بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
السؤال: هل يمكن يقع التساقط بين الأدلة، أو هذا كلام نظري عند الأصوليين لا تنزيل له على الواقع؟
الجواب: عندي قاعدة: لا يوجد في أصول الفقه قاعدة أصولية نظرية لا عمل عليها أبدًا، لأن بناء الأصول المجردة صعب.
ولذا التساقط كثير بين الأدلة، وكذا بين البينات، وهو أحد اسباب التوقف عند الأصولين فإن التوقف له عدد من الأسباب كجهل الحكم، أو عدم ورود الشرع به،بغياب الدليل، أو تساوي الأدلة، ولهذا أكثرَ منه الأئمة، فقد نقل عن الإمام أحمد التوقف في مسائل كثيرة يعود بعضها لتساوي الأدلة عنده وتعارضها، ولولا تساوي الأدلة وتساقطها، لم يتوقف، مع معرفته بالأدلة.
خذ مثالًا توقف عثمان رضي الله عنه في الجمع بين الأختين من ملك اليمين، قال: أحلتهما آية، وحرمتهما آية، وتوقف في هذا، وتساقطت الأدلة عنده.
صحيح التوقف لا يستمر وليس عامًا، فما يتوقف فيه عالم، قد لا يتوقف فيه آخر. ولكن هو واقع وكثير، وسببه تساوي وتعادل الأدلة.
ومن المسائل: طلاق السكران، في رواية توقف فيه الإمام أحمد، قال ابن قدامة:*وتوقف عنها لتعارض الأدلة فيها*.
وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 367) قال الشيخ علي ملا القارئ:*ونقل البعض عن الخطابي أنه قال: أن أحمد بن حنبل، وابن معين مع بعد شَأْوَيْهِما، وجلالة قدرهما، في معرفة الحديث ورجاله، تذاكرًا وتكلمًا في الأخبار التي رويت في هذا الباب، وكان عاقبة أمرهما أن اتفقا على سقوط الاحتجاج بحديث طَلْقٍ وَبُسْرَةَ، أي: لأنهما تعارضا فتساقطا، وهذا دليل ظاهر على أن لا سبيل إلى معرفة الناسخ والمنسوخ منهما*اهـ.
وهناك في كتب شروح السنة، والتفاسير وكتب الفقه، أمثلةٌ كثيرة لما قال به بعض العلماء بالتساقط بين نصين، من السنة، أو من الكتاب، لو استقصيت لجاءت في بحث كبير.
ولكن لا يلزم من القول به صحته، وحصول التساقط فعلًا؛ فقد يجمع بينهما. والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد