بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذه فوائد مختصرة، منتقاة من المجلد الثاني من الشرح الممتع على زاد المستقنع، للعلامة محمد بن صالح العثيمين، رحمه الله، أسأل الكريم أن ينفع بها الجميع.
الصلاة في اللغة والشرع:
أما في الشرع: فهي التعبد لله تعالى بأقوال وأفعال معلومة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم.
أهمية الصلاة:
• أولًا: فرضت من الله إلى رسوله بدون واسطة.
ثانيًا: فرضت في ليلة هي أفضل الليالي لرسول صلى الله عليه وسلم فيما نعلم.
ثالثًا: فرضت في أعلى مكان يصلُ إليه البشر.
رابعًا: فرضت خمسين صلاة وهذا يدل على محبة الله لها... لكنها خففت.
• الصلاة مشروعة في جميع الملل، قال الله تعالى: ﴿يَٰمَريَمُ ٱقنُتِي لِرَبِّكِ وَٱسجُدِي وَٱركَعِي مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ﴾[آل عمران:43] وذلك لأهميتها، ولأنها صلة بين الإنسان وربه عز وجل.
من زال عقله، هل يقضي الصلاة؟
• من أهل العلم من قال: إن زال عقله بشيء مباح فلا قضاء عليه، لأنه معذور، والذي يترجح عندي: أنه إن زال عقله باختياره فعليه القضاء مطلقًا، وإن كان بغير اختياره فلا قضاء عليه.
ترك الصلاة:
• الذي يظهر من الأدلة أنه لا يكفر إلا بترك الصلاة دائمًا، بمعنى أنه وطَّن نفسه على ترك الصلاة، فلا يصلي ظهرًا، ولا عصرًا، ولا مغربًا، ولا عشاء، ولا فجرًا، فهذا هو الذي يكفر.
• إن كان يصلي فرضًا أو فرضين فإنه لا يكفر، لأن هذا لا يصدق عليه أنه ترك الصلاة.
• قال بعض العلماء: لا يكفر تاركها كسلًا، وقول الإمام أحمد بتكفير تارك الصلاة كسلًا هو القول الراجح، والأدلة تدل عليه من كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقوال السلف، والنظر الصحيح.
• القول بعدم تكفير تارك الصلاة يؤدي إلى تركها والتهاون بها، لأنك لو قلت للناس على ما فيهم من ضعف الإيمان: إن ترك الصلاة ليس بكفر، تركوها.
• تكفير تارك الصلاة... لنا في ذلك رسالة مستقلة... فليراجعها من أحب، لأهمية الموضوع.
تأخير الصلاة:
• قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَت عَلَى ٱلمُؤمِنِينَ كِتَٰبًا مَّوقُوتًا﴾[النساء:103] وإذا كانت مفروضة في وقت معين فتأخيرها عن وقتها حرام، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقّت أوقات الصلاة، وهذا يقتضي وجوب فعلها في وقتها.
• *تأخيرها* يشمل تأخيرها بالكلية، أو تأخير بعضها، بحيث يؤخر الصلاة حتى إذا لم يبق إلا مقدار ركعة صلى فإنه حرام عليه، لأن الواجب أن تقع جميعًا في الوقت.
مسائل في الأذان:
• الأذان في اللغة: الإعلام، أما تعريف الأذان شرعًا: فهو التعبد لله بذكرٍ مخصوص بعد دخول الوقت.
• ينبغي في الأذان أن يكون عند أرادة فعل الصلاة.
•إذا شرع الإبراد في صلاة الظهر شُرِعَ تأخير الأذان أيضًا كما ورد في الحديث الصحيح.
• اختلف العلماء أيها أفضل، الأذان، أم الإقامة؟ والصحيح أن الأفضل الأذان، لورود الأحاديث الدالة على فضله.
• المسافرون لا أذان عليهم ولا إقامة ولكن يسن، هذا هو المذهب، ولكن لا دليل عليه، بل الدليل خلافه، وهو أنهما واجبان على المقيمين والمسافرين... لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدع الأذان ولا الإقامة حضرًا ولا سفرًا.
• استحباب الأذان للمنفرد، وأنه ليس بواجب.
• ما يتخذ من تفخيم الصوت بما يسمونه *الصدى* فليس بمشروع، بل قد يكون منهيًا عنه إذا لزم منه تكرار الحرف الأخير لما فيه من الزيادة.
• تنبيه: الحكمة من الالتفات يمينًا وشمالًا إبلاغ المدعوين من على اليمين وعلى الشمال وبناء على ذلك: لا يلتفت من إذن بمكبر الصوت لأن الإسماع يكون من السماعات التي تكون في المنارة ولو التفت لضعف الصوت لأنه ينحرف عن *الآخذة*.
• لو إذن المعلن بفسقه كحالق اللحية ومن يشرب الدخان جهرًا، فإنه لا يصح أذانه... والرواية الثانية عن الإمام أحمد صحة أذان الفاسق، لأن الأذان ذكر، والذكر مقبول من الفاسق، لكن لا ينبغي أن يتولى الأذان والإقامة إلا من كان عدلًا.
• الأذان بالمسجل غير صحيح، لأنه حكاية أذان سابق، ولأن الأذان عبادة.
• إذا إذن المميز فإنه يكتفى بأذانه.
• لو إذن قبل الوقت جاهلًا قلنا له: إذا دخل الوقت فأعد الأذان.
• إذا جمع الإنسان إذن للأولى، وأقام لكل فريضة، هذا إن لم يكن في البلد، فإن أذان البلد يكفي، حينئذ يقيم لكل فريضة.
• قول المؤلف: يُسن لسامعه، أي لسامع الأذان فيشمل الذكر والأنثى، ويشمل المؤذن الأول والثاني إذا اختلف المؤذنون. فيجيب الأول ويجيب الثاني.
• الراجح أن المصلي لا يتابع المؤذن، وكذا قاضي الحاجة.
• في متابعة المؤذن دليل على رحمة الله عز وجل، وسعة فضلة، لأن المؤذنين لما نالوا من أجر الأذان شُرع لغير المؤذن أن يتابعه، لينال أجرًا كما نال المؤذن أجرًا.
• في أثناء الأذان إذا قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، وأجبته تقول بعد ذلك: "رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبحمد رسولًا".
• ينبغي بعد الأذان أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة... إلخ.
• ظاهر كلام المؤلف أنه لا تسن متابعة المقيم، وهو أظهر، وقيل: بل تسن، وفيها حديث أخرجه أبو داود لكنه ضعيف، لا تقوم به الحجة.
• إذا قال المؤذن في صلاة الصبح *الصلاة خير من النوم* فإن السامع يقول مثل ما يقول: *الصلاة خير من النوم*، وهو الصحيح... والمذهب أنه يقول في *الصلاة خير من النوم* صدقت وبررت، وهذت ضعيف، لا دليل له، ولا تعليل صحيح.
• المؤذن لا يتابع نفسه، وهو الصحيح.
من أغمي عليه، هل يقضي الصلاة؟
• إذا أغمي عليه وقتًا أو وقتين وجب عليه قضاؤهما، لورود ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، كعمار بن يأسر، وقياسًا على النوم، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل. والأئمة الثلاثة يرون عدم وجوب القضاء على المغمي عليه.
• الراجح قول من يقول: لا يقضي مطلقًا، لأن قياسه على النائم غير بصحيح فالنائم يستيقظ إذا أوقظ، وأما المغمى عليه فإنه لا يشعر... إما قضاء عمار إن صح عنه، فإنه يحمل على الاستحباب، أو الورع، وما أشبه ذلك.
الصلاة بعد خروج الوقت بدون عذر:
• الصلاة... هل تصح بعد خروج الوقت بدون عذر؟ جمهور أهل العلم على أنها تصح بعده مع الإثم. والصحيح أنها لا تصح بعد الوقت إذا لم يكن له عذر، وأنه من تعمد الصلاة بعد خروج الوقت فإن صلاته لا تصح، ولو صلى ألف مرة.
• إن قولنا للمتعمد: لا يقضي بعد الوقت، ليس تخفيفًا عليه، ولكن ردًّا لعمله، لأنه على غير أمر الله وهو إثم، فيكون هذا أبلغ في ردعه وأقرب لاستقامته... والمتعمد عليه أن يتوب إلى الله تعالى مما فعله.
• من ترك الصلاة عمدًا... يجب عليه أن تكون هذه المخالفة دائمًا نصب عينيه، وأن يكثر من الطاعات والأعمال الصالحة لعلها تكفر ما حصل منه من إضاعة الوقت.
إدراك الصلاة والجماعة:
• لا تدرك الصلاة إلا بإدراك ركعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" كذلك الجماعة لا تدرك إلا بركعة.
الإبراد بصلاة الظهر في شدة الحرِّ:
• ينبغي في شدة الحر الإبراد إلى هذا الوقت، يعني: قرب صلاة العصر... فإذا قدرنا مثلًا أن الشمس في أيام الصيف تزول على الساعة الثانية عشرة وأن العصر على الساعة الرابعة والنصف تقريبًا فيكون الإبراد إلى الساعة الرابعة تقريبًا.
• ما كان الناس يفعلونه من قبل حيث يصلون بعد زوال الشمس بنصف ساعة أو ساعة... فليس هذا إبرادًا! هذا إحرار لأنه معروف أن الحر يكون أشد ما يكون بعد الزوال بنحو ساعة.
الصلاة في المقبرة:
• قوله: *ولا تصح الصلاة في مقبرة* نفي الصحة يقتضى الفساد، لأن كل عبادة إما أن تكون صحيحة، وإما أن تكون فاسدة، ولا واسطة بينهما، فهما نقيضان شرعًا، فإذا انتفت الصحة ثبت الفساد.
• الدليل على عدم صحة الصلاة في المقبرة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام"، وهذا استثناء، والاستثناء معيار العموم، وتعليل: وهو أن الصلاة في المقبرة قد تتخذ ذريعة إلى عبادة القبور، أو التشبه بمن يعبد القبور.
• يستثنى من ذلك صلاة الجنازة، فإذا كانت الصلاة على القبر فلا شك في استثنائها... ولا فرق أن يصلى على جنازة مدفونة، أو على جنازة غير مدفونة.
تغطية الوجه في الصلاة:
• يكره أن يعطي الإنسان وجهه وهو يصلي، لأنه قد يؤدي إلى الغم، ولأنه إذا سجد سيجعل حائلًا بينه وبين سجوده... ويستثنى من ذلك المرأة إذا كان حولها رجال ليسوا من محارمها فإن تغطية وجهها حينئذ واجب، ولا يجوز لها كشفه.
الصلاة على بساط فيه نجاسة:
• لو صلى رجل على بساط فيه بقعة نجسة، فإذا سجد صارت البقعة بين ركبتيه ويديه، فتصح صلاته، لأنه لم يلاقها، ولم يحملها، وبالأولى أيضًا: لو كانت النجاسة على جانب من زاوية البساط فإنه تصح صلاته، لأنه لم يلاقها.
الصلاة في الكعبة:
• الصحيح... أن الصلاة في الكعبة صحيحة فرضًا ونفلًا. فإن قال قائل: أنى لنا أن نُصلي في الكعبة؟ فالجواب أن ذلك غير ممتنع عقلًا ولا حسًا بإمكان الإنسان أن يفتح له باب الكعبة ويصلي فيها.
• إذا لم يمكن أن يفتح له الباب فالحِجر، بكسر الحاء مفتوح، والحِجر منه ستة أذرع وشيء من الكعبة، فمن الممكن أن يصلي الإنسان الفريضة في الحجر.
من يسقط عنه استقبال القبلة في الصلاة:
• الأولى: العاجز: تصح صلاته بدون استقبال القبلة، وله أمثلة منها: أن يكون مريضًا لا يستطيع الحركة، وليس عنده أحد يوجهه إلى القبلة، فهنا يتجه حيث كان وجهه، لأنه عاجر. ومن الأمثلة: حال اشتداد الحرب فيسقط استقبال القبلة.
• الثانية: المصلى نافلة إذا كان راكبًا، واشترط المؤلف شرطين: أحدهما أن يكون سائرًا. الثاني: أن يكون في سفر.
لبس الحرير:
• هل لبس الحرير من باب الصغائر؟ الجواب: نقول هو من باب الكبائر، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" وهذا وعيد.
انفراد المأموم عن الإمام:
• دخل المأموم مع الإمام في الصلاة، ثم طرأ عليه أن ينفرد، فانفرد وأتم صلاته منفردًا، فنقول: إن كان لعذر فصحيح، وإن كان لغير عذر فغير صحيح.
• مثال العذر: تطويل الإمام تطويلًا زائدًا على السنة... ومن الأعذار أن يطرأ على الإنسان قيئ في أثناء الصلاة... ومن الأعذار أن يطرأ على الإنسان غازات (رياح في بطنه) يشق عليه أن يبقى مع إمامه ومن الأعذار أن يطرأ عليه احتباس البول أو الغائط.
صلاة المسافر خلف المقيم:
• المأموم المسافر إذا اقتدى بإمام مقيم وجب عليه الإتمام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" وسئل ابن عباس رضي الله عنهما: ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا أنفرد، وأربعًا إذا ائتم بمقيم؟ فقال: تلك السنة.
التشبه بالكفار:
• التشبه بهم في الظاهر يجر إلى التشبه بهم في الباطن... فإن الإنسان إذا تشبه بهم في الظاهر يشعر بأنه موافق لهم، وأنه غير كاره لهم، ويجره ذلك إلى التشبه بهم في الباطن، فيكون خاسرًا لدينه ودنياه.
• إن قال قائل: أنا لم أقصد التشبه؟ قلنا: إن التشبه لا يفتقر إلى نيه، لأن التشبه: المشابهة قي الشكل والصورة، فإذا حصلت فهو تشبه سواء نويت أو لم تنو، لكن إن نويت صار أشد وأعظم لأنك إذا نويت فإنما فعلت ذلك محبةً وتكريمًا لما هم عليه.
• نحن ننهى أي إنسان وجدناه يتشبه بهم في الظاهر عن التشبه بهم، سواء قصد ذلك أم لم يقصده ولأن النية أمر باطن لا يمكن الاطلاع عليه والتشبه أمر ظاهر فينهي عنه لصورته الظاهرة.
العورة:
• العورة: هي ما يسوء الإنسان إخراجه، والنظر إليه، لأنها من *العور* وهو العيب، وكل شيء يسوئك النظر إليه، فإن النظر إليه يعتبر من العيب.
المحاريب:
• المحاريب: جمع محراب وهو طاق القبلة الذي يقف نحوه الإمام في الجماعة... وقد اختلف العلماء في اتخذا المحراب... والصحيح أنه مستحب، أي لم ترد به السنة، لكن النصوص الشريعة تدل على استحبابه، لما فيه من المصالح الكثيرة.
إغاظة الكافر:
• رأى النبي صلى الله عليه وسلم أبا دجانة *سماك بن خرشة* يختال في مشيته بين الصفين في معركة أحد يعني يتبختر فقال عليه الصلاة والسلام: "إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن" لأجل أن يظهر العلو والفخر على هؤلاء الكفار.
• كل شيء يغيظ الكافر فإنه يرضي الله عزوجل، وكل شيء فيه إكرام الكافر فإنه يغضب الله عز وجل، لأن إكرام الكافر معناه إظهار الإكرام لمن أهانه الله، وهذا مراغمة لله عز وجل... فكل شيء فيه إكرام الكافر فإنه حرام لا يجوز.
بر الكافر والإحسان إليه إذا لم يقاتلوننا في الدين:
• أما برّ الكافر والإحسان إليه فلا حرج فيه، إذا كانوا لا يقاتلوننا في الدين، ولا يخرجوننا من ديارنا لقوله تعالى: ﴿لا يَنهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَم يُقَٰتِلُوكُم فِي ٱلدِّينِ وَلَم يُخرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُم أَن تَبَرُّوهُم وَتُقسِطُوٓاْ إِلَيهِم إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلمُقسِطِينَ﴾[الممتحنة:8].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد