة الله طاقة، إنه من عصى الله فقد حاربه."
نعم يحارب العبد الضعيف من نعمه تتنزل عليه في جميع الأحوال والأوقات، قال العلامة السعدي رحمه الله: فليستحِ المجرم من ربه، أن تكون نعم الله عليه نازلة في جميع الحالات، ومعاصيه صاعدة إلى ربه في كل الأوقات، وليعلم أن الله يمهل ولا يهمل، وأنه إذا أخذ العاصي أخذه أخذ عزيز مقتدر. فليتُب إليه، وليرجع إليه في جميع أموره فإنه رءوف رحيم. فالبدار البدار إلى رحمته الواسعة، وبره العميم، وسلوك الطرق الموصلة إلى فضل الرب الرحيم، ألا وهي تقواه والعمل بما يحبه ويرضاه.
فمن رام نجاة نفسه فليصحو من سكرته، قال قال سهل التستري رحمه الله: العاصي سكران، والمصر هالك.
الذنوب عواقبها وخيمة على صاحبها، وعلى غيره من العباد والبلاد والدواب.
للسلف أقوال في المعاصي والذنوب، جمعت بفضل الله وكرمه بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفعني وجميع المسلمين بها.
من أسباب الوقوع في الذنوب والمعاصي:
• الجهل بعظمة الله عز وجل وكبريائه وجلاله:
** قال الحافظ ابن رجب: كل من عصى الله فهو جاهل، وكل من أطاعه فهو عالم، وبيانه من وجهين:
أحدهما: أن من كان عالمًا بالله تعالى وعظمته وكبريائه وجلاله فإنه يهابه ويخشاه، فلا يقع منه مع استحضار ذلك عصيانه، كما قال بعضهم: لو تفكر الناس في عظمة الله تعالى ما عصوه.
والثاني: أن من آثر المعصية على الطاعة فإنما حمله على ذلك جهله وظنه أنها تنفعه عاجلًا باستعجال لذتها، وإن كان عنده إيمان فهو يرجو التخلص من سوء عاقبتها بالتوبة في آخر عمره، وهذا جهل محض، فإنه يتعجل الإثم والخزي ويفوته عز التقوى وثوابها ولذة الطاعة، وقد يتمكن من التوبة بعد ذلك، وقد يعاجله الموت بغتة، فهو كجائع أكل طعامًا مسمومًا لدفع جوعه الحاضر، ورجا أن يتخلص من ضرره بشرب الدرياق بعده، وهذا لا يفعله إلا جاهل.
** قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين: إذا رأيت من يعصي الله ويجاهر بذلك، فإن ذلك يدل على ضعف عقيدته، وأنه ما عرف الله حق معرفته بآياته ومخلوقاته، ما عرف عظمة من يعصيه، ما عرف الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، وكماله وجلاله وكبريائه وعظمته، ما عرف واعتقد أن الله يثيب الطائع، ويعذب العاصي، أو أنه عرف ذلك ولكنه لم يستحضره، وذلك لضعف عقيدته، ولضعف إيمانه.
• دعوى أن رحمة الله واسعة:
قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين: ينبغي أن نعرف أنه لا يجوز أن نتكل على رحمة الله، فنرتكب المعاصي والموبقات فإن كثيرًا من الناس يرتكبون المعاصي والكبائر وينهمكون في الذنوب، وإذا عاتبت أحدهم ردّ عليك قائلًا: رحمة الله واسعة، الله أرحم بعباده، الله غفور رحيم، هذه ذنوب صغيره، وما أشبه ذلك، والجواب على ذلك أن يُقال له:
أولًا: إنك إذا أصررت على الصغيرة صارت كبيرة، فإن الإصرار على الصغائر من جملة الكبائر. ثانيًا: إنك لا تأمن إذا تهاونت بالصغيرة أن تجرك إلى كبيرة.
ثالثًا: إن المعاصي بريد الكفر، فإنك إذا أكثرت من الصغائر جرتك إلى الكبائر ثم جرتك الكبائر إلى مقدمات الكفر والشرك، ثم إلى الكفر والشرك.
رابعًا: لا تأمن من عقاب الله لك على هذه المعصية حتى ولو كنت مسلمًا موحدًا فإن الله قد يعذب على المعصية، سيما من تهاون بها مع معرفته بعظم الجرم، ولو عقوبة قليلة، فإن الإنسان لا يتحمل شيئًا من غضب الله ومن ناره، فقد يعاقب فيدخل النار ولو زمنًا قليلًا، فكيف يتحمل عذاب النار وبئس المصير.
خامسًا: تأمل في آيات الله، تجد أن الله تعالى كلما ذكر الرحمة ذكر بعدها العقاب، اقرأ: (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب) [الرعد:6] وقوله تعالى: (نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم) [الحجر:49-50] وقوله تعالى: (غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب) [غافر:3]،فقد جمع الله تعالى في هذه الآيات بين الرحمة والعذاب حتى لا يتعلق المُفرّطُ بآيات الرحمة، وينهمك في المعاصي ونحوها، بل يكون راجيًا خائفًا.
• التهاون بالذنوب:
قال العلامة السعدي: قوله تعالى: ﴿وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ [النور:15] وهذا فيه الزجر البليغ، عن تعاطي بعض الذنوب على وجه التهاون بها، فإن العبد لا يفيده حسبانه شيئًا، ولا يخفف من عقوبة الذنب، بل يضاعف الذنب، ويسهل عليه مواقعته مرة أخرى.
• ظلمة القلب:
قال الحافظ ابن حجر: الفاجر قليل المعرفة بالله، فلذلك قلَّ خوفه واستهان بالمعصية، قال ابن أبي جمرة: قلب الفاجر مظلم فوقوع الذنب خفيق عنده ولهذا تجد من يقع في المعصية إذا وعظ يقول هذا سهل...فقلة خوف المؤمن ذنوبه وخفته عليه يدل على فجوره.
• هوان العاصي على الله عز وجل:
** قال أبو سليمان الداراني: إنما هانوا عليه فعصوه، ولو كرموا عليه لمنعهم منها.
** قال الحسن البصري: أما والله ولئن وطئت الرجال أعقابهم، إن ذل المعاصي لفي قلوبهم، ولقد أبى الله أن يعصيه عبد إلا أذله.
** قال جبير بن نفيل: لما فتحت قبرص فُرّق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، ورأيت أبا الدرداء جالسًا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء. ما يبكيك في يوم أعزَّ الله فيه الإسلام وأهله ؟ قال: ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره، بينا هي أمة قاهرة ظالمة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى.
• سكرة الغفلة:
** قال الإمام ابن الجوزي: لا ينال لذة المعاصي إلا سكران بالغفلة.
من آثار وأضرار الذنوب والمعاصي:
• التعرض لعقوبة الله جل جلاله:
قال العلامة السعدي: قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الرعد:6] على من لم يزل مصرًا على الذنوب، قد أبى التوبة والاستغفار والالتجاء إلى العزيز الغفار. فليحذر العباد عقوباته بأهل الجرائم، فإن أخذه أليم شديد.
قوله تعالى: ﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾ [البروج:12] أي: إن عقوبته لأهل الجرائم والذنوب العظام، لقوية شديدة، وهو للظالمين بالمرصاد.
قوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر:14] لمن يعصيه، يمهله قليلًا ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (يا أمة محمد ! والله ما من أحدٍ أغير من الله أن يزني عبده، أو تزني أمته) ففي هذا: بيان أن سبب العقوبات في الدنيا والآخرة هي الذنوب، فبين غيرة الله تعالى إذا انتهكت محارمه التي من أعظمها الزنا، فإنه غالبًا لا يمهل صاحبه، والله تعالى غيور.
• الآلام العاجلة الدائمة من الهموم والغموم والقلق:
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية: للكفر والمعاصي من الآلام العاجلة الدائمة ما الله به عليم ولهذا تجد غالب هؤلاء لا يطيب عيشهم إلا بما يزيل العقل ويلهي القلب من تناول مسكر أو رؤية ملهٍ أو سماع مطرب.
** قال العلامة السعدي: إذا دعته نفسه إلى ما تشتهيه من الشهوات المحرمة، قال لها: هبك فعلت ما اشتهيت، فإن لذته تنقضي، ويعقبها من الهموم، والغموم، والحسرات وفوات الثواب وحصول العقاب، ما بعضه يكفى العاقل في الإحجام عنها
** قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: الإثم سبب من أسباب ضيق الصدر، وقلقه واضطرابه، مما يدل على أن الطاعة سبب للطمأنينة.
قال العلامة العثيمين: أشدُّ الناس عذابًا قلبيًّا وقَلَقًا هم الكُفَّار، وكلما كان الإنسانُ أعصى لربِّه كان أشدَّ قَلَقًا وأقلَّ راحةً، وكُلَّما كان أشدَّ إيمانًا وعملًا صالحًا كان أشدَّ طُمَأْنينةً، وقال: الكفرة من الغربيين وغير الغربيين لا تظنوا أنهم في نعيم، والله إنهم في جحيم، قلوبهم الآن ملأى من الجحيم، مهما زانت لهم الدنيا فهم في جحيم
_ أشدُّ الناس همًّا وغمًّا وإثمًا مَنْ يُنفقون أموالهم في اللهو والمحرَّمات،
_ المادِّيُّون يُدخِلون السرور على المريض بالموسيقا والملاهي، ولكنها واللهِ هي المرض؛ لأنه يَعقُبُها الحُزْنُ والبلاءُ والشرُّ.
_ للذنوب آثار على القلوب، فإن المعاصي تكون عنده نقطة سوداء في القلب، فإن تاب الإنسان انصقل قلبه، وعاد إلى بياضه، وإلا توسَّعَتْ هذه النقطة السوداء، وأصبح القلب مظلمًا - والعياذ بالله - بل يُختمُ عليه حتى لا يصل إلى الخير، فللذنوب آثار عظيمة على القلب تُوجب أن يكون مُنقبضًا، وإذا تلذَّذ بعض الشيء في هذه المعصية، فإنه يعقُبُ ذلك حسرة عظيمة في القلب وضيق.
_ الإنسان المؤمن يحصل له من المعصية أثر سيِّئ في نفسه، حتى إن بعض الناس يضيق صدره، ولا يدري ما السبب، لكن سببه معصية خفيت عليه.
_ الذي يُوجب ضِيق الصدر، وتشتُّت الفكر، هو المعاصي.
• سوء العاقبة:
** قال أبو الوفاء ابن عقيل: ما أشدّ شؤم المعاصي بينا يسمع قول الله لملائكته ﴿اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾[البقرة:34]حتى سمع النداء﴿ اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ﴾ [البقرة:38]
** قال الحافظ ابن الجوزي: اعلم وفقك الله، أن المعاصي قبيحة العواقب سيئة المنتهى، وهي وإن سرّ عاجلها ضرَّ آجلها، ولربما تعجل ضرها، فمن أراد أن طيب عيشه فليزم التقوى...وأجهل الجهال من آثر عاجلًا على آجلٍ لا يأمن سوء مغبته
فكم قد سمعنا عن...من أطلق نفسه في شهواتها، ولم ينظر في حلال وحرام، فنزل به من الندم وقت الموت أضعاف ما التذ، ولقي من مرير الحسرات ما لا يقاومه ولا ذرة من كل لذة، ولو كان هذا فحسب لكفى حزنا كيف والجزاء الدائم بين يديه.
فلا خير في لذة من بعدها النار، وهل عُدَّ في العقلاء قط من قيل له: اجلس في المملكة سنة ثم نقتلك، هيهات بل الأمر بالعكس، وهو أن العاقل من صابر مرارة الجهد سنة بل سنتين ليستريح في عاقبته.
تفكر وفقك الله، في أن الذنوب تنقضى لذتها وتبقى تبعتها
تفنى اللذاذة ممن نال،صفوتها،،،،،من الحرام ويبقى الإثم، والعار
تبقى عواقب سوء في،مغبتها،،،،، لا خير في لذة من بعدها النار
** قال الحافظ ابن حجر: كان في قصة أُحد وما أُصيب به المسلمون فيها من الفوائد والحكم الربانية أشياء عظيمة، منها: تعريف المسلمين سُوء عاقبة المعصية، وشؤم ارتكاب النهي، لما وقع من ترك الرماة موقفهم الذي أمرهم الرسول أن لا يبرحوا منه.
وقال: شؤم المعاصي يذهب بخير الدنيا والآخرة.
• نزول البلاء:
قال الحافظ ابن حجر: المعاصي...من أسباب جلب البلاء وخصّ منها الزنا لأنه أعظمها في ذلك...فالذنوب سبب للبلايا، والعقوبات العاجلة والآجلة.
• الهلاك العام للجميع:
قال الإمام النووي: الخبث، الظاهر أنه المعاصي مطلقًا....ومعنى الحديث أن الخبث إذا كثر يحصل الهلاك العام، وإن كان هناك صالحون.
• تُزين للعبد ترك اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام:
قال العلامة السعدي: للذنوب عقوبات عاجلة وآجلة، ومن أعظم العقوبات: أن يبتلى العبد ويُزين له ترك اتباع الرسول، وذلك لفسقه.
• تسلّط السلطان:
قال المأمون لبعض أصحابه: لا تعصي الله بطاعتي فيسلطني عليك.
• تمنع رحمة الله وتغلق أبوابها:
قال العلامة السعدي: قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا﴾ [مريم:44] في ذكر إضافة العصيان إلى اسم الرحمن، إشارة إلى أن المعاصي تمنع العبد من رحمة الله، وتغلق أبوابها. كما أن الطاعة أكبر الأسباب لنيل رحمته.
• تكدير الأحوال:
** قال الفضيل بن عياض: إني لأعصى الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي.
** قال أبو سليمان الدارني: من صفّى صُفيّ له، ومن كدّر كُدِّر عليه، ومن أحسن في ليله كُوفئ في نهاره، ومن أحسن في نهاره كوفئ في ليله.
** قال الحافظ ابن الجوزي: متى رأيت وفقك الله تكديرًا في حال فتذكر ذنبًا قد وقع
• الوحشة من الموت:
قال العلامة السعدي: قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ [الجمعة:7] أي من الذنوب والمعاصي، التي يستوحشون من الموت من أجلها.
• تسلط الأشرار على المذنب:
قال الفضيل بن عياض: قال الله عز وجل: إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني.
• هلاك الدواب:
** قال ابن مسعود: كاد الجُعل أن يُعذب في جُحرة بذنب ابن آدم.
** قال يحيى بن أبي كثير: أمر رجل بالمعروف ونهي عن المنكر، فقال له رجل: عليك نفسك، فإن الظالم لا يضر إلا نفسه، فقال أبو هريرة: كذبت والله الذي لا إله إلا هو. ثم قال: والذي نفسي بيده أن الحبارى لتموت هُزلًا في وكرها بظلم الظالم. قال الثمالي ويحيى بن سلام: يحبس الله المطر فيهلك كل شيء.
• إراقة الدماء:
قال كعب الأحبار: إذا رأيت...الدماء قد أهريقت، فاعلم أن أمر الله قد ضيع في الأرض، فانتقم الله من بعضهم لبعض.
• تسلب العلم النافع:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الله سبحانه جعل مما يعاقب به الناس على الذنوب سلب الهدى والعلم النافع.
• سبب لفشو الوباء:
قال كعب الأحبار رضي الله عنه: إذا رأيت الوباء قد فشا، فاعلم أن الزنا قد فشا.
• تحرم قيام الليل:
** قال سفيان الثوري: حرمت قيام الليل بذنب أحدثته خمسة أشهر.
** قال الفضيل بن عياض: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل، كبلتك خطيئتك.
** قال أبو سليمان الداراني: إن لم تقدر على قيام الليل فلا تعص الله بالنهار.
** قال بشر: إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل
** قال رجل للحسن: يا أبا سعيد، إني أبيت معافي، وأحب قيام الليل، وأعدّ طهوري، فما لي لا أقوم ؟ قال: ذنوبك قيدتك.
قال الحافظ ابن الجوزي: الذنوب....تمنع من قيام الليل، وأخصها بالتأثير تناول الحرام. قال بعضهم: كم من أكلة منعت من قيام الليل.
• تنهى عن الصلاة وسائر الخيرات:
قال الحافظ ابن الجوزي: كما أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فكذلك الفحشاء تنهى عن الصلاة وسائر الخيرات.
• سبب لقسوة القلوب:
** قال المحارب بن ديثار: أن الرجل ليذنب الذنب فيجد له في قلبه وهنًا.
** قال الحافظ ابن الجوزي: الذنوب كلها تورث قساوة القلب.
** قال العلامة السعدي: التحذير من الذنوب، فإنها ترين على القلب وتغطيه، شيئًا فشيئًا، حتى ينطمس نوره، وتموت بصيرته، فتنقلب عليه الحقائق، فيرى الباطل حقًا، والحق باطلًا، وهذا من أعظم عقوبات الذنوب.
• سبب في سوء الخاتمة:
** قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يتوفى أحد على معصية إلا بضرب شديد لوجهه وقفاه
** قال الحافظ ابن رجب: مات كثير من المصرين على المعاصي على أقبح أحوالهم وهم مباشرون للمعاصي فكان ذلك خزيًا لهم في الدنيا مع ما صاروا إليه من عذاب الآخرة، وكثيرًا ما يقع هذا للمصرين على الخمر المدمنين لشربها.
** قال الحافظ ابن حجر: المعاصي بريد الكفر، فيخاف على من أدامها وأصرّ عليها سوء الخاتمة.
ومن اعتاد الهجوم على كبار المعاصي جره شؤم ذلك إلى أشدَّ منها، فيخشى،أن لا يختم له بخاتمة الإسلام.
• تستجلب الأحزان:
** قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: رب شهوة تورث حزنًا طويلًا.
** قال الحسن البصري: إن العبد المؤمن ليعمل الذنب فلا يزال كئيبًا.
• عاقبتها الندم والخسارة:
قال العلامة السعدي: قوله تعالى: ﴿ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴾ [المائدة:31]،وهكذا عاقبة المعاصي، الندامة والخسارة.
• تؤثر في البقاع والحرث والنسل:
قال العلامة السعدي: المعصية تؤثر في البقاع، كما أثرت معصية المنافقين في مسجد الضرار، ونهي عن القيام فيه.
وقال: المعاصي تدع الديار العامرة بلاقع. وشؤم المعاصي يهلك به الحرث والنسل.
• تزيل النعم:
قال العلامة السعدي: العقوبة على الذنب قد تكون بزوال نعمة موجودة.
• تفسد الأخلاق:
قال العلامة السعدي: المعاصي تفسد الأخلاق والأعمال والأرزاق.
• تحرم طعم العبادة:
قيل لوهب بن الورد: أيجد طعم العبادة من يعصي الله؟ قال: لا، ولا من همَّ بمعصية.
قال بشر بن الحارث: لا تجد حلاوة العبادة حتى تجعل بينك وبين الشهوات حائطًا من حديد.
• تستلزم بغض الله عز وجل للعاصي وبغض الناس له:
** قال أبو الدرداء رضي الله عنه: العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله، فإذا أحبه الله حببه إلى الخلق، وإذا عمل بمعصية الله أبغضه الله، فإذا أبغضه بغَّضه إلى خلقه.
وقال رضي الله عنه: إن العبد ليخلو بمعصية الله تعالى فيلقى الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر.
** كتبت عائشة إلى معاوية، رضي الله عنهما: أما بعد: فإن العبد إذا عمل بمعصية الله عاد حامده من الناس ذامًا.
** قالت هند: المعصية مقرونة بالبغضة، والعاصي ممقوت.
** قال الحافظ ابن الجوزي: من هاب الخلق، ولم يحترم خلوته بالحق، فإنه على قدر مبارزته بالذنوب وعلى مقادير تلك الذنوب، يفوح منه ريح الكراهية فتمقته القلوب
** قال الإمام ابن عبدالبر: العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه الله، وإذا أبغضه الله بغضه إلى خلقه
• فيها خيانة وإهانة للنفس:
قال الحافظ ابن رجب: ما أكرم العباد أنفسهم بمثل طاعة الله، ولا أهانوها بمثل معاصي الله عز وجل، فمن ارتكب المحارم فقد أهان نفسه، وفي المثل المضروب أن الكلب قال للأسد: يا سيد السباع، غير اسمي فإنه قبيح، فقال له: أنت خائن، لا يصلح لك غير هذا الاسم، قال: جربني، فأعطاه شقة لحمٍ، وقال: احفظ لي هذه إلى غدٍ، وأنا أغير اسمك، فجاع، وجعل ينظر إلى اللحم، ويصبر، فلما غلبته نفسه، وقال: أيُّ شيءٍ أعملُ باسمي، كلب إلا اسم حسن فأكل.
فمن كانت شريفة، وهمتهُ عالية لم يرض لها بالمعاصي، فإنها خيانة ولا يرضى بالخيانة إلا من لا نفس له.
• تحجب الحق، وتحول بين الإنسان وبين الفقه في دين الله:
قال العلامة العثيمين: فإن قال قائل: ما سبب هذه الأكنَّة التي تحجب الحق عن القلب؟ فالجواب: أن سببها المعاصي؛ كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ • كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾[المطففين: 13، 14] فالمعاصي تحول بين الإنسان وبين الفقه في دين الله.
من الأسباب التي تعين على ترك الذنوب:
• التفكر في عظمة الله جل جلاله:
** قال بشر بن الحارث الحافي: لو تفكر الناس في عظمة الله لما عصوا الله.
** قال بلال بن سعد: لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى من عصيت.
** قال سفيان: لا تتهاون بالذنب الصغير ولكن انظر من عصيت عصيت ربًا عظيمًا.
• الخوف من الله جل جلاله، ومن عذابه:
** قال الحافظ ابن حجر: قال ابن بطال: يؤخذ منه أنه ينبغي أن يكون المؤمن عظيم الخوف من الله تعالى، من كل ذنب صغيرًا كان أو كبيرًا، لأن الله تعالى قد يعذب على القليل، فإنه لا يسأل عما يفعل سبحانه وتعالى.
** قال عبدالله بن شبرمة: عجبت من الناس يحتمون من الطعام مخافة الداء، ولا يحتمون من الذنوب مخافة النار.
• البعد عن مقدمات الفاحشة:
قال العلامة السعدي: النهي عن قربان الزنا أبلغ من التهي عن مجرد فعله، لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه، فإن " من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه " خصوصًا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه.
• اللجوء إلى الله عز وجل عند وجود أسباب المعصية:
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي: ينبغي للعبد أن يلتجئ إلى الله، ويحتمي بحماه عند وجود أسباب المعصية ويتبرأ من حوله وقوته، لقول يوسف عليه السلام ﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [يوسف:33]،
الصبر على المعاصي والذنوب:
قال الحافظ ابن الجوزي: المعصية مفتقرة إلى الصبر عليها...ولا يقدر على استعمال الصبر إلا من...تلمح عقبى الصبر، فحينئذ يهون عليه ما صبر عليه وعنه.
وبيان ذلك بمثل: وهو أن امرأة مستحسنة مرت على رجلين، فلما عرضت لهما اشتهيا النظر إليها، فجاهد أحدهما نفسه وغض بصره، فما كانت إلا لحظة ونسى ما كان، وأوغل الآخر في النظر فعلقت بقلبه، فكان ذلك سبب فتنته، وذهاب دينه
قال معاوية: المروة ترك اللذة وعصيان الهوى. وقال عمر بن عبدالعزيز لميمون بن مهران: لا تخلُ بامرأة لا تحلُّ لك، وإن أقرأتها القرآن وقال مالك بن دينار: من غلب شهوات الدنيا فذلك الذي يَفرَقُ الشيطان من ظله بئس العبد عبد همه هواه وبطنه قال يحي بن معاذ: من أرضى الجوارح في اللذات، فقد غرس لنفسه شجر الندامات.
• البكاء على الذنوب:
** قال الفضيل بن عياض: رحم الله امرأ أخطأ، وبكى على خطيئته.
** قال الإمام النووي: استحباب بكائه على نفسه إذا وقعت منه معصية.
• الندم على المعصية:
** قال الربيع بن خثيم: الداء: الذنوب، والدواء: الاستغفار، والشفاء: أن تتوب ثم لا تعود.
** قال الحافظ ابن حجر: يستحب لمن وقع في معصية وندم، أن يبادر إلى التوبة منها، ولا يخبر بها أحد، ويستتر بستر الله
• عدم اليأس من التوبة:
قال الجنيد: لا تيأس من نفسك وأنت تشفق من ذنبك وتندم عليه بعد فعلك.
من فوائد ومنافع ترك الذنوب:
• نيل رضا الله عز وجل:
عن وهيب بن الورد، قال: بلغني أن موسى نبي الله عليه السلام، قال: يا رب، أخبرني عن آية رضاك عن عبدك، فأوحى الله تعالى إليه: إذا رأيتني أهيئ له طاعتي، وأصرفه عن معصيتي فذاك آية رضائي عنه.
• رقة القلب:
قال مكحول الشامي: أرق الناس قلوبًا أقلَّهم ذنوبًا.
• أفضل ما يُلقى به الله عز وجل:
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أقلوا الذنوب، فإنكم لن تلقوا الله عز وجل بشيء أفضل من قلة الذنوب.
• قوة الحفظ:
قال علي بن خشرم: ما رأيت بيد وكيع كتابًا قط، إنما هو حفظ، فسألته عن أدوية الحفظ، فقال: إن علمتك الدواء، استعملته؟ قلت: أي والله، قال: ترك المعاصي ما جربت مثله للحفظ.
• سبب أن يلقن العبد الحكمة:
قال بشر بن الحارث الحافي: من أراد أن يلقن الحكم فلا يعصِ الله.
• فلاح النفس وتزكيتها:
قال العلامة السعدي: قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا﴾ [الشمس:9] أي: طهر نفسه من الذنوب، ونفاها من العيوب، ورقاها بطاعة الله، وعلاها بالعلم النافع، والعمل الصالح.
متفرقات
• نقص المكاييل من كبائر الذنوب:
قال العلامة السعدي: نقص المكاييل والموازين من كبائر الذنوب، وتخشى العقوبة العاجلة على من تعاطى ذلك، وأن ذلك من سرقة أموال الناس، وإذا كان سرقتهم في المكاييل والموازين موجب للوعيد فسرقتهم على وجه القهر والغلبة من باب أولى وأحرى.
• كثرة الذنوب تجعل العبد لا يعرف من أين باب يؤتى:
قال ابن سيرين: إني لأعرف الذنب الذي حمل عليَّ به الدَّين، قلتُ لرجل منذ أربعين سنة: يا مفلس قال أبو سليمان الداراني: قلّت ذنوبهم، فعرفوا من أين يؤتون، وكثرت ذنوبنا، فليس ندري من أين نؤتى.
• من أعظم الذنوب وأقبحها أن تؤذي عباد الله:
قال أبو الوفاء ابن عقيل: من أعظم الذنوب وأقبحها أن تغرّ أخاك بفعل حتى إذا فعله عدت بفعله ذامًا ومعيرًا وهذا عقوبته من الله عظيمة، ومقابلته سريعة، لأن الله سبحانه جعلك أهدى إلى الخير والشر بقوة الرأي، فصرفت القوة التي هي نعمة الله عليك إلى إغواء أخيك وغروره، حتى إذا وقع في ورطته، واستحكمت مصيبته بما دلست عليه من أمره، زدته بالمعيرة بلاء، والله مطلع، وهو المعطي السالب، ومن أحد عقوباته استرجاع نعمته، وتركك تتعثر في أمورك وتتخبط عشواء في آرائك. فالله الله في أذيه عباده فإنه بالمرصاد.
• ريح الذنوب:
قال محمد بن واسع: لو كان للذنوب ريح ما جلس أحد إليًّ.
• أكثر الناس ذنوبًا:
** قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: أكثر الناس ذنوبًا أكثرهم كلامًا في معصية الله
** قال ابن مسعود رضي الله عنه: من أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضًا في الباطل.
** قال عمر بن عبدالعزيز: من لم يعلم أن كلامه من عمله كثرت ذنوبه.
• أسباب تجعل الصغائر كبائر:
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: علم أن الصغيرة تكبر بأسباب:
منها: الإصرار والمواظبة، ولذلك قيل: لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار.
ومنها: السرور بالصغيرة والفرح والتبجح بها، وكلما غلبت حلاوة الصغيرة عند العبد كبرت الصغيرة، وعظم أثرها في تسويد القلب، حتى إن من المذنبين من يتمدح بذنب ه ويتبجح به لشدة فرحه بمقارفته إياه.
ومنها: أن يستصغر الذنب، فإن الذنب كلما استعظمه العبد من نفسه صغر عند الله تعالى، لأن استعظامه يصدر عن نفور القلب عنه، وكراهيته له. وذلك النفور يمنع من شدة تأثره به، واستصغاره يصدر عن الألف به، وذلك يوجب شدة الأثر في القلب.
وقد جاء في الخبر: (المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه، يخاف أن يقع عليه، والمنافق يرى ذنبه كذباب مرّ على أنفه فأطاره.) وإنما يعظم الذنب في قلب المؤمن لعلمه بجلال الله، فإذا نظر إلى عظم من عصى به رأى الصغيرة كبيرة.
ومنها: أن يتهاون بستر الله عليه وحلمه عنه، وإمهاله إياه، ولا يدري أنه إنما يمهل مقتًا ليزداد بالإمهال إثمًا، فيظن أن تمكنه من المعاصي عناية من الله تعالى به، فيكون ذلك لأمنه من مكر الله.
ومنها: أن يكون المُذنب عالمًا يقتدى به، فإذا فعله بحيث يرى ذلك منه كبر ذنبه.
ومنها: أن يأتي الذنب ويظهره، بأن يذكره بعد إتيانه، أو يأتيه في مشهد غيره، فإن ذلك جناية منه على ستر الله الذي سدله عليه، وتحريك لرغبة الشر فيمن أسمعه ذنبه، أو أشهده فعله، فهما جنايتان انضمتا إلى جنايته فغلظت به، فإن انضاف إلى ذلك الترغيب للغير فيه والحمل عليه وتهيئة الأسباب له، صارت الجناية رابعة، وتفاحش الأمر، وفي الخبر: (كل الناس معافى، إلا المجاهرين، يبيت أحدهم على ذنب قد ستره الله عليه، فيصبح يكشف ستر الله، ويتحدث بذنبه.)
قال بعضهم: لا تذنب، فإن كان ولا بد، فلا ترغب غيرك فيه فتذنب ذنبين.
وقال بعض السلف: ما انتهك المرء من أخيه حرمة أعظم من أن يساعده على معصية، ثم يهونها عليه.
فطوبى لمن إذا مات، ماتت ذنوبه معه.
** قال الإمام النووي: الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة. قال الشيخ ابن عبدالسلام الإصرار: أن تتكرر منه الصغيرة تكرارًا يشعر بقلة مبالاته بدينه، اشعار مرتكب الكبيرة وإذا اجتمعت صغائر مختلفة الأنواع يشعر مجموعها بما يشعر به أصغر الكبائر.
** قال العلامة صالح الفوزان: لا يتساهل الإنسان بالصغائر، يجب عليه التوبة منها، فإن لم يتب منها وأصر عليها صارت كبائر، لأن مداومته عليها يدل على عدم مبالاته وعلى تهاونه بجانب الله سبحانه وتعالى، فالإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة.
• المُطيع محبوب:
قالت هند: الطاعة مقرونة بالمحبة، فالمطيع محبوب، وإن نأت داره، وقلت آثاره،
• ذنوب السرّ والخلوات:
** قال بلال بن سعد: لا تكن وليًا لله في العلانية، وعدوه في السر.
** قال أحمد بن حنبل:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل،،، خلوت ولــــكن قُل: عليَّ رقيـــــــــبُ
** قال الإمام ابن الجوزي: لا تفعل في السر ما تستحي أن تذكره في العلانية.
** ذكر يحيى بن عبدالوهاب بن محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي الأصبهاني (ت511هـ) بسنده إلى أبي حامد الخلقاني أنه قال: قلت لأحمد بن حنبل: ما تقول في القصائد؟ فقال: في مثل ماذا ؟،قلتُ: مثل ما تقول:
إذا مـا قـال، لي ربـــــــــــــــــي،،،،،أما استحيت تعصيني
وتُخفى الذنوب عن غيري،،،،،وبالعـصـــــــــــيان تأنيني؟
قال: فرد الباب، وجعل يقول:
إذا مـا قـال، لي ربــــــــــــــــي،،،،،أما استحيت تعصيني
وتُخفى الذنوب عن غيري،،،،،وبالعـصيــــــــــان تأنيني؟
فخرجتُ وتركته.
** قال الحافظ ابن الجوزي: ورب خال بذنب كان سبب وقوعه في هوة شقوة في عيش الدنيا والآخرة، وكأنه قيل له: إبق بما آثرت فيبقى أبدًا في التخبيط.
فانظروا إخواني إلى المعاصي أثرت وعثرت.
فتلمحوا ما سطرته، واعرفوا ما ذكرته، ولا تهملوا خلواتكم وسرائركم.
• من كثر سواد قومًا في المعصية فالعقوبة تلزمه معهم:
قال الحافظ ابن حجر: من كثر سواد قوم في المعصية مختارًا أن العقوبة تلزمه معهم.
• أمور أعظم من الذنوب:
قال الحافظ ابن الجوزي: ضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب
وفرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب
وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت على الذنب، ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك، أعظم من الذنب إذا عملته.
• حدّ الكبيرة غير معروف للحذر من جميع المعاصي:
** قال الإمام النووي: الصحيح أن حدَّ الكبيرة غير معروف، بل ورد في الشرع بوصف أنواع من المعاصي بأنها كبائر، وأنواع بأنها صغائر، وأنواع لم توصف، وهي مشتملة على صغائر وكبائر، والحكمة أن يكون العبد ممتنعًا من جميعها، مخافة أن يكون من الكبائر.
** قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز: يجب على المؤمن أن يحذر أشدَّ الحذر من كبائر الذنوب وصغائرها، وأن يكون الحذر من الكبائر أشدَّ، مع عدم غفلته عن الصغائر، لأنها غير منضبطة، إذ ليس هناك نص واضح في التفريق بين الكبيرة والصغيرة، وإنما هي أقوال لأهل العلم، فإن كان ضبط الكبيرة من الصغيرة فيه شك فينبغي للعاقل الحازم أن يحذر سيئاتِه كلَّها، لئلا يقع في كبيرة يظنها صغيرة، فينبغي له أن يأخذ بالحزم ويحذر الذنوب كلها.
وقال رحمه الله: والحكمة في عدم تحديدها بنصوص واضحة للتحذير منها.
• ترك الذنوب:
قال سلمة بن دينار: انظر الذي تحبه أن يكون معك في الآخرة فقدمه اليوم، والذي تكره أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم.
• الإنفاق في المعاصي إهلاك:
قال العلامة السعدي: قوله تعالى: ﴿يقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا﴾ [البلد:6] أي: كثيرًا،...سمى الله الإنفاق في الشهوات والمعاصي، إهلاكًا لأنه لا ينفع المنفق بما أنفق، ولا يعود إليه من إنفاقه إلا الندم والخسارة.
• احذر أن يراك الله حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك:
قال أبو سليمان الدارني: لا يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك
• الشكوى من الذنوب:
اشتكى أبو الدرداء رضي الله عنه، فدخل عليه أصحابه فقالوا: ما تشتكي يا أبا الدرداء ؟ قال: أشتكي ذنوبي،
قالوا: فما تشتهي ؟ قال أشتهي الجنة.
• ترك الذنب أيسر من طلب التوبة:
قال الحسن رحمه الله: يا ابن آدم، ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة.
• موت الذنوب:
قال أبو الربيع السائح: إن من سعادة المرء إذا مات ماتت معه ذنوبه.
• السلامة من الذنوب نعمة :
قال أبو سليمان الداراني: لا نعمة كالعافية من الذنوب.
• ترك الذنوب محبة للنفس:
قال الحافظ ابن الجوزي: من أحب نفسه اجتنب الآثام.
• الله جل جلاله يراك في كل مكان:
قال حاتم الأصم لرجل: إن كنت تريد أن تعصي مولاك فاعصه في موضع لا يراك.
• الخوف والخجل من الذنوب بعد التوبة منها:
قال الحافظ ابن الجوزي: ينبغي للعاقل أن يكون على خوف من ذنوبه وإن تاب منها، وبكى عليها، وإني رأيت أكثر الناس قد،سكنوا إلى قبول التوبة، وكأنهم قد قطعوا على ذلك، وهذا أمر غائب، ثم لو غفرت بقي الخجل منها، وهذا أمر قلّ أن ينظر فيه تائب لأنه يرى أن العفو قد غفر الذنب بالتوبة الصادقة. وما ذكرته يوجب دوام الحذر والخجل.
• لا يُسبُّ المذنب، ويحمد المعافي الله عز وجل:
عن أبي قلابة أن أبا الدرداء رضي الله عنه، مرَّ على رجل قد أصاب ذنبًا فكانوا يسبونه، فقال: أرأيتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا مستخرجيه ؟ قالوا: نعم. قال: فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم، قالوا: أفلا نبغضه ؟ قال: إنما نبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي.
• أسباب تندفع بها عقوبة السيئات:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: المؤمن إذا فعل سيئة فإن عقوبتها تندفع عنه بعشرة أسباب: أن يتوب، فيتوب الله عليه. فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، أو يستغفر فيغفر الله له، أو يعمل حسنات تمحوها فإن الحسنات يذهبن السيئات، أو يدعو له إخوانه المؤمنون ويستغفرون له حيًا وميتًا، أو يهدون له من ثواب أعمالهم ما ينفعه الله به، أو يشفع فيه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أو يبتليه الله تعالى في الدنيا بمصائب تكفر عنه، أو يبتليه في البرزخ بالصعقة فيكفر بها عنه، أو يبتليه في عرصات القيامة من أهوالها بما يكفر عنه، أو يرحمه أرحم الراحمين.
فمن أخطأته هذه العشرة فلا يلومن إلا نفسه.
• ستر الله على عبده المذنب:
** عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: أُتي عمر بشاب قد سرق، فقال: والله ما سرقت قبلها قط، فقال عمر: كذبت والله، ما كان الله لِيُسلِم عبدًا عند أول ذنب.
** قال الحافظ ابن حجر: من قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلم يستره، ومن قصد التستر بها حياء من ربه، ومن الناس، منَّ الله بستره إياه.
• المعاصي والذنوب يجرُّ بعضها بعضًا:
قال العلامة السعدي: المعاصي يجر بعضها بعضًا، فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير، ثم ينشأ عنه الذنب الكبير، ثم ينشأ عنها أنواع البدع والكفر، وغير ذلك، فنسأل الله العافية من كل بلاء.
وقال: الحذر من شؤم الذنوب، وأن الذنب الواحد يستبع ذنوبًا كثيرة.
• الحذر من المعاصي القلبية:
قال العلامة السعدي: كثير من الناس يخفى عليه كثير من المعاصي، وخصوصًا معاصي القلب، كالكبر، والعجب والرياء، ونحو ذلك، حتى أنه يكون به كثير منها، وهو لا يحس به ولا يشعر
• تعظيم شأن الذنب:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: من آثار الإيمان بأسماء الله عز وجل وبصفاته: تعظيم شأن الذنب، وتعظيم شأن طلب المغفرة والاستغفار، فالذي يعلم الله عز وجل بأسمائه وصفاته، يعلم عظم شأن الذنب الذي يقع فيه هو أو يقع فيه العباد، فتجد أنه فيما يقع فيه يسارع إلى طلب المغفرة والرضوان منه عز وجل، لعلمه بما له من أسماء وصفات، لعلمه بربه عز وجل.
• مدمن الشهوات لا يلتذ بها:
قال الحافظ ابن الجوزي: ليعلم العاقل أن مدمني الشهوات يصيرون إلى حالة لا يلتذونها، وهم مع ذلك لا يستطيعون تركها، لأنها قد صارت عندهم كالعيش الاضطراري، ولهذا ترى مدمن الخمر والجماع لا يلتذ بذلك عشر التذاذ من لم يدمن، غير أن العادة تقتضيه ذلك، فيلقى نفسه في المهالك لنيل ما يقتضيه تعوده، ولو زال رين الهوى عن بصر بصيرته، لرأى أنه قد شقى من حيث قدر السعادة،...وألِمَ من حيث أراد اللذة.
• الإنسان قد يكون بعد التوبة خير منه قبل التوبة:
قال العلامة العثيمين: الإنسان قد يكون الذنب له بمنزلة صقل الثوب وغسله، حيث يخجل من الله عز وجل، ويرى الذنب أما عينيه، ويجد نفسه مستحيًا من الله تبارك وتعالى فينيب إليه، ويزداد رغبة في الوصول إلى مرضاته...وجرب هذا تجد، إذ أذنبت ذنبًا واحدًا وجدت نفسك منكسرة منهزمة أمام الله عز وجل فتكثر من العمل الصالح وتزداد رغبة فيما عند الله عز وجل، فيكون هذا الذنب لصقل القلب وتطهيره، ويكون الإنسان بعد التوبة خير منه قبل التوبة
• من عصى الله فقد حاربه:
قال الحافظ ابن رجب: جميع المعاصي محاربة لله جل جلاله، فإن من عصى الله فقد حاربه، لكن كلما كان الذنب أقبح كان أشد محاربةً لله، ولهذا سمى الله أكلة الربا وقطاع الطريق محاربين لله ورسوله، لعظيم ظلمهم لعباده، وسعيهم بالفساد في بلاده. وكذلك معادةُ أولياؤه، فإن الله يتولى نصرة أوليائه ويحبهم ويؤيدهم فمن عاداهم فقد عادى الله وحاربه.
• لا تأمن مكر الله بك مع تماديك بالمعصية:
قال العلامة عبدالله بن محمد ابن حميد لا يجوز الأمن من مكر الله وهو أن تستبعد أن الله يعذبك وتستبعد أن الله يسلب نعمه عنك، هذا من الخطأ...فلا ينبغي أن يستبعد الإنسان غضب الله عليه مع تماديه بالمعصية، وعدم صرف هذه النعم في مرضاة الله.
• حلاوة المعاصي تنطوي على السم القاتل الفتاك:
قال العلامة الشنقيطي: عامة العقلاء يطبقون على أن الإنسان إذا قُدِّم إليه شراب في غاية الحلاوة واللذاذة، لا يوجد شراب أحلى منه، إلا أن هذا الشراب فيه سم قاتل فتاك، فعامة العقلاء لا يستحلون حلاوة هذا الشراب، ولا يلتذون بلذته، لما فيه من السم القاتل الفتاك، وحلاوة المعاصي – أعاذنا الله والمسلمين منها – تنطوي على السم القاتل الفتاك، وهو سخط رب العالمين وغضبه جل وعلا لأن الإنسان لا يدري إذا سخط عليه ربه أن يهلكه في وقته، ثم يجعله في عذاب.
ولو راجع صاحب المعصية نفسه مراجعة صحيحة، ولم يحابها في معصية الله لعلم أن لذة المعاصي كلذة الشراب الحلو الذي فيه السم القاتل، والشراب الذي فيه السم القاتل لا يستلذه عاقل، لما يتبع لذته من عظيم الضرر، وحلاوة المعاصي فيها ما هو أشد من السم القاتل، وهو ما تستلزمه معصية الله جل وعلا من سخطه على العاصي، وتعذيبه له أشد العذاب، وعقابه على المعاصي قد يأتيه في الدنيا فيهلكه، وينغص عليه لذة الحياة.
اللهم يا رحمن يا رحيم وفقنا للتوبة النصوح من جميع المعاصي والذنوب، وتقبلها منّا، وثبتنا عليها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد