لئن أشركت ليحبطن عملك


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

أُوصيكم أيُّها النَّاسُ ونفسي بتقوى اللهِ عزَّ وجلَّ، فاتقوا اللهَ رحمكم اللهُ؛ فكفى بالله وليًا، وكفى بالله وكيلًا، وكفى بالحقِّ سبيلًا، وكفى بالقرآن منهجًا ودليلًا،{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}..

معاشر المؤمنين الكرام: أعزُّ ما على المؤمن سلامةُ دينِه، وصفاءُ عقيدته، وثباتهُ على التوحيد والإيمان، فهو أَعْظَمُ وأهمُ مَا يَمْلِكُهُ الانسان، ألا وإنَّ التفريطَ فيه لهو أَشَدُّ الخذلان، وَأَعْظَمُ الْخُسْرَانِ؛ فعاقبته الخلود السرمدي فِي النِّيرَانِ، قال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ}.. وحين تكثرُ الفتنُ وتشتد، فما أسهلَ أن يضِلَّ الجاهلُ بدينه، وتلك من علامات الساعة واماراتها، تلك الاماراتُ التي حذَّر منها المصطفى صلّى اللهُ عليهِ وسلّم أشدَّ التحذير.. فقد صحَّ عنه ، أنه قال: "إنَّ بين يدَيِ السَّاعةِ فِتنًا كأنَّها قِطعُ اللَّيلِ المُظلِمِ، يُصبِحُ الرَّجُلُ فيها مؤمنًا، ثُمَّ يُمسي كافرًا، ويُمسي مؤمنًا، ثُمَّ يُصبِحُ كافرًا، يَبيعُ أقْوامٌ خَلاقَهم بعَرَضٍ مِن الدُّنْيا يَسيرٍ، أو بعَرَضِ الدُّنْيا".. قال الإمام الحَسنُ البصري رحمه الله: واللهِ لقد رَأَيْناهم صُوَرًا ولا عُقولَ، أجْسامًا ولا أحلامَ، يَبيعُ أحدُهم دِينَهُ بثَمنِ العَنزِ.. فهل رأيتموهم يا عباد الله؟ هل رأيتم من يبني معابد الكفر بمئات الملايين، وينصبُ فيها التماثيل والأصنام لتُعبدُ من دون الله، وهل رأيتم من يجاملُ عبادَ البقرِ فيمارسُ معهم بعضَ طقوسِهم وضلالاتهم، ألا ساءَ ما يزرون، وقُبحًا لما يصنعون.. فإنَّ أظلمَ الظلم، وأكبرُ الكبائر، وأعظمُ الذنوب على الاطلاق، هو الشرك بالله، أن تجعلَ لله ندًا وهو خلقك، تلك هي الورطةُ التي لا مخرجَ منها، والطامَّةُ التي لا نجاةَ معها،{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}، {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}.. سلامةُ الدين والإيمانِ يا عباد الله، وصفاءُ التوحيدِ والعقيدةِ أيها المسلمون: هي أكبرُ أسبابِ الفوزِ والنجاة، فبها يفوزُ المؤمن بجنةٍ عَرْضها السموات والأرض، وينجو من نارٍ حرِّها شديد، وقعرها بعيد.. التوحيد أيها المؤمنون: هو جوهر الدين وعنوانه، وأساسه وبنيانه، وعماده وأركانه، ومختصره وشرحه وبيانه.. التوحيد مبتدأ الإيمانِ ومنتهاه، ووسطهُ وطرفاه، ومركزُ قُطبهِ ورحاه، وذروةُ سنامهِ وأعلاه.. قامت عليه شرائع الملة، وأوضحته الآيات المنُزلة، وبينته البراهين والأدلة، ونصب عليه اتجاه القبلة، وعُصمت به الأعراض والدماء، وتفاضل به الرجالُ والنساء، وقامَ عليه سوقُ الولاءِ والبراء، والثوابِ والجزاء، وانقسمَ به الناسُ إلى أولياء وأعداء، وسُعداء وأشقياء.. التوحيد أيها المباركون: هو أم العبادات، وأوجب الواجبات، وأهم الفرائض والطاعات، هو قضيةُ القرآنِ العظمى، ومُهمةُ الرسلِ الكبرى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الْطَّـاغُوتَ}، فالمتأمل في آيات القرآن الكريم، يجد أن أكثرها حديثٌ عن الإيمان والتوحيد، وبيانٌ لحقيقته والدعوة إليه، وعما أعده الله للمؤمنين، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا}.. وعن المشركين وسوءِ مصيرهم،{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}.. وتأملوا يا عباد الله: كيف يؤصل القرآن العظيم هذه القضيةَ المحورية.. ليس مع الكفار والمنافقين، ولا مع العصاة والمذنبين، ولا مع ضِعاف الإيمان من المؤمنين، بل مع أكمل الناس إيمانًا, وأقواهم توحيدًا، تأمل:{وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَـاسِرِينَ}.. {قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَابِ}.. قال بعض أهل العلم رحمهم الله تعليقًا على هذه الآيات وأمثالها: فإذا كان الله ينهَى عن الشرك من لا يمكن أن يباشره، فكيف بمن عداه؟ وإذا كان إمام الحنفاء إبراهيمُ عليه السلام يخافُ على نفسه الشرك، فيدعو ربه: {وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الاْصْنَامَ}، فمن يأمنُ على نفسه بعد ذلك.. أما المتأمل في أحاديث السنة المطهرة, وأخبار السيرة العطرة، فسيجدها كلها توحيدٌ في توحيد.. فما ترك عليه الصلاة والسلام تقريرَ التوحيد ومحاربة الشرك, حتى وهو محصورٌ في الشعب، وحتى والعدو مُشتدُّ في طلبه أثناء الهجرة، وحتى في أثناء المعارك وحصار المدينة.. وما ذاك إلا لأن التوحيد هو أهم المهام, وآكد القضايا، وأوجب الواجبات، قال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}..

ثم تأملوا هذا السياق القرآني المذهل:{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}.. هذا يا عباد الله هو أخطر إنذارٍ وتحذير, من العلي الكبير.. إنه إنذارٌ وتحذيرٌ, لم يأتي في القرآن كلِّه مثله.. والعاقِل إذا حُذِّرَ ممن يَقدِرُ عليه حَذِر، وأخذَ بأسباب السلامةِ وانزجر.. وممَّا يحذرنا الله تعالى، إنه يُحذرنا من موالاة الكافرين، ومن الركون إلى القوم الظالمين، قال تعالى:{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}، تأمَّل أيضًا:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}، تأمَّل أكثر:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.. تأمل أيضًا:{تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}.. فخُذْ حِذركَ يا عبد الله: فالأمرُ خطيرٌ، والخطب عسير: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}.. يحذركم الله نفسه فيقولُ جلَّ وعلا:{أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}..

يحذركم الله نفسه فيقولُ:{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ}.. يحذركم الله نفسه فيقولُ: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}.. يحذركم الله نفسه فيقولُ:{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}..

 

-اتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه. {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}.

معاشر المؤمنين الكرام: الإسلامُ وحدهُ هو الدين الحق، وما عداه فباطل، قال جلَّ وعلا:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، ومن أصولِ الإسلامِ العظيمة، عقيدةُ الولاءِ والبراء، والولاءُ هو محبةُ المسلمين ومودتهم، وموالاتهم ونصرتهم.. والبراءُ هو بغضُ الكافرين والنفورُ منهم.. وآيات القرآن النيرة، وأحاديث السنة المطهرة، قد بينت هذه القضيةِ أيما بيان، تأمَّل قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ}، وقوله عزَّ وجلَّ:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}، وقال تعالى:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}.. وغيرها من الآيات والتوجيهات.. كما أن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه نهى كثيرًا عن كل ما يُفضي إلى مشابهة الكفار والركون إليهم، كقوله صلى الله عليه وسلم: "خالِفُوا المُشْرِكِينَ"، "خالفوا اليهود والنصارى"، "خالفوا المجوس"، "خالفوا أهل الكتاب".. "ليس منا من تشبه بغيرنا ".. «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»، "لا تَشَبَّهوا باليهودِ"، "من تشبه بقومٍ حُشرَ معهم".. «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ»، والاحاديث في ذلك كثيرة مشتهرة، حتى صار ذلك من المعلوم من الدين بالضرورة، بل إن اليهود أنفسهم قالوا عن ذلك: "ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه" والخبر في مسلم.. كل ذلك حماية لجناب التوحيد، وحرصًا على صفاء العقيدة من لوثات الكفر والضلال، ولكي يضل المسلمُ مُتميزَا بهويته، مستقلٌ بشخصيتهِ، لا يتشبهُ بغيره، ولا يجامل على حساب دينه.. فلئن كان مجرد التهنئة بأعياد الكفر محرّمٌ بإجماع علماء المسلمين، بل إن من العلماء من أوصله إلى الكفر المخرج من الملة عياذًا بالله.. فكيف بالدخول إلى معابدهم، والمشاركة في طقوسِهم وضلالاتهم..

ألا فمن كان يرجو لقاء ربه ومولاه، راغبًا في الفوز والنجاة، فليتق الله وليحرص على بلوغ رضاه، وليلزم منهجَ دينهِ ويستمسكَ بهداه، وليعتزَ بإيمانه وهويته، وليستقلَ بمنهجه وشخصيته، وليتبع سبيل المؤمنين، وليحذر طريق الضالين والمشركين.. قال تعالى:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}.. تجنبوا يا عباد الله معابد الكفار الوثنية، ومحافلهم الكفرية، فما في النار للظمآن ماء، وليس بعد الهدى إلا الردى، وما بعد الحقِّ إلا الضلال، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ * أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ * فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}... ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply