حكم الصلاة للميت


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

الأصل هو ألا يصلي الإنسان نيابة عن الآخر، وهذا ما اتفق عليه العلماء، كما ذكر القرطبي رحمه الله: (وأجمعوا أنه لا يصلي أحد عن أحد)، مستشهدًا بقول الله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (النجم:39). والسبب في ذلك هو أن الصلاة هي عبادة بدنية لا تقبلُ النيابة.

مع ذلك فإذا صليت نافلةً ثم أهديت ثوابها للميت فهذا قد أجيز من قبل بعض العلماء. وأوضح الحنابلة في كتبهم أن هناك بعض الأعمال التي يمكن أن تنتقل ثوابها نيابة وأخرى لا.

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قد أكد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعطاء الصدقة نيابة عن الميت والصوم عنه. ولكن لم يكن من عادة السلف أن يهدون ثواب أعمالهم للموتى، بل كانوا يعملون لأجل أنفسهم ويدعون للميت.

وعند النسائي: أن سعدًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أمي ماتت ولم توص، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم".

وعند النسائي أيضًا: "إن أمي ماتت وعليها نذر، أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال: نعم".

لذا فإن الأفضل هو أن يقتصر المسلم على ما ورد في السنة، كالدعاء للميت، الصدقة عنه، الصوم أو الحج نيابة عنه إذا كانت هذه العبادات واجبة عليه. وذلك استنادًا إلى عدة أحاديث شريفة.

وفي صحيح البخاري ومسلم: أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ قال: نعم، فدين الله أحق أن يقضى".

وفيما يتعلق بإقامة القراءات القرآنية على الطرق العامة للميت، فهذا من البدع لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. والاجتماع بهذا الشكل يصحبه مخالفات مثل التبذير والإسراف وغيرها، مما يجعله غير مشروع، ولو كان خيرًا لسبقنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الإمام ابن باز رحمه الله: المشروع الدعاء للميت، والترحم عليه، والصدقة عنه، أو الحج عنه، أو العمرة، كل هذا مشروع ونافع له، أما الصلاة للميت فلا أصل لذلك؛ لأنه لم يُشرع لنا أن نُصلي عن الأموات، ولكن الحج والعمرة لا بأس بها، والصدقة أيضًا، كل هذا مشروع، وهكذا الدعاء والترحم عليها، كما قال النبي : "إذا مات الإنسانُ انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له".

فلم يقل الرسول يصلي له. بل قال يدعو له، فالدعاء للميت والاستغفار له، وأن يسأل الله له الرحمة والمنزلة العالية في الجنة، وغفران الذنوب، والتصدق عنه بما يسّر الله من الطعام، أو من النقود، أو من الملابس على الفقراء والمحاويج، كل هذا طيب.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply