ولت سعادتي بتحرش قريبي


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

السؤال: أنا فتاة تعرضت لتحرش جنسي بشع من أحد المحارم، عندما كنت في الصف الخامس والسادس تقريبًا، كان عمري حينها 11، وهو في عمر الثلاثين تقريبًا كان في بداية الامر مجرد لمس وتحسس، ومرة زاد الأمر عن ذلك، جعلني أنام على البطن ثم أحسست بسائل على ظهري ثم مسحه، وتطور الأمر إلى أن حاول أن يقوم بالعملية كاملة، حاولت المقاومة بشدة، لكن بعد أن ذهبت لدورة المياه أحسست بحرقان شديد في المنطقة ومن الخوف لم أنتبه هل نزل دم أم لا، وكانت آخر مرة قام بالفعل عليه من الله أشد عذاب.
والآن أصبت بمرض السرطان، وتعبت كثيرًا، احتجت بعدها لعمل منظار فعادت لي الذكرى وتعبت نفسيتي كثيرًا، واتعبت الطبيب معي حيث لم أستطع التحمل وأثناء المنظار أجروا عملية بسيطة، وعليّ المراجعة حتى يتم الكشف على مكان العملية حتى لا تتسرطن من جديد ولكني لم أفعل من خوفي وألمي وحزني وأخشى من عودة الذكرى لي... تناسيت الموضوع كثيرًا ولكن الآن سيطر علي كثيرًا وهو شخص الكل يكرهه لا أحد يحتمله عليه من الله ما يستحق!
أنا بحاجة لمساعدتكم، لا أستطيع الذهاب لطبيبة حتى أتاكد أن غشاء البكارة لم يفض، فأنا كما ذكرت كنت مريضة ولي مراجعات الآن، ولي أيضًا مراجعات بقسم النساء، لكن أخاف إن قلت للطبيبة أن تكشف فيكتب ذلك بالملف أو تخبر طبيبي فهو بالطبع سيخبر أبي.
ولا أستطيع الفضفضة لأحد أبدًا، فأنا بنظرهم شخصٌ مرح والحمد لله، وشخصية محبوبة من الكل واجتماعية، لكن منذ أن سيطر الموضوع علي أهلمت كل شيء حتى دراستي لم تعد تهمني، لم أعد أشعر بلذة شيء في الدنيا وإن حاولت إظهار ذلك مجاملة أو محاولة إقناع.

الجواب: الأخت الكريمة حفظك الله تعالى

أسأل الله العظيم أن يشفيك ويسترك ويكفيك ويهدي قلبك ويشرح بالإيمان صدرك ويجعلك من الحافظات للغيب بما حفظ الله.

شكر الله لك حسن اختيارك لنا لعرض مشكلتك ونسأل الله تعالى التوفيق والقبول.

شكرا لك على السؤال، وعلى ثقتك بالكتابة إلينا، وبالتأكيد لم يكن من السهل عليك كتابة السؤال.

الأخت الكريمة: إن ما حدث لك هو جرم في حقك، ولا تتحملين أي جزء من المسؤولية عنه، وأنت كنت في الحادية عشر من العمر، فالمتحرش هو الذي يتحمل كل المسؤولية، ولا تتحملين أي منها.

أختي الفاضلة.. لقد قرأت رسالتك..

قرأت رسالتك وبتمعن.....

وللأسف يا أختي هذا الأمر الذي تشتكين منه صار محل شكوى من كثيرين. ومثل هذه الأمور لم تكن لتقع لولا ضعف الإيمان في قلوب كثير من الناس..

أختي الكريمة: إن ما تحتاجين إليه من أجل تجاوز ما حصل هو أن تجدي الفرصة المناسبة للتعبير عن مشاعرك تجاه ما حصل وأنت طفلة صغيرة، ويمكنك التعبير عما في نفسك من هذا بالحديث المباشر مع من تثقين فيها من أخصائية نفسية أو حتى صديقة لك، أو حتى عن طريق الرسم أو الكتابة، وبحيث تعبّري عما في نفسك من عواطف ومشاعر، ولا تكتمي كل هذه العواطف والمشاعر في نفسك، لأنها ستعالج في نفسك، وربما تشعرين بالألم في نفسك، حتى تخرج هذه العواطف والمشاعر.

أختي الكريمة: اعلمي أن هذه المشكلة متكررة والسبب الصمت الذي ذكرته، أخرجي من دائرة الصمت وأخبري أحدًا ممن تشعرين أنه سيقدم لك مساعدة على أن يكون أبوك أو أمك أو أخوك أو خالك أو عمك، وتذكري دائمًا أن الإسلام يحمي المرأة إذا هي تمسكت بمبادئه وأرجو أن تكوني كذلك.

أيضًا احمدي الله عز وجل أن الله ستر عليك؛ فلولا فضل الله عليك لعمت الفضيحة وعلم بأمرك من لا رحمة في قلبه وأصبح يتحدث هنا وهناك عنك؛ حتى تجدي نفسك في دوامه كبيرة وأعاصير لا تهدأ.

وهذه بعض النصائح التي أرجو بإذن الله أن تساعدك:

أولًا: تخلصي من آثار هذه الواقعة وستشعرين أنك تتحكمين في حياتك مرة أخرى وستبدأ الحياة في التحسن.

ثانيًا: حاولي أن تعمّقي صلتك بخالقك، وترفعي أكف الضراعة إليه أن يحفظك وأخاك، وييسّر لكما أمركما، ويجنبكما الشرور، ولتحافظي على أوراد الصباح والمساء فهي نعم الحصن الحصين، من شياطين الإنس والجن.

ثالثًا: عليك بالتحلي بالشجاعة والإقدام وعدم الانطوائية والركود، ويفضل الانضمام إلى أحد الجمعيات الخيرية أو حلقات حفظ القران الكريم أو أي عمل خيري تكثر فيه الصحبة الطيبة التي تكون لك خير معين في هذه الحالة.

واعلمي أن الاندماج مع المجتمع والاختلاط مع شخصيات عديدة يدفع في نفسك الشجاعة والثقة، ويجعلك تعملين بشكل إيجابي أكثر تفاؤلًا وحماسًا.

رابعًا: اعلمي أن الماضي لا يعود، وأن المستقبل أمامك، وأن الله سبحانه و تعالى يختبر عباده ويبتليهم بأنواع المصائب في هذه الدنيا؛ وخير العباد: الصابرون على أمر الله وقدره عليهم.

فعليك بالصبر الجميل؛ فإن مع الصبر الفرج، وإن النصر مع الكرب.

خامسًا: عليك بالتوكل على الله، وعدم الاستسلام للشيطان. فهو حريص على أن يدخل في قلبك الضيق والضعف والانهزامية.فالمؤمن بالله عز وجل لا يكون ضعيفًا؛ بل يكون قويًا بإيمانه وقويًا في شخصيته وثقته بنفسه وهذه القوة تستمد من الطاعات والعبادات والتقرب إلى الله سبحانه بالأعمال الصالحة.

سادسًا: عليك بالدعاء لقول لله تعالى في كتابة الكريم: }وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ{.وغدًا بإذن الله سيوفقك الله بالزوج الصالح الذي يعوضكِ خير عوض، ويكون خير من يرافقك بالدنيا والآخرة. اللهم آمين. وللاطمئنان على موضوع غشاء البكارة يمكن العرض على طبيبة نساء ذات ثقة للفحص وتحديد الأمر بدقة.

كان الله في عونك وأنا واثق إن شاء الله أنك قوية بما فيه الكفاية لكي تتغلبي على هذه العثرة في طريقك لتصبحي أقوى وأفضل إن شاء الله.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply