المحبة امتثال لا احتفال


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

اتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، والتزموا سنَّةَ نبيكم تهتدوا، وأخلِصوا لله تعالى نياتِكم تُفلِحوا، وابتعدوا عن المنكرات تسْلموا، واستبِقوا الخيراتِ تغنموا وتربحوا، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}..

معاشر المؤمنين الكرام: إذا كان لكل أمَّةٍ من الأمم، أمجادٌ ومآثر، تتشرفُ بها وتفاخر، فإن أعظمَ وأجلَّ ما أكرمَ الله به هذه الأمَّةَ المرحومةَ؛ قرآنُها العظيم، ورسولها الكريم:{لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}،{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}..

وإذا كان الحديث عن العظماء يحلو, فكيف بالحديث عن أعظمهم.. محمد بن عبدالله: الذي زكاهُ ربهُ تزكيةً ما عُرِفت لأحدٍ غيرهِ من المخلوقين، فلقد زكَّى اللهُ عقلهُ فقال: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}، وزكَّى لسانهُ فقال: {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى}، وزكَّى قلبهُ فقال: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}، وزكَّى بصرهُ فقال: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى}، وزكَّى أخلاقهُ فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وزكَّى شرعهُ فقال: {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}، نعتهُ بالرسالة: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}، وناداهُ بالنبوة: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، وشرفهُ بالعبودية فقال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}.. فنحنُ أمامَ أعظم رجلٍ في التاريخ قاطبة، ما من صِفة كمالٍ إلا واتّصفَ بها، وما من خِصلةَ خيرٍ إلا وتحلَّى بها.. جمعَ اللهُ فيه من الخصائصِ والفضائلِ والمزايا, ما تفرقَ بين سائرِ الرسل الكرام، عليهم جميعًا أفضل الصلاة وأتم السلام... شرحَ اللهُ له صدرَهُ، ووضعَ عنهُ وزرَه، ورفعَ له ذكرَه، وأتمَّ له أمرَه، وأعلى في العالمين قدرَه، وقرنَ اسمهُ باسمه، فلا ينقطعانِ لحظةً، أتمَّ عليه نعمته، واسبغَ عليهِ لُطفهُ وهدايته، وأكمَلَ لهُ دِينهُ، وبرّ يمينهُ, وكفاهُ قرينه، وولاّه قبلةً يرضاها.. فهو صَفْوةُ عبادِ الله، وخير خلق الله، وأحب عباد الله إلى الله... محمد بن عبدالله: أزكَى الأنامِ، وبَدرُ التمَامِ، ومِسكُ الخِتامِ، وخَيرُ من صلّى وصامَ، وطاف بالبيت الحرام.. محمد بن عبدالله: أجملُ النّاس خَلْقًا، وأحسنُهم خُلُقًا، وأعزُهم نسبًا، وأعرقُهم حسَبًا، وأشرفُهم مكانةً، وأعلاهم منزلةً.. قال أنسٌ: "ما مسستُ حريرًا ولا ديباجًا ألينَ من كفِّ رسولِ اللهِ ﷺ"... محمد بن عبدالله: أوفرُ الناسِ عقلًا، وأسدُّهم رأيًا، وأصحُهم فِكرةً، وأشجعُهم قلبًا، يصيح في أرض المعركة بأعلى صوته: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبدالمطلب... محمد بن عبدالله: أرفقُ الناس بالمحتاجين، وأعظمُهم رحمةً بالمساكين، وأكرمهم عطاءً، وأسخاهُم يدًا، وأكثرهم جودًا وكرمًا، يُعطِي عطاء من لا يخشى الفقر... محمد بن عبدالله: أعفُّ الناس لسانًا، وأفصحهم بيانًا، وأرحبهم صدرًا، وأوسعُهم حُلمًا، وأسهلهم طباعًا، وأكثرهم تواضعًا، وألينُهم عريكةً، ما خُيِّر بين أمرين إلا اختارَ أيسرهما ما لم يكن إثمًا... محمد بن عبدالله: أعدلُ الناسِ حُكمًا، وأنصفُهُم في الخصومة، يُقسِمُ بالذي نفسُهُ بيده: لو أن بِنتَهُ فاطمةُ سَرقَتْ لقطعَ يدَها... محمد بن عبدالله: أزهدُ الناسِ في الدنيا، وأبعدهم عن زخارفها، لا يُردُّ موجُودًا، ولا يتكلّفُ مفقودًا، ينامُ على الحصير حتى يؤثرَ في جنبه... أظهرَ اللهُ على يديه من المعُجزاتِ ما يُبهرُ العقولَ، فلقَ لهُ القمرَ فلقتينِ، وتكلمت الحيواناتُ بحضرته، وسبَّحَ الطعامُ بين يديه، وسلَّمَ الحجرُ والشجرُ عليه، وتكاثرَ الطعامُ والشرابُ بين كفَّيه، وأخبرَ بالمغيبات، فما زالت تتحققُ في حياته وبعد وفاته... إنه محمدٌ وكفى، الأخشَى لربِّه والأتقَى، والأطهرُ سريرةً والأنقى، والأَحسنُ أخلاقًا والأرقى، أنموذجُ الإنسانيةِ الكاملة، ومُلتقى الأخلاقِ الفاضِلة، بلَّغَ الرسالةَ أحسنَ بلاغٍ، وأدى الأمانةَ أحسنَ أداءٍ، ونصحَ الأمَّةَ أصدقَ نُصحٍ، وجاهدَ في الله حقَّ جهاده... ومهما قِيلَ, ومهما قُلنا، فسنظلُ جميعًا كأننا لم نّقُلْ شيئًا.. وعلى تفنُنِ واصِفِيهِ بوصْفهِ.. يفْنى الكَلامُ وفيهِ مالم يُوصَفِ.. وصدق حسانُ وأحسنَ أيَّما إحسان: وأجملُ منكَ لمْ ترَ قَطُّ عَينٌ.. وأفضلُ منكَ لم تَلِدِ النساءُ.. خُلِقتَ مبرًّا من كُلِّ عَيبٍ..كأنّكَ قد خُلِقتَ كما تَشاءُ.. وصدَقَ اللهُ: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}، وصدق الله :{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}..

أحبتي في الله: ومعَ حُبِّ المسلمينَ الكبيرَ لنبيّهِم، ومع توقيرَهم الشديد لجنابه الكريم، فإنّ عقيدتهَم فيهِ أنهُ بشرٌ، عبدٌ لا يُعبَد، ورسُولٌ لا يُكذَّب، بل يُحبُّ ويُطاعُ ويُتَّبَعُ.. ولقد علَّمَنا ربُّنا موقِعَ نبيّنا منّا، فقال جلَّ وعلا: {النَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، فهو أقربُ إلى قلوبنا من قلوبِنا، وأحبُّ إلى نُفُوسِنَا من نُفُوسِنَا، ولن يَذوقَ المسلمُ حلاوةَ الإيمانِ حتى يكونَ الرسول أحبَّ إليهِ من ولده ووالدهِ والناسِ أجمعين.. فالقلوبُ مجمِعةٌ على حُبِّه صلى الله عليه وسلم، ولكن الأمر الأهمَّ هو كيف نعبِّرُ عن هذا الحُبِّ, التعبيرَ الصحيح.. تأمَّلوا قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.. فالاتباعُ إذن هو برهانُ المحبةِ، ودليل صحتها..

نعم أيها الكرام: حبُّ النبي اتباعٌ لا ابتداع، امتثالٌ لا احتفال، اقتداءٌ لا ادعاء.. حبُّه عليه الصلاة والسلام ليس مناسبةً مؤقتة، بل هي عبادةٌ مستمرةٌ من أجلِّ العبادات، كما أنَّ طاعتهُ ودِقة اتباعهِ هِدايةٌ من أعظمِ الهدايات، قال تعالى: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}.. وَإِذَا كُنَّا نُحِبُّهُ حَقًَّا، ونطيعهُ صدقًا، فَإِنَّهُ حَذَّرَنَا أَنْ نُقَلِّدَ النصارى فِي إطرائهم لنَبِيِّهِمْ، فَقَالَ: "لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ فقولوا: عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ"، وقَالَ : "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ"والحديثان في صحيح البخاري...

ثم لنكُن يا عباد الله صُرحَاءُ مع أنفُسِنا، ولنتساءلَ بصدقٍ: هل يكفِي أن نقول أننا نحبُّ الرسول صلى الله عليه وسلم، دُونَ أن يكُونَ لهذا الكلام واقعٌ حقِيقِيٌ في حياتِنا.. هل يكفي أن نحبُه بألسنتنا، وأن نتغنى بمناقِبهِ, ونشدُو بسيرتِهِ، حتى إذا رجعنا إلى حياتِنا، فإذا نحن في بُيوتِنا، وفي سلوكنِا وفي علاقاتِنا، وفي شكلِنا وفي لباسِنا هيئاتِنا.. وفي كثيرٍ من شؤونِ حياتنِا، لا نلتزِمُ بمبادئه الرفيعة، ولا نمتثلُ أخلاقهُ الكريمة، ولا نقتدي بأفعاله وأقواله القويمة.. فأينَ الدليلُ العمَليُ على صدق محبته؟... أو ليست سنَّتهُ قد حفِظت لنا كاملةً غيرَ منقوصة، محققةً صحيحة.. فكم منَّا من حَرِصَ على تَعلُّمِ هذهِ السُنةِ كما يريدُ مِنَّا المصطفى صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسُنتي وسُنةُ الخلفاءِ الراشدينِ المهديينِ من بعدي، تمسكوا بها وعَضْوا عليها بالنواجِذ".. كم منَّا من قرأ صحيحَ البخاري ومُسلِم ولو لمرةٍ واحدة، بل كم منَّا من قَرأَ مختَصَرَهُمَا، أو حتى مختَصَرَ المخْتَصَر، وكل هذا موجودٌ ومتوفر.. وفي المقُابل فكم من سُنةٍ من سُنَن المصطفى صلى الله عليه وسلم, نعلَمُهَا جيدًا، ونعرفها تمامًا، ولكننا لا نُطبِقُها ولا نَعْمَلُ بِها، فَضلًا عن أن نعْلمِهَا لأقرب الناس إلينا.. وإذا فتشتَ عن السبب، وجدت أن أكثرنا مشغولين بمحبوبين آخرين، يُتابعونَهم بإعجابٍ كبير، ويقلِدُونهُم تقلِيدًا أعمى.. فراجع نفسك يا عبدالله.. وتعلم كيفَ تحبُّ رسولَك صلى الله عليه وسلم الحبَّ الصادِقَ الصحيح.. واعلم أنَّ أصدَقَ وسيلَةٍ للتعبير عن حُبِّ المصطفى صلى الله عليه وسلم هيَ تعلُّمُ سُنتِهِ وتطبقيِها, ثم نشرِها والدعوةِ إليها.. والذبِّ عنها والصبرِ فيها.. فقد جاءَ في الحديث الصحيح: "لا يؤمنُ أحدُكُم حتى يكونَ هواهُ تبعًا لما جِئتُ به".. وفي محكم التنزيل: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ}....

 

معاشر المؤمنين الكرام: من القواعدِ المقرَّرةِ شرعًا: أن الأصلَ في العباداتِ والمحاكماتِ المنعُ والتوقفُ حتى يأتي الدليل بالسماح.. وأن الأصل في المعاملات والعادات السماح والإباحةَ حتى يأتي الدليلُ بالمنع والتوقف، ومعنى ذلك أنه لا يصِحُ لعبدٍ أن يتعبدَ بعبادةٍ أو يتحاكم بحُكمٍ إلا ولديه دليلٌ شرعيٌ صحيحٌ يُجيز له ذلك، وإلا فعملُه مردودٌ، قال : "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"، وفي روايةٍ: "من أحدثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، متفق عليه، وقال أيضًا: "كُلُّ محدثةٍ بدعةٌ، وكُلُّ بدعةٍ ضلالة، وكُلُّ ضلالةٍ في النار"..

ونزيد هذا الأمرَ وضوحًا فنقول: أنَّ كُلَّ العباداتِ والمحاكماتِ التي يَقومُ بها المسلمُ قد قرَّرها الشرعُ الحكِيمُ بتفاصِيلها الدقيقة، "صلوا كما رأيتموني أصلي"..  "خُذوا عني مناسِككم".. وهكذا سائرُ أبوابِ العبادات والمحاكمات.. كُلها حظيت بتفصِيلاتٍ دقيقٍة، ولم تترك لمجتهدٍ مجالًا... أمَّا المعاملات والعادات والوسائِل العامة، فكُلها جائزةٌ شرعًا إلا ما نصَّ الدليل على منعه.. الأطعمةُ مثلًا من العادات.. الأصلُ فيها السماحُ إلا ما جاءَ الدليلُ بمنعه كالخمر والخنزيرِ ونحوها.. اللباسُ أيضًا من العادات فالأصلُ فيه الإباحةُ إلا ما جاءَ الدليلُ بمنعهِ كالذهبِ والحريرِ للرجالِ والتشبهُ بالجنسِ الآخرِ وما هو خاصٌ بالكفار.. وهكذا نقيسُ على كلِّ ما هو ليس بعبادة... وقد أكملَ اللهُ للأمةِ هذا الدين ورضيهُ وأتمَّ به نعمتهُ، {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِينًا}، وروى الطبراني بإسنادٍ صحيحٍ عن النبي أنه قال: "ما تركت شيئا يقربُكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به، وما تركت شيئًا يُبعدكم عن الله إلا وقد نهيتكم عنه".. فالشرع الحكيم رسمَ للعبادات والتكاليفِ طُرقًا خاصةً بأوجه خاصةٍ.. وقيدها زمانًا ومكانًا، هيئةً وعددًا، وأخبر أن الخير فيها والشر في تجاوزها وتعديها.. وقال أهل العلم: من زعمَ أن ثمَّةَ طُرقًا أخرى للعبادات, وعَبَدَ اللهَ بمستحسنات العقول، فقد قدحَ في كمال هذا الدين وخالفَ ما جاءَ به المصطفى الأمين، وكأنهُ يستدركُ على الشريعة نقائصَ لم يفطن إليها الشارع، والله جل وعلا يقول: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}..

معاشر المؤمنين الكرام: إن على الأمَّة واجبٌ كبيرٌ نحو نبيها العظيم.. يتمثلُ في طاعتهِ واتباعِ هديهِ، فقد أرسلهُ الله تعالى ليطاع ويُتَّبع, فقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ}، بل إنَّ اللهَ حصرَ الهدايةَ في طاعته فقال: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}، وجعلَ الفتنةَ والعذابَ في مخالفة أمرهِ, فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}..

وحين يقولُ الرسولُ العظيمُ مُحذرًا ومُوصيًا: "فإنهُ من يعش مُنكم فسيرى اختلافًا كثيراُ، فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ من بعدي تمسَّكوا بها وعَضُّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومُحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلُّ بدعةٍ ضلالة".. فهو لا ينطقُ عن الهوى، فقد وقعَ اختلافٌ كثيرٌ.. فلا بدَّ أن يقابلهُ اجتهادٌ في التمسك بهديه القويم، والعضُ بالنواجذِ على سنَّته الشريفة...

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. بسم الله الرحمن الرحيم: {أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَنًا فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِى مَن يَشَاء فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرٰتٍ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُون}..  

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

  

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply