بين حداثة الضلال وتجديد الإيمان


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

الشعرُ يحملُ دعـوتي وبياني

 من غيرِ طلسمةٍ ولا بطلآنِ

والشِّعرُ مخضلٌّ بما في نفحه

 من صدقِ تحنانٍ ومن عرفانِ

أنقى من الأرجِ الطهورِ وما بـه

 ريب يُميتُ الحـقَّ في الوجـدانِ

ألفاظـُه عربيَّةٌ ما دُنِّسـتْ

 بسفاهةٍ غربيةِ الأدرانِ

العنفوان  يجولُ في أوزانه

 عـذبَ المعاني ريِّقَ الألحـانِ

أعتى على مَن أدلجوا خلف الهوى

 من غيِّهم بالزخرفِ الفتَّانِ

مـا ضلَّ مَن سلكَ الرشادَ وما طغى

 بحــداثةٍ ممقوتةٍ وتــوانِ

والشعرُ يحملُ ما بقلبي من أسى

 لمــآلِ قومي في دجى الأحـزانِ

ويثيرُني فـرحٌ لآمـالٍ أرى

 أطيافَهـا تغفو على أجفاني

وكأنني والحقُ يأتي طيِّبًـا

 في عالم رغمَ المكارهِ هــانِ

وأرى بـه نفسي تهبُّ كريمــةً

 بين المـروجِ الخضرِ من أكفـانِ

وأرى شبابَ المسلمين تضُمُهُم

 أيـدي النَّهـارِ المشرقِ المزدانِ

وتقودُهم بين الفجاج شريعةٌ

 فيها الإباءُ وعزمة الإيمانِ

قالوا : النَّوازلُ دلهمتْ في أفقنا

 والريحُ تعصفُ بالهدى الرباني

والكفرُ أطبقَ ليس يوقفُ غيُّـه

 دينٌ مضى من سالف الأزمانِ

أَوَمَـا ترى الإسلامَ يُـذبحُ عُنــوةً

 من غيرِ مــا نبأ ولا إعـلانِ

ويُكَبِلُ الأبرارَ قيـدٌ حـاقدٌ

  والسوطُ يلهبُ ساحــةَ الأبدانِ

ويُقَتلون بزيفِ ألفِ قضيَّةٍ

 وتُلَفُّ في صمتٍ بكلِّ مكانِ

قلتُ : النوازلُ دلهمتْ وَلْيَحْتَرِقْ

 ليـلُ الهـوانِ بمهجـةِ النيرانِ

فالخطبُ عنـوانُ الفلاحِ وإنَّــه

 بمشيئةٍ من سُنَّةِ الدَّيَّـانِ

وهي النَّذيرُ الحـقُّ تعصفُ ريحُــه

 في العـالَمِ المسجورِ بالطغيـانِ

وإذا أتى نصرُ الإلهِ فإنَّـه

 لابــدَّ قبلَ الفتحِ من غليانِ

فاليوم تسري في القلوبِ مروءةٌ

 ليعيدَ فجرُ النصرِ  صوتَ أذانِ

فلقد كفى أجيالنا تُغضي على

 قهــرٍ مريرٍ قاتلٍ و هـوانِ

ويــدُ الطغاةِ تمزِّقُ الآمالَ بالحقدِ .

 . الدفينِ ومُـديةِ الكفرانِ

ومضى الرعاديدُ الأذلةُ مـا انثنوا

 في الفتكِ نفَّذه أخـو الذؤبانِ

ماحرَّرَ الأقصى السجينَ مخادعٌ

 أو عاش للجُلَّى أخـو الخسرانِ

والقدس تشكو والجراحُ تلفُّها

 مخضوبة تشكو إلى الركبانِ

للمؤمنين بربهم  وبدينهم

 وجهادِ ركبِ الإخوةِ الفرسانِ

فإذا بهـا اختضبَ الترابُ بدافق

 من كلِّ قلبٍ طاهــرٍ حــرَّانِ

وتجاوبتْ أصداءُ كلِّ كتيبةٍ

تأبى فسادَ الآثـــمِ الخــوَّانِ

وتدافعتْ في السَّاحِ دون شهادةٍ

 وعــلا مع التكبير كلُّ لسانِ

إذْ ذاك تنهدُّ الحصونُ وينجلي

 صبحُ الخلاصِ بأوجــهِ الشُّجعانِ

ويعودُ للبلدِ العزيزةِ وجهُهـا

 طلقًـا وباءَ الظلمُ بالخسرانِ

ستعودُ للأقصى على وهــج القنا

 راياتُه ميَّاسةَ الخفقانِ

فَلْتنطلقْ أفواجُنـا وسلاحُها

 سيفٌ موشَّى من سنا القرآنِ

                              ***

***                     

أعلمتَ ياهذا المُضللُ أنكم

 في ضيعةٍ مع ذا الخبيثِ الجاني

وخبرتَ أنَّ حداثةً مشؤومةً

 باتتْ بقبر شقيِّها الشيطاني

ما الشِّعرُ ؟ أخبرْني وما أغراضُه

إنْ لـم يكنْ للهِ ذي السلطانِ

ولكلِّ مايحيي المشاعرَ  رفعةً

 في ظلِّ سِفرِ الحقِّ والفرقانِ

ولديكُمُ ماتت مشاعرُكم ولم

 تُدركْ به هـامَ السُّمُوِّ الهاني

لعبتْ به النزواتُ والأهواءُ في

 شكلٍ ومضمونٍ وفي أوزانِ

غرقتْ معاني طلسماتْ أبحرتْ

 كسفينةٍ تجري بلا ربَّـانِ

دع عنك مالا ترتجيه شعوبُنا

 أو تشتريه بأبخس الأثمانِ

سيموتُ في مهدِ الميوعةِ هامدا

 ويذوبُ تحت توهُـجِ النيرانِ

هيهات تبكيه المعارف إنَّـه

 مثلُ الغثاءِ يساقُ بالفيضانِ

بانَ السبيلُ لمَن صحـا من غفلةٍ

 والآخرون مضوا مع الرُّعيانِ

أما الرجالُ  المخلصون لأمَّةٍ

 فعلى عُلُـوِّ المنبرِ السَّحباني

يُصغَى إليهم إن أتوه وغرَّدوا

 في مهرجانِ العلمِ والعرفانِ

باقات شوقٍ راق من فوَّاحهـا

 روحُ الأصالةِ فاض في الشريانِ

بعظيمِ مافي الآيِ من قيمٍ زهتْ

 يسمو بهـا صُعُدًا بنو الإنسانِ

وبِسُنَّةِ صاغَ الحبيبُ جلالَها

 وجمالَها في السرِّ والإعلانِ

فتحيَّةٌ تُزْجَى إلى أهل الهدى

 ماطابَ للإخوان من إخوانِ

فهنا الأُخوَّة والمودةُ أينعتْ

  صِدقَ الوفا وطهارةَ الوجدانِ

حيَّـوا بها كلماتِ شهمٍ مبدعٍ

 مالانَ يومًـا للنداءِ الجاني

في واحـةٍ مخضرَّةٍ ميمونةٍ

 تُنمَى إلى تاريخِهـا الفينانِ

كانت قفارًا لا اخضرار  يزينُها

 لاوعي بين شبابهـا الظمآنِ

فاخضرت الوديانُ بعد يبابها

 وتماوجتْ كتماوجِ الألــوانِ

والعلمُ أجملُ حُلَّةٍ إن زيَّنتْ

 صـدرَ الشِّعابِ فوجهها كجنــانِ

جئنا نغـذُّ السيرَ يحدونا الرجـا

 وبهـزنا الأملُ الوريفُ الهـاني

تهفو قوافينا كأنسامِ الصَّبا

 ريَّـانة  كالحلمِ في الأجفانِ

لترفَّ في الأيامِ تعبقُ كالشَّذا

 كجنى النخيلِ السَّابقِ الريانِ

وعلى الجبالِ الشُّمِ ألفُ قصيدةٍ

 تحدو بركبِ الموكبِ الرباني

أيام لم تَعرف  سجلاتٌ لهم

  إلا تبابَ غـوايةِ الشيطانِ

ولنـا خلودُ الحرفِ أغلاه الهدى

 وحباهُ بالإيمانِ والإتقانِ

يُملي على الأيامِ طيبَ متونِه

 فيروقُ شدوُ الشَّوقِ للآذانِ

هذي طيوفٌ أرَّقتْ أجفانَنا

 لـم يخبُ نورُ  بهائهـا المزدانِ

ترنو إليه عزيمةٌ لـم تندثرْ

 قعساءُ إسلاميةُ الخفقانِ

ياصفحةَ الماضي حنانك إنَّنـا

  نشتاقُ وجهَ قشيبك الهتَّانِ

بصليل سيفٍ وامتشاقِ أسنَّةٍ

 وصهيلِ خيلٍ في الصباحِ الدَّاني

فتلهبي بدمائنا وتوهجي

 بصدورِنـا قــدرًا مع الركبانِ

نادِ القلوبَ من الهوانِ فإنَّهـا

 ملَّتْ حياةَ الوهنِ والإذعـانِ

                         ***

    ***

هذي البراعمُ في ثنايا روحها

 مستقبلٌ نضرٌ عزيزٌ حــانِ

مـا لاحَ لي طفلٌ يخطُّ بنانُه

 سطرًا تعلمـه على الملوانِ

إلا رأيتُ ربيعَ أمتنا  زهــا

 وتدلَّتِ الأثمــارُ في الأغصانِ

فهو الأصالةُ والثَّباتُ على الهدى

 ولقـد قَـَلـى زيفًـا من الأوثانِ

وسما بفطرته التي قـد وجَّهتْ

 وجـهَ اليقينِ لخـالق الأكوانِ

ما غـرَّه مزمارُ دسَّاسٍ ولا 

 عــدٌ يرنُّ على يَدَيْ نصراني

غنَّى لهدمِ العـزِّ في أجيالنا

 وأتى بخسةِ فعلةِ الحيـوانِ

باسمِ التقدمِ والحداثةِ غــرَّه

 أنَّ الشبابَ يُساقُ للعصيانِ

أبـدًا شبابُ المسلمين يضمُّهم

 نهـجٌ أصيلٌ ثابتُ الأركانِ

الأرضُ مكَّةُ والعقيدةُ حصنُهـا

 لم ترضَ بالمُتَلونِ الحيرانِ

هذا الشبابُ إذا تسلَّحَ بالتُّقى

 ونـمــا على الأخلاقِ والعرفانِ

وتشبَّعتْ فيه الحنايا بالهـدى

 ورأى جـلالَ الله في الأكـوانِ

سيقودُ أمَّتَــه غـدًا شطرَ المنى

 ويقيلُ عثرتَهـا على الميدانِ

ويدوسُ ماصنعَ اللئامُ من الأذى

 ويردُّ أهلَ منازلِ الهذيانِ

فاستبشري يا أمَّتي بحبائِـه

  يغشى المغاني عاطرَ الأردانِ

وتهللي شوقًـا وتيهي عــزَّةً

 بالنُّورِ نورِ اللهِ  والإحسانِ

فالنورُ  يهديك الحضارةَ حلوةً

 من غيرِ طغيانٍ ولا إذعـانِ

بكتابِ ربِّ العرشِ جاءَ هـدايةً

 للعالَمين  برحمةٍ وأمــانِ

وبسُنَّةٍ هلَّتْ بوجـهِ مُحَمَّدٍ

 صلى عليه اللهُ كلَّ أوانِ

إسلامُنا يدعو إلى العلمِ الذي

 يحيي مواتَ النَّبتِ في القيعانِ

والعلم ينسجُ للشعوبِ تقدُّمًـا

 آثارُه لسعادة الإنسانِ

في البيتِ في الحقلِ النَّضيرِ بكلِّ .

 . دربٍ في حياةِ الناسِ في الأزمانِ

هذي الشِّعابُ اخضوضرتْ ربواتُها

 وتنفستْ بالروحِ والريحانِ

وتهللت فيهـا البوادي بالهنـا

 فيفاء تدفقُ من عيونِ حٍِانِ

وسرى الهـدى والعلمُ في أبنائهـا

 جاءا بخيرِ مسيرَةٍ  ومعـانِ

فعساهُمُ بهمـا يعيدون الفخـارَ .

 . وفجرَه عهدًا وليدًا ثــانِ

أكبرتُ آمالَ الشعوبِ يشدُّهـا

 عـزمُ الشبابِ المـؤمنِ المتفاني

وشهدتُ إنْ هبَّتْ بهـا أرواحُنا

  يومَ النفيرِ تمـوجُ كالبركانِ

للعصرِ عصر المسلمين إذا هُــمُ

 قاموا لصرختها من القيعانِ

يافجرُ ، ياتاريخُ ، يادنيا خلتْ

 بروائـع الذكرى وبالفرسانِ

يالهفةً تجري بصبرِ صدورِنا

 وبمهجةِ الغلسِ البغيضِ الجـاني

فـوري هُدى ، وتألقي قبسًا فقد

 طالَ الهجوعُ ولــجَّ بالشُّبَّانِ

فاسقِ القلوبَ من الشَّريعةِ وانظمي

 بالطهرِ صدرَ شبابك الحـرَّانِ

حبَّاتُ رملِك ياصحارى جنَّـةٌ

 فاحتْ مباهجُهـا على الأكوانِ

إذْ فوَّحتْ عن أمَّــةٍ مختارةٍ

 أقـوى من الظلماتِ والعدوانِ

وسعتْ تنيرُ العالمين بدينِها

 وتُعِـزُّ دعوتُهـا بني الإنسانِ

وأتى رسولُ الله يحملُ شرعةً

سمحاءَ ربَّانيةَ التِّبيانِ

يهدي بهـا الناسَ الذين اسْتُعْبِدُوا

 للمالِ والشهواتِ والأوثانِ

فاستعذبَ الفضلاءُ صوتَ نَبِيِّنـا

 وتواثبوا للعــزِّ بعدَ هــوانِ

ماقادهم بغيٌ ولا ظلمٌ  ولم

 يشهدْ عليهـا الخَلْقُ بالعدوانِ

هي أمَّـةٌ جاءت وفي أكنافهـا

 عاشوا حياةَ كـرامةٍ  وحنانِ

بل أنقذتْ أممـا تغشَّاها العنـا

 ورمى بهـا الطاغوتُ للخسرانِ

وحمت شعوب الأرضِ في أيامها

 من بغي طاغيةٍ وغـدرِ جبـانِ

فإذا الصحارى جنَّـةٌ مزهوةٌ

 وعيونُ سلسلِهـا هُدَى الرحمنِ

وإذا القبائلُ في الجزيرةِ قــوةٌ

  من خيرةِ الأفذاذِ والفرسانِ

دكَّتْ حصونًا كالجبالِ وحطَّمتْ

  للفرسِ تيجانا وللرومانِ

فتحررتْ تلك الشعوبُ وأقبلتْ

  تهفو لدين الله بالإيمانِ

كانت سرايا أمــةٍ منصورةٍ

 لــم تأْلُ جهـدًا للنهوضِ الباني

واليوم يايومَ النهوضِ المرتَجَى

 أشرقْ بصبحٍ هانئٍ هتَّانِ

واليوم ياشعراء أمتنا لكم

  صوتٌ لبعثِ نهوضها المزدانِ

فتبرؤوا ممَّـا يضـرُّ بنهجكم

  ممَّـن أتوا بالزورِ والبهتانِ

من غربِ دنيانا ومن شرقٍ فهل

 قـد يُرتَجَى خيرٌ من الذؤبانِ

فحداثة الإفسادِ من  أفكارهـم

 وقذارةُ البيئاتِ والغثيانِ

شطحات مَن تبعوا طلاسمَ حفنةٍ

  ممقوتةٍ في الشَّامِ أو بغـدانِ

والشعرُ مهدٌ للأصالةِ فاجتنبْ

 مازاغ منه بأوجــه الهذيانِ

وهـو القوافي والعمود يضمُّها

 وطهارةُ الإلقاءِ والألحـانِ

والقولُ مارضي الإلـهُ بلفظه

 وله الثوابٌ بلا عقابٍ  دانِ

اللهُ يسألُ في القيامةِ خلقَه

 عن زلــةٍ كَذِبٍ وزورِ لسانِ

ويُكبُّ أهـلُ الإثـمِ  في وادي لظى

 لكلامِ سوءِ جاءَ بالنُّكـرانِ

ولكلِّ فــنٍّ في الأصولِ مكانُه

 يوم الحسابِ فيالَيومِ الجاني

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply