الأزمات كمصدر لولادة الأوهام والخرافات!


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

توجد الخرافات في معظم المجتمعات البشرية، مع تفاوتها بحسب ظروف تلك المجتمعات والدواعي الحاملة لها على ذلك. وفي المجتمع الذي يفشل في مواجهة الواقع المعاند له أو يصطدم بالحقيقة، قد تنشأ فيه الخرافات على مستوى الجماعات أو على مستوى الأفراد.

فعلى مستوى الجماعات، تنشأ العقائد الخرافية ويتم تبنيها من أجل تجاوز اللحظات الحرجة التي تعاني فيها الجماعة السياسية أو العقائدية أزمة بقاء أو إخفاق في الاستمرار في الوجود بفعالية، فتقوم باختراع أساطير تعزز بقاءها وتجاوزها للأزمة، كما حصل لكثير من المذاهب الباطنية والصوفية.

أما على مستوى الأفراد، فقد يلجأ الفرد المحبط اليائس إلى التعلق بأي شيءٍ ولو بخيط عنكبوت، كما يحدث ذلك بين بعض الأفراد المحبطين اليائسين الفاشلين في حياتهم من التعلق بخرافات الطاقة الكونية والكارما والوقوف العائلي، وغيرها من العلوم الزائفة، والتي تدل على أزمة روحية وعقلية لديهم.

وهذه الخرافات والأوهام تتغذى من جهتين:

١-جهة تجارها وروادها: الذين يدركون ما يفعلونه حقًا، لكن تلك الخرافات والعلوم الزائفة تحقق لهم مكاسب كبيرة شخصية: معنوية أو مادية. فمثل هذا العامل الربحي محل فتنة وإغراء، يجعلهم يستمرون في خداع ضحاياهم والاستماتة في ابقائهم وكسب المزيد منهم.

٢-الضحايا: وهم في الغالب أبرياء وسذج، مكلومون مجروحون في هذه الحياة، تسيطر عليهم أوهام سوداوية وأفكار سلبية بسبب الاصطدام بالواقع المنافي لتطلعاتهم وأمانيهم العريضة الحالمة، وبدل اختيار الطريق الوعر في الاستمرار في اليأس الذي ربما يقود للانتحار، قرروا الاستشفاء بتلك الأوهام.

وربما وصل بعض هؤلاء الضحايا إلى يقين فيه تلك الخرافات إلى الدرجة التي تضحك منهم تجار الوهم أنفسهم، وتثير تعجبهم كيف وصل الحال بمثل هؤلاء إلى هذه الدرجة من غياب العقل. وكل ذلك في الحقيقة يعبر بوضوح عن مدى هشاشة الإنسان وضعفه، وحاجته إلى سند وعون حقيقي، فإذا فقده بحث عن سند خرافي!

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply