لماذا لا نفرح برمضان


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

مقترح خطبة الجمعة الأولى من شهر رمضان ودروس هذا الأسبوع ودروس النساء:

1- لماذا لا نفرح؟

2- نصائح بين يدي رمضان.

الهدف من الخطبة: التذكير بفضائل شهر رمضان ونعمة إدراك هذا الموسم العظيم، مع بعض النصائح والإرشادات لكي نحسن استغلال الشهر.

مقدمة ومدخل للموضوع: أيها المسلمون عباد الله، لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر الصحابة والأمة بقدوم شهر رمضان الكريم.

فعن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أَتَاكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ"؛[صحيح الترغيب والترهيب].

قال العلماء: وذلك لأمرين:

1- لكي يلفت انتباههم لفضله ومنزلته.

2- ولكي يعلي من الهمم ويحفزهم على عمارة أوقاته.

قال ابن رجب رحمه الله: هذا الحديث أصل في تهنئة المسلمين بعضهم بعضا بهذا الشهر الكريم.

نعم؛ إنه شهر مبارك، ومن بركته: إقبال النفوس على الطاعات، ومن بركته أنه تقع فيه مغفرة الذنوب والسيئات، وتتضاعف فيه الأجور والحسنات؛ فالأصل أن المؤمن يفرح بمثل هذه المواسم التي تكثر فيها الخيرات والبركات.

فلماذا لا نفرح وقد أنعم الله تعالى علينا بإدراك هذا الشهر الكريم؛ فإنها والله من أجل النعم التي ينعم الله تعالى بها على عباده.

واسمع لهذا الحديث العظيم الذي يرويه أحمد وابن ماجه عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ إِسْلامُهُمَا مَعًا، وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثَ الآخر بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ. قَالَ طَلْحَةُ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ فِي النَّوْمِ، إِذْ أَنَا بِهِمَا، فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ فَإذن لِلَّذِي مَاتَ الآخر مِنْهُمَا، ثُمَّ رَجَعَ فَإذن لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ. فَقَالَ: ارْجِعْ، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْنِ لَكَ، فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ فَحَدَّثَ النَّاسَ فَعَجِبُوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"مِنْ أِيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ!" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الَّذِي كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا، فَاسْتُشْهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَدَخَلَ الآخر الْجَنَّةَ قَبْلَهُ!! قَالَ:"أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ؟" قَالُوا: بَلَى. قَالَ:"وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ؟" قَالُوا: بَلَى. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فلَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ"؛[صححه الألباني في صحيح ابن ماجه].

لماذا لا نفرح بإدراك هذا الشهر الكريم، وهذا الموسم العظيم؛ الذي تتضاعف فيه الحسنات.

ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعمِئَة ضِعْفٍ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وَأَنَا أَجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ وَلَخُلُوفُ فيه أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ".

لماذا لا نفرح بشهر تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وصفد فيه الشياطين.

كما في الحديث الصحيح:"تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ".

لماذا لا نفرح بهذا الموسم العظيم الذي يعتق الله تعالى فيه عتقاء من النار وذلك كل ليلة.

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنَّ لله تعالى عتقاء في كل يوم وليلة"؛[رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع].

لماذا لا نفرح وفيه ليلة خير من ألف شهر.

كما في الحديث الصحيح:"لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ" .

أحوال الناس في الفرح:

1- فإن الناس في الدنيا يفرحون بصفقاتهم وأرباحهم وشهواتهم.

كما قال الله تعالى:{وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ}؛[الرعد: 26].

• ويفرحون بالراحة والركون إلى الدنيا.

كما قال تعالى عن المنافقين:{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}؛[التوبة: 81].

• وأما المؤمن فإنه يفرح بالأعمال الصالحة، ويفرح بالطاعات التي تقربه من الله تعالى، ويفرح بكل حسنة يضعها في صحيفته، ويفرح بمواسم الخير، ويفرح بشريعة الله تعالى.

كما قال تعالى:{وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ}؛ [الرعد: 36]

•  ‏يفرح بكتاب الله عز وجل، ويفرح بتلاوته، وحفظه، وتعلمه وتعليمه للآخرين.

قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}؛[يونس: 57-58].

• يفرح بأي بشارة تقربه من مرضاة الله تعالى.

ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه: أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال:"وماذا أعددت لها؟" قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله، فقال صلى الله عليه وسلم:"أنت مع من أحببت" قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بهذا الحديث.

نسأل الله العظيم أن يملأ قلوبنا فرحا وسرورا، وأن يجعلنا من عباده المقبولين.

 

الخطبة الثانية:

نصائح بين يدي رمضان: أخي الحبيب، يا من أنعم الله تعالى عليك بإدراك شهر رمضان؛ عليك أن تحسن الاستقبال، وتحسن الاستغلال، وإليك هذه النصائح والارشادات.

1- معرفة فضل هذه المواسم، وفضل شهر رمضان.

فقد روى الطبراني من حديث محمد بن مسلمة الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا))؛ [رواه الطبراني وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة].

وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أَتَاكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ"؛[صحيح الترغيب والترهيب].

2- إعداد برنامج كامل لشهر رمضان:(فلا تكن كالذي دخل السوق بغير مال فليس له إلا المشاهدة والحرمان).

• هذا البرنامج الذي ستضعه لنفسك هو الذي سيحدد لك أهدافك، وسيحافظ لك على أوقاتك.

فقد قال الله تعالى عن المنافقين الذين لم يخرجوا للغزو بحجة عدم الاستعداد:﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾؛[التوبة: 46].

• ‏فلا بد أن تعد العدة؛ ماذا ستفعل في أوقات شهر رمضان؟

• ‏من الاستيقاظ للسحور: وتأخير السحور لإدراك وقت السحر، وكثرة الاستغفار في هذا الوقت، ثم المحافظة على صلاة الفجر، ثم أذكار الصباح، والمكث في المسجد حتى الشروق؛ لتحظى بأجر حجة وعمرة تامة.

• ‏اجعل لنفسك ورد يومي من القرآن الكريم.

• ‏حافظ على الصلوات الخمس، لاسيما صلاة العشاء، ثم التراويح في جماعة والانصراف مع الإمام؛ فتنال أجر قيام الليل.

• ‏لا تدع وقتا يمر بك إلا ولك فيه طاعة من الطاعات؛ فرأس مالك هو الوقت، فلا تضيع منه شيئًا.

3- عليك بمصاحبة ذوي الهمم العالية وترك الكسإلى المثبطين.

قال الله تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم:﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾؛ [الكهف: 28].

4- إحذر كل الحذر من قطاع الطريق: ولا نعني بهم أولئيك الذين يقطعون الطريق، وينهبون ويسرقون أموال الناس؛ وإنما أولئيك الذين يعدون العدة لإفساد فرحتك بشهر رمضان، وحرمانك من هذه النفحات، وقطع الطريق بينك وبين الله جل في علاه.

كما قال تعالى:﴿أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾؛[البقرة: 221].

وقال تعالى:﴿وَٱللَّهُ یُرِیدُ أَن یَتُوبَ عَلَیكُم وَیُرِیدُ ٱلَّذِینَ یَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَاتِ أَن تَمِیلُوا مَیلًا عَظِیمًا﴾؛[النساء: 27].

قال السعدي رحمه الله: فإذا عرفتم أن الله تعالى يأمركم بما فيه صلاحكم وأن هؤلاء المتبعين لشهواتهم يأمرونكم بما فيه غآية الخسار والشقاء؛ فاختاروا لأنفسكم أولى الداعين، وتخيروا أحسن الطريقين.

5- التعرف على أحكام الصيام: وهذا يكون بمطالعة كتب الفقه، وحضور مجالس العلم التي تدلك وترشدك على معرفة أحكام الصيام.

6- أخيرًا: فهذه بعض المشاريع الرمضانية لكسب الحسنات:

• هل تعلم أن الختمة الواحدة للقرآن الكريم تساوي أكثر من ثلاثة ملايين حسنة؟ وهذا الرقم يضاعف في شهر رمضان.

• ‏لك في كل يوم وليلة دعوة مستجابة؛ فلا تضيع منها شيئًا.

• ‏لك في كل يوم فرصة ومنحة ربانية للعتق من النار؛ إذا أحسنت الصيام والقيام.

• ‏مشروع فرسان رمضان: أن تعاهد نفسك على ترك ذنب، أو عادة سيئة كل يوم من أيام رمضان.

• ‏مشروع ذوي الهمم العالية: إذا تكاسلت عن طاعة؛ فافعل أكثر منها.

نسأل الله العظيم أن يوفقنا للصيام والقيام، وأن يجعلنا من عتقاءه من النار.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

ملحوظة:

1-الخطبة الأولى يستطيع الخطيب إضافة وقفات أو رسائل أخرى بحسب ما يراه مناسبًا.

2-الموضوع قابل للزيادة والتعديل بحسب وقت الخطبة أو الدرس.

3-إن لم تكن خطيبًا أو واعظًا فتستطيع بإذن الله تعالى أن تكون كذلك:

 - إما بقراءة المادة الوعظية على غيرك (أسرتك... أقرانك... زملاءك...).

 - وإما بنشرها، وما يدريك لعل الخير يكون على يديك.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply