حياء المرأة في الإسلام


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

أعطى الإسلام أهمية خاصة لبعض الفضائل الأخلاقية التي تعتبر أساسية في بناء الشخصية الإنسانية. ومن هذه الفضائل الحياء، الذي وصفه النبي بأنه "خُلُق الإسلام". يقصد بالحياء في هذا السياق مجموعة من المفاهيم مثل الوعي الأخلاقي، والبعد من السلوك السيء، والحشمة. وهي صفة متأصلة في الطبيعة البشرية، وصفة من صفات الله تعالى وأنبيائه. قال في صحيح البخاري: "إنَّ ممَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِن كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إذا لَمْ تَسْتَحْيِ فاصْنَعْ ما شِئْتَ".

وفي الحديث المروي عن عمران بن الحصين في السلسلة الصحيحة للألباني أن النبي قال: "الحياءُ خيرٌ كلُّه".

الحياء منقبة وفضيلة وفيه يترفَّع المرء عن المعاصي والآثام، فالرادع عن القبح إنما هو الحياء، وبغيابه تتدمر الأخلاق وينتكس المجتمع، وترتكب الفواحش باسم الحرية، فمن لم يستحِ فإنه يصنع ما يشاء. والحياء يكون من الله، ومن الملائكة، ومن النفس، ومن الناس.

في العلاقات الاجتماعية، يؤكد النص الإسلامي تأكيدًا أكبر على حياء النساء مقارنةً بالرجال.  فيُعتبر الزي المحتشم مهمًا للجنسين، لكن الشرع الإسلامي يُلزم النساء بتغطية أجسادهن بشكل أكبر في الأماكن العامة. هذا ليس تفريدًا للنساء، بل يُمكن فهمه في إطار العدالة والحكمة الإلهية التي تُغلف كل تشريع في الإسلام. فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال: "الحياءُ والإيمانُ قُرِنا جميعًا ، فإذا رُفِعَ أحدُهما رُفِعَ الآخَرُ".

فالحياء هو أصل الخير كله، وبذهابهِ يذهب الخير كله، ولفهم هذا التأكيد الأكبر على حياء النساء، يُمكن النظر إلى الفروق البيولوجية والنفسية بين الجنسين. تؤكد الدراسات العلمية أن الرجال يفكرون في الجنس أكثر من النساء، وهم يشكلون الغالبية العظمى من مشاهدي المحتوى الإباحي. تظهر الإحصائيات بالإضافة إلى ذلك أن النساء هنّ الأكثر تعرضًا للعنف الجنسي. يقول تعالى: "فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ" (الأحزاب:32).

بالطبع فليس القصد من هذا تحميل المرأة مسؤولية الحفاظ على الفضيلة، فالإسلام يُعاقب الفاسقين من الجنسين على حد سواء، ولكن يعتبر الحياء جزءًا من نظام شامل يدعو إلى المسؤولية المشتركة. هذا النظام يعترف بواقع الطبيعة البشرية ويحاول التعامل معها بحكمةٍ وعدلٍ، ذلك بدلًا من الانخراط في رؤى يوتوبية لا تعكس الواقع.

وإذا كان الحياءُ ممدوحًا في الرجال؛ فهو في النساءِ أجمل؛ لأنه أستر وأكمل، قال تعالى: }فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ{(القصص:25). أي: مُستحْيِيَة في مشيها، غير مُتبخترة، ولا مظهرةً زينة، فهذا يدل على كريم عنصرها، وخُلُقِها الحسن؛ فإن الحياء من الأخلاق الحسنة، وخصوصًا في النساء.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله قال: "الحياءُ من الإيمانِ، والإيمانُ من الجنَّةِ، والبذاءُ من الجفاءِ، والجفاءُ في النَّارِ".

وقيل للجنيد: بم أستعين على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبق من نظرك للمنظور إليه.

إذن فالحياء أفضل الأخلاق وأجلها وأعظمها، وأهل الإيمان في الجنة وأهل البذاء والفواحش في النار، والتأكيد المستمر على الحياء في النصوص الإسلامية جزءٌ من نظامٍ إلهيٍ يهدف إلى الحفاظ على استقرار المجتمع وحمايته من التفكك الأخلاقي. هذا النظام يعترف بالفروق بين الجنسين ويحاول التعامل معها بطريقة تحقق العدل والمساواة في الواقع، وليس فقط كمفهوم نظري.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply