من وحي زلزال تركيا وسوريا


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

تنزل النازلة أو المصيبة بالناس؛ فيجزع البعض ويسيئون ظنهم بالله، ويرضى آخرون ويحمدون الله على قضائه.

وهذا من أبرز ملامح حقائق الإيمان القلبي.

المؤمن ينظر إلى الحياة على أنها دار ممر، والآخرة هي المنقلب والمقرّ، فلا يفرح بما أُوتي، ولا يسخط إذا مُنع.

الدنيا كلها ميدان ابتلاء لتحقيق الاصطفاء والاجتباء.

ومن كان يظن أن المؤمن لا يُبتلى فقد أعظم الفرية على الله، وأخطأ التصوّر؛ إذ الحقيقة الشرعية بخلاف ذلك؛ فأكثر الناس بلاءً هم الأنبياء، كُذّبوا وأُوذوا، وبعضهم نُشر بالمنشار حتى فُلِق نصفين، وآخرون قُطعت رؤوسهم.

وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم طُرد من بين أهله، ورُمي بالحجارة، وأُدمي، ورُمي بالجنون والسحر والكهانة، بل وقُذف في عرضه، وقُتل أحباؤه، ومات أولاده في حياته عدا فاطمة.

فأي شيء نزل بالناس كهذا؟ صلاحك لا يعني السلامة من البلايا.

ومفهوم البلاء أكبر من الشر، بل يشمل الخير والشر.

قال الله:}وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون{.

وقال تعالى:}ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا تُرجعون{.

تأمل التذييل في الآيتين }يرجعون{ }وتُرجعون{ للتأكيد على أنها فترة انتقال، لا دار إقامة، مما يسلّي النفوس الجازعة، ويهوّن عليها ما تجد؛ إذ القرار هناك لا هنا.

فلتمضِ هذه الأيام على ما فيها من بؤس، ولنحتمل لأجل الراحة هناك.

وحكمة الله البالغة فوق تصور العقول، فلا تشطح بنزغات الشياطين.

أقام الله الحياة الدنيا على البلاء، فكل ما حولك ابتلاء، حاجتك للهواء والماء والغذاء والخلاء، من البلاء.

فما ظنك بما فوق ذلك.

ارضوا فإن لم ترضوا فاصبروا ولا تجزعوا، وأديموا النظر إلى فضاء الأجر، وقصر المقام في دار الفناء.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply