بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الذي يطرح الأسئلة العميقة باستمرار، لا يقدم لنا معرفة نتعلمها بصورة مباشرة، لكنه في الحقيقة يجبرنا على التأمل والتفكير، وذاك هو طريق العلم والتعلم. فالأسئلة، وإن لم تزودنا بمعلومة مباشرة، فإنها تحثنا على البحث، وربما ولدت أفكارًا بحثية مهمة وعميقة لم تكن لتحصل لولا التساؤل.
وطريقة طرح الأسئلة وطبيعتها تعكس مستوى وعلمية السائل، وطبقات السائلين مثل طبقات المتعلمين، وكما أن الإجابات تعكس علمية المجيب، فكذلك الأسئلة، سواء أسئلة المستفيد أو أسئلة المفيد الذي يطرح تلك الأسئلة ليفتح آفاقًا أمام الآخرين نحو التأمل والمعرفة والبحث.
والمبتدئ في العلم أسئلته ابتدائية في المعرفة وأكثر عمومية، والمتوسط أسئلته أكثر ارتقاءً وتفصيلاً، والمتقدم في العلم أسئلته عميقة ودقيقة. وأفضل مجال لتنمية العلوم هي حينما تكون الأسئلة أكثر عمقًا وأكثر دقة، وبكثرة التعرض لمثل هذه الأسئلة من قبل الأستاذ والبحث فيها ينمو علمه.
والأسئلة كما أنها تعكس علمية الشخص فإنها تعكس كذلك شخصيته، فالشخصية المتذبذبة والمترددة والمشوشة تنعكس في الأسئلة وطريقة طرحها. الجو الحر والحوار المفتوح في الفضاءات العامة لطلب العلم أو الدوائر الخاص للبحث ينمي روح طرح الأسئلة ويوجهها ويشبع نهمها بالإجابات الشافية.
والأسئلة العميقة والمثرية متوقعة من طالب العلم العميق والباحث الجاد، وأسئلة هؤلاء ثمينة للغاية، على الشيخ أو الأستاذ أن يحرص عليها وينميها. وأفضل وسيلة لتنمية وتطوير هذه الروح الشغوفة للتعلم بين المتعلمين الأستاذ نفسه، بطرحه الأسئلة النموذجية، وترك الفرصة للطلاب للإجابة.
الأسئلة في جو من الحرية العلمية تنمي آفاق المتعلم والشيخ معًا، فربما يلمح التلميذ في الدرس بعض الجوانب التي قد تغيب عن أستاذه وشيخه. والمفترض أن يفرح الشيخ والأستاذ -وهذا عزيز وجوده- بالأسئلة الدقيقة والعميقة التي لا يعرف إجابتها، لأنها أفضل وسيلة لتجديد عهده بالبحث والتقصي.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد