هل مضغت هند كبد حمزة


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

هذا بحث مختصر في الروايات التي جاءت في أن هند بنت عتبة رضي الله عنها قبل أن تسلم مضغت كبد حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه يوم أحد، وقد خلصت إلى أن هذه الحادثة لا تثبت عنها رضي الله عنها، ولا يجوز نسبتها على سبيل الجزم لها إذا علم ذلك، خاصة إذا علمنا أن أهل البدع يتسللون من خلال هذه الروايات للطعن فيها رضوان الله عليها، وليس الدافع لي للتضعيف أن الرافضة قالوا وفعلوا، بل الدراسة للأسانيد والروايات.

وليعلم أن مثل هذه الروايات ولو ثبتت ما ضر هندا من ذلك شيء لأن الحال كما قال صلى الله عليه وسلم:"الإسلام يجب ما كان قبله"رواه أحمد.

 وقد حسن إسلامها رضوان الله عليها كما هو الثابت من سيرتها.

وإليك نقد الروايات:

قال أحمد في المسند (4414): حدثنا عفان، حدثنا حماد، حدثنا عطاء بن السائب، عن الشعبي، عن ابن مسعود، أن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين، يجهزن على جرحى المشركين، فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبر: إنه ليس أحد منا يريد الدنيا، حتى أنزل الله عز وجل:{منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة، ثم صرفكم عنهم ليبتليكم} فلما خالف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وعصوا ما أمروا به، أفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم في تسعة: سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش وهو عاشرهم، فلما رهقوه، قال: رحم الله رجلا ردهم عنا، قال: فقام رجل من الأنصار، فقاتل ساعة حتى قتل، فلما رهقوه أيضا، قال: يرحم الله رجلا ردهم عنا، فلم يزل يقول ذا، حتى قتل السبعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبيه: ما أنصفنا أصحابنا فجاء أبو سفيان، فقال: اعل هبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا الله أعلى وأجل، فقالوا: الله أعلى وأجل، فقال أبو سفيان: لنا عزى، ولا عزى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا الله مولانا، والكافرون لا مولى لهم، ثم قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر يوم لنا، ويوم علينا، ويوم نساء، ويوم نسر، حنظلة بحنظلة، وفلان بفلان، وفلان بفلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا سواء، أما قتلانا فأحياء يرزقون، وقتلاكم في النار يعذبون، قال أبو سفيان: قد كانت في القوم مثلة، وإن كانت لعن غير ملأ منا، ما أمرت ولا نهيت، ولا أحببت، ولا كرهت، ولا ساءني، ولا سرني، قال: فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه، وأخذت هند كبده فلاكتها، فلم تستطع أن تأكلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أأكلت منه شيئا قالوا: لا. قال: ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حمزة، فصلى عليه، وجيء برجل من الأنصار، فوضع إلى جنبه، فصلى عليه، فرفع الأنصاري، وترك حمزة، ثم جيء بآخر فوضعه إلى جنب حمزة فصلى عليه، ثم رفع، وترك حمزة حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة.

قلت: هذا إسناد منقطع فالشعبي عامر بن شراحيل لم يسمع من ابن مسعود نص عليه أبو حاتم الرازي كما في المراسيل لابنه (591)والدارقطني انظر التهذيب في ترجمته.

أما تضعيفه باختلاط عطاء كما فعل ابن كثير في البدآية والنهاية[4/46] فلا شيء لأن ابن معين نص على أن حماد ممن روى عنه قبل الاختلاط.

قال ابن سعد في طبقاته(2774): أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه قال... نحوه.

قلت: الواقدي متروك وشيخه متروك فهذا الإسناد مع إرساله ريح لا يعتد به.

وقال ابن سعد أيضًا (2785): أخبرنا هوذة بن خليفة، قال: أخبرنا عوف، عن محمد، قال: بلغني أن هند بنت عتبة بن ربيعة جاءت في الأحزاب يوم أحد، وكانت قد نذرت لئن قدرت على حمزة بن عبد المطلب لتأكلن من كبده.

قلت: وهذا أقوى ما في الباب وهو بلاغ كما ترى ومع ذلك فهو مخالف لما في صحيح البخاري حيث روى من طريق عمرو بن أمية وعبيد الله بن عدي رضي الله عنهما أنهما ذهبا للشام فسأل عبيد الله وحشي رضي الله عنه قصة مقتل حمزة حيث قال:

"قال وكمنت لحمزة تحت صخرة فلما دنا مني رميته بحربتي فأضعها في ثنته حتى خرجت من بين وركيه قال فكان ذاك العهد به"

قلت: قوله "فكان ذلك العهد به" أي أن بعد رميه بالحربة وتأكده من قلته مضى عنه، ولو حصل كما جاء في تلك الروايات من أنه اجتز كبده لذكر ذلك، خاصة وأنه سئل عن قصة قتله لحمزة وذلك منه كما هو معلوم قبل إسلامه فرضي الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بهذا يتبين أن ما جاء في أنها لاكت كبده لا يثبت ولو ثبت لم يضرها لأنه حصل قبل إسلامها ولا يجوز تعييرها به لأن الإسلام يجب ويهدم ما قبله.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply