آثار نوع القراءة على العقل والنفسية


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

*وقراءة كتابات ميلر بجرعات كبيرة لها تأثير غريب، وهناك أوقات تنهمر فيها أفكاره على الورق في دفق لاهث من الكلمات، إن قراءة مقاطع طويلة من كتاباته تترك أثرًا كئيبًا في الإنسان، ذلك أن الجو الخلقي لهذه الكتابات ميت ومثبط ومتعفن*. كولن ولسون.

كنتُ قبل فترة قريبة جدًا، أتحدث مع صديق عزيز جدًا إلى نفسي عن الكتب والقراءة، وكان يجمعنا أمور كثيرة جدًا منها حب الكتب وتتبع الجديد منها. في حديثنا تناولنا مسألة أثر الكتاب على القارئ، وأنه لا يجب أن يستخف به، ونعلم أن العلماء تحدثوا عن خطورة نوعية من الكتب على الإيمان والعقل.

هذه معلومة يعرفها معظم الناس إن لم يكن كلهم، لكن الأمر الذي لا ينتبه له كثيرون: خطورة بعض الكتب على الصحة العقلية والسلامة النفسية للقارئ، وأنه مهما كان مثقفًا وطالب علم ومهما كان عمره وخبرته، فهناك نوع من الكتب لها قدرة -لا يمكن تصورها- يمكن أن تطيح به وتأثر في حياته وعلاقاته!

ويتطور خطرها أكثر بالإدمان على نوعيتها، فالإدمان على كتب تعمق الشعور بالكآبة والحزن والقلق، وتمجد العدمية وتبالغ في وصفها وتحيك قصصها حولها، يمكن أن تنقل لك تلك المشاعر، فخطورة الكتب ليست فقط في نقلها للأفكار -كما يعرفه معظم الناس- بل قدرتها على نقل المشاعر، كالخوف والحزن والقلق.

خصوصًا الكتب البارعة في صياغتها، الممتعة في مطالعها، ويجسد مؤلفها تجربته الشخصية مع أمراضه: كالانفصام، أو ثنائي القطب، أو الشخصية الحدية، أو بقية الأمراض المعروفة مثل الاكتئاب، والقلق، وتمجيد نوازع الانتحار، وكراهية الحياة، وسوء الظن في الناس، والخيانة الزوجية، وفقدان المعنى.

إنها أفكار أخطر مما يتصورها القارئ، فهي أفكار يتبناها الكاتب لكن مع طول المدامة على القراءة لجنسها؛ سيتماهى معها القارئ، أدرك ذلك أو لم يدرك، وستنتقل سطوة الكتب من تمرير الأفكار والمعلومات، التي قد يدركها العقل بداية، إلى تمرير وتسريب المشاعر والأحاسيس الباطنية في غفلة عن العقل.

ولهذا، تجد أن من يدمن على كتب الجريمة باستحضار نفسي واهتمام بالغ وانفتاح ذهني لا بد أن تترك تلك القراءة أثرها عليه: العقلي والنفسي، وكذلك المدمن على روايات الجنس، وعلى روايات ومذكرات الجنون والأمراض النفسية وتقديس المعاناة والأحزان والخيانة واليأس والقلق وفقدان المعنى والغاية.

وقد يبلغ الأثر مداه، بسبب القراءة وأحيانًا مشاهدة ما كتب من كتب وروايات وسيناريو عبر الأفلام والمسلسلات، إلى أنك تجد القارئ أو المشاهد بعد نهاية ذلك يجد في نفسه تجسيدًا لتلك الشخصية في حركاتها وملامح وجهها وطريقة حديثها، فضلًا عن اختزان عقله أفكارها وتبني نفسه مشاعرها وأحاسيسها.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply