شهر رمضان

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

يأتي شهرُ رمضان، شهرُ البرِّ ومواسمِ الرضوان، يبتغي المسلمونَ فيه مضاعفةَ الحسنات، وتتنوَّع فيه الأعمالُ الصالحةُ والطاعات...

ولكنْ حذارِ مما يُذْهِب أجرَ الصيام، ويَجعل الصائمَ لا ياخذُ إلا العطشَ والجوعَ بعدَ أن ترك الشرابَ والطعام، وهذا صريحٌ في الأحاديث والآثار:

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن لم يَدعْ قولَ الزُّورِ والعملَ به، فليس لله حاجةٌ في أنْ يَدعَ طعامَه وشرابَه"، أخرجه البخاريُّ، والمرادُ بذلك: أنه لم يترك القولَ والفعلَ المُؤذي.

- وقال صلى الله عليه وسلم: "ليس الصيامُ مِن الأكل والشرب، إنما الصيامُ مِن اللَّغو والرَّفث، فإنْ سابَّك أحدٌ، أو جَهِل عليك، فلتَقلْ: إني صائمٌ، إني صائمٌ"، رواه ابنُ خزيمةَ بإسنادٍ صحيحٍ، والمرادُ: أنَّ الصائمَ ينبغي عليه الابتعادُ عن الكلام الفاحشِ البذيء.

- وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم: إنَّ فلانةً يُذكر مِن كثرةِ صَلاتِها وصِيامِها وصَدقتِها، غيرَ أنها تُؤذي جيرانَها بلسانِها، فقال: "هي في النار"، أخرجه أحمدُ بإسنادٍ حسن، وهو في «الأدب» المفرد للبخاري بإسنادٍ صحيحٍ.

وفي «مصنف ابن أبي شيبة» أخبارٌ وآثارٌ كثيرةٌ في ذلك، منها:

- قال عمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه: *ليس الصيامُ مِن الطعام والشراب وحدَه، ولكنه مِن الكذبِ والباطلِ، واللَّغو والحَلِف*، وعن عليٍّ مثلُه.

- وقال جابرُ بنُ عبد الله رضي الله عنهما: *إذا صُمتَ فليَصمْ سمعُكَ وبصرُكَ ولسانُكَ عن الكذبِ والمَحارم، ودَعْ أذى الجارِ، وليكنْ عليكَ وقارٌ وسكينةٌ يومَ صومِك، ولا تجعلْ يومَ صومِكَ ويومَ فطرِكَ سواءً*.

- وأورد مرسلًا: أنَّ امرأةً كانت تصومُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم دونَ حِفْظ لسانِها، فقال صلى الله عليه وسلم: "ما صامتْ"، ثم حَفِظتْ لسانَها، فقال صلى الله عليه وسلم: "الآنَ".

- وقال الإمامُ التابعيُّ مجاهدٌ: *خصلتانِ مَن حَفِظَهما سَلِم له صومُه: الغيبةُ والكذب*.

ونحن - دونَ شكٍّ - لا نُبعِدُ الناسَ عن أيِّ عملٍ صالح، ولا نُزهِّدُ أحدًا في أيِّ طاعةٍ أو عبادة...

ولكنْ علينا أن نُبيَّن المقصِدَ المُهمَّ مِن الصيام، وبماذا ينبغي أن يعتنيَ أهلُ الإسلام!

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين