بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يؤكد كريستين هاريسون، المختص في الدراسات الاجتماعية التطبيقية، أنه لا جدال حول حجم وتأثير الاعتداء الجنسي على الأطفال، وأنه قد ثبت أنه من الصعب كسر جدار الصمت الذي يجد الطفل نفسه أسيرًا فيها بعد الاعتداء الحتسي عليه أو الاخرس به.
ويشير إلى مدى صعوبة المشكلات التي تطرح عندما يكون المتورطون في سلوك غير لائق أو ضار هم أنفسهم من صغار السن في المدرسة أو الحي أو الأقارب. فكثيرًا من يتم التحرش بالطفل جنسيًا من طفل آخر مثل عمره أو أكبر بقليل، ويكون أثر التحرش مدمرًا لنفسيته، لكنه يخاف ويلتزم الصمت طول حياته!
وفي لحظة تاريخية في حياته، وربما متأخرة، تتفجر هذه العقدة التي يكتمها في نفسه، تتفحر على شكل اكتئاب أو ميول جنسية منحرفة أو الانتحار.
وغالبًا ما تبدأ تلك المشكلات في الطفولة بسيطة، منه هو ومن المتحرش نفسه، إذا تبدأ بمحاولات بسيطة أو فاشلة، ثم مع تكرارها تقع تلك الجرائم.
لكن أخطر ما يؤخر علاج المشكلة هو خوف الطفل من الاعتراف بما حصل له، وغفلة الأم والأب وبعدهما عن الطفل ومتابعة سلوكه ومشاعره، ومدى تغير حالته العاطفية والنفسية أو الجسدية، وعدم ثقته في والديه أو إحساسه بعدم لأمان حين الحديث معهما بسبب غضبهما عليه، كل ذلك يحول دون مصارحته لهما.
هذه التحرشات الخطيرة التي سوف تدمر حياة الطفل النفسية والجسدية، نادرًا ما تحصل في الأسرة المتحابة القريبة من أطفالها، خصوصًا الأم الطيبة العاقلة الحنونة التي تترك الأبواب مفتوحة دومًا للحديث مع أطفالها وسؤالها اليومي عن تجربة أطفالها في المدرسة ومع الأطفال الآخرين.
فهذه الأم، وبمساندة الأب، يجعلان الأطفال ينعمون بأمن عائلي بعمق في الطفل أن الملجأ له -بعد الله- هي أمه، ولهذا لا يخفي عنها شيء يخيفه أو يحزنه، فضلاً عن الوعي الاستباقي الذي تزرعه الأم في أطفالها حول الشجاعة في مواجهة التحرش والمصارحة حوله لو تعرض له الطفل في يوم من الأيام.
ويحذر كريستين هاريسون الأسرة في هذا العصر، حيث تعقدت السلوكات عند الأطفال والمراهقين، بسبب تغير السياق الاجتماعي بظهور تقنيات المعلومات والاتصالات الجديدة وتطورها السريع، مما يعني أن سهولة الوصول إلى الصور المسيئة والمهينة جنسياً يُعتقد أنها ساهمت في تصعيد الاعتداء الجنسي.
حيث تشير التقارير الواردة من المملكة المتحدة وأماكن أخرى إلى أن الصغار في السن، على وجه الخصوص، يشكلون نسبة كبيرة من المجرمين. وقد نشأت مخاوف بشأن التأثير العام لعدم الاكتراث بخطورة التكنولوجيا الجديدة، وكيف أنه من المحتمل أن تتأثر مواقف الشباب بشأن الحياة الجنسية والعلاقات بها.
إن توقع مثل هذه التغييرات، بسبب التقنيات الحديثة وسهولة العثور على الصور الجنسية المحفزة على الاعتداء والتحرش، تؤكد على أهمية الثقافة والتعلم لحماية الطفل من الاعتداء، ومعرفة كيفية علاجه لو شارك في سلوك مؤذ جنسيًا أو مسيئًا، وتشجيعه على طلب المساعدة المناسبة والتدخل العلاجي.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد