الأحكام الشرعية المتعلقة بمشاريع التمويل اللا مركزي


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

هذا المقال سيكون مخصص للحديث عن الأحكام الشرعية المتعلقة بالتمويل اللا مركزي أو الديفاي، كثيرًا ما يتبادر إلى الذهن أنه بمجرد ورود كلمة ديفاي في توصيف المشروع فإن ذلك يعني تحريم التعامل به، لكن هذا الأمر انتشر بين الناس وهو ليس دقيقًا.

عند الحكم على العملات التي يذكر في مشاريعها التمويل اللا مركزي أو الديفاي، يجب التفريق بين أكثر من صورة، بالجملة سنقسم الحديث هنا إلى قسمين:

1-  القسم الأول هو الحديث عن العملات التي مشاريعها بالأساس هي مشاريع للتمويل اللا مركزي، أو الديفاي، تسأل ما هو مشروع العملة فيجيبك أن مشروعها هو دعم التمويل اللا مركزي أو الديفاي والقيام بأعماله.
هذا النوع الأول من أنواع العملات التي سنتحدث عنها.

2-  النوع الثاني هو مشروع تقني ولكنه في بعض جوانبه يطرح بعض الخدمات المشتملة على التمويل اللا مركزي.

نأتي على القسم الأول: العملات التي مشاريعها بالدرجة الأولى هي مشاريع للتمويل اللا مركزي أو ديفاي، وذكرنا سابقًا أن هذا النوع ينقسم إلى أنواع كثيرة، ذكرنا أن الديفاي قد يكون على شكل اقراض واقتراض ربوي، قد يكون على شكل إنشاء أحواض السيولة وزراعة الغلة والعائد، ذكرنا أنه يمكن أن يكون عملات المشتقات أو المنصات التي لديها عملة وتختص أعمالها فقط بالمشتقات، ذكرنا أيضًا السواب، التبادل والسواب يدخل تحت مسمى الديفاي.

أخيرًا تبادل الأصول أو تسييل الأصول: كأن يكون عندك بيتكوين وتريد نقله إلى شبكة إيثيريوم، تحوله إلى توكين جديد على شبكة الإيثيريوم، وهذا تسييل للبيتكوين ويدخل في مسمى الديفاي.

إذن هذه المشاريع عندما تطرح أمامنا نسأل ما هذا المشروع فيقال أنه يختص بأعمال الديفاي، فالسؤال الذي يطرح نفسه أي أعمال الديفاي مباحة وأيها لا، يسأل شخص آخر أوليس أعمال الديفاي كلها حرام، لا ليس كلها حرام، وإنما نحن ذكرنا خمس أنواع، ثلاثة منها لا شك في تحريمها، مثلًا أن يكون مشروع العملة هو الإقراض والاقتراض الربوي، وأن يكون مشروع العملة هو إنشاء أحواض السيولة وزراعة العائد والغلة، والثالث أن يكون مشروع العملة العمل بالمشتقات، هذه جميعها لا شك في تحريمها.

لكن عند التكلم على السواب -تبادل العملات- هذا تبادل لا محظور شرعي فيه إذا كان العملات التي يتم التبادل فيها مباح.

عند التكلم عن تسييل الأصول يجب التفريق بين أمرين: هل التسييل هذا لخدمة الإقراض والاقتراض الربوي، أم أنه لمجرد لنقل السيولة من شبكة البيتكوين إلى شبكة الإيثيريوم، إذا كان كما هو مكتوب في مشروع العملة من أجل نقل السيولة من البيتكوين إلى شبكة الإيثيريوم فهذا لا بأس به.

أما لو كتب لك هذا التسييل للبيتكوين إلى شبكة الإيثيريوم بهدف تمويل أعمال الإقراض هذا تسييل أصول لكنه محرم.

هذا التفريق المهم هنا، ننظر إلى أي نوع من أنواع الديفاي، ولنكن واضحين، لم أقف على عملة تقول أنها ستختص بجانب السواب دون أن يكون لها نشاط في باقي أنواع الديفاي المحرمة، لذا جاءت هذه الفكرة، أعمال السواب كلها محرمة، لأننا لم نقف على عملات تختص بالجانب المباح بالديفاي ولا تخلط معه الجانب الغير مباح من الديفاي، وإنما تقول سأباشر أعمال الديفاي وتجدها أكثر تركيزًا على السواب وتسييل الأصول ولكن من جملة الديفاي سأعمل بالإقراض والاقتراض، وبالتالي هذه العملات التي تعلن عن نفسها أنها جاءت لتسيير أعمال الديفاي حكمها أنه لا يجوز التعامل بها إن كانت من قبيل مشاريع الإقراض ومشاريع المشتقات، ومشاريع أحواض السيولة وزراعة الغلة، وفي حال كان مشروع العملة السواب أو تسييل الأصول فينظر هل لها نشاط آخر من نشاطات الديفاي المحرمة التي ذكرناها سابقًا أم أنها تقتصر على هذين الجانبين، فإن كان لها نشاط آخر من النشاطات الديفاي المحرمة كان حكمها عدم الجواز كسابقاتها.

وإذا اقتصر تداولها على السواب فقط أو على عمليات تسييل الأصول فقط فلا بأس في ذلك وهو قليل، بل حتى نادر ولم أقف على عملات ومشاريع من هذا النوع أصلًا. هذا بخصوص المشاريع التي تصرح أن مشاريعها مختصة بالديفاي.

الآن القسم الثاني: المشاريع التي لا تصرح أنها مختصة بالديفاي ولكنها تكون مبهمة: تقنية، علمية، خيرية، وهكذا.

لكن تجد أنهم على الهامش يضعون بعض الخدمات مشتملة على الديفاي أو التمويل اللا مركزي، مثلًا: لو جاءت عملة مختصة بالجانب التقني مثل عملة ماتيك -MATIC- وهي تقنية بحتة، قالت أنها ستوفر لزبائنها حوض سيولة فمن شاء فليشارك فيه. هل ينسحب الحكم هذا بالتحريم على عملة الماتيك أم الحكم سيقتصر على تحريم المشاركة في هذا الحوض؟

سنقول حينئذ أن عملة الماتيك طالما أن مشروعها مشروع تقني لا علاقة له بالديفاي إذن هي مباحة، ولكن يحرم التعامل بهذا الجانب من جوانب العملة وهو حوض السيولة.

إذن العملة تحل وحوض السيولة تحرم. وهكذا، العملة الأخرى مشروعها علمي ووضعت على الهامش مشروع صندوق للإقراض والاقتراض الربوي، نقول هذه العملة تحل لكن المشاركة في صندوق الإقراض والاقتراض الربوي الذي أنشأته يحرم.

في البداية كي نخلص إلى نتيجة: ننظر إلى مشروع العملة إذا كان مختصًا بالديفاي أم غير مختص، إذا كان مختصًا يفحص هل هو من الأنواع الثلاث المقطوع بتحريمها مثل أحواض السيولة والمشتقات والإقراض والاقتراض الربوي، أم أنها من نوع تسييل الأصول؟

إذا كانت من الأنواع الثلاثة الأولى يحرم التعامل بها، وإن كانت من قبيل تسييل الأصول أو السواب فينظر هل هذه العملات لها نشاط آخر محرم من هذه الأنواع الثلاثة التي ذكرناها أم أنها تقتصر على تسييل الأصول والسواب؟

إذا كانت تقتصر فجاز التعامل بها، وإذا كان لها نشاط آخر من هذه الثلاثة المحرمة حرم التعامل بها.

هذا النوع الأول التي مشاريعه تختص بالديفاي، والنوع الثاني مشاريعه لا يختص بالديفاي ولكنه يطرح بعض الخدمات نقول يحل التعامل بهذه العملة ويحرم المشاركة في أعمال الديفاي المحرمة التي تطرحها.

هذا ما أعتقده في مسألة الديفاي ودخوله على مشاريع العملات والله تعالى أعلى وأعلم، نسأل الله السلامة لنا ولجميع إخواننا والسلام عليكم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply