الحرام في تشجيع كرة القدم


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

لقد أصبح الاهتمام بالرياضة عمومًا، وبكرة القدم على وجه الخصوص الشغل الشاغل لشعوب العالم أجمع... لقد أصبحت سببا في التقارب بين شعوب، كما أصبحت سببًا في القطيعة بين شعوب، بل ربما تسببت في حرب بين دولتين كما وقع بين هندوراس والسلفادور عام 1969 حيث خاضت الدولتان حربًا استغرقت أربعة أيام وراح ضحيتها آلاف الأرواح؛ وما يزال كثيرون يتذكرون هذا النزاع باسم "حرب الكرة"....

ولأننا جزء من هذا العالم؛ فقد جرف طوفان كرة القدم شعوبنا العربية والإسلامية في معظمها وخاصة من ناحية التشجيع للفرق الكروية... فما موقف المسلم المهتم بهذه الرياضة في عصرنا هذا؟ وما موقف الإسلام من الرياضة عموما ومن تشجيع الفرق الرياضية وعلى رأسها فرق كرة القدم خصوصا؟؟.    

·        موقف الإسلام من الرياضة:إن الإسلام حث على ممارسة الرياضة لإعداد البدن... قال تعالى}:وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ{ الأنفال 60... وأكدت السنة المطهرة على أهمية الرياضة البدنية قولا وعملا وممارسة... فمن أقواله:"حق الوالد على الولد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرماية، وأن لا يرزقه إلا طيبا"[i].

وكان يحث على تعلم الرمى والسباحة؛ فروى الطبرانى قوله :"كل شيئ ليس من ذِكْر الله فهو لهو أو سهو إلا أربع خصال: مَشْى الرجل بين الغرضين –(للرمى) – وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعليمه السباحة".[ii]  ومارس الرياضة بنفسه... فسابق السيدة عائشة... عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:"خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلِ اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: «تَقَدَّمُوا» فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ لِي: «تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ» فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ، فَسَكَتَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ، خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: «تَقَدَّمُوا» فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ» فَسَابَقْتُهُ، فَسَبَقَنِي، فَجَعَلَ يَضْحَكُ، وَهُويَقُولُ: «هَذِهِ بِتِلْكَ»[iii].  وصارع ﷺ رجلا يقال له ركانة، فصرعه رسول الله ﷺ".[iv] 

 وبينأن المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. روى مسلم قوله :"الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ"[v]

هذا عن ممارسة الرياضة... فماذا عن موقف الإسلام من التشجيع لأنواع الرياضات المختلفة؟؟..

·       موقف الإسلام من تشجيع الفرق الرياضية:

إن الإسلام يبيح عموما الميل وتمنى الانتصار لبلدة على أخرى أودولة على دولة أوطائفة على طائفة أوتشجيع فريق للانتصار على فريق في أي من مجالات الحياة... فقد أشار القرآن الكريم إلى تمنى المؤمنين انتصار الروم على الفرس في الحرب، وأنهم حزنوا عندما انتصرت الفرس على الروم... يقول الله تعالى}:الم *غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ *فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوالْعَزِيزُ الرَّحِيم{ الروم 1-5... لقد بيّن الله تعالى لهم أن الروم ستنتصر قريبا على الفرس ويومها سيفرح المؤمنون بنصر الله، على الرغم من أن هذا الانتصار لم يكن للمسلمين أنفسهم وإنما سيكون للروم... أما لماذا شجع المؤمنون الروم وتمنوا لهم الانتصار؛ ذاك لأن الروم كانوا وقتها أهل كتاب ، أما الفرس فكانوا يعبدون النار... فهذا تشجيع في المجال الحربى والعسكرى... فأباح الإسلام تشجيع دولة بعينها لسبب معتبر شرعا...

 كذلك شجع رسول الله الفريق المسلم في مباراة أدبية جرت في حضرته ... لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ وفيهم عطارد بن حاجب، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، والأقرع بن حابس، وقيس بن الحارث وغيرهم من رؤسائهم... دَخَلُوا الْمَسْجِدَ وَنَادَوْا رَسُولَ اللَّهِأَنِ اخْرُجْ إِلَيْنَا يَا مُحَمَّدُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا: جِئْنَا لِنُفَاخِرَكَ، فَأْذَنْ لِشَاعِرِنَا وَخَطِيبِنَا، قَالَ:"نَعَمْ، قَدْ أَذِنْتُ لِخَطِيبِكُمْ فَلْيَقُمْ". فَقَامَ عطارد بن حاجب فخطب ممثلًا لبنى تميم، فَلما انتهى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ:"قُمْ فَأَجِبْهُ"... فخطب خطبة ممثلًا للمسلمين... ثم جرت مباراة أخرى في الشِّعر؛ فقام الزبرقان بن بدر فأنشد ممثلًا لبنى تميم... فلما انتهى طلب النبى من حسان بن ثابت أن يجيبه... فأنشد حسان ممثلًا للمسلمين... فقام الأقرع بن حابس سيد بنى تميم وقال معترفا: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ خَطِيبُهُ أَخْطَبُ مِنْ خَطِيبِنَا، وَشَاعِرُهُ أَشْعَرُ مِنْ شَاعِرِنَا، وَأَقْوَالُهُمْ أَعْلَى مِنْ أَقْوَالِنَا. ثُمَّ أَجَازَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ فَأَحْسَنَ جَوَائِزَهُمْ[vi]... وكذا شاهد النبى وشاهد الصحابة فريقا من السودان يلعبون بالدرق في ساحة مسجده... بل سأل زوجه السيدة عائشة إن كانت ترغب في المشاهدة... عن عائشة قالت: "وكَانَ يَوْمَ عِيدٍ، يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِمَّا قَالَ: «تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَهُويَقُولُ: «دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ» حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ، قَالَ: «حَسْبُكِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاذْهَبِي»"[vii]...

وكان يشجع أطفال الصحابة على التسابق... روى أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَصُفُّ عَبْدَ اللَّهِ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ، وَكُثَيَّرًا بَنِي الْعَبَّاسِ، ثُمَّ يَقُولُ:"مَنْ سَبَقَ إِلَيَّ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا» قَالَ: فَيَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ فَيَقَعُونَ عَلَى ظَهْرِهِ وَصَدْرِهِ، فَيُقَبِّلُهُمْ وَيَلْتَزَمُهُمْ" [viii].

 وكان يشجع الصحابة أنفسهم على مباريات الرمى... روى البخارى عن سَلَمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ، عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ –أي يتبارون في الرمى - بِالسُّوقِ، فَقَالَ:"ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلاَنٍ" لِأَحَدِ الفَرِيقَيْنِ، فَأَمْسَكُوا بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ:"مَا لَهُمْ"قَالُوا: وَكَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَ بَنِي فُلاَنٍ؟ قَالَ:"ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ"[ix]... فقوله في أول الأمر:"وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلاَنٍ"يدل على جواز تشجيع فريق دون آخر... وكان يشجع سعد بن أبى وقاص على الرمى... فعن سَعِيد بْن المُسَيِّبِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، يَقُولُ: نَثَلَ لِي النَّبِيُّ كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ:"ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي"[x]... فالتشجيع لفريق ما في مجال من المجالات المباحة أمر لا ينكره الإسلام... بشرط أن لا يضيع فرضا ولا واجبا وفي إطار من حسن الخلق، وفي حدود الترفيه المباح الذى لا يأخذ إلا وقتا يسيرا... لا أن يهدر ساعات طوال من أجل مشاهدة إحدى المباريات... التى لن تعود عليه بأي نفع بل هومحض ترفيه.

·       الرياضة تهذيب للنفوس: إن الرياضة فيها فوائد جمة لمن مارسها... ولا تخلومن فوائد لمن شاهدها باعتدال ودون إعطائها أكثر مما تستحق... فمنها نتعلم:

-       إعداد البدن: فإن ممارسة الرياضة تقوى البدن، ومشاهدتها تعلّم تمرينات رياضية تفيد الجسم إذا طبقها المشاهد.

-        الخضوع لحكم القاضى العادل: إن وجود حَكَم بين فريقين يخضع الجميع لقراراته يربى في النفس الرضا وعدم الاعتراض على الحكم العادل دون محاباة.

-        احترام الآخر: إن مصافحة اللاعبين بعضهم بعضا قبل المباراة والاعتذار فيما بينهم إذا حدثت خشونة في التلاحم يغرس في النفس احترام الآخر.

-        النظام والعمل الجماعى: إن وجود عدد معين من اللاعبين لكل فريق والتزام كل لاعب بروح الفريق الواحد والتزام كل لاعب بدوره في الملعب يغرس في النفس النظام وروح الجماعة.

-       تنظيم الوقت: كما أن تقسيم وقت المباراة على شوطين وتحديد بداية كل شوط ونهايته يغرس في النفوس فضيلة تنظيم الوقت وعدم إهداره.

-        اختلاف الرأي مع المحافظة على الود: إن تبارى الفريقين على أرض الملعب كلٌّ يحاول أن ينتصر على الآخر، ثم في النهاية يخرج الجميع متحابين في ود ومصافحة وتهنئة ومواساة يؤدى إلى انتشار روح الود والمحبة.

-        الأيام دول: كذلك انتصار فريق على الآخر الذى انتصر في مرات سابقة يؤكد في النفوس قاعدة الأيام دول... فلا شيئ يدوم على حال واحد...

-        الإيثار وسموالروح: إن ما يدور بين أفراد الفريق الواحد لا يخلومن إيثار وتفضيل للغير على النفس... فربما اعتذر أحد اللاعبين عن خوض المباراة كى يعطى فرصة لأحد من زملائه }لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور{الحديد 23 صغار السن مثلا... تشجيعا له... وربما اعترف أحد اللاعبين للحكم بما لم يره سهوا كلمس الكرة يده أودخول الكرة المرمى من خارج الخطوط... وما إلى ذلك... وهذا سموفي التعامل.

-        الالتزام بالقوانين والشرائع: كما أن الرياضة بقوانينها التى يطبقها الحكم في الملعب تعلمنا الالتزام بالقوانين وعدم الاعتراض عليها... والخضوع لحكم القضاء العادل.

-       إصلاح العيوب ومعالجة الأخطاء: كذلك من فوائد الرياضة أن المرء يتعلم منها إصلاح العيوب ومعالجة الأخطاء... والوقوف على أسبابها وتدارك ذلك مستقبلا.

-        التواضع: إن الرياضة أخلاق وعلى رأس هذه الأخلاق التواضع... فإذا انتصر فريق على الآخر أخذ لاعبوالفريق النتصر بخلق التواضع وصافحوا الفريق الخاسر وتمنوا له الفوز في مرات قادمة.  

·       بين الواقع والمأمول

.. هذا هوالمأمول... أما الواقع الحالى فمختلف تماما... لقد ضعفت في هذا العصر ممارسة الشعوب للرياضة... وفي المقابل أدمن الغالبية تشجيع فرق كرة القدم خاصة على اعتبار أنها اللعبة الشعبية الأولى على مستوى العالم؛ لقد اكتفوا بالتشجيع دون أن يمارسوا أي نوع من أنواع الرياضات المفيدة... ومن ثم وقعوا في أخطاء فادحة جعلت تشجيعهم فرق كرة القدم خصوصا يدخل في دائرة الحرام.

تصرفات تجعل تشجيع فرق كرة القدم حراما:   

·       بث روح الكراهية: من المشجعين من يبث روح الكراهية للآخر، فتجده يكره كراهية شديدة أفراد الفريق المنافس، ويتمنى لهم السوء، وهذا البغض نهى عنه رسول اللهحيث قَالَ:"لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا"[xi]

·       تضييع الصلوات وإخراجها عن مواقيتها: ومن المشجعين من يفضل متابعة المباراة على إقامة الصلاة... فباع الغالى بالرخيص... وضيّع الأهم في سبيل التافه... والله تعالى يقول:}إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا{ النساء 103 وعن أنس بن مالك قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ، يَقُولُ:"تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا"[xii]

·       التنمر على الآخر: وكثير من المشجعين يتنمر على الآخرين الذين يشجعون الفريق المنافس... ولقد انتشر هذا التنمر انتشارا رهيبا مع وجود وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة... فترى الإساءات البالغة من المشجعين بعضهم لبعض... والله تعالى يقول:}وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَاب {الحجرات 11... ويقول سبحانه:}وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا{ الأحزاب 58  ويقول رسول الله :"سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ"[xiii]  

·       الكيد والتحفيل: وكثير من المشجعين يحتقرون أنصار الفرق المنافسة، ويكيدون لهم ويسخرون منهم، ويعيّرونهم... ويقومون بالتحفيل عليهم مبالغة في الكيد والسخرية... والنبى يقول:"بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ"[xiv]

·       الكذب: وكثير من المشجعين يحلفون أيمانا كاذبة لأجل أمر تافه... فتراه يقسم أيمانا مغلظة على سبيل المثال على أن هذه الكرة تسلل... أوركلة ركنية، أوليست فاولا أوتخطت خط المرمى... وهكذا يقسم على أمر في غاية التفاهة... وهوغير متأكد من صدقه في يمينه ذاك... والله تعالى حذر من الكذب...}انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفي بِهِ إِثْمًا مُبِينًا{ النساء 50...وحثنا أن لا نجعل الله عرضة لأيماننا:}وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ{ البقرة 224

·       التعصب لدرجة المرض: وكثير من المشجعين يتعصب لفريقه الذى يشجعه تعصبا يؤذى به نفسه علاوة على إيذائه الآخرين... فتراه يصاب بأمراض ارتفاع ضغط الدم وربما بأمراض القلب بل وربما مات بسكتة قلبية نتيجة انفعاله بسبب هزيمة فريقه أوضياع ركلة جزاء أوضياع فرصة هدف محقق من أحد اللاعبين...والغلووالتعصب منهى عنه عموما...قال رسول الله :"إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ؛فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوفِي الدِّينِ"[xv]

·       السب والإهانة والبذاءة: وكثير من المشجعين سواء في الملاعب أوأمام الشاشات ينطق بألفاظ بذيئة ويسب ويلعن لاعبى الفريق الآخر أوحكم المباراة أوحتى أحد لاعبى فريقه الذى يشجعه لأنه أضاع فرصة تسجيل هدف أوتسبب في دخول هدف في مرماه... ناهيك عن سبه وإهانته المشجعين للفريق الآخر والدخول معهم في مهاترات وبذاءات... والنبىيقول:"لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيء"ِ[xvi]

·       السخرية من الآخر: وكثير من المشجعين يسخرون من لاعبى الفريق المنافس فيشبهونهم بالحيوانات، ويقومون بإحضار حيوان كالكلب مثلا ويلبسونه قميص الفريق المنافس سخرية من لاعبيه... ويصورونهم على شكل فئران أوبغال أوغير ذلك من أنواع السخرية التى نهى عنها الله تعالى:}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُم{ الحجرات 11

·       الشماتة في الآخر: وكثير من المشجعين يستغل هزيمة الفريق المنافس ليشمت في مشجعيه... وربما أدت هذه الشماتة إلى القطيعة بينه وبين أصدقاء له أوأقارب أوجيران... وهؤلاء لم يدركوا أن هذه مجرد رياضة... وأن الفوز أوالهزيمة فيها وارد للجميع... وأن الفائز بشيء يجب أن لا يغتر بذلك، وأن الخاسر يجب أن يحاول مرة أخرى... ولم يدركوا كذلك أن هذا أمر يدخل في دائرة الترفيه أما هوبتصرفاته تلك فقد أدخله في دائرة الحرام... يقول رسول الله :"لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ" [xvii]

·       تضييع العمر في تشجيع أمر من توافه الأمور: أخيرا نشير إلى أن كثيرا من المشجعين يضيعون أعمارهم في تشجيع فريقهم... فترى الواحد منهم يهدر نحوا من خمس ساعات من يومه من أجل مباراة واحدة... فتراه يجلس متابعا لتوقعات المحللين لهذه المباراة قبل أن تبدأ، ثم يشاهد المباراة التى تدوم نحوا من ساعتين يتخللها إعلانات في معظمها هى للحرام أقرب منها إلى المباح... ثم يهدر ساعة أخرى في سماع تحليلات المعلقين على المباراة بعد انتهائها... ثم يهدر ساعة أخرى ليتابع ما يُكتب عنها على شبكات التواصل وتعليقات المشجعين من الفريقين... وهكذا يفعل مع كل مباراة... وربما جلس مع أصدقاء له يهدرون أوقاتا أخرى في الحديث عن أحداث هذه المباراة... فإذا كان المرء يهدر كل يومين أوثلاثة هذه الساعات الغالية سيأتى أمام الله ويُسأل عن هذا الوقت الذى أهدره... يقول رسول الله :"لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ"[xviii]...

فما أحوجنا إلى الأخذ بحسن الخلق والحرص على أوقاتنا الغالية، وألا نعطى هذا الأمر أكثر مما يستحق، وألا نجعله على رأس أولوياتنا. إننا في حاجة ماسة إلى وضعه في نصابه الصحيح، وحجمه الحقيقى.

والله من وراء القصد.

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

الهوامش:

[i] البيهقى في شعب الإيمان وانظر نوادر الأصول ج2 ص 348

[ii] رواه الطبرانى في الأوسط ج8 ص 119

[iii] أحمد 43/313

[iv] أبوداود 4/55 بسند ضعيف

[v] مسلم 4/2052

[vi] زاد المعاد 3/449

[vii] البخارى 2/16

[viii] زاد المعاد 3/335

[ix] البخارى 4/180

[x] البخارى 5/97

[xi] البخارى 8/21

[xii] مسلم 1/434

[xiii] البخارى 8/15

[xiv] مسلم 4/1986

[xv] أحمد 5/298

[xvi] الترمذى 4/350

[xvii] الترمذى 4/662

[xviii] الترمذى 4/612

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply