النبأ العظيم


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

كنت أسمع من الثناء الكبير على كتاب النبأ العظيم للشيخ العلامة محمد دراز رحمه الله، ومن طول المديح له ما كنت أنسب بعضه أو أكثره إلى المبالغة. ثم إني قرأته في هذه الأيام الفاضلة فرأيته فوق ما سمعت من الوصف.

بل لقد أطربتني كلمة سمعتها في مقطع للشيخ محمد أبو موسى يقول فيها أنه (لا يجوز لمشتغل بعلم التفسير لا أقول أن يقرأ هذا الكتاب، بل ألا يحفظ هذا الكتاب). فانسب هذا إلى المبالغة إن شئت ثم ارجع إلى "النبأ العظيم" فاقرأه لتتحقق بدورك.

ولقد كنت أظن -فيما كنت أظن- أن الكتاب مفيد في بيان إعجاز القرآن، ثم وجدته في غاية النفع في فهم نظام القرآن ومواقع آياته وسوره، حتى إنه يفسر الآية تحفظها فكأنك ما قرأتها قبل اليوم ولا قرعت سمعك قبل أن تقرأ كلام الشيخ فيها، فسبحان واهب البيان.

واقرأ إن شئت بينة عجلى على هذا ما ذكره الشيخ تعليقًا على قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ) ضمن حديثه عن البيان والإجمال في القرآن؛ لتقرأ في ذلك كلامًا لست بواجد له نظيرًا في كتب التفسير بل ولا كتب البلاغة، بل لعل الشيخ دراز كما قال الشيخ أبو موسى في المقطع المذكور: (كان يكتب منائح الله له).

أما ما ختم به الشيخ كتابه في بيانه لنظام عقد المعاني في سورة البقرة فشيء فوق الوصف، ولقد امتثلت لرغبة الشيخ إذ طلب في أول بيانه من القارئ أن يستظهر بالمصحف من بين يديه وهو يقرأ له، فنشرت المصحف أمامي فكنت أنقل بصري بين حديثه وما يقابله من آيات سورة البقرة ومقاطعها، فما فرغت من حديثه حتى رجعت كأن سورة البقرة ليست بالتي أعرفها! بل انفتح لي من نظام المعاني وتأليف الكلام فيها ما أحسب أني لن أقرأ السورة بعده كما كنت أقرؤها من قبل. وما تمنيت معه لو أن الشيخ استوعب كتاب الله تعالى على نحو ما كتب في سورة البقرة.

 

رحم الله الشيخ محمد دراز، ورفع مقامه في أعلى عليين، وفتح لنا في كتابه فتوح العارفين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply