معاملة غير المسلم


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ الكبير المتعال، مُقدِّرِ الآجالِ، مُصرِّفِ الأحوالِ، تفرد بالعزَّةِ والعظمةِ والجلالِ، لهُ الغنى كلُّهُ ولهُ مُطلقُ الكمالِ، تُسبحُ لهُ السماواتُ السبعُ والأرضُ، والشمسُ والقمرُ، والنجومُ والشجرُ والجبالُ، {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} ... وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ لهُ، {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} ... وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، ومصطفاه وخليلهُ، المنعوتِ بأعظم الأخلاقِ وأشرفِ الخِصالِ، اللهم صلِّ وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وصحبهِ، خيرُ صحبٍ وخيرُ آلٍ، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم المآل ..

 اتَّقُوا اللهَ تعالَى وأَطيعُوه، وجِدُّوا واجتهِدُوا في الطاعات، سابقوا الأجلَ، وأحسِنوا العـمـلَ، ولا يغرنكـم طـولُ الأمـلِ، واعلموا {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} ..

 معاشر المؤمنين الكرام: جاء في صحيح الامام البخاري، أن غُلَامًا يَهُودِيًّا كان يَخْدِمُ النَّبِيَّيَضَعُ له وَضُوءَهُ وَيُنَاوِلُهُ نَعْلَيْهِ، فَمَرِضَ، هذا الغلامُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ: (أَسْلِمْ)، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ أباه: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ، فَأَسْلَمَ الغلام، فَخَرَجَ النَّبِيُّ وَهُوَ يَقُولُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ) .. إنها يا عباد الله: ترجمةٌ فعليَّةٌ لقولِ اللهِ تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} .. ولقد تعامل النبي مع غير المسلمين تعاملاتٍ كثيرةً جدًا، تعامل مع المُشركينَ وكفار قريش، في مكةَ ثلاثَ عشرةَ سنة، ثم معَ اليهودِ والمنافقينَ في المدينةِ عشرَ سنينَ، وكانت كلها معاملةٌ حسنة .. فحَقٌّ على كلِّ مُسلمٍ أن يتعلمَ من قُدوتِه كيفية التَّعاملَ مع غير المسلمينَ، حتى لا يقعَ في الأخطاءِ القادحةِ، والآثامِ الفادحةِ، وحتى لا يخلطَ الإنسانُ بينَ عقيدةِ الولاءِ والبراء، وبينَ الاعتداء على الأبرياءِ ... نعم هناك آياتٌ وأحاديث تفيدُ الشدَّة في التعامل مع الكفار: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}، {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}، {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} .. فكيف ترجمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ هذه الآياتِ في تعاملِه معهم؟ .. وكيفَ نجمعُ بينَ هذه الآياتِ وبينَ سيرتِه المُباركةِ، وحُسنِ تعامُلِه معهم ... والجوابُ أيها الكرام: أن الإسلام عمومًا دينٌ الرحمةِ والإحسان؛ قال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، وقال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} .. ومن أقوال المصطفى الصحيحة، "أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ" .. "إن الله كتَب الإحسانَ على كلِّ شيء" .. "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَن في الأرض يرحمْكم من في السماء"، "لا يَرحم اللهُ مَن لا يَرحَم الناسَ" .. "إن الله يُعذِّب الذين يُعذِّبون الناسَ في الدنيا" .. "عُذِّبت امرأة في هِرَّة سَجَنَتْها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سَقتها، إذ حبستها، ولا هي تَركتْها تأكل مِن خَشَاشِ الأرض" .. بينما: "غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ، كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فسقته؛ فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ" .. كما نجد في سيرته أنه دعا للمشركينَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا، وَائْتِ بِهِمْ"، وأنه أجابَ دعوةَ اليهودِ للطعام، وقبلَ هديةَ الكُفَّارِ، وأهدى إليهم، وتصدَّقَ عليهم، وماتَ ودرعُه مرهونةٌ عندَ يهوديٍ، وغير ذلك من دلائل حُسنِ التعامل مع غير المسلمين .. وما ذاك إلا لأنَّ الهدفَ الأعظمَ للرسولهو هدايةُ النَّاسِ إلى الحقِّ، ولِذلكَ لمَّا عادمنكسرًا من رحلة الطائف الأليمة، قَالَ لَهُ مَلَكُ الجِبالِ: (إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ وَهُمَا جَبَلَانِ عَظِيمَانِ يحيطان بِمَكَّةَ والطائف، فَقَالَ النَّبيُّ : بَلْ أتأنى بهم، إني لأَرْجُو اللَّهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَصْلابهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بهِ شَيْئًا)، لقد كانت فرصةً سانحةً أن يتخلص من ألدِّ أعدائه، لكن مَقصدُه كان هِدايةُ الكُّفَّارِ، ولَيسَ التَّعجيلَ بِهم إلى النَّارِ ... نعم جَاءَ في الحديثِ الصحيح: (إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ: أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ)، وهَذهِ عَقيدةُ الولاءِ والبراءِ، التي يَنبغي أن تَكونَ في قَلبِ كل مسلم، كما يقولُ الشَّيخُ بنُ بازٍ رحمَه اللهُ: (الوَلاءُ والبَراءُ معناهُ محبَةُ المؤمنينَ وموالاتُهم، وبغضُ الكافرينَ ومعاداتُهم، والبَراءةُ منهم ومن دينِهم .. وليسَ معنى بُغضِهم وعداوتِهم أن تظلمَهم أو تتعدَّى عليهم إن لم يكونوا محاربينَ، وإنما معناهُ أن تُبغضَهُم وتُعاديهم بقلبِكَ، وأن لا يكونوا أصحابًا لك، ودون أن تؤذيهم أو تضرُّهم أو تظلمهم، فإذا سلمَّوا تردَّ عليهم السَّلامَ وتنصحُهم وتوجهُهم إلى الخيرِ)، إذن فهناك فرقٌ بينَ عقيدةِ البَراءِ وبين المعاملةِ الحسنةِ لغرضِ الدَّعوةِ إلى اللهِ وترغيبهم في الإسلام ... أما وقد جاءَكم السِّيَّاحُ مِن كُلِّ مَكانٍ، فينبغي أن نُريهم حُسنَ أَخلاقِ أهلِ الإيمانِ، فَكَم مِن مُعاملةٍ حَسنةٍ أَدخَلَتْ في دِينِ اللهِ أفواجًا من الناس، وهَا هو رَسولُ الرَّحمةِيَبعثَ عَليًَّا رَضيَ اللهُ عَنهُ إلى سَاحاتِ القِتالِ مجاهدًا، ثم يَقولُ لَهُ: (انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ وَأَخْبرْهُمْ بمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ) ...

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} ..

 

اتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين ....

معاشر المؤمنين الكرام: أما وقد فرض الواقع علينا معاملة غير المسلمين، وهم ما بين ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ وَمُعَاهَد, وَكُلُّهُمْ يَحْرُمُ إيذائهم والتَّعَدِّي عليه, ففي صحيح الامام الْبُخَارِيُّ قَالَ : "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ, وَإِنَّ رِيحَهَا لِيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًّا" ... ومُعَامَلَةَ غَيْرِ الْمُسْلِمِ عُمُومًا لها أحوالٌ كثيرة .. أخطرها الموالاة، والموالاةُ معناها التقريب والمحاباة, والمعاونة والمناصرة، وَتصل إلى الكُفْر الأَكْبَرِ إن آلت لمناصرَةِ الْكُفَّارَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بلا إكراه, وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين} ... والحال الثانية مِنْ أَنْوَاعِ التعامل مع غَيرِ المسْلِمِينَ: مَحَبَّتُهُمُ الْمَحَبَّةَ الطَّبِيعِيَّةَ، فَهَذِهِ جَائِزَةٌ إن كان لها حاجة، كَمَحَبَّةِ الرَّجُلِ لابْنِهِ الْكَافِرِ, أَوْ مَحَبَّةِ الابْنِ لِأَبِيهِ الْكَافِرِ أَوْ مَحَبَّةِ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ الْكَافِرَةِ نَصْرَانِيَّةً كَانَتْ أَوْ يَهُودِيَّةً، وَالدَّلِيلُ أَنَّ اللهَ أَبَاحَ الَزَّواجَ مِنَ الْكِتَابِيَّةِ، مَعَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ وُجُودِ الْمَحَبَّةِ بَيْنَ الزَّوْجِينِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ جَائِزَةٌ، لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُبْغِضَ ما هم عليه من الكفر ... الحال الثَّالِثُة من التعامل مع غير المسلمين: الاسْتِعَانَةُ بِهِمْ في غير الحرب .. فهذا جائز، شرط ان يكون هناك ضَّرُورَةُ، وأَنْ يَكُونُوا مَأْمُونِينَ، ففي صحيح البخاري, أن رَسُولُ اللَّهِ وأَبُو بَكْرٍ اسْتَأْجَرَا رَجُلًا هَادِيًا خِرِّيتًا وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ .. ويدخل في المعاملات الجائزة مع الكفار: مُعَامَلَات الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فقد مَاتَ النَّبِيَّوَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ اشْتَرَى مِنْهُ طَعَامًا،  والحديث في البُخَارِيُّ ... ومن المعاملات الجائزة استخدامُ غير المسلمين خَدَمًا وعمالًا، ولَاشَكَّ أَنَّ اسْتِقَدَامَ المسْلِمِينَ أَوْلَى وَأَحْوَطَ, كما أن فيه عونًا ودعمًا لإِخْوَانَه المسْلِمِينَ ... ومن أحوال التعاملات مع غير المسلمين: برهم والْإِحْسَانَ إليهم، وهَذَا فِيهِ تَفْصِيلٌ: فإِنْ كَانُوا مُعَادِينَ لِلْإِسْلَامِ فَلا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ جَازَ، قَالَ تَعَالَى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين} .. ومن المعاملات الجائزة مع غير المسلمين: الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ لاسِيَّمَا مَعَ الْحَاجَةِ أَو لْمَصْلَحَةِ, وإن كان الْأَوْلَى تَرْكُهُ وَالْبُعْدُ عَنْهُ، لِئَلَّا يَتَأَثَّرَ الْإِنْسَانُ بِهِمْ .. وَدَلِيلُ الْجَوَازِ حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، والحديث في الْبُخَارِيُّ .. وفي حديثٍ صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ: أن خَيَّاطًا يهوديًا بِالْمَدِينَةِ دَعَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وإهالَةٍ سَنِخَةٍ فأجابه ... ومن المعاملات الجائزة مع غير المسلمين: الدِّرَاسَةُ عَلَى أَيْدِيهِمْ، بشرط أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ عِلْمٌ يَدْفَعُ بِهِ الشُّبُهَاتِ عن دينه؛ وأَنْ يَكُونَ عِنْدَه دِينٌ يَدْفَعُ بِهِ الشَّهَوَاتِ، وأَنْ يَكُونَ التَّخَصُّصُ الذي سيتعلمه لا يُوجَدُ فِي بِلادِ المسلمين ... أما المعاملات التي لا تجوز مع غير المسلمين: فلا يجوز الاستعانة بهم في الحرب لحَدِيث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ اَلنَّبِيَّ قَالَ لِرَجُلٍ تَبِعَهُ يَوْمَ بَدْرٍ ثلاثًا: (اِرْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .. وكذلك لا يجوز للمسلم مشاركة أهل الكتاب في أعيادهم، أو مناسباتهم الدينية أو تهنئتهم بها، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق .. كما لا يجوزُ للمسلم أن يتعاملِ مع الكفار أيَّ معاملةٍ تضرُ بالمسلمين ..

وإذا علمنا عظمةَ الإسلامِ بسياسته الحكيمةِ، وتشريعاته الشاملة الرحيمة، كان لزاما علينا أن نأخذهُ بثقةٍ وقوه، وأن ندعوا ونبلِغَ رسالة الإسلام الصحيحِ إلى كل من يعيشُ بيننا من غير المسلمين, وأن نحسن التعامل معهم، حرصًا على هدايتهم، ورحمةً بهم وشفقةً عليهم من عذاب الآخرة، وحبًا في عمل الخير عمومًا، فمَن دعا إلى هُدًى كان له مِن الأجرِ مِثْلُ أجورِ مَن تبِعهُ لا ينقُصُ ذلك مِن أجورِهم شيئًا، ولَأَنْ يُهْدَى بكَ رَجُلٌ واحِدٌ خَيْرٌ لكَ مِن حُمْرِ النَّعَمِ ..

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان ..

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply