بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
اتقوا اللهَ عباد الله، وأخلِصُوا النيّةَ للهِ جهْدَكُم، فإنَّما الأعمالُ بالنياتِ، واجتهِدوا في الطاعة، فقد أفلحَ من جدَّ في الطاعات، والزَموا الصدْقَ، فإن دينَ اللهِ هو الصدقُ في المُعاملات... {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}...
أيُّها المؤمنونَ الكرام: هذه هي الحلقةُ الثالثةُ عشرةَ من سلسلة دروسِ الدارِ الآخرة، وكنَّا قد ذكرنا في الحلقة الماضية، أنَّ أحداثَ يومِ القيامةِ كثيرةٌ متنوعة, يمكنُ تقسيمها إلى مراحل مختلفة، المرحلةُ الأولى منها مرحلةُ نمو الاجسام، وخروجُ الناسِ من قبورهم، والمرحلةُ الثانية: سَوقُ الناسِ كُلٌّ إلى مكانهِ المخصَّصِ حسبَ إيمانهِ وعمله، وذكرنا بعضَ أحوالِ المؤمنينَ في العرصات، وأنهم يستظلونَ بظل العرشِ، وإنَّ يومَ القيامَةِ على طوله يمرُّ عليهم كقدْرِ ما بينَ الظٌّهرِ والعصرِ... وأمَّا العصاةُ فكلٌّ يعذبُّ حسبَ معصيتهِ، ثم تحدثنا عن المرحلةُ الثالثة: وهي مرحلةُ الانتظارِ الطويل، في صحيح مسلمٍ قال ﷺ:"تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ القِيامةِ مِنَ الخَلْقِ، حتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كمِقْدارِ مِيلٍ، فيَكُونُ النَّاسُ على قَدْرِ أعْمالِهِم في العَرَقِ، فمِنْهُم مَنْ يَكُونُ إلى كَعْبَيْه ومِنْهُم مَنْ يَكُونُ إلى رُكْبَتَيْه، ومِنْهُم مَنْ يَكُونُ إلى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُم مَن يُلْجِمُهُ العَرَقُ إلْجامًا"... وإنَّ من أشدِّ ما يُعانيهِ الناسُ في ذلك الموقفِ الرَّهيبِ الطَّويل، انعِدامُ الماء، حتى يصلَ العطشُ بالناس مبلغًا عظيمًا، ويكونونَ في كربٍ إليم، وحرٍّ وظمأٍ شديد، تجفُّ اجوافهم، وتلتهب حلوقهم، وتتقرحُ أفواهُهم، فمن رحمةِ اللهِ بعباده المؤمنين أنَّ يجعلَ لهم بأرض المحشرِ أحواضَ ماءٍ، يُشرفُ عليْها الأنبياءُ الكرام، ويرِدُها المؤمنونَ ليشربوا، وهذه هي المرحلةُ الرابعة: مرحلةُ الورود... قال رسول الله ﷺ:"إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا، وإنَّهُمْ يَتَبَاهَوْنَ أيُّهُمْ أكْثَرُ وارِدَةً، وإنِّي أرْجُو أَنْ أَكُونَ أكْثَرَهُمْ وَارِدَةً" صححه الألباني... إذن فلكلِّ نبيٍّ حوضٌ خاصٌ به، وأعظمُها حوضُ نبينا محمَّدٍ ﷺ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أغفى رسولُ اللَّهِ إغفاءةً، فرفعَ رأسَهُ مبتَسِمًا، فقالوا لهُ لِمَ ضحِكْتَ يا رسولَ اللَّهِ فقالَ: "إنَّهُ أُنْزِلَت عليَّ آنفًا سورةٌ فقرأَ: سورة حتَّى ختمَها ثم قالَ لهم: هَل تَدرونَ ما الكَوثرُ قالوا اللَّهُ ورسولُهُ أعلَمُ. قالَ: هوَ نَهْرٌ أعطانيهِ ربِّي عزَّ وجلَّ في الجنَّةِ علَيهِ خيرٌ كثيرٌ..."... والكوثرُ غيرُ الحوضِ، فالكوثرُ: هو النَّهرُ الذي أعطاه اللهُ لنبيه ﷺ في الجنة، ففي صحيح البخاري، أنَّ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:"بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ قُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِى أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ"، وأمَّا الحوضُ: فهو مجمَعُ الماءِ في أرض المحشر، وماؤهُ مُستمدٌ من نهر الكوثر، فالكوثرُ والحوضُ ماؤهما واحدٌ، إلا أنَّ أحدهما في الجنة، والآخرُ في أرض المحشر، وكلاهما يُسمى الكوثر, لكثرته وعِظَمِ خَيرِه، قال ﷺ في وصف الحوضِ كما في صحيحِ مُسلم: "يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ"، ويغتُّ: أي يتدفقُ تدفُقًا شديدًا... وأحاديثُ الحوضِ ثابتةٌ متواترةٌ، تزيدُ على الخمسينَ حديثًا...
وقد ذكرَ النبيُّ ﷺ أوصافًا عجيبةً لحوضه الشريف، ترغيبًا وتحفيزًا للمؤمن ليبذلَ الأسبابَ الموجبةَ لوروده والشُّربِ منهُ... كقوله ﷺ: حَوْضِي مَسِيرةُ شَهْرٍ، سِعتهُ كما بينَ أيلةَ وصنعاء، وزَوَاياهُ سَوَاءٌ، طولهُ مَسيرةُ شهرٍ، وعرْضهُ مَسيرةُ شهر، ماؤهُ أشدُّ بياضًا من الثلج، وريحهُ أطْيبُ من المِسك، وطعمهُ أحلى من العسلِ باللَّبن، وكِيزانهُ كنجوم السَّماء، أي في عددِها ونورِها ولمعانِها، مَن شرِب مِنهُ شربةً لا يظْمأ بعدها أبدًا... وكلُّ ذلك ثابتٌ في الأحاديث الصحيحة... وهكذا يا عباد الله: فجمالُ صفاتِ هذا الحوضِ العظيم تُذهِلُ العقل، وتُحركُ المشاعِر، وتستثيرُ إيمانَ المسلم ليُجدِّدَ العهدَ مع اللهِ تعالى... والمؤمنُ الصادقُ إذا سمعَ بمثل هذه الأحاديثِ اشتاقت نفسهُ، وعلت همتهُ ليعملَ كلَّ ما يستطِيعُ حتى لا تفوتُهُ هذه الشربةُ الهنيئة... فاللهُ تعالى سيكرمُ نبيهُ المصطفى ﷺ وأمتهُ المرحومةَ بحوضٍ عظيم، وحينَ يُرفعُ لهم هذا الحوضُ ويتراءونَهُ، ينطلِقونَ إليه مُستبشرين، حتى إذا ما أتوهُ وجدوا أنَّ نبيهم ﷺ قد سبقهُم إليه، قائمًا ينتظرهم هناك، فيصِلونَ إليه وقد بلغَ بهم العطشُ مبلغًا عظيمًا... جاء في صحيح مُسلمٍ قال رسول الله ﷺ:"إنِّي علَى الحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَن يَرِدُ عَلَيَّ مِنكُمْ"، وفي مُسلم أيضًا: "وإنِّي لأَصُدُّ النَّاسَ عنْهُ، كما يَصُدُّ الرَّجُلُ إِبِلَ النَّاسِ عن حَوْضِهِ، قالوا: يا رَسُولَ اللهِ، أَتَعْرِفُنَا يَومَئذٍ؟ قالَ: نَعَمْ لَكُمْ سِيما ليسَتْ لأَحَدٍ مِنَ الأُمَمِ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا، مُحَجَّلِينَ مِن أَثَرِ الوُضُوءِ"... وإبعاد النبي ﷺ للآخرينَ عن حوضه إنَّما هو بأمر اللهِ وحكمتِه، فذهابُ كُلُّ مؤمنٍ من الأُمم الأخرى لحوض نبيهم، هو أبلغُ في ظهور مكانةِ ذلك النبي عندَ قومهِ... كما أنَّ فيه إبرازٌ لمكانةِ هذه الأمةِ وخيريتها من بين الأمم...
أيُّها الأحبةُ الكرام: إذا كانَ المصطفى ﷺ سينتظرنا بجوار حوضه، وسيعرفنا من بين الناس... فماذا أعددْنا لذلك اللقاء المصيريِّ المهيبِ، ماذا اعددنا ليُسمحَ لنا بأن نقتربَ ونشرب، فليس كلُّ المسلمينَ سيُسمحُ لهم، في صحيح البُخاري، أنَّ النَّبي ﷺ قال:"إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرَ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، وَسَيُؤْخَذُ نَاسٌ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ مِنِّي، وَمِنْ أُمَّتِي، فَيُقَالُ: هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ، وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ"...
فتصوروا يا عباد الله: فالناسُ سيرِدُونَ الموقفَ وهيَ عطْشى بأمس الحاجةِ ليطفؤوا ظمأهم، فيرِدُ المؤمنونَ أحواضَ أنبيائهم، ويذادُ عنهُا من خالفَ جماعتهم، وفارقَ سبيلهم، يُطردُ عنها أولئك الذين بدَّلوا دينَهم وحرَّفوه وأحدثوا فيه، وكذلك الظَّلمةُ المسرفونَ في جورهم، وأصحابُ الكبائرِ المصِّرينَ عليها... أمَّا الكفَّارُ ومن استوجبَ الخلودَ في النَّار فلهم شأنٌ آخر، قال جلَّ وعلا:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}، وقال تعالى:{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا}... أقول ما تسمعون واستغفر الله...
الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى...
{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}...
معاشِرَ المؤمنين الكرام: الحوضُ بإذن اللهِ ورحمته, موعِدُنا مع حبيبنا المصطفى ﷺ، فالحوضُ المورودُ هو مُلتقى أهلِ الإيمان, قبل دخولهم الجِنان، هناك يُطفأُ ظمأهم، ويَسكُنُّ خوفهم، وتَقرُّ عُيونهم، برؤية نبيهم ﷺ، وصحابتهِ الكرام، وسادةُ الأمَّةِ الأعلام... الحوضُ: هو بدايةُ فرحِ المؤمنين في الآخرة؛ لأنه لا يصلهُ إلاّ الفائزون المفلحون...
ولقد ذكرَ العلماءُ عِدةَ أسبابٍ تمكنُ المؤمنَ من الوصول للحوض والفوزِ بتلك الشربةِ الهنيئة، أولُ تلك الأسبابِ وأهمِّها:الاستقامةُ على دينِ الله، فالمتمسكُ بكتاب اللهِ الحكيم، المتَّبِعُ لسنة رسولهِ الكريم، الحريصُ على اتباع هديهِ القويم، البعيدُ عن البدعِ والظُّلمِ وكبائر ِالمنكرات،هو من سيأتي ربهُ بقلبٍ سليم...فعن أبي هريرةرضي الله عنه:أنَّ النبيَّ ﷺ قال:"إني قد تركتُ فيكم شيئينِ لن تضلوا بعدهما: كتابُ اللهِ وسنتي، ولن يتفرقا حتى يرِدا علىَّ الحوض"... صححه الالباني، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ ﷺ قال:"إنِّي فَرَطُكُمْ علَى الحَوْضِ، مَن مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ، ومَن شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أبَدًا، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أقْوامٌ أعْرِفُهُمْ ويَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحالُ بَيْنِي وبيْنَهُمْ. فأقُولُ إنَّهُمْ مِنِّي، فيُقالُ: إنَّكَ لا تَدْرِي ما أحْدَثُوا بَعْدَكَ، فأقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَن غَيَّرَ بَعْدِي"، متفقٌ عليه...
وثانيًا: عدمُ إعانةِ الظَّلمةِ على ظُلمهم، فعن كعبِ بن عُجرةَ أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ له:"أعَاذَكَ اللَّهُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ"، قَالَ َومَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ، قَالَ: "أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِى لاَ يَقْتَدُونَ بِهَدْيِي وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُمْ وَلاَ يَرِدُوا عَلَىَّ حَوْضِي، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ وَسَيَرِدُوا عَلَىَّ حَوْضِي"... والحديث صححهُ الألباني...
وثالثًا: الصبرُ على نقصِ حُظوظِ الدنيا، واستئثارُ الآخرينَ بها، ففي صحيح البخاريُ ومسلمٌ عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ للأنصار:"إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي، وَمَوْعِدُكُمْ الْحَوْضُ"...
ورابعًا: المحافظةُ على الوضوء، فأمَّةُ محمدٍ ﷺ سيأتونَ يوم القيامةِ مميزينَ عن غيرهم، يُعرفون بمجرد النظر إليهم، ففي صحيح مُسلمٍ، قال رسول الله ﷺ:"تَرِدُ عَلَيَّ أُمَّتي الحَوْضَ، وَأَنَا أَذُودُ النَّاسَ عنْه، كما يَذُودُ الرَّجُلُ إِبِلَ الرَّجُلِ عن إِبِلِهِ، قالوا يا نَبِيَّ اللهِ أَتَعْرِفُنَا؟، قالَ: نَعَمْ, لَكُمْ سِيما ليسَتْ لأَحَدٍ غيرِكُمْ, تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِن آثَارِ الوُضُوءِ"...
ألا فاتقوا الله عباد الله وتمسَّكوا بالكتاب والسنة تفلحوا، وإياكم والظُّلم، فالظُّلمُ ظُلماتٌ يوم القيامة، واسبغوا الوضوءَ فالطَّهورُ شَطْرُ الإيمانِ، وحافظوا على الصلاة, فالصلاةُ نور، وأكثروا من الصدقة، فالصدقةُ بُرهان، وعليكم بالصبر فالصَّبْرُ ضِياء... {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد