بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لا يخفي أن المنافقين عدو مستتر يتظاهرون بالإسلام، ويبطنون خلافه، فينبغي الحذر منهم، قال الله عز وجل عنهم: ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴾ [المنافقون:4] قال العلامة ابن القيم رحمه الله: هتك الله سبحانه أستار المنافقين، وكشف أسرارهم في القرآن، وجلى لعباده أمورهم ليكونوا منها ومن أهلها على حذر،...لكثرتهم ولعموم الابتلاء بهم، وشدة فتنتهم على الإسلام وأهله، فإن بلية الإسلام بهم شديدة جدًا، فإنهم منتسبون إليه وإلى نصرته موالاته، وهو أعداؤه في الحقيقة، يُخرجون عداوته في قالب يظن الجاهل أنه علم وإصلاح، وهو غاية الجهل والفساد.
فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه ! وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخربوه! وكم من علم له قد طمسوه، وكم من لواء مرفوع له قد وضعوه!
فلا يزال الإسلامُ منهم في محنة وبليةٍ....ويزعمون أنهم بذلك مصلحون: ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ﴾[البقرة:12] ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [الصف:8]
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: وكثير من آيات القرآن فيها بيان حال المنافقين، وذلك لخطرهم على المسلمين، ولأجل أن يحذرهم المسلمون، وما أكثرهم _ لا كثرهم الله _ الآن يعيشون بيننا، ويبثون سمومهم وشرهم، وهم أنس من بني جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، وهم يتسمّون بالإسلام وبالإيمان. نسأل الله العافية.
للسلف أقوال عن النفاق والمنافقين يسّر الله فجمعت بعضًا منها أسأله أن ينفع بها.
· التسوية بين المؤمن والمنافق أعظم الظلم:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: التسوية بين المؤمن والمنافق والمسلم والكافر أعظم الظلم.
· المنافق يراقب الناس، ولا يراقب الله جل جلاله:
قال السنجي رحمه الله: إن المنافق ينظر فإذا لم ير أحدًا دخل مدخل السوء، وإنما يراقب الناس، ولا يراقب الله تعالى.
· المنافق من أصحِّ الناس جسمًا وأمرضهم قلبًا:
قال ابن مسعود رضي الله عنه: تلقون المؤمن أصح شيئًا قلبًا، وأمرضهم شيئًا جسمًا، وتلقون الفاجر والمنافق أصح شيئًا جمسًا وأمرضه قلبًا، والله لو صحت أجسامكم ومرضت قلوبكم لكنتم أهون على الله من الجعلان.
· المنافق أساء الظن فأساء العمل.
قال الحسن رحمه الله: إن المؤمن أحسن الظن فأحسن العمل، وإن المنافق أساء الظن فأساء العمل.
· المنافق يحسد ولا يغبط:
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: الغبطة من الإيمان، والحسد من النفاق، والمؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط.
· الإصرار على المعاصي يخشي منها أن يعاقب صاحبها بالوصول إلى النفاق:
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: * الإصرار على المعاصي وشعب النفاق من غير توبة يخشي منها أن يعاقب صاحبها بسلب الإيمان بالكلية، وبالوصول إلى النفاق الخالص، وإلى سوء الخاتمة.
· المنافق كثير الكلام قليل العمل:
** قال أبو عمرو الأوزاعي رحمه الله: إن المؤمن يقول قليلًا ويعمل كثيرًا، وإن المنافق يقول كثيرًا ويعمل قليلًا.
** قال الفضيل بن عياض رحمه الله: المؤمن قليل الكلام كثير العمل، والمنافق كثير الكلام قليل العمل.
· المنافق لا ينتفع بالقرآن:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ولا ينكر عدم انتفاع كثير من المرضى بطب النبوة، فإنه إنما ينتفع به من تلقاه بالقبول، واعتقاد الشفا به، وكمال التلقى له بالإيمان والإذعان، فهذا القرآن الذي هو شفاء لما في الصدور – إن لم يتلق هذا التلقى – لم يحصل به شفاء الصدور من أدوائها، بل لا يزيد المنافقين إلا رجسًا إلى رجسهم، ومرضًا إلى مرضهم.
· المنافق يمتنع عن الصدقة:
قال الإمام النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: ( الصدقة برهان ) معناه: الصدقة حجة على إيمان فاعلها، فإن المنافق يمتنع منها، لكونه لا يعتقدها، فمن تصدق استدل بصدقته على صدق إيمانه، والله أعلم.
· المنافق يهتك ويعيّر ويفشي:
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: المؤمن يستر ويعظ وينصح، والفاجر يهتك ويعير ويفشي.
· المنافق لا يقوم الليل:
قال قتادة بن دعامة رحمه الله: كان يقال: قلما ساهر الليل منافق.
· المنافق لا يبكي من قلبه خوفًا من الله:
قال شميط بن عجلان البصري رحمه الله: المنافق يبكي من رأسه، فأما من قلبه فلا.
· فرح المنافق بانتهاء شهر رمضان لينطلق إلى المعاصي والشهوات:
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: المؤمن يفرح بانتهاء الشهر لأنه استعمله في العبادة والطاعة، فهو يرجو أجرهُ وفضائله، والمنافقُ يفرح بانتهاء الشهر لينطلق إلى المعاصي والشهوات التي كان مسجونًا فيها في رمضان.
· المنافق يعاشرك بالممادحة، ويدلك على ما تشتهيه:
قال أبو صالح رحمه الله: المؤمن يعاشرك بالمعروف ويدلك على صلاح دينك ودنياك، والمنافق يعاشرك بالممادحة، ويدلك على ما تشتهيه، والمعصوم من فرق بين الحالين.
· المنافق يطلب العثرات:
** قال عبدالله بن محمد بن منازل رحمه الله: المؤمن يطلبُ معاذير إخوانه، والمنافق يطلبُ عثرات إخوانه.
** قال ابن المبارك رحمه الله: المؤمن يطلب المعاذير، والمنافق يطلب العثرات.
· المنافق قليل الذكر لله عز وجل:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: أن كثرة ذكر الله عز وجل أمان من النفاق، فإن المنافقين قليلو الذكر لله عز وجل، قال الله عز وجل في المنافقين: ﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّـهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء:142] قال كعب من أكثر ذكر الله عز وجل برئ من النفاق
· المنافق يحب المدح، ويكره الذم:
قال وهب بن منبه اليماني رحمه الله: من خصال المنافق: أنه يحب الحمد ويكره الذم، أي: يحب أن يحمد على ما لم يفعل، ويكره أن يذم بما فيه.
· المنافق يظهر نفاقه على صفحات وجهه، ولحن كلامه:
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: المنافقين لا بد أن يعرفوا في أصواتهم وكلامهم الذي يظهر فيه لحن قولهم، وهذا ظاهر بين لمن تأمله في الناس، من أهل الفراسة في الأقوال وغيرها مما يظهر فيها من النواقض والفحش وغيرها.
** قال ابن القيم رحمه الله: أسروا سرائر النفاق فأظهرها الله على صفحات الوجوه منهم وفلتات اللسان، ووسمهم لأجلها بسيما لا يخفون بها على أهل البصائر والإيمان
· المنافق يمدح في الوجه، ويذم في المغيب:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: طائفة تمدح في الوجه، وتذمَّ في المغيب، وهذه صفة أهل النفاق والعيَّابين.
· المنافق له وجهان ولسانان:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: لكل منهم وجهان، وجه يلقى به المؤمنين، وآخر يتقلب به إلى إخوانه من الملحدين، وله لسانان: أحدهما يقبله بظاهره المسلمون، والآخر يترجم به عن سره المكنون. ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ [البقرة:14]
· المنافق يحسن القول، ويسيء العمل:
قال الحسن البصري رحمه الله: من أحسن القول، وأساء العمل كان منافقًا.
· النفاق الداء العضال:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: النفاق الداءُ العضّال، الذي يكون الرجل ممتلئًا منه، وهو لا يشعر، فإنه أمر خفي يخفى على الناس، وكثيرًا ما يخفى على من تلبّس به، فيزعم أنه مصلح وهو مفسد.
· من أوصاف المنافقين:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
-من علقت مخاليبُ شكوكهم بأديم إيمانه مزقته كل التمزيق، ومن تعلق شرور فتنتهم بقلبه ألقاه في عذاب الحريق، ومن دخلت شبهات تلبيسهم في مسامعه حالت بين قلبه وبين التصديق
-فسادهم في الأرض كثير، وأكثر الناس عنه غافلون...فما أكثرهم وهو الأقلون، وما أجبرهم وهم الأذلون، وما أجهلهم وهم المتعلمون.
-رأس مالهم الخديعة والمكر، وبضاعتهم: الكذب والختر.
-يُعجبُ السامع قول أحدهم بحلاوته ولينه، ويُشهد الله على ما في قلبه من كذبه.
-أوامرهم التي يأمرون بها أتباعهم متضمنة لفساد البلاد والعباد، ونواهيهم عمّا فيه صلاحهم في المعاش والمعاد.
-أحدهم تلقاه بين جماعة أهل الإيمان في الصلاة، والذكر، والزهد، والاجتهاد، فإذا ﴿تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة:204]
-تسبق يمينُ أحدهم كلامه...لعلمه بأن قلوب أهل الإيمان لا تطمئن إليه، فيتبرأ بيمينه من سوء الظن به، وكشف ما لديه.
-تهتكت أمراض الشّبهات والشّهوات قلوبهم فأهلكتها، وغلبت القصودُ السيئة على إراداتهم ونياتهم فأفسدتها.
-أحسن الناس أجسامًا، وأحلاهم لسانًا، وألطفهم بيانًا، وأخبثهم قلوبًا، وأضعفهم جنانًا.
· الكذب أساس النفاق:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الفارق بين المؤمن والمنافق هو الصدق، فإن أساس النفاق الذي يبنى عليه هو الكذب...والمنافقون وصفهم سبحانه بالكذب في آيات متعددة، كقوله تعالى: (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) [البقرة:10] وقوله تعالى: ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) [المنافقون:1]
· الغناء ينبت النفاق في القلب:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: قال ابن مسعود رضي الله عنه: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل. وهذا كلام عارفٍ بأثر الغناء وثمرته، فإنه ما اعتاده أحد إلا نافق قلبه وهو لا يشعر، ولو عرف حقيقة النفاق وغايته لأبصره في قلبه، فإنه ما اجتمع في قلب محبة الغناء ومحبة القرآن إلا وطردت إحداهما الأخرى.
· ندم المنافق يوم القيامة:
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله إذا اشتد بالخلائق الهلع وكثر منهم الخوف والجزع، وبلغت القلوب الحناجر من خوف من يعلم الظواهر والسرائر، نادى الملك الرحمن: ﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾ [الزخرف:68] فإذا سمعت الخلائق هذا النداء طمع كل منهم فيه، فيقول سبحانه: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ﴾ [الزخرف:69] فعند ذلك ييأس من الرحمن جميع الكفار والمنافقين، ويطمع فيها من آمن بالواحد القهار واتبع سنة محمد المختار فعند ذلك تنشر الدواوين وتوضع الموازين فندم الظالم، وخسر الآثم، وظهرت في الصحائف الفضائح.
· شدة عذاب المنافق:
** قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: قال العلماء: عذاب المنافق أشد من عذاب الكافر لاستهزائه بالدين.
** قال العلامة السعدي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ إن الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [التوبة:67] حصر الفسق فيهم، لأن فسقهم أعظم من فسق غيرهم، بدليل أن عذابهم أشد من عذاب غيرهم.
· المنافق مذهبه التقية:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الرافضي من جنس المنافقين مذهبه التقية.
· المنافقون يحسنون المعاصي للناس:
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: من صفات المنافقين: أنهم يأمرون بالمنكر، ويحسنون المعاصي للناس، ويدعونهم إليها، ويزينونها لهم، ويقولون: هي الرقي والحضارة والتقدم ! فأما العبادات والطاعات فهذه معوقات عن التقدم والرقي وعن الحضارة!!! هذا بزعمهم، وهذا كلامهم الآن.
· المنافقون يتربصون الدوائر بأهل الخير:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: أعداء الله من المنافقين والكفار ....يتربصون الدوائر بأهل الخير
· جهاد المنافقين:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: جهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار، وهو جهاد خواص الأمة، وورثة الرسل، والقائمون به أفراد في العالم، والمشاركون فيه، والمعانون عليه، وإن كانوا هم الأقلين عددًا، فهم الأعظمون قدرًا عند الله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد