بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إذا أردت أن يرقّ قلبُك ويتأثر بتلاوة القرآن الكريم وسماعه فعليك بعدة أمور:
أولها: أن تعرف عن الله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته.
فأنت مثلًا إذا قرأت كتابًا من كتب الدنيا تعرف عن سيرة صاحبه وحياته وكذا فإن الأمر يختلف إذا قرأت كتابًا لمجهول، وكلما زادت المعرفة بفضل صاحب الكتاب وسيرته وإحاطته بما يكتب يزداد انتباهُك مع ما كتب وتقديرُك له.
تعالى الله وله المثل الأعلى في السماوات والأرض. أنت تقرأ كتابًا أنزله عليمٌ حكيمٌ قادرٌ خالقٌ مدبرٌ جبارٌ قهارٌ توابٌ رحيم.. وهكذا فكلما زدت في العلم بالله كلما زاد منسوب الرقّةِ والخشوع وأنت تقرأ.
ثانيًا: اتساع الأفق في فهم المعنى.
فإذا مررت مثلًا بقصة نوحٍ مع ابنه وهو يدعوه للإيمان بالله والنجاة من الطوفان لتتخيل أنت هذا المشهد أمامك رأي العين. هذا رجل مرسل من خالق الكون وهذا ابنه وفلذة كبده يكفر به.وبعد لحظات سيغرق ما شعوره آنذاك؟!!.. وما شعوره وهو يبتهل إلى ربه إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق؟!. وما مدى رسوخ إيمانه وهو يسلم الأمر لله إذ يقول وأنت أحكم الحاكمين؟!.. عمقُ فهمك وتصورك وتخيلك للحدث له ما له في التأثر والخشوع.
تخيل مثلًا قصة سحرة فرعون وما لهم من المكانة العظيمة عنده، ثم تتأمل انسلاخهم من الكفر إلى الإيمان بقلبٍ راسخٍ مذعن.. وما مدى وقْع هذا الحدث على قلبك وواقعك؟!.
حينما تقرأ وصف الجنة ونعيمها، ووصف النار وعذابها، وتتأمل تأمُّل المشاهِد للحدث والمعظِّم للكلام ومن قبلُ لقائله سبحانه. فحتمًا بسعة أفقك في الفهم والتصور ستجد ما لم تكن تجدْه من قبل.
ثالثًا: تجعل هذا نُصب عينيك دائمًا. هل أنت تقرأ لتعمل؟! ما مدى تأثير القرآن على أخلاقك وسلوكك وحياتك؟! فكلما عشت القرآن في حياتك كلما تأثرت به وأنت تقرأ..
رابعًا: أن تكون بارّ الوالدين واصلَ الرحم رحيمًا بالضعفاء ليّنَ الجانب سهلَ التعامل خافضَ الجناح في غير ما يستدعي نقيضَ هذا. فكلما زدت من هذه الصفات كلما رقّ قلبُك، وكلما رق قلبُك كلما كان خصبًا للخشوع والفهم والتأثر.
خامسًا: أن تأخذ طرفًا من اللغة فهمًا وتطبيقا.
فالقرآن عربيٌّ مبين، وفهمُك للّسان الذي نزل به القرآن عمقٌ في فهم مراده، وتلذُّذٌ بألفاظه ومراده..
وقارئٌ فاهمٌ للعربية لا يستوي أبدًا مع غير فاهم.
سادسًا: تحري الحلال الطيب في المطعم والمشرب والملبس والمسكن وفي كل شأنك، فمن نبت من حلالٍ فهو أرضٌ خصبة لكل طيب.
سابعًا: تذكرُ الموت وما بعده من نعيمٍ أو جحيم - جعلنا الله وإياكم من أهل النعيم - وأن تخلع عنك الدنيا وما فيها بتذكر وقوفك بين يدي الله.
ثامنًا: البُعد عن التكلف أثناء تلاوتك، كن على سجيتك وطبيعتك. فكلما قرأت بسهولةٍ وعذوبة، كلما كان تركيزُك فيما هو أهم.
تاسعًا: أن تعرف فضل التدبر والتأثر والتخشع بهذا الكتاب العظيم المبارك.
فتتذكر أمر ربك }كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آياتهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ.{
وتتذكر قول ربك }اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ{.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد