مائة عام على الثورة البلشفية


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

ذكر لي أخي وصديقي فورخود الطاجيكي أنه بعد سقوط الحكم السوفييتي في ١٩٩٠، قامت بلدية المدينة الصغيرة التي يقيم فيها في طاجيكستان قامت ببناءٍ حول قطعة أرضٍ كانت مهجورة في السابق، ولَم يكن أحدٌ يجرؤ على استخدامها رغم مكانها المناسب للزراعة أو للبناء، وكان صغيرًا في العمر ولا يعرف السبب!

وقد أعلنت البلدية أن هذه الأرض هي مقبرةٌ للشهداء، ولكن أي شهداء؟ لم يكن أحد يعرف التفاصيل سوى أنها مكان يرقد فيه أولياء وشهداء!

ولكن صديقي العزيز فورخود معروف بفضوله وحبه للتاريخ فبدأ بسؤال كل سكان المنطقة حتى توصل إلى حقيقة يصعب تصديقها ولكن تم تأكيدها بعد فتح أرشيف الأمن السوفييتي.

والحقيقة أنه في عشرينيات القرن الماضي كان يوجد هناك عشرات من العلماء أصحاب حلقات العلم العامرة من سكان هذه المدينة، تم جمعهم بعد ذلك واعتقالهم من قِبل جلّادي الشيوعية، وبعد تقييدهم تم دفن أجسامهم وأبقوا فقط على رؤوسهم فوق الأرض وعرضوا عليهم أن يخبروا الناس بأن الدين كذبة وأفيون الشعوب مقابل الحياة إن قبلوا ووافقوا!

ولكن كل العلماء رفضوا بدون استثناء في موقف أدهش الجلادين أنفسهم، وقالوا لهم مُبدين الشفقة: نحن نعرف أن دينكم يجيز لكم أن تقولوا كلمة الكُفر وقلوبكم مطمئنة بالإيمان، فقط قولوا ولن نلاحقكم بعد ذلك!

ولكن العلماء رفضوا وردوا بأننا لا نريد أن نفتن الناس فيُصدقون كلامنا ويتركوا دينهم!

وفعلًا فقد ضحوا بحياتهم شهداء بإذن الله ليحافظوا على دين الإسلام في تلك المدينة.

ومن أكثر القصص الحقيقية التي سمعتها ممن أثق بصدقهم عن معاناة المسلمين في العهد السوفييتي، قصةٌ مؤثرةٌ عن أخوين كان أحدهما من العلماء الفقهاء في مناطق آسيا الوسطى، وأخوه كان كان عاملًا وكل منهما كان متزوجٌ وله أولاد، وعندما خطف الشيوعيون السلطة في البلاد بدأت عمليات التصفية تلاحق علماء الدين وأُعدم منهم الآلاف. وقد وصل جلّادي لينين إلى بيت هذه العائلة يبحثون عن العالم المشهور باسمه وعندها تقدم الأخ العامل البسيط بطلبٍ إلى أخيه العالم أن يسمح له بأن يسلم نفسه على أنه هو العالم وقال له: بإعدامي لن تخسر الأمةُ كثيرًا ولكن بموت أمثالك سيختفي الإسلام في بلادنا، وأصر على ذلك ووصاه أن يربي أولادهم على تعاليم الاسلام.

فسبحان الله فعلًا أسرةٌ عظيمة: أخٌ عالم وأخٌ مجاهد شهيدٌ بإذن الله.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply