بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
اتَّقُوا اللهَ عباد الله وأَطيعُوه، واقْدُرُوهُ حقَّ قَدْرِهِ وعَظِّمُوه. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
معاشر المؤمنين الكرام: المتأمل بعين البصيرة في هذا الكَون الهائل الذي نَعيش فيه، ونتقلّبُ في نعمائه، يرى أن كُلَّ جزءٍ فيه، وكلٌّ شيءٍ مِنهُ آيةٌ مبهرةٌ، تدلُّ على وحدانِيةِ الله وكَمالِ رُبوبيتِهِ، وعلى عظيم قُدرتهِ وبالغ حِكْمَتِه. {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُون}.
وفي كتاب الله عز وجل دعوةٌ خاصةٌ لذوي العقولِ والألباب، فإن كنت منهم فاسمع وانصت، فالخالق المبدع يقول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَاب}، تأمل: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَات وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}. ويقول سبحانه: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}.
ويقول جل وعلا: {وَمِنْ آياتهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون * وَمِنْ آياتهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِين * وَمِنْ آياتهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون * وَمِنْ آياتهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون}.
آيات عَظِيمةٌ جليلة، وضعها الخالق الحكيم لخلقهِ دِلالاتْ. وجعلها آيات بيناتٍ، واضحاتٍ قريباتٍ، في الأَنفُسِ والأَراضينَ والسموات، وحيثما قلب الإنسانُ نظره في هذا الكون البديع، مستحضرًا قلبه وفكره، فسيرى الجلالَ والجمالَ، والدقةَ والنظام، والروعة والانسجام: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إلى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيب}، {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُون}. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد}.
أحبتي في الله: عندما تكون السماء صافية، فإن الانسان العادي يستطيع أن يرى بعينه المجردة، قرابة الخمسة آلاف نجم منتشرة في صفحة السماء، لكن هذا العدد يتضاعفُ إلى أكثرِ من مليونين من النجوم، حينما يستخدم تلسكوبا عاديا، إما إذا استخدم تلسكوبًا متقدمًا فإنه يستطيع أن يشاهد بلايين النجوم. وسيرى إن الفضاء الكوني فسيح جدًا جدًا، وسيرى كيف تتجمع النجوم على شكل مجموعاتٍ ضخمة، وبأشكالٍ بديعةٍ مذهلة، تسمى المجرات. يقول عنها علماء الفلك: إنَّ أعدادها تقدر بألوف المليارات. وأنَّ جميعَ النجوم والمجراتِ تسيرُ في مداراتٍ محددة، وأن كلَّ جرمٍ منها يسيرُ بسرعةٍ معينةٍ تختلفُ عن غيره، وفي نفس الوقت فهي في تباعدٍ مُستمرٍ عن بعضها، مما يجعلُ الكون كلهُ في توسعٍ دائمٍ من كل جوانبهِ كالبالون المنفوخ، وصدق الله: {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُون}.
ثم إنَّ كلَّ هذه التحركاتِ المدهشةِ للنجوم والمجراتِ تحدثُ طبقًا لنظامٍ دقيق، وقوانينَ مُحكمةٍ صارمة، مُنضبطةٍ تمام الانضباط، بحيثُ لا يصطدمُ بعضها ببعض، ولا يحدثُ أدنى تغيُّرٍ في نظام سيرها، ولو بعد مرور قرنٍ من الزمان. ولذلك يستطيعُ العلماء تحديدَ وقوعِ الخسوفِ والكسوف بدقةٍ مُتناهية. وصدق الله: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}. ومع أنَّ كوكب الأرض هو الأهمُّ بالنسبة لنا، فإنه على ضخامته لا يساوى ذرةً من هذا الكون الهائل، لكن المتأملَ في خلقه يرى أنّ كل شيءٍ فيهِ قد وضعَ بنظامٍ دقيق للغاية، فلو أنَّ حجم الأرضِ كان أقلَّ بقليل، أو أكبرَ بقليل، لاستحالت الحياة فيه، وكذلك لو اقترب القمرُ من الأرض قليلًا لغمرت المياه اليابسة، ولو ابتعد القمرُ قليلًا لزادت الجاذبية وصعبت الحركة. ولو اقتربت الشمس قليلًا لاحترقنا، ولو بعدت قليلًا لتجمدنا. ولو كانت قشرةُ الأرض أسمك بقليل، لأنعدم الأوكسجين. ولو كانت أقلَّ بقليل لغُصنا في جوفها، ولو كانت البحارُ أعمقُ قليلًا مما هي عليه لامتصت الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون ولانعدمت الحياة. ولو كان الغلاف الجوي أخفَّ بقليلٍ مما هو عليه الآن، لوصلت النيازك سطح الأرض ولأحرقته، ولو زادت نسبة الأوكسجين في الهواء قليلًا لزادت قابلية الأشياء للاحتراق، ولو نقصت قليلًا لأصبح التنفس صعبًا. {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون}، {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم}.
فإذا تأملنا في خلق الانسان، وجدناه بنفس المستوى من الدقة والإحكام، فأجسامنا تحوي قرابة الـ(50) ترليون خلية، وكلَّ هذا العدد الهائلِ من الخلايا يعملُ مع بعضه بتناغمٍ مُذهل، وتنسيقٍ دقيق، وتنظيمٍ محكمٍ غايةٍ في الإحكام. حيث يجري داخل هذه الخلايا وفيما بينها، وعلى مدار اللحظةِ والثانية، ما لا يُتصورُ ولا يحصى من التفاعلات الكيميائية، والعملياتِ الحيوية، بل ويقول العلماءُ أنَّ التعقيد الوظيفي للخلايا لا يمكن استيعابه عقلًا، وأنَّ ما تمَّ اكتشافهُ من تعقيد الوظائف الحيوية ودقتها المتناهية على مستوى الخلية الواحدة، يساوى عملَ عدةِ كمبيوترات عملاقة تعمل معًا، وفي آنٍ واحد، وبأقصى طاقاتها. {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلْ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.
أيها الأحبة الكرام: تُقدرُ كميةُ الدمِ في جسم الانسان بخمسة لتراتٍ تقريبًا، يسبحُ فيها ما لا يقلُ عن خمسٍ وعشرين ألف مليار خلية من كريات الدم الحمراء، أي أنها لو وضعت في خط متواصل لطوقت الأرض 7 مرات. أما ملك الأعضاء، وأعني به القلب، تلك العضلة التي في حجم قبضة اليد، فإنها تضخ الدم بمعدل (70) مرة في الدقيقة، أي مائة ألف مرة في اليوم، أي (36) مليون مرة في السنة، وما يتجاوز المليارين مرة لكل من يتجاوز الستين من عمره. هذه المضخة الجبارة تضخ ما معدله (6500) لترًا يوميًا، أي ما يزيد على المائة والأربعين مليون لتر طوال الستين عامًا. وإذا انتقلنا إلى الرئتين، فإنَّ الإنسانَ يتنفسُ قرابة العشرينَ مرةً في الدقيقة، أي عشرين ألف مرةٍ يوميًا، وما يزيد عن مئتي مليون مرةٍ في الحياة. ثم هو يستهلكُ خلال تنفسهُ قرابة الإثني عشر مترًا مكعبًا من الهواء يوميًا، أي ما يزيدُ عن الربع مليون متر مكعب من الهواء طوال حياته. أمَّا الكبدُ ذلك الجهاز العجيب، الذي يسميه العلماء بمصنع الكيماويات، فقد احصوا له اكثر من (500) وظيفة مختلفة، إضافة إلى أنه ينتج يوميًا قرابة اللتر والنصف من العصارة الصفراء اللازمة لعمليات الهضم، أي ما لا يقل عن الثلاثين ألف لتر طوال العمر. أما أعجب مصفاةٍ في الوجود، أعنى الكلى، فإنها تُصفي كامل دم الإنسان في أقل من ساعة، وتعيدُ تصفيته أكثر من ثلاثين مرةٍ يوميًا، وترشح بمعدل لترٍ إلى لترين من البول يوميًا، فلا إله إلا الله: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}.
أيها الأحبة الكرام: إنَّ من ينظرُ إلى هذا النظام الدقيق بعين البصيرة، سواءً في نفسه أو فيما حوله من الأرض والسماء، سيسلم بقدرة الله المتناهية، وبديع صنعة المتقن، ودقة إحكامه وتدبيره، فالكون كله، ومن أصغر ذرةٍ وإلى أكبر مجرة، محكومٌ بنواميس وقوانين إلاهيةٍ ثابتة، لا يخرج عنها ألبته، وهذه النواميسُ دقيقةٌ ومحكمة، بل هي غايةٌ في الدقة والإحكام، {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}.
لكأنَّ هذه الدقةِ المتناهيةِ والانضباط المحكم، شاهدٌ يذكِّرُ الناسَ بعدل اللهِ المطلق، ودقتهِ المتناهية، يوم يُعطي كُلَّ عبدٍ كتابَ أعماله، في عرصات القيامة، فيرى فيه كلَّ ما عمِلهُ بمنتهي الدقة، {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}. ويذكرهم بذلك الميزان الدقيق، الذي ستوزنُ به أعمالنا بكلِّ دقةٍ، قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُم * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}.
معاشر المؤمنين الكرام: إنَّ المتأمِّلَ في الكون وآفاقه، المتفكرَ في بديع صنعِ الله وآياته، يشعرُ بجلال اللهِ وعظمتهِ، فالكونُ بكُلِّ ما فيه، خاضعٌ لأمرِ سيدهِ، منقادٌ لتدبير مولاه، شاهدٌ بوحدانيةِ اللهِ وعظمته، دائمُ التسبيحِ بحمده، {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُون}.
فسبحانَ من سبحت له السمواتُ وأملاكها، والنجومُ وأفلاكها، والأرضُ وسكانها، والبحارُ وحيتانها، والأشجارُ وثمارها، {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}.
سبحانه وبحمده: أحاطَ بكلِّ شيءٍ علمًا، ووسعِ كلَّ شيءٍ رحمةً وحِلمَا، وقهرَ كلَّ مخلوقٍ عِزةً وحُكما، {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}. جلَّ جلاله: تواضعَ كلُّ شيءٍ لعظمته، وذلَّ كُلُّ شيءٍ لعزتِه، وخضعَ كلُّ شيءٍ لهيبتهِ، واستسلَمَ كُلُّ شيءٍ لمشيئته، {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ}.
تباركَ وتقدس: لا تدركهُ الأبصارُ، ولا تغيرهُ الأعْصَارُ، ولا تتوهمُه الأفكارُ، {يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}.
سبحانه وبحمده: خالقُ كل شيء، ورَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، ولهُ كل شيء، أتقنَ كل شيء، وأَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ، ولَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وبيده ملكوتُ كل شيء، أَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عددًا، وأَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ علمًا، وأَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَا، ووسعَ كل شيء رحمةَ وعلمًا، وأعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى، على كل شيءٍ قدير، وهو بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ، وعلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ، وكُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
للهِ في الآفاقِ آيات لعلَّ أقلَّهَا هـو مـا إليـهِ هَدَاكَا
ولعَلَّ ما في النفس من آياته عَجَبٌ عُجَابٌ لو ترى عَيناَكا
والكَونُ مَشحُونٌ بأسرارٍ إذا حَاولتَ تَفسِيرًا لها أَعْيَاكَا
يا أيَّها الإنسَانُ مَهلًا ما الذي بالله جلَّ جلالهُ أغرَاكا؟
ألا فاتقوا عباد الله وعظموه، واقدروه حقَّ قدرهِ وراقبوه، فمراقبةُ اللهِ وتعظيمهُ صمّامُ أمان، ووازعُ خيرٍ، ومانعُ شرٍ بإذن الله. ثم اعلموا أنَّ ثمرةَ الاستماعِ هي الانتفاع، وأنَّ دليلَ الانتفاعِ هو الاتّباع، فطوبى لمن استمعَ فانتفعَ فأطاع، قال تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت، فإنك مفارقه، واعمل ما شئت، فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد