ظاهرة سب الدين


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

مقترح خطبة الجمعة الأولى من شهر جمادى الأولى ودروس هذا الأسبوع ودروس النساء

1-  مقدمة.

2-  خطورة سب الدين.

3-  واجبنا لعلاج هذه الظاهرة.

الهدف من الخطبة:

التحذير من هذه الظاهرة الخطيرة وبيان خطورتها ووسائل العلاج.

مقدمة ومدخل للموضوع:

أيها المسلمون عباد الله، لقاؤنا اليوم بإذن الله تعالى، مع ظاهرة هي من أخطر الظواهر، انتشرت وعمت وطمت؛ ولذا كان من الواجب علينا النصح والتحذير والإرشاد، وبيان خطرها؛ لما لا وهي تمس العقيدة، بل تمس الدين؛ إنها ظاهرة: سب الدين والعياذ بالله؛ ليس من أعداء هذا الدين وإنما من أبناء وبنات المسلمين.

ظاهرة إن قلت: خطيرة فهذا والله أقل ما يكون فيها؛ لأنها تقشعر منها الأبدان، وتنخرق منها الآذان، وتتفطر منها القلوب، بل وتتفطر منها السموات وتنشق لها الأرض وتخر لها الجبال هدا؛ أن يسب دين الله جل في علاه.

إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ

ظاهرة من أخطر الظواهر التي انتشرت على ألسنة كثير من المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ فأصبحنا نسمعها في الأسواق، والملاعب، والمقاهي، وفي المدارس، وفي أماكن التجمعات والزحام والطوابير، ولأتفه الأسباب.

ظاهرة انتشرت وأصبحت ترددها ألسنة الكثير ومن جميع الأعمار؛ من الرجال والنساء، والكبار والصغار؛ بل ومن العجيب أن نسمع أطفالا لم تتجاوز أعمارهم الخمس سنوات (غير مميزين) يتلفظون بها ويرددونها عند المشاجرات ولحظات الغضب.

ظاهرة انتشرت على ألسنة كثير من شباب المسلمين؛ فأصبح كثير منهم إلا من رحم الله لربما تجده يتفاخر بهذه الألفاظ، ويتجرأ على ما لم يجرؤ عليه أعداء هذا الدين؛ فإنهم وإن كانوا يحاربون دين الإسلام وهم ألد أعداءه؛ فإنهم لا يتجرؤون على سبه، وإنما يحاربونه بوسائل أخرى؛ كالطعن في ثوابته، أو محاربة شعائره الظاهرة وغيرها.

يُسَبُّ دين الإسلام الذي هو أعظم نعمة أنعم الله تعالى بها على البشرية جمعاء؛ كما جاء في كتاب الله جل في علاه.

قال الله تعالى: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا..}، وفي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قالَ له: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا. قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا}، قالَ عُمَرُ: قدْ عَرَفْنَا ذلكَ اليَومَ، والمَكانَ الذي نَزَلَتْ فيه علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو قَائِمٌ بعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ.

يُسَبُّ دين الإسلام الذي لا تصح العبادة إلا به، ولا يقبل سواه. قال الله تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.

يُسَبُّ دين الإسلام الذي هو دين جميع الأنبياء والمرسلين.

ملة أبينا إبراهيم عليه السلام، الذي كسر الأصنام، وتعرض لأشد البلاء، وتبرأ من أبيه وقومه، ومات عليه السلام وهو يوصي أبناءه بهذا الدين العظيم. قال الله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

يُسَبُّ دين الإسلام الذي هو دين محمد صلى الله عليه وسلم والذي قضى عمره كله في تبليغه للناس؛ فقام ولم يقعد صلى الله عليه وسلم حتى توفاه الله تعالى.

فكيف كانت بداية الوحي وشدته، وكيف كان الأذى من قريش، حتى وصل الحال إلى التهديد بالقتل. قال الله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.

ثم يأتيه الأمر من الله تعالى بالهجرة؛ فما إن يصل إلى هناك حتى بدأ صراع الحق والباطل، غزوات وقتال خاضه صلى الله عليه وسلم من أجل نصرة هذا الدين العظيم.

ثم يمن الله تعالى عليه بفتح مكة، ودخل الناس في دين الله أفواجا؛ فما توفاه الله تعالى إلا وقد ترك الناس على محجة بيضاء ليلها كنهارها.

"تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إن تمسكتم به لَنْ تَضِلُّوا بَعْدي أبدا، كِتَابُ اللهِ وسنتي". وبعد ثلاث وعشرين سنة من الدعوة والجهاد توفاه الله تعالى ويشتد الأمر على الصحابة؛ لكنهم حملوا الراية من بعده واستمرت مرفوعة خفاقة فتحملوا هذه الأمانة؛ لأنهم تخرجوا من هذه الجامعة النبوية، ولأنهم تربوا تربية إيمانية على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فيتولى الخلافة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم على بن أبى طالب رضى الله عنهم، وتفتح البلاد والأقطار غربًا وشرقًا وشمالًا وجنوبًا حتى ما ترك الله تعالى بيت مدر ولا وبر إلا وأدخله الإسلام.

الوقفة الثانية: خطورة سب الدين:

أيها المسلمون عباد الله، فإذا كان مجرد الاستهزاء بدين الله تعالى هو مذموم؛ فكيف بمن يسب الدين؟!

قال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ..}.

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رجل في غزوة تبوك: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء.! فقال رجل: كذبت! ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن، فقال ابن عمر: أنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة، وهو يقول؛ يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} وما يلتفت إليه وما يزيده عليه.

فما قصد هذا الرجل أن يسب الله تعالى، ولا نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا دين الإسلام؛ وإنما هو مجرد الاستهزاء والسخرية واللعب: {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} ؛ فكيف بمن يتعمد سب دين الله جل فى علاه؟!

وذكر الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: أن من نواقض الإسلام [من استهزأ بشيء من دين الله.]

ولعظم هذا الأمر وخطورته فقد نهى الله تعالى عن سب آلهة المشركين الباطلة مع أنه مشروعا في الأصل؛ حتى لا يقعوا في سب دين الله تعالى.

قال الله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة: أن أَبُا جَهْلٍ قال لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَتَتْرُكَنَّ سَبَّ آلِهَتِنَا، أَوْ لَنَسُبَّنَّ إِلَهَكَ الذي تَعْبُدُ!، فَنَزَلَ قَوْلُهُ سبحانه وتَعَالَى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ.... الآية}.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: "إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً".

ذكر الفقهاء في الكلام عن آداب قضاء الحاجة: النهي عن قضاء الحاجة عند كنائس النصارى حتى لا يفعلوا ذلك عند مساجد المسلمين. بل ونهى عن مجالسة من يستهزئ بدين الإسلام، أو الاستماع إليهم؛ فكيف بمن يسب هو؟!

قال الله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}.

وتأمل كيف أن سب الوالدين من الكبائر؛ كما في الصحيحين عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من الكبائر شتم الرجل والديه"، قالوا: يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: "نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه".

وفي رواية: "إن من أكبر الكبائر: أن يلعن الرجل والديه"، قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال:"يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه". فكيف بمن يسب دين الله تعالى؟!

وتأمل كيف أن الله تعالى حرم امتهان شيء من الدين؛ فكيف بمن يسبه؟!

تحريم استقبال القبلة أثناء قضاء الحاجة.

ففي الصحيحين عن أَبِي أَيُّوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا"، وفي صحيح مسلم عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه أنه قَالَ: لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ.

تحريم الدخول بشيء من الدين في أماكن قضاء الحاجة.

ففي السنن عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَه .أو حتى الكلام بشيء من الدين أثناء قضاء الحاجة. نسأل الله العظيم أن يحفظ لنا ديننا، وأن يحفظ ألسنتنا.

 

الخطبة الثانية: مع الوقفة الثالثة والأخيرة: ما هو واجبنا لعلاج هذه الظاهرة؟

أولًا: لا بد أن نربي أنفسنا ومن نعول على تعظيم الله تعالى، وتعظيم هذا الدين العظيم.

}وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ{ }مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا وَقَد خلقكم أطوارا{ }يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ{.

ثانيًا: تذكر عندما توضع في قبرك وأنك ستسأل عن هذا الدين، فماذا سيجيب هذا الذي يسب الدين؟!

ثالثًا: لابد أن نربي أنفسنا ومن نعول على هذا المبدأ العظيم؛ وهو أن المؤمن ليس بالطَّعَّان ولا اللعَّان، كما روى الترمذي بسند حسن عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس المؤمن بالطَّعَّان ولا اللعَّان، ولا الفاحش ولا البذيء" [صححه الألباني].

فقد جاء النهي عن سب الريح:قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ" [رواه الترمذي وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ]

وجاء النهي عن لعْنِ وسب الطيور: عنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلَاةِ".

وجاء النهي عنْ سبِّ ولعن حتى الشيطان: عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَسُبُّوا الشَّيْطَانَ، وَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ شَرِّهِ" [صَحِيح الْجَامِع].

فلا يقل المؤمن: تعس الشيطان؛ بل أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم لما هو أفضل من ذلك.

فعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ، فَعَثَرَ الْحِمَارُ، فَقُلْتُ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:"لَا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَعَاظَمَ؛ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْجَبَلِ، وَيَقُولُ: بِقُوَّتِي صَرَعْتُهُ، وَلَكِنْ قُلْ: بِاسْمِ اللهِ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ بِسْمِ اللهِ، تَصَاغَرَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ؛ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ".

رابعًا: متابعة الأطفال الصغار ومن يصاحبون؟ ومن يجالسون؟

لو سألت عن هؤلاء الصغار الذين يسبون الدين ويتلفظون بهذه الألفاظ، من أين جاءوا بها؟! ومن أين تعلموها؟! لوجدت أنهم تعلموها من البيئة التي يعيشون فيها، تعلموها ممن تربوا في الأسواق التي هي أبغض البقاع وشر الأماكن، تعلموها من الأولاد الآخرين في الشوارع أو المدارس ممن تربوا على عدم تعظيم دين الله تعالى.

وللأسف هناك من هو قدوة سيئة لأولاده؛ فتجده يسب الدين لأولاده عندما يخطئون، فقل لي بربك: أيهما أشد خطأ، الأولاد أم الوالد؟!!

خامسًا: عند لحظات الغضب فقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأمور؛ لئلا يصدر من الإنسان الشتم والسب واللعن.

ففي صحيح البخاري عن أَبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا قَالَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِني، قَالَ: "لا تَغْضَبْ"، فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: "لا تَغْضَبْ"، يقول الراوي: فنظرت فرأيت أن الغضب يجمع الشر كله.

فلابد من ضبط اللسان؛ فالغضب ليس مبررا لسب الدين.

فإذا تعرض الإنسان للغضب؛ فالمشروع له الاستعاذة. كما قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. وقال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

وفي صحيح البخاري عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: اسْتَبَّ رجلان عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فغَضِبَ أحدُهُمَا، فاشتدَّ غضبُه حتى انْتَفَخَ وجهُه وتغيَّرَ؛ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إنِّي لأَعْلَمُ كلمةً لو قالها لَذَهَبَ عنه الذي يَجِدُ"، فانطلق إليه الرجلُ فأخبرَه بقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقال: "تَعَوَّذْ باللهِ مِنَ الشيطانِ". 

نسأل الله العظيم أن يجعلنا ممن يعظمون الله ويقدرونه حق قدره.

 ملحوظة:

١- الموضوع قابل للزيادة والتعديل بحسب وقت الخطبة أو الدرس.

٢- إن لم تكن خطيبًا أو واعظًا فتستطيع بإذن الله تعالى أن تكون كذلك:

   - إما بقراءة المادة الوعظية على غيرك (أسرتك... أقرانك... زملاءك...).

   - وإما بنشرها، وما يدريك لعل الخير يكون على يديك.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply