سورة آل عمران


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

هذا الجزء الثالث من فوائد مختارة من تفسير الحافظ ابن كثير رحمه الله، من سورة آل عمران،، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

·       القرآن فيه آيات محكمات، وآيات فيها اشتباه في الدلالة:

- يخبر تعالى أن في القرآن آيات محكمات هن أم الكتاب، أي: بينات واضحات الدلالة، لا التباس فيها على أحد، ومنه آيات آخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس، أو بعضهم، فمن ردّ ما اشتبه إلى الواضح منه، وحكّم محكمه على متشابهه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس انعكس.

·       أرواح الشهداء والمؤمنين:

- الشهداء... وإن قتلوا في هذه الدار فإن أرواحهم حية مرزوقة في دار القرار

- الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله أحياء عند ربهم، وهو فرحون بما هم فيه من النعمة والغبطة، ومستبشرون بإخوانهم الذين يقتلون بعدهم في سبيل الله أنهم يقدمون عليهم، وأنهم لا يخافون مما أمامهم، ولا يحزنون على ما تركوه وراءهم، نسأل الله الجنة   

- روينا في مسند الإمام أحمد حديثًا فيه البشارة لكل مؤمن بأن روحه تكون في الجنة تسرح أيضًا فيها، وتأكل من ثمارها، وترى ما فيها من النضرة والسرور، وتشاهد ما أعد الله لها من الكرامة، وهو بإسناد صحيح عزيز عظيم، اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة،...فنسأل الله الكريم المنان أن يميتنا على الإيمان.

·       خوف الله وخشيته في جميع الأحوال والأزمان والأيام:

يخبر تبارك وتعالى عباده أنه يعلم السرائر والضمائر والظواهر، وأنه لا يخفي عليه منهم خافية بل علمه محيط بهم في سائر الأحوال والأزمان والأيام واللحظات وجميع الأوقات وجميع ما في الأرض والسموات لا يغيب عنه مثقال ذرة ولا أصغر من ذلك في جميع أقطار الأرض والبحار والجبال ﴿والله على كل شيء قدير﴾ [آل عمران:29] أي وقدرته ونافذة في جميع ذلك وهذا تنبيه منه لعباده على خوفه وخشيته لئلا يرتكبوا ما نهى عنه، وما يبغضه منهم، فإنه عالم بجميع أمورهم، وهو قادر على معاجلتهم بالعقوبة، وإن أنظر من أنظر منهم، فإنه يمهل، ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر.

·       معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:

قال كثير من العلماء: بعث الله كل نبي من الأنبياء بما يناسب أهل زمانه، فكان الغالب على زمان موسى عليه السلام: السحر، وتعظيم السحرة، فبعثه الله بمعجزة بهرت الأبصار، وحيرت كل سحار، فلما استيقنوا أنها من عند العظيم الجبار انقادوا للإسلام، وصاروا من عباد الله الأبرار، وأما عيس عليه السلام فبعث في زمن الأطباء، وأصحاب علم الطبيعة، فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه إلا أن يكون مؤيدًا من الذي شرع الشريعة، فمن أين للطبيب قدرته على إحياء الجماد، أو على مداوة الأكمة والأبرص، وبعث من هو في قبره رهين إلى يوم التناد، وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم بعث في زمان الفصحاء والبلغاء وتجاريد الشعراء، فأتاهم بكتاب من الله عز وجل، فلو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من مثله، أو بسورة من مثله لم يستطيعوا أبدًا، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا، وما ذاك إلا أن كلام الرب عز وجل لا يشبه كلام الخلق أبدًا.

·       الخوارج:

-أول بدعة وقعت في الإسلام: فتنة الخوارج.

-كان مبدؤهم بسبب الدنيا، حين قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم حنين، فكأنهم رأوا بعقولهم الفاسدة أنه لم يعدل في القسمة، ففاجأوه بهذه المقالة، فقال قائلهم وهو ذو الخويصرة _ بقر الله خاصرته _: اعدل فإنك لم تعدل.

-كان ظهورهم أيام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وقتلهم بالنهروان.

-تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومقالات ونحل كثيرة منتشرة.

·       التفكر:

- قال الشيخ أبو سليمان الداراني: إني أخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلا رأيت لله علي فيه نعمة، ولي فيه عبرة.

- قال الحسن البصري: تفكر ساعة خير من قيام ليلة.

- قال الفضيل: قال الحسن: الفكرة مرآة تريك حسناتك وسيئاتك.

- سفيان بن عيينة: الفكرة نور يدخل قلبك.

- قال عيسى عليه السلام: طوبى لمن كان قيله تذكرًا، وصمته تفكرًا، ونظره عبرًا

- قال لقمان إن طول الوحدة ألهم للفكرة وطول الفكرة دليل على طرق باب الجنة

- قال وهب بن منبه: ما طالت فكره امرئ قط إلا فهم، ولا فهم امرؤ قط إلا علم، ولا علم امرؤ قط إلا عمل.

- قال عمر بن عبدالعزيز: الكلام بذكر الله عز وجل حسن، والفكرة في نعم الله أفضل العبادة.

- قال بشر الحارث الحافي: لو تفكر الناس في عظمة الله ما عصوه.

·       بنو إسرائيل:

- لما تكبروا عن الحق، واستكبروا على الخلق، قابلهم الله على ذلك بالذلة والصغار في الدنيا، وبالعذاب المهين في الآخرة.

-أسكن الله في قلوبهم قسوة وعنادًا للحق ملازمًا لهم، وأورثهم ذلة لا تفارقهم إلى يوم التناد.

- اليهود... إنما حملهم على جحود الحق، أنهم يقولون: ليس علينا في ديننا حرج في أكل أموال الأمميين وهم العرب، فإن الله قد أحلها لنا، قال الله: ﴿ ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ﴾ [آل عمران:75] أي: وقد اختلفوا هذه المقالة، وائتفكوها بهذه الضلالة، فإن الله حرم عليهم أكل الأموال إلا بحقها، ولكنهم قوم بهت.

- ألزمهم الله الذلة والصغار أينما كانوا فلا يأمنون

·       متفرقات:

- إنما يفهم ويعقل ويتدبر المعاني على وجهها أولو العقول السليمة، والفهوم المستقيمة.

- حبّ المال... تارة يكون للفخر والخيلاء، والتكبر على الضعفاء، والتجبر على الفقراء فهذا مذموم، وتارة يكون للنفقة في القربات، وصلة الأرحام، والقرابات، ووجوه البر والطاعات فهذا ممدوح محمود شرعًا.

- حبّ الخيل على ثلاثة أقسام: تارة يكون ربط أصحابها معدة لسبيل الله، متى احتاجوا إليها غزوا عليها، فهؤلاء يثابون، وتارة تربط فخرًا ونواء لأهل الإسلام، فهذه على صاحبها وزر، وتارة للتعفف واقتناء نسلها، ولم ينس حق الله في رقابها فهذه لصاحبها ستر.

- ينهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين، وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين، ثم توعد على ذلك...قال تعالى: ﴿ ويحذركم الله نفسه ﴾ [آل عمران:28] أي: يحذركم نقمته في مخالفته، وسطوته وعذابه لمن والى أعداءه، وعادى أولياءه.

-كل من أدعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الهدي المحمدي، والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله.

- قال مالك بن دينار: إنما سمي الدينار لأنه دين ونار، وقيل معناه: من أخذه بحقه فهو دينه، ومن أخذه بغير حقه فله النار.

- عيسى بن مريم، عبد مخلوق، كما خلق سائر البشر، لأن الله صوره في الأرحام، وخلقه كما يشاء، فكيف يكون إلهًا كما زعمته النصارى، عليهم لعائن الله، وقد تقلب في الأحشاء، وتنقل من حال إلى حال.؟

- مريم عليها السلام... الله قد اصطفاها، أي: اختارها لكثرة عبادتها، وزهادتها، وشرفها، وطهارتها من الأكدار، والوساوس...قال مجاهد: كانت مريم عليها السلام تقوم حتى تتورم كعباها.

- الأكمة: قيل إنه الذي يبصر نهارًا ولا يبصر ليلًا، وقيل العكس، وقيل الأعشى، وقيل الأعمش، وقيل هو الذي يولد أعمى.

- من مات على الكفر فلن يقبل منه خيرًا أبدًا، ولو كان قد أنفق ملء الأرض ذهبًا فيما يراه قربة.

- المؤمن مستسلم بقلبه وقالبه لله، والكافر مستسلم لله كرهًا، فإنه تحت التسخير والقهر والسلطان العظيم، الذي لا يخالف ولا يمانع.

- القنوت الطاعة في خشوع.

- الراسخون في العلم: المتواضعون لله، المتذللون لله في مرضاته، لا يتعاظمون على من فوقهم، ولا يحقرون من دونهم.

- يرشدهم تعالى إلى السلامة من شر الأشرار، وكيد الفجار باستعمال التقوى، والصبر، والتوكل على الله، الذي هو محيط بأعدائهم، فلا حول ولا قوة إلا به. وهو الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. ولا يقع في الوجود شيء إلا بتقديره ومشيئته، ومن توكل عليه كفاه.

- لمكة أسماء كثيرة، مكة، وبكة، والبيت العتيق، والبيت الحرام، والبلد الأمين، المأمون، وأم القرى، والقادس لأنها تقدس من الذنوب.

- حرم مكة إذا دخله الخائف يأمن من كل سوء.

- حافظوا على الإسلام حال صحتكم وسلامتكم، لتموتوا عليه، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه، فعياذًا بالله من خلاف ذلك.

-يوم القيامة... تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة، قاله ابن عباس رضي الله عنهما.

- ينهي تبارك وتعالى هذه الأمة أن يكونوا كالأمم الماضين في افتراقهم واختلافهم، وتركهم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، مع قيام الحجة عليهم.

- قال تعالى: ﴿ وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ﴾ [آل عمران:154] يعني: لا يغشاهم النعاس من القلق والجزع والخوف.

- قال تعالى: ﴿ هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان﴾ [آل عمران:167] استدلوا به على أن الشخص قد تتقلب به الأحوال فيكون في حال أقرب إلى الكفر، وفي حال أقرب إلى الإيمان.

- ورد في بعض الآثار، يقول الله تعالى: " يا ابن آدم، اذكرني إذا غضبت، أذكرك إذا غضبت، فلا أهلكك فيمن أهلك "

- من كان عمله للدنيا فقط ناله منها ما قدره الله له، ولم يكن له في الآخرة من نصيب، ومن قصد بعمله الدار الآخرة أعطاه الله منها، وما قسم له في الدنيا.

- القتل في سبيل الله والموت أيضًا وسيلة إلى نيل رحمة الله وعفوه ورضوانه، وذلك خير من البقاء في الدنيا وجميع حطامها الفاني.

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمر إذا حدث، تطيبًا لقلوبهم، وليكون أنشط لهم فيما يفعلونه.

- عن أم المؤمنين زينب وعائشة رضي الله عنهما، أنهما تفاخرتا، فقالت: زينب: زوجني الله وزوجكن أهاليكن، وقالت عائشة، نزلت براءتي من السماء في القرآن، فسلمت لها زينب، ثم قالت: كيف قلت حين ركبت راحلة صفوان بن المعطل ؟ قالت: قلت: حسبي الله ونعم الوكيل، قال زينب: كلمة المؤمنين.

- على العلماء أن يبذلوا ما بأيديهم من العلم النافع الدال على العمل الصالح، ولا يكتموا منه شيئًا.

- لا تنظر إلى ما هؤلاء الكفار مترفون فيه، من النعمة، والغبطة، والسرور، فعمًا قليل يزول هذا كله عنهم، ويصبحون مرتهنين بأعمالهم السيئة، فإنما نمدّ لهم فيما هم فيه استدراجًا.

- المنافقون بجدهم وطاقتهم لا يألون المؤمنين خبالًا، أي: يسعون في مخالفتهم وما يضرهم بكل ممكن، وبما يستطيعون من المكر والخديعة، ويودون ما يعنت المؤمنين ويحرجهم ويشق عليهم.

-لا بد أن يبتلى المؤمن في شيء من ماله، أو نفسه، أو ولده، أو أهله، ويبتلى المؤمن على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في البلاء.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply