الوسائل الواقية في سورة النور


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

تأمل معي السر العظيم من أسرار التنزيل، وإعجاز القرآن الكريم، ذلك أن الله -سبحانه- لما ذكر في فاتحة سورة النور شناعة جريمة الزنا، وتحريمه تحريمًا غائيًا، ذكر -سبحانه- من فاتحتها إلى تمام ثلاث وثلاثين آية أربع عشرة وسيلة وقائية، وتحجب هذه الفاحشة، وتقاوم وقوعها في مجتمع الطهر والعفاف، جماعة المسلمين.

وهذه الوسائل الواقية: فعلية، وقولية، وإرادية، وهي:

1-  تطهير الزناة والزواني بالعقوبة الحدية.

2-  التطهر باجتناب نكاح الزانية وإنكاح الزاني، إلا بعد توبةٍ ومعرفة الصدق فيها.
وهاتان وسيلتان واقيتان تتعلقان بالفعل.

3-  تطهير الألسنة عن رمي الناس بفاحشة الزنى، ومن قال ولا بينة فيُشرع حد القذف في ظهره.

4-  تطهير لسان الزوج عن رمي زوجته بالزنى ولا بينة، وإلا فاللعان.

5-  تطهير النفوس وحجب القلوب عن ظن السوء بمسلم فعل الفاحشة.

6-  تطهير الإرادة وحجبها عن محبة إشاعة الفاحشة في المسلمين؛ لما في إشاعتها من إضعاف جانب من ينكرها، وتقوية جانب الفسقة والإباحيين.
ولهذا صار عذاب هذا الصنف أشد من غيره، كما قال تعالى:
}إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{ النور:19.
ومحبة إشاعة الفاحشة تنتظم جميع الوسائل القبيحة إلى هذه الفاحشة، سواء كانت بالقول، أم بالفعل، أم بالإقرار، أم بترويج أسبابها، أم بالسكوت عنها، وهكذا.
وهذا الوعيد الشديد ينطبق على دعاة تحرير المرأة -في بلاد الإسلام- من الحجاب، والتخلص من الأوامر الشرعية الضابطة لها في عفتها، وحشمتها وحيائها.

7-  الوقاية العامة بتطهير النفس من الوساوس والخطرات، التي هي أولى خطوات الشيطان في نفوس المؤمنين ليوقعهم في الفاحشة، وهذا غاية في الوقاية من الفاحشة، قال تعالى:}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ{ النور:21.

8-  مشروعية الاستئذان عند إرادة دخول البيوت، حتى لا يقع النظر على عورة من عورات أهل البيوت.

9- تظهير العين من النظر المحرم إلى المرأة الأجنبية، أو منها إلى الرجل الأجنبي عنها.

10- تحريم إبداء المرأة زينتها للأجانب عنها.

11- منع ما يحرك الرجل ويثيره، كضرب المرأة برجلها، ليسمع صوت خلخالها، فيجلب ذوي النفوس المريضة إليها.

12- الأمر بالاستعفاف لمن لا يجد ما يستطيع به الزواج، وفعل الأسباب.

والقرآن العظيم، والسنة المشرفة، مملوءان من تشريع الأسباب والتدابير الواقية من هذه الفاحشة في حق الرجال، وفي حق النساء.

فمنها في حق الرجال مع الرجال: وجوب ستر عورة الرجل، فلا يجوز للرجل كشف عورته من السرة إلى الركبة.

ومنها: حجب نظر الرجل عن النساء الأجنبيات.

ومنها: حجب الرجل عن مجالسة المردان من الذكران، والنظر إليهم تلذذًا.

ومنها في حق النساء مع النساء: ستر عورة المرأة عن المرأة.

ويحرم على المرأة أن تنعت المرأة لزوجها.

ومن أعظم الأسباب والتدابير الواقية من الزنى: فرض الحجاب على نساء المسلمين، لما يحمله من حفظهن، وحياتهن في عفة وستر وتصون وحشمة وحياء، ومجافاة للخنا، وطر لنواقضها من التبذل، والتسفل، وانتزاع الحياء.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply