أصل العرب من الحجاز أم اليمن


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

سألني صديق عزيز عن العرب؛ أصولهم من الحجاز أم من اليمن؟

فأجبته بما يلي:

العرب عموما ينحدرون من أصلين كبيرين.

بني قحطان الأولى، وبني إسماعيل.

وقحطان الأولى سكن بعضهم اليمن، مثل جرهم، ومعظم قحطان الأولى فنوا، أو ذابوا في أمم أخرى.

وأمّا بنو إسماعيل الذين معظم العرب اليوم منهم، بل لا يكاد العرب يخرجون عن بني إسماعيل، وهم بطون:

بنو عدنان بن إسماعيل

وبنو قحطان بن إسماعيل؛ فأعظم بنيه الذين فيهم عداد قحطان وكاهله هم بنو سبأ.

وكان سبأ هو وبنوه يسكنون مكّة وما حولها مع بني عمومتهم أبناء عدنان، حتّى ضاقت بهم فتفرّقوا في جزيرة العرب، وانزاحوا في أطراف مكّة ممّا يلي تهامة، والطائف. وكانت تهامة أوّل مساكن فروع من عدنان مثل كنانة، وتميم، وخرج بعضهم إلى شرق مكّة فنزلوا نجدًا، وما وليها من شرق الجزيرة وشمالها.

أمّا بنو قحطان بن إسماعيل وهامتهم سبأ فقد خرجوا من مكّة كذلك بعد أن كثر نسلهم وتعدّدت قبائلهم؛ فانقسموا إلى قسمين:

قسم رحل إلى اليمن وهم الأكثرون منهم، وقسم رحلوا إلى الشام وهم الأقلّ من بني سبأ. وقدبيّن هذا حديث النبيّ فيما صحّ عنه: "قال رجلٌ: يا رسولَ اللَّهِ، وما سَبأٌ، أرضٌ أو امرأةٌ؟ قالَ: ليسَ بأرضٍ ولا امرأةٍ، ولَكِنَّهُ رجلٌ ولدَ عشرةً منَ العربِ فتيامنَ منهم ستَّةٌ، وتشاءمَ منهم أربعةٌ. فأمَّا الَّذينَ تشاءموا فلَخمٌ، وجُذامُ، وغسَّانُ، وعامِلةُ، وأمَّا الَّذينَ تيامنوا: فالأزدُ، والأشعرون، وحِميرٌ، وَكِندةُ ومَذحِجٌ، وأنمارٌ،. فقالَ رجلٌ: يا رسولَ اللَّهِ، ما أنمارٌ؟ قالَ: الَّذينَ منهم خثعَمُ، وبَجيلةُ".

وقوله تيامنوا أي اتّجهوا إلى اليمن، وتشاءموا يدلّ أي اتّجهوا إلى الشام.

وهذا يدلّ على أنّ اليمن والشام لم تكونا أرض العرب الأولى، سواء بنو قحطان وعامّتهم سبأ، أو بنو عدنان.

والخلط في أنساب العرب وديارهم جاء من التداخل بين قحطان الأولى وقحطان الثانية لسببين أحدهما تشابه الأسماء، والآخر انتقال قحطان الثانية من مكّة وما حولها إلى اليمن.

فخلط بعض النسابة بين قحطان الأولى، وبين قحطان الثانية.

ثمّ ظهرت دعوى العرب والعاربة، والمستعربة؛ وجعلوا قحطان الثانية هي العاربة، وبني عمومتهم عدنان هي المستعربة، بناء على وهمهم أنّ قحطان الثانية هي قحطان الأولى.

ثمّ إنّه لا يصحّ هذا التقسيم -أعني عاربة ومستعربة- لأنّ عربيّة بني إسماعيل أعظم من عربيّة قحطان الأولى. فبنو إسماعيل بفرعيهم ليسوا مستعربين، بل هم أصحاب اللسان الفصيح الذي نزل به القرآن.

فأمّا تعلّم إسماعيل عربيّة جرهم فلا يعني استعرابه، لأنّ لسانه هو العربيّ المبين، ولسان جرهم وباقي قحطان الأولى ليست باللسان الفصيحة.

وختامًا فإنّ أصل العرب اليوم هم من مكّة، وهم من ولد إسماعيل، ثمّ تفرّقوا في جزيرة العرب فمنهم من تيامنوا فبقوا في حدود جزيرة العرب، ومنهم من تشاءموا فوصلوا أطرافها الشماليّة فدخلوا الشام، ومنه إلى العراق، ومصر.

ثمّ خرجت الأزد وطيّئ بعد انفجار سدّ مأرب؛ فسكن الأزد السروات، ويثرب، ومكّة، وعمان، والشام. وسكنت طيّئ الجبلين.!

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply