بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من العطاء الرباني لك أن يستعملك الله بالحب؛ فتظَل تلاحقك ملامح ومظاهر حبِّ الناس لك، في عيونهم تجده، في استقبالهم تجده، في اهتمامهم، وفي السؤال عنك تجده.
من العطاء الرباني لك أن يستعملك الله ويختصك بأن يستخدم يديك في وضع الطعام على مائدة المحتاجين.
من العطاء الرباني لك أن يستعملكِ الله لترسمي ضحكةً أو ابتسامةً على وجه زوجكِ الحبيب.
من العطاء الرباني لك أن يستعملك الله لتغرس أملًا في طريق كله شوكٌ وعثراتٌ لمكلوم مُبتلى غارق ومُكبَّل بهمومه.
من العطاء الرباني لك أن يستعملك الله حين تكون معلمًا، فتُعطي الدرس في الشرح حقَّه، وتتقي الله في كل سطر وصفحة، ولا تقهر طُلَّابك من أجل أن يدرسوا لديك دروسًا خصوصية.
من العطاء الرباني لك حين يستعملك الله لتكون جارًا صالحًا تحمل لجارك خيرًا إن كان لديك، أو تمنع على الأقل شرَّكَ عنه فلا تزيد عليه عِبْئًا، ولا تزيده همًّا ولا غمًّا.
من العطاء الرباني لك أن يستعملك الله في الرضا؛ فتظل ترضى وتقنع بما منحه الله لك، شاكرًا دومًا لأنْعُمِه، وما يمنحه لك.
من العطاء الرباني لك أن يستعملك الله في إحسان النوايا؛ فتعمل العمل لا تعمله إلا لله، وتحرص على أن تجدد دومًا نيتك لله.
من العطاء الرباني لك أن يستعملك الله للمصحف؛ فيجعلك له رفيقًا، ويجعله لك صديقًا، فيُعوِّدك على حمله، والتعلُّق به، والنظر إليه، والقراءة فيه، فتظل تقرأ الربع والحزب والجزء والجزء، وتشعر بأنك ما زلتَ ظمآن من القرآن لم يشبعك كثرة مائه، ولو كان باردًا.
من العطاء الرباني لك حين يستعمل الله قلبك وروحك زوجًا كنتَ أو زوجة، فيعطي كل منكما للآخر بسخاء، يهتم به حبًّا في الله، يُهديه روحه ونفسه وشغله وانتباهه، وكل شيء بُغيةَ إرضاء الله، وتعبُّدًا لله، وتخلُّقًا بأخلاق رسول الله وزوجاته أمهات المؤمنين.
من العطاء الرباني لك أن يستعملك الله في الوضوء؛ فتتوضَّأ، ثم تذكر الدعاء التابع، فتستشعر أنك قد تهيَّأت لدخول حصن منيع من شياطين الإنس والجن بفضل طهارتك، وقطرات وضوئك.
من العطاء الرباني لك أن يستعملك الله للمسجد، فحين تترك المسجد الذي بجوار بيتك لتذهب إلى آخر أبعد شيئًا ولو قليلًا، فتشعر بعظمة الخطى، وأنت تُردِّد: ((اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي سمعي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن شمالي نورًا، ومن فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، واجعل لي نورًا)).
من العطاء الرباني لك أن يستعملك الله مع المريض، فحين تعلم أن فلانًا مريضًا فهو سبحانه يوفقك في أن يجعلك تهتم به، فتأخذك الهمة في سرعة الاتصال لتجبر الخاطر، وتثبت الحب، وترضي الرب، وتحضرك الملائكة السبعون ألفًا.
من العطاء الرباني لك أن يستعملك الله، فيجعلك تمنح اهتمامك بالآخرين خاصةً المقربين حتى لو لم يمنحوك
من العطاء الرباني لك أن يستعمل الله أكُفَّك؛ فيظل يجعلك ترفعها له وإليه، لا تكل ولا تمل، وتوقن وتثق بأنها لن ترجع فارغةً من كرم وعطاء الكريم.
من العطاء الرباني لك حين يستعملك وأنت تستذكر دروسك؛ بأن يوفقك لعقد النية من استذكارك، وتَعلُّمك كي تكون مسلمًا نافعًا لنفسك ولغيرك ومجتمعك ووطنك.
من العطاء الرباني لك أن يستعملك مع الوالدين؛ فيوفقك لتحترم والديك وتطيعهما، وتخفض لهما جناح الذُّلِّ من الرحمة.
من العطاء الرباني لك أن يمنحكِ الله رِضا زوجِكِ؛ فتظلِّي تحيين تحت ظلال جَنَّتِه حتى تلتقيا في جنة الآخرة.
من العطاء الرباني لك أن يستعمل الله أخلاقك مع أهلك زوجًا كنتَ أو زوجة، أن يحافظ كل منكما على الآخر، ويعاشر كل منكما الآخر بالمعروف، ولا يكون الهجر أو الفِراق إلا بالمعروف، وحفظ الوعد والود، وعدم النسيان لعشرة مضت جميلة وسعادة، وضحكة جمعتهما تحت جدران الحب والأُنْس، وليالي الهناء، ولحظات سعادة الروح.
من العطاء الرباني لك حين يستعملك الله مع أورادك، فتظل تواظب وتحافظ عليها، وتستزيد منها، فتظل ذكَّارًا لله ليلًا ونهارًا.
من العطاء الرباني لك حين يستعملك الله عند الغضب؛ فيجعلك تتمالك نفسك وتتريث، وتستعيذ من شيطانك.
من العطاء الرباني لك أن يستعملك الله لزوجتك، ويستعملكِ الله لزوجكِ؛ فيظل يُوجِّه كل منكما للآخر حُبَّه واهتمامه وعِشْقَه وهيامَه، هو لكِ وحدكِ دون غيرك من النساء، وأنت له وحده دون غيره من الرجال؛ فيصير يجعل كل منكما للآخر مأوى يأوي إليه، يشرب منه الحب والحنان والعطف والاهتمام، فيبارك الله الحب، ويُوثِّق الرابطة، ويحفظ الميثاق الغليظ، ويرطب القلب، وينعش الفؤاد، ويستمر العناق بين الروح وتوأمها.
من العطاء الرباني لك أن يستعمل الله المرأة لزوجها، فترضيه وتتفانى في إرضائه؛ حسبةً لله، وتشوقًا وسعيًا نحو جنة تؤمن تمامًا أن مفتاحها بيد زوجها لا بيدِ أمِّها وأبيها، ولا غيرهما في دنيا البشر.
من العطاء الرباني لك أن يستعمل الله زواجك كرجل، فيجعلك تتزوج بنية غض البصر، وحفظ الفرج، وإعمار الأرض، وتحقيق السكن والمودة، فتعاشر بالمعروف، وترفق بالحبيبة.
من العطاء الرباني لك أن يستعمل الله فكر وعقل الزوجة، حين يمنُّ عليها ويوفقها إلى أن تستشعر بأن حياتها لن تستقيم إلا إذا استقامت حياتها أولًا مع بَعْلِها الذي خلقها الله من ضلوعه ليسكن إليها؛ كما خلق حواء من آدم ليسكن إليها، فكانت المودة والرحمة، فما خُلِق من الجسد لا بد أن يحن إليه ويسكن ويأوي ويهدأ، فمنه الابتداء وإليه المنتهى، ومعه الحياة وبه النجاة، وبأُنْسه وتحت جناحيه تهدأ العواصف وترسو السفن الهائجة، وتصل إلى الشطآن آمنة سعيدة بما تحمله من متع ومؤن وخيرات قيمة في القيمة والثمن.
من التوفيق الرباني أن يستعملك الله مع زوجتك، فتظل تحافظ عليها وتعاشرها بالمعروف، وإذا فارقت فارقت بالمعروف، دون أن تنسى الفضل بينكما، والحب والعشرة، والدفء والحنان، دون أن تنسى أنها السكن الذي كنت تأوي إليه بعد تعبك، والنور الذي كلما تعتمت الدنيا أمامك ذهبت إليها فمنحت نورًا تُبدِّد به ظلمة غربتك ومحنك، وألم مرضك، والتهاب عصبك، وتكالُب الناس عليك من حولك.
من التوفيق الرباني أن يستعملكِ الله مع زوجك، فتشعرين بما يشعر به، وتلبين له ما تتوق إليه نفسه، وتطيعينه في المعروف طاعةً لربك، وتمسكين بخيط متين أوله عنده وآخره عندكِ، فتظل حياتك به وله ومعه، لا بغيره ولا مع غيره ولا لغيره، فتتنزل عليك رحماتُ السماء، وتغشاكِ الملائكة من فوقك وتحتكِ، يدعون لك حتى إذا أغضبتِه غضبتْ، وعنكِ انصرفَتْ؛ بل تطالكِ منهم اللكمات الصاعقات التي تصعد إلى رب السماوات غاضبة لذلك الزوج الذي أحبكِ واختارك، ولم ينظر إلى غيركِ.
أخيرًا، رباه نسألك أن تعطينا من عطاياك، وتكرمنا من كرمك، وتهبنا من هباتك، وتَمنحنا من منحك.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد