بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
كنت قد قرأت في سيرة إبراهيم بن أدهم -رحمه الله- موعظة رائعة بطلب من شاب منغمس في المعاصي والذنوب، وملخص هذه النصيحة الخماسية أن يراعي الإنسان هذه الأمور حين الهمِّ بالمعصية: أن يعصي الله من غير أن يراه، وأن يعصي الله في غير أرضه، وألا يأكل من رزق الله مادام يعصيه، وأن يطلب من ملك الموت تأجيل قبض روحه إذا حانت منيته، وأن يفلت من الزبانية إذا أرادوا قذفه في النار؛ وحيث تستحيل هذه الخمس فقد فرق الشاب وفزع وعزم ألا يقارف المعاصي بعدها.
ومن فوائد هذه القصة أنَّ الشاب المذنب هو مَنْ طلب النصيحة لشعوره بألم المخالفة وهكذا يجب أن نكون معشر الخطاءين؛ ثمَّ أنَّه خاف وتأثر ولم يكن حاله مع النصيحة مجرد ]انفعال صورة[ يزول بزوال المؤثر بل بقيت نصيحة حاضرة حية في خلده؛ وكذلك جمال وكمال نصيحة العابد الزاهد الذي هجر دنيا المال والجاه وهي مقبلة عليه فأعرض عنها مقبلًا على الله والدار الآخرة.
ولأنَّنا نعيش عصرًا مختلفًا بأناس مختلفين ومغريات تعيش مع الإنسان حتى في أخص أحواله؛ ولأنَّ ترك القبيح صار جميلًا وحسنة من الإنسان على نفسه ومجتمعه؛ لذا فقد تخيلت واعظًا زاهدًا كإبراهيم أو الحسن –رحمهما الله – يخاطب أهل زماننا فيقول:
إذا كنت عاصيًا ولا بدَّ فلا تستحلنَّ المعصية ولو انهمكت فيها انهماك من لا ينزع البتة.
إذا عصيت فلا تجاهر واستخف ماوسعك الجهد في ذلك.
لا تقارف كبيرة ولا موبقة وابتعد عن مظانهما ففيهما العطب.
لا تكن قدوة لغيرك في الإثم فتكون كالشقي من ابني آدم.
لا تكن رأسًا في الباطل وعَلَمَ سوء يأرز إليه الأبالسة والمبطلون.
لا تجعل خطيئتك من الباقيات السيئات وبادرها بخير ما استطعت إلى ذلك سبيلًا؛ ولا تستكثر على نفسك أو منها الخير.
لا تتخذ من ذنبك طريقًا لمزيد من الذنوب فثمَّ الهاوية!
كن همَّامًا بالتوبة وحدِّث نفسك بالأوبة ولا تقطع عليك خط الرجعة فالله سبحانه يحب العبد التواب.
لا تسوغ خطأ الآخرين لأنك واقع في ذات الخطأ أو غيره.
لا تعنف ناصحًا ولا تشغب على محتسب وتذكر أنَّك مَنْ جلب على نفسه الناصحين والمحتسبين.
لا يتسلل لعقلك الباطن شعور باستحالة ترك المعصية وهجرانها، ولا تستسلم لعدونا المتربص ]أعاذنا الله وإياك منه.[
كلنا ذوو خطأ ولا جرم؛ ولكن لنحفظ أنفسنا ومجتمعاتنا من أن يكون واحدنا شيطانًا مريدًا ضالًا مضلًا.
وبعد؛ فليس فيما سبق ما يدعو للمعصية أو يهون من شانها؛ وكلُّ ما سبق راجع لنصوص أو أصول شرعية وما كان منها مخالفًا للشريعة المطهرة فمطرح مردود وأستغفر الله منه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد