صفةُ الطمع هي من طبيعة البشر


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

لكل شيء أصل وأصل الطمع هو التمني والطمع صفة يتصف بها كل الناس سواء ظهرت علاماته عليهم أم لا فهناك من يُخفي أطماعه ولا يتكلم بها والطمع نوعان منها نوع في المخلوق بخالقه كالطمع في رحمته وجنته ومغفرته ورزقه وهدايته له... الخ وهذا مطلوب وهو من مراتب الرجاء.

وأما النوع الثاني فهو طمع المخلوق بمخلوق آخر وهذا النوع بالذات على ثلاثة وجوه ومنها:

- الوجه الأول: مسموح وهو أن يطمع في أمر شرعي كالزواج والعمل والسكن... الخ.
- والوجه الثاني: ممنوع وهو أن يطمع في أمر شرعي لكن طمعه يكون ذلا وخضوعا وإهانة لمكانته بين الناس فيتكلم مع الناس بطرق التعبد وهذه لا تليق إلا عند دعاء الخالق سبحانه وتعالى وليس في دعاء المخلوق.
- والوجه الثالث: وهو محرم أي الطمع الذي يأتي بالمحرمات كالزنا وأكل حقوق الناس وأخذ الرشوة أو إعطائها... الخ.

فهذه حقيقة الطمع لأن هناك فئة من الناس تعتقد أن الطمع كله مذموم والصواب هو أنه على قسمين مذموم وممدوح بين الجائز والمحرم كما فصلنا فيه سابقًا.

وهناك نوع من الطمع تتغير فيه النية والقصد حسب الظروف مثل الأطماع السياسية، فهناك من يبحث عن كيفية الوصول للسلطة لخدمة الناس فيتقدم هو للترشح على أمل تحقيق أهداف كان بالأمس يحلم بتجسيدها ميدانيًا، لكن بعد نجاحه واستلام منصبه ومع مرور الزمن قد تتغير الأطماع بين عشية وضحاها فتصبح أطماعه مادية لنفسه وعائلته ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : "لا تسأل الإمارة فإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها... " رواه الشيخان.

وهناك نوع آخر من الأطماع ما قد يُفسد المحبة والإحترام بين الناس مثل من يطمع فيما يملكه الغير فيطلب من أموالهم أو أملاكهم... الخ وهذا أيضا على قسمين وهما:

- قسم كطمع الإستدانة وهذا مسموح به بشرط دون ذل وخضوع للمعني ودون إلحاح على الطلب إن تم رفضه مسبقًا.

- والقسم الثاني وهو طمع الأخذ دون رد وهذا قد يكون مذموما إذا وصل لدرجة أخذ الشيء دون رضا المعطي له وقد يعطيه بسبب كثرة الطلب وليس له رغبة في الإعطاء وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليست في وجهه مُزغة لحم" رواه الشيخان.

وهذا الذي يُسمى *الطمع يفسد الطبع* أي يفسد طبيعة الإنسان فلا يستحي أو يخجل من نفسه بسبب أطماعه فمن الواجب هو الإستغناء عنه إذا وصل لهذه الحالة الغريبة فترك الطمع في المخلوقين فضيلة عند المسلم بل هي صيانة لكرامته وستر لمروءته ووقار لإسمه في الحياة وبعد الممات فلا يُذكر بعيب في ألسنة الغير من سوء طمعه بل إن الإستغناء عن الطمع هو نوع من الشموخ وقمة الشهامة ومن متممات للرجولة عند الرجال ومن متممات العفة عند النساء وقد نشدت له هذا البيتين

أتطمع في المخلوق          وهو قد  لا يُصْبِحُ

وتترك الخالق ربُ          الكون وفالقُ الصُبْحُ

وأما عن الطمع المسموح به بين الناس فيما بينهم في الدنيا فهذا الطمع يحتاج إلى الصبر قبل تحقيقه وأما بعد تحقيقه فهو يحتاج إلى الشكر فتشكر الله عز وجل أولًا على أن وفقك لنيله ووفق من ساعدك فيه ثم تشكر الذي كان لك عونًا في حاجتك لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يشكر الله من لا يشكر الناس" رواه أبو داود وغيره.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply