بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يلحظ في نابغي طلبة العلم من سكان المدن الصغرى والقرى قلة الانتفاع بعلمهم، ومع مرور الزمان يفتر طالب العلم وينشغل بالزراعة وتربية المواشي. وقد نبه لذلك مالك رحمه الله، ففي المدونة الكبرى - الإمام مالك - ج ٦ - الصفحة ٤٦٤: (ومن وصيته -أي الإمام مالك-) لتلميذه الشافعي رضي الله تعالى عنهما عند فراقه له أن قال له: *لا تسكن الريف فيضيع علمك واكتسب الدرهم ولا تكن عالة على الناس واتخذ لك ذا جاه ظهرا لئلا تستخف بك العامة ولا تدخل على ذي سلطنة إلا وعنده من يعرفك وإذا جلست عند كبير فليكن بينك وبينه فسحة لئلا يأتي إليه من هو أقرب منك فيدنيه ويبعدك فيحصل في نفسك شيء.*
روى البخاري في الأدب المفرد عن ثوبان رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال له: "يا ثوبان لا تسكن الكفور فإن ساكن الكفور كساكن القبور" وسنده صحيح. رواه البخاري في الأدب المفرد رقم (579) ص 203، والطبراني في مسند الشاميين رقم (986) 2/ 99، والبيهقي في شعب الإيمان رقم (7518 – 7519) 6/ 68، وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم (7326)، وفي صحيح الأدب المفرد رقم (579)وبوب البخاري «النهي عن سكنى القرى».
وفي الأثر عن عمر رضي الله عنه أهل الكفور هم أهل القبور، يعنى القرى البعيدة عن الأمصار وعن العلماء. شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 204.
والكفور هي القرى النائية عن الأمصار البعيدة عن مجتمع أهل العلم.
وقال الأزهري: وقد روي عن معاوية أنه قال: *أهْلُ الكُفُور هم أهلُ القُبور* قلت: أراد بالكفور القرى النائية عن الأمصار ومجتمع أهل العلم والمسلمين فالجهل عليهم أغلب وهم إلى البِدع والأهواء المضِلة أسرع. تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري 10/ 114.
وفيه: النهي عن سكنى البادية ونحو ذلك فإنه مذموم لما ذكر، وقد دل على ذلك النص القرآني قال تعالى عن يوسف: {وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو} فجعل مجيء إخوته من البدو من جملة إحسان الحق إليه وإليهم بحكم التبعية فهو ثناء على الحق بما فعل مع إخوته ومعه ومن ثم عد بعضهم النقل من الريف إلى مصر من النعم وحمده عليها حيث قال: الحمد لله الذي نقلني من بلاد الجفاء والجهل إلى بلاد العطف والعلم. [فيض القدير (6/ 401) ].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد