حكم التعامل بالعملات التي يقتطع جزء منها عند البيع


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

هذا المقال بإذن الله تعالى مخصص للحديث عن نوع محدد من العملات، وهي العملات التي تضع شرطًا بعدم البيع، أو في حالة البيع يتم خصم 10% أو 15% من قيمة العملة، ثم يتم صرف هذه الأموال المقتطعة باتجاهين، الأول هم حملة العملة المتمسكين بها، والاتجاه الثاني حرق جزء من هذه الأموال، فما حكم التعامل بهذه العملات؟

هذه العملات سبحان الله انتشرت في الفترة الأخيرة، وسابقًا لم تكن معروفة، لأن العملات من ذوات المشاريع الرصينة لا تلتفت إلى مثل هذه الأمور -نعتذر عن الوصف- الوضيعة!

هذا أسلوب تلجأ إليه العملات الضعيفة، والعملات ذات الطابع الاحتيالي، وهكذا.

عمومًا تعالوا نبين المحاذير الشرعية في هذه العملات:

النقطة الأولى: المشاركة في هذه العملة لا يحل لأن عقد الشراء بينك وبين هذا الفريق هو عقدٌ فاسد، السبب يكمن في أن عقد البيع في الإسلام يقام له مقتضيات، منها بمجرد أن يتم البيع تنتقل الملكيات من البائع إلى المشتري ومن المشتري إلى البائع، وأيضًا إطلاق يد البائع في كامل الثمن، وإطلاق يد المشتري بكامل الشيء المشترى.

فماذا يحصل في هذه العملات؟ يتم إطلاق يد البائع بكامل الثمن، يأخذ حقه كاملًا، ولكن السؤال: هل يتم إطلاق يد المشتري بكامل السلعة؟ سيقول قائل نعم المشتري اشترى 100 قطعة واستلمها كاملة، ولكن هل يستطيع أن يبيعها كاملة؟ لن يستطيع فإذا باع سيبيع 85 عملة أو 90 عملة، في عملات جديدة مثل ada baby كانت نسبة الخصم 15% وبالتالي هذا شرط وضعه أصحاب هذه العملة يعد شرطًا مفسدًا للعقد، وفي الفقه الإسلامي هذا النوع من الشروط الذي يخالف مقتضيات البيع يعد شرط مفسد للعقد، وبالتالي دخولك في هذا العقد فاسد ولا يحل.

النقطة الثانية والمهمة: كونك تمسكت بالعملة ولم تبعها، ستبدأ الأموال تتدفق عليك، وهي في حقيقتها مصادرة من أشخاص آخرين، فبأي شيء استحققت هذا المال؟ هل قمت بالتداول أم بالبيع والشراء؟ هل قمت بتشغيل هذا المال؟ لا شيء فقط مال يولّد مال! وهذا فيه شبهة الربا حاضرة، أضف إلى ذلك أنه مال لم تطب به نفس، وأُخذ بغير وجه حق عن طريق المصادرة، لا بل إن بعض العملات قالتها صراحة كعملة Safe moon، أن هذا المال عقوبة البيع، لأنها تشترط عدم البيع.

النقطة الثالثة وهي في غاية الأهمية وبها نختم، هذا الفعل فيه تلاعب بالأسعار وتلاعب في الأسواق، الهدف من هذه العملية -جعل المشتري يحتفظ بالعملة لأطول وقت ممكن بهدف رفع قيمة العملة- لأجل تقليل المعروض منها، فكلما احتفظ المشترون بهذه العملات قل المعروض منها في السوق.

إذن مالذي يدفع المشتري على البقاء في هذه العملة؟ يطمع في تدفق العائدات عليه، وكذلك يخشى من الخصومات التي قد تترتب عليه عند البيع. فلنفترض بعد ذلك أن العملة أخذت سعرًا معينًا بسبب قلة المعروض -هذا الفعل الذي اُشتري بالمال- ثم بعد ذلك توقف هؤلاء  عن دفع هذه النسبة، ماذا سيحدث بعد ذلك؟ سيخرج الناس من العملة أفواجًا من هذه العملة كونها لم تعد توفر هذا العائد. عندئذ سيظهر سعر هذه العملة الحقيقي، بعد أن يكون خدع من خدع بها ودخل بها بسبب ظنه أن سعرها قوي وهي عملة متماسكة، يظهر له بعد ذلك عدم صوابية هذا الشيء وأنه كان فيه من التدليس ما فيه وقد دفعت الأموال لظهور هذه الصورة لعامة الناس. هذه أمور كلها محاذير شرعية في مثل هذه المعاملات.

أخيرًا.. عندما تحرق عملةً ما، عندما يقرر فريق العملة حرق جزء من القطع كي يقلل المعروض، ولكن أليس الأولى أن يحرق من حصته هو، ولكن الذي يحدث أنه يأخذ ثمن هذه العملات بعد بيعها، ثم يصادر جزءًا من الأشخاص الذين باعوا عملاتهم ويقوم بإحراقه، لماذا؟ ليحافظ على قيمة العملة، لماذا لم يحرق ما عنده من العملة ليحافظ على قيمتها؟

الشركة تبيعك العملة وتأخذ ثمنها ثم تقطتع من المشترين جزء وتحرقه، فيكون الحرق على حساب حملة العملة لا على حساب مصدرها الأول!

وهذا شيء عجيب حقيقةً، وليس هكذا تنفذ العملات الرصينة عمليات الحرق، يعني مثلًا الحرق في عملة BNB وغيرها، لا يقومون بعمليات الحرق بهذا الشكل، مثلًا هي تحرق من حصتها أو من القطع التي يتم جمعها من الرسوم، أو بعض العملات تقوم بالدمج، دمج العملتين كل عملتين بعملة وتعطيك سعر مضاعف، أما هذه الطريقة، هو يبيع العملة ويأخذ ثمنها ثم يصادر من الذي اشترى منه جزءًا فيحرقه، هذه الطريقة لا تعدو أن تكون عملية نصب وأكل لأموال الناس بالباطل.

إذن نصيحة فمن شاء فليأخذ بها، ابتعدوا عن أمثال هذه العملات، والله تعالى أعلى وأعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply