الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
1- متى يحرم التفضيل في العطية بين الأولاد؟
يحرم التفضيل - في العطية بين الأولاد- إذا كان سببه المحبة القلبية فقط.
بمعنى أنه فضلَّ أحدهم لمجرد أنه يحبه، وله منزلة خاصة عنده. فهذا ممنوع؛ لأن ذلك يوقع العداوة، وقطيعة الرحم.
سُئل الإمام أحمد عن تخصيص بعضهم بالوقف فقال: «لا بأس به إذا كان لحاجة ، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة». فقوله: «على سبيل الأثرة» أي لمجرد الحب والإيثار له على غيره، لغير سبب يوجب ذلك.
وقال القاضي أبو الوليد: «وعندي أنه إذا أعطى البعض على سبيل الإيثار أنه مكروه، وإنما يجوز ذلك ويعرى من الكراهية إذا أعطى البعض لوجه ما من جهة يختص بها أحدهم، أو غرامة تلزمه، أو خير يظهر منه فيخص بذلك خيرهم على مثله والله أعلم... وفي العتبية عن مالك في الرجل يكون له الولد فيبره بعضهم فيريد أن يعطيه عطية من ماله دون غيره لا بأس بذلك». المنتقى شرح الموطإ (6/ 93).
2- متى يجوز التفضيل؟
يجوز التفضيل إذا كان له سبب، ومتى وجد في أيٍّ من الأولاد أعطاه، فهو تفضيل لصفة وليس تفضيلًا لشخص.
مثال الأسباب التي يجوز معها التفضيل:
(أ) حاجة وفقر.
(ب) مرض يحتاج معه لعلاج.
(ج) اشتغال بطلب العلم، أو نحوه من الفضائل.
(د) صرف عطيته عن بعض ولده؛ لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله. (ذكرها ابن قدامة).
(هـ) أن يكون أحدهم كثير البر (ذكره الإمام مالك).
(و) (ومن الأمثلة المعاصرة):
- أن يتخرج الابن أو البنت من الجامعة فيهديه الأب لهذا السبب، فلا يجب أن يهدي الباقين.
- أن تنجب ابنته مولودًا فيهديها لهذا السبب، فلا يجب أن يهدي الباقين.
- أن يحفظ أحد أولاده القرآن، فيهديه الأب لهذا السبب، فلا يجب أن يهدي الباقين.
قال ابن تيمية مرجحًا جواز التفضيل إذا كان لسبب: «إذا خص أحدهما بسبب شرعي: مثل أن يكون محتاجًا مطيعًا لله، والآخر غني عاص يستعين بالمال على المعصية، فإذا أعطى من أمر الله بإعطائه، ومنع من أمر الله بمنعه فقد أحسن» مجموع الفتاوى (31/ 295).
تنبيه (1): ليس من الاطراد الفقهي السليم: تجويز التفضيل لبعض هذه الأسباب دون بعض؛ لأن المعنى فيها واحد، وهو وجود سبب يقتضي التفضيل وليس لمجرد المحبة.
تنبيه (2):إذا كان تفضيل الأب لأحد أولاده سببه الحقيقي المحبة، واختلق الأب سببًا ليبرر لنفسه التفضيل، فالحيل لا تبيح الممنوعات.
تنبيه (3): في الباب أحاديث وآثار يعمل بها مجتمعة كما فهم ذلك جمهور الأئمة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد