ملامح تيار الغلو الجديد


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

المتابع للواقع الشرعي يلاحظ بوادر تشكّل تيار غلوّ جديد، يتمدد بين شرائح من الشباب (ما بين ١٥-٢٢) ويتلقفه مجموعات من مسلمي المشرق (روسيا ونحوها) وينتشر بينهم.وهو تيار له رموزه التي تغذيه وتنشر أفكاره مقروءةً ومسموعةً.

ومن الملامح الفكرية السلبية المميزة لهذا التيار:

- تكفير أعيان الأشاعرة.

- الطعن في الإمام أبي حنيفة.

- الاهتمام البالغ بتقويم المعاصرين من المشتغلين بالعلم والدعوة، والانشغال بالتتبع التفصيلي لمقولاتهم ونقدها والحكم على قائليها من مختلف التوجهات والتيارات والمدارس.

- تقديم قراءة جديدة لمقولات السلف مفارِقة للقراءة المشهورة عند العلماء المعتنين بمقولات السلف والمتقدمين.

- الجَلَد في الردود على كل من يتماس مع القضايا التي يشتغلون بها أو يتطرق إليها ولو من بعيد، وقد يستمرون في تتبع الشخص والرد عليه لسنة أو سنتين دون ملل.

 - تفشي النزعة الذكورية في شرائح من المنتمين لهذا التيار.

- البذاءة في القول عند الرد على المخالفين والاستهزاء والسخرية بهم، والجُرأة في الحكم على النيات، وعدم القدرة على إحسان الظن في المخالف -إلا من رحم الله- (وإن قابلهم بعض المخالفين بشيء من الغلظة استدعوا الجانب الأخلاقي واشتكوا من عدم الإنصاف)

- استصغار جهود المصلحين وجحود حسناتهم أمام عدم تحقيقهم للتوحيد (بنظرتهم الضيقة للتوحيد)

وهذه المعالم والأفكار لها مآلات فاسدة كبيرة الضرر على المنتمين لهذا التيار وعلى الساحة الدعوية والإسلامية بشكل عام، ويطول المقال بتعدادها.

موقف طلاب العلم الشرعي:

من الملاحظ أنه لم يتأثر بهذا التيار كبيرُ أحد له في العلم والفقه مقام، بل تجد عامة المتمكنين من العلوم الشرعية بعيدين كل البعد عن هذا التوجه وأفكاره، وإنما يتفشى هذا التوجه في الصغار والمبتدئين ومن لا يفقه اللسان العربي.

وفي الوقت ذاته فلم يواجه هذا التيار من طلاب العلم إلا القليل، ولم يقم بالرد عليهم وتفنيد مقولاتهم من تحصل بهم الكفاية. وذلك لأسباب متعددة:

١- خشية استهدافهم بالردود القبيحة وشيطنتهم من أتباع هذا التيار (إذ إن هذه من أبرز معالمهم)

 ٢- اختلاف تقدير المصلحة والمفسدة، ومن المفاسد المظنونة في الرد عليهم:

 - مفسدة التشتت والانشغال عن المشاريع البنائية النافعة والثغور الأصلية إلى الرد والنقاش.

- ومفسدة ضياع الوقت على أناس لا يستحقون الرد ولا ينتفعون.

- ومفسدة تغذية هذا التيار بمواد يقتاتون عليها (لأنهم يقتاتون على ردود المخالفين ولا يفترون من تكرارها والرد عليها)

- ومفسدة تعريض العوام للشبهات وللمسائل التي لا تناسبهم.

- وغير ذلك من المفاسد

 -وهي مفاسد معتبرة بلا شك وتجعل البعض في حيرة.

ومع اعتبار هذه المفاسد إلا أن ترك هذا التيار ينهش في الصغار والمبتدئين ويتمدد ويتفشى دون مجابهة علمية هي مفسدة كبيرة كذلك.

٣- الغفلة والفتور والسلبية (وهي من سمات كثير من طلاب العلم الشرعي في هذا الزمن؛ إذا لا يقتصر موقفهم السلبي هذا على الموقف من هذا التيار وإنما الفتور تجاه كثير من المشكلات والنوازل والتحديات، وفي الحقيقة فإن الحزن والتأسف إنما هو عليهم أن يفوتهم شرف هذه المقامات العلية)

هذا عرض وصفيٌّ مختصر لعله يُتبَع بملحقات إن يسر الله.

ونصيحتي للشباب كتبتُها في منشور قريب أنقُل منه ما يلي:

-الانشغال بتعلّم دين الله الذي يزكيك ويقوي إيمانك وخشوعك وإخباتك، ويزيدك علما بسنة نبيك وسيرته وهديه ، ويجعلك ذليلا على المؤمنين عزيزا على الكافرين، ويجعلك بارا بوالديك وصولا للرحم حسن الخلق لين الجانب رفيقا، ويوجهك إلى خدمة دينك ونصرة المستضعفين وإعلاء كلمة الله  .

وأسأل الله الرحيم الودود أن يُصلح أحوال المسلمين ويجمع كلمتهم على الحق ويجنبهم الفتن، والله المستعان وعليه التكلان.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply