بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذا الجزء الثاني من الفوائد المختصرة من تفسير العلامة السعدي رحمه الله، عن: التقوى، الصلاة، القرآن الكريم، السعادة، العقل والعقلاء، سنن الله، الذنوب والمعاصي.
· التقوى:
** أخبر تعالى أنه مع المتقين، أي: بالعون والنصر والتأييد والتوفيق، ومن كان الله معه حصل له السعادة الأبدية
** الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه، فمما اشتمل عليه من التقوى... أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه.
** المتقون هم المنتفعون بالآيات القرآنية، والآيات الكونية
** من لم يلزم التقوى تخلى عنه وليه، فوكله إلى نفسه، فصار هلاكه أقرب إليه من حبل الوريد.
** الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه في دنياه وأخراه، فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار، وهو الموصل لأكمل لذة، وأجل نعيم دائمًا أبدًا، ومن ترك هذا الزاد فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر، وممنوع من الوصول إلى دار المتقين.
** تقوى الله وسيلة إلى حصول العلم.
** المتقون في أعلى الدرجات، متمتعين بأنواع النعيم والسرور، والبهجة والحبور.
** لباس التقوى يستمر مع العبد، ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح
** الطاعات تصلح بها الأخلاق، والأعمال، والأرزاق، وأحوال الدنيا، والآخرة
** امتثال العبد لتقوى ربه، عنوان السعادة، وعلامة الفلاح.
** المعونة من الله، تنزل بحسب التقوى، فلازموا على تقوى الله، يُعنكُم وينصركم على عدوكم.
** ينبغي ذكر ما أكرم الله به أهل التقوى عند الترغيب والحث على التقوى.
** كل خير في الدنيا والآخرة فمن آثار التقوى والصبر، وأن عاقبة أهلها أحسن العواقب لقوله ﴿قد منّ الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾
** ينبغي الاهتمام بما يجلب السعادة الأبدية، وهو التقوى.
** من لم يتق الله يقع في الآصار والأغلال التي لا يقدر على التخلص منها والخروج منها واعتبر ذلك في الطلاق فإن العبد إذا لم يتق الله فيه بل أوقعه على الوجه المحرم كالثلاث ونحوها، فإنه لا بد أن يندم ندامة لا يتمكن من استدراكها، والخروج منها
· الصلاة:
** إقامة الصلاة، إقامتها ظاهرًا، بإتمام أركانها، وواجباتها، وشروطها، وإقامتها باطنًا. بإقامة روحها، وهو حضور القلب فيها وتدبر ما يقوله ويفعله منها.
** الصلاة ميزان الإيمان، وعلى حسب إيمان العبد تكون صلاته، وتتم، وتكمل.
** من أخلص في صلاته ونسكه استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله وأقواله
** الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأي فحشاء ومنكر أكبر من عبادة غير الله، ومن منع حقوق الله، أو سرقتها بالمكاييل والموازين
** الصلاة... .من أفضل الأعمال... وهي ميزان للإيمان وشرائعه، فبإقامتها على وجهها، تكمل أحوال العبد، وبعدم إقامتها تختل أحواله الدينية
** إذا ضيعوا الصلاة التي عماد الدين، وميزان الإيمان، والإخلاص لرب العالمين، التي هي آكد الأعمال، وأفضل الخصال، كانوا لما سواها من دينهم أضيع، وله أرفض.
** من يداوم على الصلاة من غير خشوع، أو على الخشوع من دون محافظة عليها، فإنه مذموم ناقص
** الخشوع في الصلاة... حضور القلب بين يدى الله تعالى، مستحضرًا لقربه فيسكن لذلك قلبه وتطمئن نفسه وتسكن حركاته ويقل التفاته متأدبًا بين يدي ربه مستحضرًا جميع ما يقوله ويفعله في صلاته، من أول صلاته إلى آخرها، فتنتفى بذلك الوساوس.
** ينبغي للعبد أن لا يأتي الصلاة، إلا وهو نشيط البدن والقلب إليها
** الصلاة... .من استحضر فيها قرب ربه، خشع وذل، وأكملها، وبتكميلها يكمل سائر عمله، ويستعين بها على جميع أموره.
* وجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها يستنير قلبه ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقل أو تنعدم رعبته في الشر،
** الله تعالى إنما خلق العباد لعبادته، وأفضل عبادة تقع منهم الصلاة.
** العبد إذا أقام صلاته على الوجه المأمور به، كان لما سواها من دينه أحفظ وأقوم
** خصّ الصلاة بالذكر وإن كانت داخلة في العبادة لفضلها وشرفها، وتضمنها عبودية القلب واللسان والجوارح.
** الاستغفار والعبادة، وخصوصًا الصلاة، مكفرات للذنوب، فإن الله رتب مغفرة ذنب داود على استغفاره وسجوده.
** من أفضل أنواع الإحسان في عبادة الخالق، صلاة الليل، الدالة على الإخلاص، وتواطؤ القلب واللسان.
** أمره الله بالصلاة خصوصًا، وبالذكر عمومًا، وبذلك تحصل للعبد ملكة قوية، في تحمل الأثقال، وفعل الشاق من الأعمال
· القرآن الكريم:
** تدبر كتاب الله مفتاحًا للعلوم والمعارف، وبه يستنتج كل خير، وتستخرج منه جميع العلوم، وبه يزداد الإيمان في القلب، وترسخ شجرته.
** القرآن العظيم... اشتمل... الأمر بكل عدل وإحسان وخير، والنهي عن كل ظلم وشر فالناس في ظلمة إن لم يستضيئوا بأنواره، وفي شقاء عظيم إن لم يقتبسوا من خيره
** كتاب الله... أشرف الكتب وأجلها وفيه صلاح القلوب والعلوم الكثيرة.
** لا شيء أعظم بركة من هذا القرآن، فإن كل خير ونعمة وزيادة دينية أو دنيوية، أو أخروية، فإنها بسببه، وأثر من العمل به
** أحسن الكلام لفظًا، وأصدقه معنى، وأبينه تفسيرًا، فكل من أقبل عليه، يسّر الله عليه مطلوبة غاية التيسير، وسهله عليه.
** الحكمة من إنزاله ليتدبر الناس آياته، فيستخرجوا علمها، ويتأملوا أسرارها، وحكمها، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة، تدرك بركته وخيره.
** تدبر القرآن... من أفضل الأعمال.
** القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود.
** لا أنفع للعبد من التفكر في القرآن والتدبر لمعانيه.
· سنن الله:
** من حكمته ورحمته وسنته الجارية، أنه يمحو الباطل ويزيله، وإن كان له صولة في بعض الأوقات، فإن عاقبته الاضمحلال.
** سنته الجارية التي لا تتغير ولا تتبدل أن من قام بدينه وشرعه لا بد أن يبتليه، فإن صبر على أمر الله، ولم يبال بالمكاره الواقعة في سبيله، فهو الصادق الذي قد نال من السعادة كمالها، ومن السيادة آلتها
** سنة الله... أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر
** سنته في الأولين والآخرين أن لا يعاجلهم بالعقاب، بل يستدعيهم إلى التوبة والإنابة، فإن تابوا وأنابوا غفر لهم ورحمهم، وأزال عنهم العقاب، فإن استمروا على ظلمهم وعنادهم، وجاء الوقت الذي جعله موعدًا لهم أنزل بهم بأسه.
** ﴿ سنة الله في الذين خلوا من قبل ﴾ أن من تمادى في العصيان، وتجرأ على الأذى، ولم ينته منه، فإنه يعاقب عقوبة بليغة.
· السعادة:
** عنوان سعادة العبد، إخلاصه للمعبود، وسعيه في نفع الخلق، كما عنوان شقاوة العبد، عدم هذين الأمرين منه، فلا إخلاص ولا إحسان.
** عنوان سعادة العبد، أن يكون شاكرًا لله على نعمه، الدينية والدنيوية، وأن يرى جميع النعم من ربه فلا يفخر بها ولا يعجب بها، بل يرى أنها تستحق عليه شكرًا كثيرًا
** الإيمان الصحيح، والعمل الصالح، عنوان على سعادة صاحبه، وأنه من أهل الرحمن، ومن الصالحين من عباد الرحمن.
** التوبة أصل لسعادة الدنيا والآخرة.
· العقل والعقلاء:
** العاقل يرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل استهزاءه بمن هو آدمي مثله وإن كان قد فضل عليه، فتفضيله عليه يقتضي منه الشكر لربه، والرحمة لعباده
** من أمر غيره بالخير ولم يفعله أو نهاه عن الشر فلم يتركه دلّ على عدم عقله وجهله خصوصًا إذا كان عالمًا بذلك.
** لا يعترض على أحكام الله إلا سفيه جاهل معاند، وأما الرشيد المؤمن العاقل، فيتلقى أحكام ربه بالقبول والانقياد والتسليم، كما قال تعالى: ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ﴾ [الأحزاب:36]
** بحسب عقل العبد، يكون قيامه بما أمر الله به
** خاصية العقل النظر للعواقب، وأما من نظر إلى عاجل طفيف منقطع، يفوت نعيمًا عظيمًا باقيًا فأنى له العقل والرأي؟ !!
** المؤمن العاقل لا يختار الأردأ على الأجود، ولا يبيع لذة ساعة بترحة الأبد، فحب الدنيا وإيثارها على الآخرة رأس كل خطيئة.
** العاقل يوازن بين الأشياء، ويؤثر أولاها بالإيثار، وأحقها بالتقديم
** العلم والعقل يدعوان صاحبهما إلى الخير، وينهيانه عن الشر، وأن الجهل يدعو صاحبه إلى موافقة هوى النفس، وإن كان معصية ضارًا لصاحبه
** ليس بعاقل من آثر الفاني الخسيس على الباقي النفيس.
** العاقل... يقول لنفسه: قدّري أنك قد مِتِّ ولا بد أن تموت فأي الحالتين تختارين؟ الاغترار بزخرف هذه الدار والتمتع بها كتمتع الأنعام السارحة أم العمل لدار أكلها دائم وظلها ظليل... ؟ فبهذا يعرف توفيق العبد من خذلانه، وربحه من خسرانه.
** يتعين على العاقل البصير أن يحرص ويجتهد في حفظ باطنه، من الأخلاق الرديئة، واتصافه بالأخلاق الجميلة.
** ينبغي للعاقل أن يوازن بين لذات الدنيا ولذات الآخرة، وبين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
** بحسب عقل العبد، يؤثر الأخرى على الدنيا، وأنه ما آثر أحد الدنيا إلا لنقص في عقله.
** ليتذكر أولو العقول حالة أيوب، ويعتبروا، فيعلموا أن من صبر على الضرِّ، فإن الله تعالى يثيبه ثوابًا عاجلًا وآجلًا، ويستجيب دعاءه إذا دعاءه.
** أهل العقول الزكية الذكية،... يؤثرون الأعلى على الأدنى، فيؤثرون العلم على الجهل، وطاعة الله على مخالفته، وأن لهم عقولًا ترشدهم للنظر في العواقب، بخلاف من لا لب له ولا عقل، فإنه يتخذ إلهه هواه.
** أدب العبد عنوان عقله، وأن الله مريد به الخير
· المعاصي والذنوب:
** المعاصي يجر بعضها بعضًا، فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير، ثم ينشأ عنه الذنب الكبير، ثم ينشأ عنها أنواع البدع والكفر، وغير ذلك، فنسأل الله العافية من كل بلاء
** العقوبة على الذنب قد تكون بزوال نعمة موجودة.
** عاقبة المعاصي، الندامة والخسارة.
** للذنوب عقوبات عاجلة وآجلة، ومن أعظم العقوبات: أن يبتلى العبد ويُزين له ترك اتباع الرسول، وذلك لفسقه
** المعاصي تدع الديار العامرة بلاقع.
** من أعظم العقوبات... أن يكون الذكر الذي أنزله الله على رسوله، الذي فيه حياة القلب والروح، وسعادة الدنيا والآخرة، وفلاح الدارين. أن تكون لمثل هذا زيادة غي إلى غيه وطغيان إلى طغيانه وكفر إلى كفره بسبب إعراضه عنها ورده لها ومعاندته إياها
** كثير من الناس يخفى عليه كثير من المعاصي، وخصوصًا معاصي القلب، كالكبر، والعجب والرياء، ونحو ذلك، حتى أنه يكون به كثير منها، وهو لا يحس به ولا يشعر
** النهي عن قربان الفواحش، أبلغ من النهي عن مجرد فعلها، فإنه يتناول النهي عن مقدماتها، ووسائلها الموصلة إليها.
** المعاصي تفسد الأخلاق والأعمال والأرزاق.
** المعصية تؤثر في البقاع، كما أثرت معصية المنافقين في مسجد الضرار، ونهي عن القيام فيه.
** نقص المكاييل والموازين من كبائر الذنوب، وتخشى العقوبة العاجلة على من تعاطى ذلك، وأن ذلك من سرقة أموال الناس، وإذا كان سرقتهم في المكاييل والموازين موجب للوعيد فسرقتهم على وجه القهر والغلبة من باب أولى وأحرى.
** الحذر من شؤم الذنوب، وأن الذنب الواحد يستبع ذنوبًا كثيرة.
** ينبغي للعبد أن يلتجئ إلى الله، ويحتمي بحماه عند وجود أسباب المعصية، ويتبرأ من حوله وقوته، لقول يوسف عليه السلام: ﴿ وإلا تصرف عني كيدهن أصبُ إليهن وأكن من الجاهلين ﴾
* * ليحذر العباد عقوباته بأهل الجرائم، فإن أخذه أليم شديد... .فليحذروا، ما داموا في وقت الإمهال، قبل أن يجيء الوقت الذي لا إمهال فيه
** شؤم المعاصي يهلك به الحرث والنسل.
** تخويف من الله تعالى لأهل الكفر والتكذيب وأنواع المعاصي، من أن يأخذهم بالعذاب على غرَّة وهم لا يشعرون، إما أن يأخذهم بالعذاب من فوقهم أو من أسفل منهم بالخسف أو غيره، وإما في حال تقلبهم وشغلهم وعدم خطور العذاب ببالهم.
** النهي عن قربان الزنا أبلغ من التهي عن مجرد فعله، لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه، فإن " من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه " خصوصًا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه.
** المعاصي تمنع العبد من رحمة الله، وتغلق أبوابها. كما أن الطاعة أكبر الأسباب لنيل رحمته.
** الزجر البليغ، عن تعاطي بعض الذنوب على وجه التهاون بها.
** التحذير من الذنوب، فإنها ترين على القلب وتغطيه، شيئًا فشيئًا، حتى ينطمس نوره، وتموت بصيرته، فتنقلب عليه الحقائق، فيرى الباطل حقًا، والحق باطلًا، وهذا من أعظم عقوبات الذنوب.
** عقوبته لأهل الجرائم والذنوب العظام، لقوية شديدة، وهو للظالمين بالمرصاد.
** من يعصيه، يمهله قليلًا ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر.
** سمى الله الإنفاق في الشهوات والمعاصي، إهلاكًا لأنه لا ينفع المنفق بما أنفق، ولا يعود إليه من إنفاقه إلا الندم والخسارة.
** إذا دعته نفسه إلى ما تشتهيه من الشهوات المحرمة، قال لها: هبك فعلت ما اشتهيت، فإن لذته تنقضي، ويعقبها من الهموم، والغموم، والحسرات، وفوات الثواب، وحصول العقاب، ما بعضه يكفى العاقل في الإحجام عنها.
** فاز وربح من طهر نفسه، ونقاها من الشرك، والظلم، ومساوئ الأخلاق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد