بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
مقترح خطبة الجمعة الرابعة من شهر صفر ودروس هذا الأسبوع ودروس النساء:
1- مُقَدِّمة.
2- فَضلُ ومنزِلَةُ الفَقِيرِ الصَّابِر.
3- آدَابُ الفَقِيرِ الصَّابِر.
الهدف من الخطبة: رسالة تصبير، ومواساة للفقراء في هذا الزمان الذي اشتدت فيه ضغوط الحياة، وازدادت فيه المعاناة، مع بيان بعض الآداب والأسباب التي تعين الفقير على تحمُّل فتنة الفقر؛ لنيل الفضائل والمنزلة العالية.
مقدمة ومدخل للموضوع:
أيها المسلمون عباد الله، فإن الله تبارك وتعالى بحكمته وعلمه، فَاضَلَ بين عباده في أمورٍ كثيرةٍ من أمور الدنيا، وذلك لحكمة وغاية عظيمة؛ فَفَاضل بينهم في الصحة والمرض، والمنشط والمكره، واليسر والعسر، وفاوت بينهم في الغنى والفقر؛ فأغنى من شاء، وأفقر من شاء سبحانه وتعالى.
قال الله تعالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}.
وقال تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ}
فقد ذكر الله تعالى ذلك إنكارًا على المشركين المعترضين على نزول القرآن والرسالة على النبي صلى الله عليه وسلم: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا القرآن عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} فقال تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} أي إذا كُنَّا نحن نقسم بينهم معيشتهم فنُغني هذا، ونُفقِرُ هذا؛ فكيف بالنبوةِ والرسالةِ وهي أجل وأهم من الطعام والشراب، والغنى والفقر: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}
ثم بيَّنَ سبحانه وتعالى العِلةَ والحكمةَ من هذا التفاوت.
فقال تعالى: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.
أي ليعمل بعضهم عند بعض؛ فلو أنه جعل الناس كُلَّهم أغنياء لتعطلت الحياة، ولا ما خدم أحدٌ أحدا.
ولو أنه أغنى الناس جميعًا لبغوا في الأرض.
كما قال تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِير}.
وبيَّنَ سبحانه وتعالى أن الفَقرَ والغِنَى مِحنتان، واختبار من الله تعالى يختبر بهما عباده بالصبر والشكر.
قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}.
وقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: *أي نبتليكم بالشر والخير؛ أي بالشدة والرخاء، والصحة والمرض، والغنى والفقر، وهذا من تمام حكمته ورحمته بخلقه سبحانه وتعالى.*
ولذلك تسَاءَلَ أهلُ العلمِ، عن أيهما أفضل: الفقير الصابر، أم الغني الشاكر؟
فمنهم من رجح: أنه الفقير الصابر.
وقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذه المسألة، فذكر: *أن أفضلهما أتقاهما لله*. فإن العبرة بالتقوى سواءٌ كان فقيرًا أو غنيًا.
والفقر لا يُمدحُ صاحبُهُ، ولا تكون له الفضائل، إلا إذا كان مقترِنًا بالصلاح والصبر التقوى.
وهل للفقراء فضلٌ وثمراتٌ، ومنزلةٌ عاليةٌ عند الله تعالى؟ نقول: نعم، إذا اقترن ذلك بالصلاح والصبر والتقوى.
الوقفة الثانية: فَضلُ ومنزِلَةُ الفَقِيرِ الصَّابِر:
1- يكفي الفقراء شرفًا أن الإسلام لم يهتم بشريحةٍ في المجتمع، مثل ما اهتم بشريحة الفقراء والمساكين:
فشرع وفرض الزكاة وأوجب على الأغنياء هذه الفريضة مواساة للفقراء والمساكين، بل وجعل الفقراء هم أول مصارف الزكاة، وحث على الصدقات وإطعام الفقراء والمساكين، ورتَّب على ذلك الأجر والثواب العظيم، وجعل لهم سهمًا في الغنائم؛ وهي الأموال المأخوذة من الكفار بعد القتال، وجعل لهم سهمًا في الفيء؛ وهو الأموال التي تؤخذ من الكفار بلا قتال.
2- والفقراء هم أكثر أتباع الأنبياء والرسل؛ فهم أكثر الناس قبولًا للحق:
ففي صحيح البخاري من حديث أبي سفيان مع هِرَقل: *وَسَأَلْتُكَ: أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أم ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ*؛ أي: أن أتباع الأنبياء أكثرهم الفقراء.
وقال الله تعالى عن قوم نوح عليه السلام: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ}.
وقال تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ}.
بل أن الأنبياء أنفسهم كانوا فقراء.
فهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ"، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ"[رواه البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه].
3- ومما يعلي من شأن، ومنزلة الفقراء أنهم أحب إلى الله تعالى، وإلى الأنبياء والمرسلين:
فقد أمر الله تعالى الأنبياء بملازمتهم.
فقال لنبيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}.
وقال عن نوح عليه السلام: {وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتقرَّبُ إلى الله تعالى بحبهم، ويسألُهُ أن يكون معهم في الدنيا والآخرة.
قال صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ"[رواه أحمد، والترمذي، وصححه الألباني].
وقال صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكِينِ يَوْمَ القِيَامَةِ"[رواه الترمذي، وصححه الألباني].
فليس المقياس عند الله تعالى بحسب الغنى والفقر، وإنما بالإيمان والتقوى.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.
وليست السعادة، والحياة الطيبة في كثرة الغنى والجاه؛ وإنما في الإيمان والعمل الصالح.
قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
وهذا من تمام حكمتِهِ وعدله جل في علاه فلم يجعل الوصول إليه، ولا طريق السعادة في المال الذي يتفاوت فيه الناس؛ وإنما جعله في شيء يتساوى فيه الجميع ويستطيعونه.
}مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ.{
فكم من فقير في أعيُنِ الناس، وله منزلة وشأن عند الله تعالى.
فقد روى البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: "مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ: مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟، فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا وَاللَّهِ حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا)".
وها هم الصحابة كانوا فقراء، ومع ذلك قادوا الأمم، وكانوا أعبد الناس، وكانوا أقوى الناس إيمانًا، وضربوا أروع الأمثلة في تحمل الفقر والجوع، والصبر على تحمل الأذى؛ من أجل الفوز بدين الله تعالى؛ في حين لم ينتفع أبو لهب بكثرة ماله وغناه.
قال الله تعالى: {مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}.
فالفقر الحقيقي هو أن يكون العبد فقيرًا في الطاعات، والأعمال الصالحة، ويأتي يوم القيامة وليس معه حسنات.
4- والفقراء هم أول مَن يرد الحوض على النبي صلى الله عليه وسلم:
عن ثوبان رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إِنَّ حَوْضِي مَا بَيْنَ عَدنَ إلى أَيْلَةَ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، أَكَاوِيبُهُ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَأَوَّلُ مَنْ يَرِدُهُ عَلَيَّ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ، الدُّنْسُ ثِيَابًا، وَالشُّعْثُ رُءُوسًا، الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُنَعَّمَاتِ، وَلَا يُفْتَحُ لَهُمُ السُّدَدُ"[رواه أحمد، والترمذي، وصححه الألباني].
5- والفقراء هم أول النَّاسِ مَن يجوز الصراط يوم القيامة:
قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}.
وروى مسلم في صحيحه، عن ثَوبانَ رَضِيَ الله عنه: أن يهوديًّا سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً؟ قَالَ: "فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ".
6- والفقراء هم أول من يدخل الجنة؛ بل ويسبقون الأغنياء في دخولها:
فقد روى مسلم عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلى الْجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا".
وفي سنن الترمذي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَدْخُلُ فُقَرَاءُ المُسْلِمِينَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ"[رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني].
وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تَجْتَمِعُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: أَيْنَ فُقَرَاءُ هَذِهِ الأُمَّةِ وَمَسَاكِينُهَا؟ قَالَ: فَيَقُومُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَاذَا عَمِلْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا ابْتَلَيْتَنَا فَصَبَرْنَا، وَآتَيْتَ الأَمْوَالَ وَالسُّلْطَانُ غَيْرَنَا، فَيَقُولُ اللَّهُ: صَدَقْتُمْ، قَالَ: فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ النَّاسِ، وَيَبْقَى شِدَّةُ الْحِسَابِ عَلَى ذَوِي الأَمْوَالِ وَالسُّلْطَانِ"[رواه الطبراني، وابن حبان، وحسنه الألباني].
7- والفقراء هم أكثر أهل الجنة:
ففي الصحيحين عَنْ أُسَامَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينَ، وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إلى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ".
وفي الصحيحين عن حَارِثَة بْنِ وهْبٍ رضي الله عنه قَالَ: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولُ: "أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجنَّةِ؟ كُلُّ ضَعيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لَوْ أَقْسَم عَلَى اللَّه لأبرَّه، أَلا أُخْبِرُكُمْ بَأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ".
وفي صحيح مسلم عن أَبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "احْتَجَّتِ الجَنَّةُ والنَّارُ، فقالتِ النَّارُ: فيَّ الجَبَّارُونَ والمُتَكَبِّرُونَ، وقالَتِ الجنَّةُ: فيَّ ضُعَفاءُ النَّاسِ ومَسَاكِينُهُمْ، فَقَضَى اللَّه بيْنَهُمَا: إِنَّكِ الجَنَّةُ رَحْمَتي، أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وإِنَّكِ النَّارُ عذَابي، أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، ولِكِلَيْكُما عليَّ مِلْؤُها".
وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بقوم مِن أصحابه الفقراء فنظر إليهم، وقال: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ لَأَحْبَبْتُمْ أَنْ تَزْدَادُوا فَاقَةً وَحَاجَةً"[رواه الترمذي، وصححه الألباني].
8- ومما يُعلي من شأن الفقراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذمَّ الولائم التي يُدعى إليها الأغنياء دون الفقراء.
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ، يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ"، وقَالَ اِبْن مَسْعُود رضي الله عنه: "إِذَا خُصَّ الْغَنِيُ وَتُرِك الْفَقِير أُمِرْنَا أَنْ لَا نُجِيب."
9- وبيَّن صلى الله عليه وسلم أن الأمة لا تُنتَصر إلا بضعفائها وفقرائها.
روى البخاري عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ".
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أَبْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ، فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ"[رواه أبوداود، الترمذي].
10- بل وربما يُرزقُ الإنسانُ بسبب قريبٍ له فقير كان يتعاهدُهُ وينفِقُ عليه.
روى الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانَ أخَوانِ على عَهْدِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فَكانَ أحدُهُما يأتي النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ والآخر يحترِفُ، فشَكَى المحترفُ أخاهُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: "لعلَّكَ ترزقُ بِهِ".
نسأل الله العظيم أن يرزقنا فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ.
الخطبة الثانية: آدَابُ الفَقِيرِ الصَّابِر:
أيها المسلمون عباد الله، وحتى يضمَنَ المسلمُ الفقيرُ هذه الفضائل، وهذه الدرجات العالية، لابد له من آداب تعينُهُ على تحمُّلِ فتنةَ الفقرِ، وتنيرُ طريقَه إلى السعي في كسب الرزق؛ ومن هذه الآداب:
1- النِّية الصالحة:
وهي قضيه من الأهمية بمكان؛ وذلك بأن ينتوي الفقير نية صالحة؛ بمعنى: أن يتساءل، أو يطرح سؤالًا: لو أن لي مالًا ماذا سأفعل بهذا المال؟
واسمع لمن جدد نيته الصالحة، كيف أنه بلغ منازل الأغنياء الصالحين، عندما انتوى فعل الخير من البذل والعطاء والانفاق في سبيل الله، لو أن عنده مال.
ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القُرْآنَ، فَهو يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيْلِ، وآناءَ النَّهارِ، فَسَمِعَهُ جارٌ له، فقالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ ما أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعْمَلُ، ورَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا فَهو يُهْلِكُهُ في الحَقِّ، فقالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ ما أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعْمَلُ".
وحتى لو أنفق من ماله القليل فلن؛ يُحرم الأجر والثواب.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبقَ درهمٌ مائةَ ألفٍ درهمٌ" فقالَ رجلٌ: وَكَيفَ ذاكَ يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: "رجلٌ لهُ مالٌ كثيرٌ أخذَ من عرضِهِ مائةَ ألفٍ درهمٌ تصدَّقَ بِها، ورجلٌ ليسَ لهُ إلَّا درهمانِ فأخذَ أحدَهُما، فتصدق به"[رواه النسائي، وأحمد، وحسنه الألباني].
2- حسن التوكل على الله تعالى:
قال الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}
وقال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}
وقال الله تعالى: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}.
وقال الحسن رحمه الله: *علمتُ أن رزقي لا يأخذه غيري؛ فاطمأن قلبي*.
3- الرضا بما قسم الله تعالى:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وَارْضَ بِما قَسَمَ الله لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النّاسِ"[رواه أحمد، والترمذي، وحسنه الألباني]
وفي الصحيحين عن أبى هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ"(رواه مسلم).
واحذر من التشكي والتسخط؛ فإنه ينافي الرضا، وهو نذير منع النعم.
ومِن صور التشكي وعبارات التسخط: إعلان الحاجة والفلس دائمًا، وكثرة الاعتراض على قدر الله تعالى.
وصدق القائل عن أحوال الناس في هذا الزمان: *الفقر في قلوبهم، ولكن في أيديهم ما يكفيهم*.
ولتعلم أن النعم ليست محصورة في المال فقط، فقد تُعطى المال وتحرم غيره.
عن يونس بن عبيد رحمه الله، أن رجلًا شكا إليه ضيق حاله، فقال له يونس: أيسرك أن لكَ ببصرك هذا الذي تبصر به مائة ألف درهم؟ قال الرجل: لا. قال: فبرجليك؟ قال: لا، قال: فذكَّره نعم الله عليه، فقال يونس: أرى عندك مئين ألوف، وأنت تشكو الحاجة.!"
وتأمل معيَ أخي الحبيب، وسل نفسك هذه الأسئلة؛ لِتَعرِفَ كثرة نِعَمِ الله عليك: ألست اليوم أنت تقوم لوحدك؟ وتجلس لوحدك؟ وتمشي لوحدك؟ وتقضي حوائجك لوحدك؟ وتشرب كوب الماء لوحدك دون مساعدة أحد؟ وتنظر وتسمع وتتكلم؟ وتنام مرتاحًا ولا تشعر بألم؟ هذه والله نِعَمٌ حُرِمَ منها الكثير من الناس اليوم.
وصدق القائل:
هي القناعة فالزمها تعش ملكًا لو لم يكن فيك إلا راحة البدن.
وانظر لمن مَلَك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن.؟!
4- لا تنظر إلى مَن هو فوقك:
في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "انْظُرُوا إلى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إلى من هُوَ فَوْقَكُمْ؛ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُم"، وفي راوية: "إِذا نَظَر أَحَدُكُمْ إلى مَنْ فُضِّلَ عليهِ في المالِ وَالخَلْقِ فلْيَنْظُرْ إلى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ".
قال عَوْن بْن عَبْدِ اللهِ رحمه الله: *صَحِبْتُ الأَغْنِيَاءَ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَكْثَرَ هَمًّا مِنِّي، أَرَى دَابَّةً خَيْرًا مِنْ دَابَّتِي، وَثَوْبًا خَيْرًا مِنْ ثَوْبِي، وَصَحِبْتُ الْفُقَرَاءَ فَاسْتَرَحْتُ*.
فمقادير الأرزاق تتفاوت بين الناس؛ لحكمة لا يعلمها إلا الله تعالى.
قال الله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
وروي في الحديث القدسي: "وإن مِن عبادي المؤمنين لمَن لا يصلحه إلا الغنى؛ ولو أفقرته لأفسده ذلك، وإن مِن عبادي المؤمنين لمَن لا يصلحه إلا الفقر؛ ولو أغنيته لأفسده ذلك".
واحذر أن تحسد الأغنياء، وادع الله لهم أن يكونوا مِن الشاكرين.
ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ".
فلا تنظر إلى مَن فوقك في الدنيا؛ فتحتك الكثير.
5- الاقتصاد في المعيشة:
فكثير مِن الفقراء تزداد معاناتهم بسبب الكماليات والتحسينات: في المساكن، والمآكل والمشارب، والثياب، والهواتف المحمولة ونحوها؛ فتتراكم عليهم الديون والهموم بسببها.
وكثير مِن الفقراء تتراكم ديونهم؛ لأنهم يتبعون طريقة: *كلما اشتهيت اشتريت.!*
مرَّ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ومعه لحم على عمر رضي الله عنه فقال: *ما هذا يا جابر؟ قال: هذا لحمٌ اشتهيتُه فاشتريته. قال: أوَكلما اشتهيت شيئًا اشتريته، أما تخشى أن تكون مِن أهل هذه الآية*: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا}.
وتأمل إلى حال النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، ومأكله ومشربه، وسائر معيشته.
في الصحيحين عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالتْ له: "ابْنَ أُخْتِي، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إلى الهِلاَلِ، ثُمَّ الهِلاَلِ، ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ! فَقُلْتُ يَا خَالَةُ: مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟! قَالَتْ: الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ، كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهِمْ، فَيَسْقِينَا".
6- التعفف والسعي إلى الكسب الحلال:
فليس معنى أن الأرزاق مقدَّرة أن يترك الفقير السعي في التكسب.
قال الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
وقال ﺗﻌﺎﻟﻰ: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}.
وفي الصحيحين عن أبى هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ".
7- كثرة الدعاء والتضرع، والاستقامة، والاستغفار:
قال الله تعالى: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
وفي الحديث القدسي، قال الله تعالى: "يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ وَإِلَّا تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ"[رواه الترمذي، وصححه الألباني].
وفي صحيح مسلم كان مِن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى، وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ، وَالْغِنَى".
8- التصبر بنعيم الجنة:
ففي صحيح مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم: "يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ".
والتصبر بفضائل الفقراء، وما أعده الله لهم من النعيم؛ فما حُرِم منه الفقير في الدنيا؛ إلا أعطاه الله تعالى أفضل منه في الجنة.
عن أبي هُريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لمَوْضِع سَوْطِ أَحَدِكُمْ في الجنةِ خيرٌ مِنَ الدنيا وما فيها"، واقرَأُوا إن شِئْتُم: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [رواه الترمذي، والنسائي، وأحمد، وصححه الألباني].
نسأل الله العظيم أن يرزقنا من فضله، وأن يجعلنا من عباده الشاكرين، وأن يجعلنا من أهل الجنة أجمعين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
ملحوظة:
1- الموضوع قابل للزيادة والتعديل بحسب وقت الخطبة أو الدرس.
2- إن لم تكن خطيبًا أو واعظًا فتستطيع بإذن الله تعالى أن تكون كذلك:
- إما بقراءة المادة الوعظية على غيرك (أسرتك... أقرانك... زملاءك...).
- وإما بنشرها وما يدريك لعل الخير يكون على يديك.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد