كيف يُقبض العلم؟


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

قال البخاري في الصحيح: "باب: كيف يُقبض العلم"؟

 وكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إلى أبي بكر بن حزم: ((انظر ما كان من حديث رَسُولُ اللَّهِ ، فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النَّبِيِّ، ولْتُفْشُوا العلم، ولْتَجْلِسُوا حتى يُعَلَّمَ من لا يَعْلَمُ، فإن العلم لا يهلِك حتى يكون سرًّا)).

يشير موقف الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز إلى تفكير استباقي عظيم يشبه موقف الخليفة الراشد أبي بكر الصديق في جمع القرآن؛ ففي زمن الصدّيق خشي الصدّيقُ ذهاب القرآن بموت القراء، وفي زمن عمر بن عبدالعزيز خشي عمرُ ذهاب السُّنة والعلم.

وهذان الموقفان، وخصوصًا موقف عمر، رحمه الله، يبينان لنا التالي:

١- ضرورة التفكير الاستباقي والتنبؤ والاستشراف للأخطار المُحدقة والأزمات المتوقعة، التي تهدد الأمة في مختلف مجالاتها، واتخاذ الحلول الممكنة -كلٌ بحسبه وطاقته- لمواجهة هذه الأزمات لا سيما ما كان على مستوى علومها وهُويتها وأفكارها.

٢- خطورة اندراس العلم، ومسؤولية الأمة في حفظ علومها وبقائها حيّة متداولة؛ لا سيما علوم الوحيين، وما اتصل بهما، وأنه لا بد أن تُنتدب طائفة من الأمة للجلوس لهذه المُهمة، وأن القائمين بهذه المهمة يحرسون ثغرًا حيويًّا من ثغور الأمة.

٣- أن أسباب ذهاب العلم متعددة؛ موت العلماء أحدها وليس كلها، فقد يكون العلماء أو المتعلمون متوافرون لكنهم معطّلون، لا يتداولون العلم إلا في دوائر ضيقة، ولا يجلسون للناس وتعليمهم؛ أشار لهذا قوله: (فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرًّا).

٤- كذلك أن أسباب بقاء العلم متعددة؛ منها: كتابته، ونشره، وتعليمه؛ ولئن كان العلماء وأهل العلم أقدر الناس على هذه المهمة؛ فإن اشتراك عموم المسلمين في نشر العلم، وتبليغه لمن لا يعلمه لا يكاد يعجز عنه أحد في زماننا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply