بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
السؤال: ابتليت بمعصية، صعب علي الفكاك منها، أرشدوني لسبيل الانعتاق من نكدها، وهمها، ووزرها. علما أني أحفظ وأقرأ كتاب الله.
الجواب: حياكم الله أخي الفاضل:
- يجب أن تدرك أن وقوعك بمعصية ضعف، وانكسار، ولا يقويك ويجبرك، ويعيدك لصراطه ونهجه وهداه، إلا من عنده القوة وحده، بالاستعانة به سبحانه على ترك المعصية؛ فهذا معنى: }إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.{
-تأكد أن كل معصية يسبقها مقدمات وممهدات لها فإن أفلحت وكنت حازما بقطعها قبل تسلسلها واشتدادها، فقد نجوت وفزت، وإن استرسلت معها هلكت. فلا تفتح عينيك على نظر محرم فإنه فاتحة كل شر، واعتبر كيف حذرنا القرآن الكريم من اتباع خطوات الشيطان، وهي مقدمات المعاصي وسبلها المفضية إليها: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ.{
وجاء في ذم الهوى لابن الجوزي: عن أبي بكر المروزي، قال: قلت لأبي عبد الله، أحمد بن حنبل: رجل تاب، وقال: لو ضرب ظهري بالسياط ما دخلت في معصية الله، إلا أنه لا يدع النظر، فقال: *أي توبة هذه؟.*
- ومما يعينك على تقوية وزيادة إيمانك لتقابل به ضعفك أمام المعاصي: استحضارك سمع الله، وبصره لك، وإحاطته بك، وقربه منك: }وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ{، وقوله تعالى: }وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُبْصِرُونَ.{
- وكذا معرفة الباري بذنوب عباده دقها وجلها، صغيرها وكبيرها؛ فذنوبنا بارزة ظاهرة عنده، غير خفية عليه: }وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا{، والآية الأخرى: }وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرً.{
- قوة نور القرآن في القلب، لا يجتمع مع ظلمة المعصية؛ فمن أكثر قراءة القرآن بتدبر وتمعن؛ فأجزم قطعا أنه سيبدد ويذهب ويحرق حب المعصية من قلبه، لكن عليك بالقراءة القلبية الخاشعة المتمعنة، وحضور قلبك فيها.
هذا إجمالًا.
وتفصيلًا عليك بالآتي:
1- الصلاة بخشوع: فخشوع الصلاة له سلطان قوي على القلوب ينيرها ويهديها، ويذهب المعصية من أصلها: }إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ.{
2- الإكثار من قراءة القرآن فنور القرآن يقضي على ظلمة المعصية ويحرقها: }إِنَّ هَٰذَا القرآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.{
3- الدعاء، ثم الدعاء، ثم الدعاء بالأوقات الفاضلة كآخر الليل، وبين الأذان والإقامة، فلم يخب داع أبدا، لكن مع الإلحاح، وحسن الظن به سبحانه: }وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا.{
4- الصدقة فهي من محرقات الذنوب، ومجففات المعاصي، ولو كان بالقليل، لكن لا تنقطع عنها: "والصدقة تطفي الخطيئة كما يطفي الماء النار."
5- الانشغال بطلب العلم فهو نور الدنيا، ورافع الهمة عن السفاسف والمعاصي، والموصل للفضائل والمكارم.
6- الإحسان للناس، خاصة الوالدين والإخوة والأقارب فقضاء حوائجهم، والإحسان إليهم من أعظم ما يحفظ به العبد، فبدعائهم يعصمك الله من المعاصي.
7- طلب المصالح الدنيوية المباحة، والعمل بصدق وهمة ونشاط، ينسيك التوافه والمحقرات.
8- وأخيرا، وهو من أهمها: الزواج، وعدم التأخر، فلا يحصن الإنسان نفسه إلا بزوجة صالحة تعينه وتحفظه: }هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ{ فسرها العلماء: بأن كل واحد يستر صاحبه، ويمنعه الفجور.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد