الزلازل والفيضانات عبر وعظات


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

مقترح خطبة الجمعة الأولى من شهر ربيع الأول ودروس هذا الأسبوع ودروس النساء:

1- الزَّلَازِلُ والفَيَضَانَات عِبَرٌ وعِظَات.

2- مَوقِفُ أَهْلِ الإِيمَان مِنَ هَذِهِ الآيات.

الهدف من الخطبة: التذكيرُ بمثْلِ هذه الأحداث الكونية، وترقيقُ القلوبِ، وتعليقُها بعلَّام الغيوب.

مقدمة ومدخل للموضوع:

أيها المسلمون عباد الله، فإن الزَّلَازِلَ والبَراكِين والعَواصِف، والفيضانات والأعاصير، وما نراهُ ونشاهدهُ هذه الأيام من الكَوارِثَ التي حَلَّت ببلادٍ كثيرةٍ من بلادِ المسلمين وغيرها؛ لَهِيَ آيات من آيات الله تعالى الدالَّةُ على قدرته، وعظمته سبحانه وتعالى؛ ولنا معها: (وَقَفَاتٌ وعِبَرٌ وَعِظَات).

أولًا: أن ما يحصل في هذا الكون هو بعلمه سبحانه وتعالى، وقد قدَّره، وكتبه قبلَ خَلْقِ السمَاوَاتِ والأرضَ، ومشيئتُهُ نافذةٌ جل في علاه.

قال تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}.

ثانيًا: أن من مات من المسلمين من زَلَازِلِ الدنيا، أو مات بالغَرَقِ، والهَدمِ؛ فهو شَهيدٌ:

ففي الصحيحين عنْ أبي هُرَيْرةَ رضي الله عنه، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم"الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْمِ، وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه".

وفي صحيح مسلم: "والغَريقُ شَهيدٌ".

• الغريق: سواءٌ غريق في البحر، أو النهر، أو غريق في السيول والفيضانات؛ فكل هؤلاء شهداء.

• ‏وصاحب الهدم: يعني الذي انهدم عليه البناء؛ كمن انهدم عليه بيته؛ بسبب هذه الزلازل، وغيرها.

ثالثًا: أن كَثْرَةَ الزَّلَازِل، والأمُورَ العِظَام من علامات الساعة:

رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ؛ [وَهُوَ الْقَتْلُ] حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ".

وعن عبدالله بن حوالةَ الأزدي رضي الله عنه قال: وضعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يدهُ على رأسي، وقال: "يا ابنَ حَوَالَةَ: إذا رأيتَ الخِلافةَ قد نَزَلَتِ الأرضَ المُقَدَّسَةَ، فقد دَنَتِ الزلازلُ، والبَلابلُ، والأمورُ العِظامُ، والساعةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ من الناسِ من يَدِي هذه مِن رأسِكَ"[صححه الألباني].

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَكثُرُ الصَّواعِقُ عِندَ اقْتِرابِ السَّاعةِ، حتَّى يَأتيَ الرَّجُلُ القَومَ، فيقول: مَن صَعِقَ قِبَلَكمُ الغَداةَ؟ فيَقولون: صَعِقَ فُلانٌ وفُلانٌ".

رابعًا: الزَّلَازِلُ الحِسِّيَّةُ لا تُنسِينا الزَّلَازِلَ المَعنَوِيَّة:

فكما أنَّ الأرضَ تتزلزلُ زَلَازِلَ محسُوسَةٍ؛ فكذلك القلوبُ تتزلزلُ بالشركِ والبدعِ والذنوبِ والمعاصي.

قال ابنُ رَجبٍ رحمه الله: تعليقًا على الحديث الذي أوردَهُ البخاريُّ وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: "وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ" قال: *أما كثرةُ الزلازلِ فهو مقصودُ الإمام البخاري في هذا الباب من الحديث، والظاهِرُ: أنه حَمَلَهُ على الزَّلَازِلِ المحسوسَةِ؛ وهي ارتجافُ الأرضِ وتَحرُّكهَا، ويُمكِنُ حَملُهُ على الزَّلَازِلِ المعنويةِ؛ وهي كثرةُ الفتنِ المزعجةِ، الموجبة لارتجافِ القلوب*.

فقد قال الله تعالى عن المؤمنين في يوم الأحزاب: {إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا}.

فقوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا} ليس المرادُ زلزلةَ الأرضِ حقيقة؛ وإنما المرادُ زلزلة القلوب من شدة الكروب، ومن شدة الخطوب التي أحاطت بهم من كل مكان.

وقال سبحانه وتعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}.

فالقلوبُ يا عباد الله، تتزلزلُ بكثرةِ المصائب، وتتزلزلُ بكثرةِ الدواهي، وتتزلزلُ بالشركِ والبِدَعِ والكبائرِ والمعاصي والمنكرات.

• فانتشارُ الشركِ؛ زِلْزَالٌ عظيم.

• ‏وانتشارُ السحر والشعوذة والبدع والقتل؛ زِلْزَالٌ عظيم.

• ‏وانتشارُ اللواط والزنا والفواحش؛ زِلْزَالٌ عظيم.

• ‏وانتشارُ الكذب والغش والخيانة، والسرقة، والظلم، وشهادة الزور؛ زِلْزَالٌ عظيم.

• ‏وانتشارُ قطيعة الأرحام، والهجر والعقوق؛ زِلْزَالٌ عظيم.

• ‏وانتشارُ الدخان، وشرب الخمور، والمخدرات؛ زِلْزَالٌ عظيم.

• ‏والتبرج والسفور والاختلاط، والأغاني؛ زِلْزَالٌ عظيم.

فكم يا عباد الله، من زَلَازِلَ في الأسواقِ والشواطئ والمتنزَّهاتِ؛ فكلُّ هذه زلازلُ تهزُّ القلوبَ صباح مساء؛ فلماذا لا ننتبهُ لها، ولا نتحدَّثُ عنها، ولا نخافُ منها كخوفِنَا من الزَّلَازِلِ الحِسِّيَّةِ؛ مع أن الزَّلَازِلَ المَعنَوِيَّةَ هي سببُ الزَّلَازِل الحِسِّيَّة، وسببُ الدمارِ والهلاكِ في الدنيا والآخرة.

قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}

وقال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.

فالشدائدُ والكروبُ، والمعاصي والذنوبُ زلازلَ معنوية في الأرواح والقلوب: {إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}.

خامسًا: زلازلُ الدنيا تذكِّرُنا بالزلازلِ الأخرويةِ الكبرى، وتذكِّرُنا بأهوالِ الآخِرَةِ:

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}.

وقال تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}.

وقال تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا}.

وقال تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ}.

وقال تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا}.

وقال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا * يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا}.

وقال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ}.

وقال تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ * إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} .

وقال تعالى: {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ}.

نسأل الله العظيم أن يعافي إخواننا المتضررين، وأن يقبل موتاهم عنده من الشهداء.

 

الخطبة الثانية: مَوقِفُ أَهْلِ الإِيمَان مِنَ هَذِهِ الزَّلَازِل والكوارث والفيضانات.

أيها المسلمون عباد الله، فإن الواجب علينا عِنْدَ وُقوعِ مثل هذه الزَّلازِلِ والفيضاناتِ، وغَيْرِها مِنَ الكوارثِ والآيات العَظِيمَة عِدَّةَ أمورٍ؛ منها:

1- الدُّعاء والتَّضَرُّعُ إلى الله تعالى:

قال تعالى: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

2- أن نَحمَدَ الله الذي عافانا من مِثلِ هذه الكوارث:

ففي سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن رَأَى مُبتَلًى فقال: الحمدُ للهِ الذي عافَانِي مِمَّا ابْتلاكَ به، وفَضَّلَنِي على كَثيرٍ مِمَّنْ خلق تَفضِيلًا، لَمْ يُصِبْهُ ذلكَ البلاءُ))

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا رأى ما يُحبُّ قالَ: "الحمدُ للَّهِ الَّذي بنِعمتِهِ تتمُّ الصَّالحاتُ"، وإذا رأى ما يكرَهُ قالَ: "الحمدُ للَّهِ علَى كلِّ حالٍ".

3- الخوف من الله تعالى، ومن حلول غضبه وعقابه، وأن نخاف أن تحلَّ بنا مثل هذه الكوارث:

قال تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيات إِلَّا تَخْوِيفًا}.

وقال تعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ}.

وقال تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أم أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ * وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}.

وَفي صحيح الْبُخَارِيِّ عن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا، رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ، وَإِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةُ، فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ، قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}".

ولَمَّا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رضي الله عنه، قام فَخَطَبَ النَّاسَ ووعظهم، فَقَالَ: "أَحْدَثْتُمْ؟ لَقَدْ عَجِلْتُمْ! لَئِنْ عَادَتْ ؛ لَأَخْرُجَنَّ مِنْ بَيْنِ ظَهْرَانَيْكُمْ لا أُساكِنكم فيها"[رواه البيهقي].

4- التَّوبةُ، والاستغفار، والإنابةُ إلي الله تعالى، والمُبادرةُ بالإقلاعِ عن الذنوب والمعاصي:

فإن مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ لِحُدُوثِ مثل هذه الأعَاصير والكوارث الْمُهْلِكَةِ، هِيَ الذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي.

كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.

فعلينا يا عباد الله، بالتوبة الصادقة، والاستغفار والتضرع إلى الله تعالى.

فإن الله تعالى يقول: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.

فلا ينبغي أن يكون حالنا مع هذه الكوارث هو مجرد تناقل الصور، ومتابعة الأخبار فقط؛ بل لابد من وقفة مع أنفسنا لنتوب إلى الله تعالى، ونرجع ونتضرع إليه سبحانه وتعالى.

قال قتادة رحمه الله: إِنَّ اللَّهَ يُخَوِّفُ النَّاسَ بِمَا شَاءَ مِنْ آياته لَعَلَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ، أَوْ يَذَّكَّرُونَ، أَوْ يَرْجِعُونَ. ثم قال: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْكُوفَةَ رَجَفَتْ عَلَى عَهْدِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَبَّكُمْ يَسْتَعْتِبُكُمْ فَأَعْتِبُوهُ" ؛ أي: اطْلُبوا منه أَنْ يُزِيلَ عَتْبَه، بِتَرْكِ الذُّنوبِ، والتَّوبَةِ النَّصوحِ.

قال ابن القيم رحمه الله: *قد يإذن الله سبحانه للأرض في بعض الأحيان بالتنفس، فتحدث فيها الزلازل العِظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية والإنابة، والإقلاع عن معاصيه، والتضرع إليه والندم*.

فحرِيٌّ بالمؤمن العاقل أن تكون مثلُ هذه الزلازلُ والكوارثُ التي تحدث بين الحين والآخر في هذا الزمان، سببًا لمبادرته بالتوبة والندم، والخوف من الله تعالى.

نسأل الله العظيم أن يردَّنا إلى دينه ردًّا جميلا، وأن يتوب علينا أجمعين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

ملحوظة:

1- الموضوع قابل للزيادة والتعديل بحسب وقت الخطبة أو الدرس.

2- إن لم تكن خطيبًا أو واعظًا فتستطيع بإذن الله تعالى أن تكون كذلك:

        _إما بقراءة المادة الوعظية على غيرك (أسرتك... أقرانك... زملاءك...).

        _وإما بنشرها وما يدريك لعل الخير يكون على يديك.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply