السائرون على الطريق


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

مَن تعثّر خطوه وهو يسير بتثاقل على الصراط المستقيم، ما تراه يفعل لو كشف له شيء من الغيب؟

ورأى حالَ مَن سبقه من الأنبياء وأتباعهم بإحسان!

وكيف كان حالهم في سيرهم على هذا الصراط، هل كان سيرهم محفوفًا بالتكريم، أم كان حالهم غير ذلك؟

بالتأكيد سيرى أمرًا آخر..

سيرى نوحًا عليه السلام وقومه يسخرون من بنائه لسفينة النجاة!

وسيرى إبراهيم عليه السلام وهو يرى الحطب يجمع ليحرق به جسده الشريف!

وسيعرف شعور لوط عليه السلام وهو حائرٌ بين ضيفه وقومه وبناته في ذلك اليوم العصيب.

وسيسمع خفق قلب يوسف وهو ينتظر من ينتشلُه من غيابة الجب!

وسيرى مريم الصدّيقة وهي تتلقى التُهم في عرضها الشريف!

وسيرى عيسى عليه السلام وهو ينتقل مع حواريّيه من بيت إلى بيت، ومن قرية إلى قرية، وهو لا يعلم أن الخائن ينتقل معه كلما اختبأ في مكان وشى به!

سيرى نبينا الكريم محمد وهو لا يملك نصرة لآل ياسر إلا الدعاء.

وسيراه في شعب من شعاب مكة يتضور الفقراء جوعًا بسبب نصرتهم له، وقرابتهم منه.

وسيراه وهو ينتظر صاحبه ليهاجر، ويخرج من أحب البلاد إليه.

وسيرى دموع عائشة الصديقة وضباع المدينة من المنافقين تنهش عرضها في مجالسهم ونواديهم.

سيرى أبا بكر وأنباء الردة وأخبارها تتوالى عليه، وجرحه لم يلتئم لفراق خلّه وحبيبه.

وسيرى فاروق هذه الأمة مطعونًا مغدورًا في صلاة الفجر..

وسيرى عثمان والدم يغطي مصحفه..

وسيرى عليًا وهو حائرٌ بين الخوارج والنواصب والسبئية، كلما التفت إلى جهة طعن من جهة أخرى، حتى لقي ربه شهيدًا.

وسيرى الحسين رضي الله عنه وهو يواجه الظلَمة، مع تكالب العدو وغدر الصديق.

وسيرى أحمد بن حنبل والجلادين يتعاقبون على جلد جسده النحيل..

وسيرى ابن تيمية وهو ينتقل من سجن إلى سجن، وفي كل سجن يترك علمًا تتناقله الصحائف، ينسخ من جدرانه التي أضاءت بما دوّنه من نفيس العلم.

ولو انتقل بصره بين العصور لَسمع صراخ القضبان والسياط، لأنها أجبرت على أذى خير الناس وسادات الأولياء والمصلحين.

ثم يأتي مَن يتعثر خطوُه بسبب غلبة شهوة، أو فضول أكل ونوم، أو مخاوف متوهمة هي من نسج خياله، وهزيمة نفسه.

يا صاحبي أثبُت وأقدِم فأمامك جنة خلد، وفي أثر سادات الخلق.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply