المشي يزيل الهموم ويبدد الأحزان


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

من أفضل ما يزيل الأحزان والهموم المشي الطويل، ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي : هل أتى عليك يومٌ كان أشدَّ من يوم أُحُدٍ؟ قال: "لقد لقيتُ من قومك، وكان أشد ما لقيتُ منهم يوم العقبة، إذ عرَضتُ نفسي على ابن عبدِ يَاليلَ بنِ عبدِ كُلالٍ، فلم يُجبني إلى ما أردتُ، فانطلَقتُ وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أَستفِقْ إلا وأنا بقَرْنِ الثعالب، فرفعتُ رأسي، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلَّتْني، فنظرتُ فإذا فيها جبريل عليه السلام، فناداني فقال: إن الله تعالى قد سمع قولَ قومِك لك، وما ردُّوا عليك، وقد بعث إليك ملَكَ الجبال لتأمُرَه بما شئتَ فيهم، فناداني ملَكُ الجبال، فسلَّم عليَّ ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قولَ قومِك لك، وأنا ملَكُ الجبال، وقد بعثني ربي إليك لتأمُرَني بأمرِك، فما شئتَ: إن شئتَ أطبَقتُ عليهم الأخشبين؟ فقال النبي ﷺ: بل أرجو أن يُخرِجَ الله من أصلابهم من يعبُدُ الله وحده لا يشرك به شيئًا"؛ متفق عليه.

والمشي في البراري والأرياف صحة وتجديد للنشاط. قال ابن رجب رحمه الله تعالى: *أما الخروج إلى البادية أحيانًا للتنزُّه ونحوه في أوقات الربيع وما أشبهه: فقد ورد فيه رخصة*، وذكر حديث عائشة الآتي ذكره (فتح الباري 1/ 116).

وقد صح في الحديث عن شريح الحارثي قال: *قلت لعائشة رضي الله عنها: هل كان النبي يبدو؟ قالت: نعم، كان يبدو إلى هذه التلاع*؛ رواه أحمد (24307)، وأبو داود (2478)، وصحَّحه ابنُ حِبَّان (550). ‏

قال الخطابي: *التلاع*: جمع تَلعة؛ وهي ما ارتفع من الأرض وغلظ، وكان ما سفل منها مسيلًا لمائها.

وقال سلمة بن الأكوع رضي الله عنه إني سمِعْتُ رسول الله يقول: "ابْدُوا يَا أَسْلَمُ، فَتَنَسَّمُوا الرِّيَاحَ، وَاسْكُنُوا الشِّعَابَ"، فقالوا: إنا نخاف يا رسول الله أن يضُرَّنا ذلك في هجرتنا، قال: "أَنْتُمْ مُهَاجِرُونَ حَيْثُ كُنْتُمْ"؛ أحمد (16553).

وكان ابن تيمية رحمه الله يخرج من دمشق وينشد: وأخرج من بين البيوت لعلني… أحدث عنك النفس بالسر خاليًا.

و في محاضرات الأدباء ٢ / ٥٩٤ كتب عمر بن الخطاب إلى أمير الأجناد: مروا الناس أن يخرجوا إلى الصحارى أيام الربيع فينظروا إلى آثار رحمة اللّه كيف يحيي الأرض بعد موتها.

وقال الشاعر: أربعة تحيا بها # روح و نفس و بدن الماء و الخضرة و الند # مان و الوجه الحسن‌.

وقال أبقراط: من لم يبتهج لرؤية الربيع، و لا يتروع بنسيم أسحاره فهو عديم حس أو سقيم نفس.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply