سُلطان القرآن وحُجته وأثره


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

تذكر أم سلمة رضي الله عنها في حديث نزول جماعة من الصحابة أرض الحبشة وبعثِ المشركين عبدَ الله بن أبي ربيعة المخزومي وعمرو بن العاص ليطلبا من النجاشي أن يُسلِم الصحابة إليهم:

)ولم يكُن شيءٌ أبغضَ إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص مِن أن يسمع النجاشيُّ كلامَنا!(

ومعلومٌ أن كلامهم الذين سيرُدون به هو بيان الحق الذي هم عليه في اتباع النبي محمد وفي قولهم في المسيح عليهما السلام وأنه سيكونُ آيات من القرآن العظيم.

وهو ما حصل بالفعل من تلاوة جعفر بن أبي طالب لسورة مريم وكان أثرُ ذلك عظيما على النجاشي وأساقفته، وبكى النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم، وصدّق النجاشيُّ ما تُلي عليه.

فمن أعظم ما يحرص عليه الصادُّون عن سبيل الله: ألا يسمع الناس القرآن ولا تُذكر لهم حُججُ الإسلام وبراهينُه لعلمهم بسُلطان القرآن وأثره على مُريد الحق ولعلمهم أن كثيرا من الناس لم يصدّه عن الإسلام إلا أنه لم يسمع به ونشأ على دين قومه.

كما قال الله عن ملكة سبأ }وصدّها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين{ فلما رأت الآيات أسلمتْ لله رب العالمين، فإذا كان شرُّ الناس من قال: }لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون{، فخيرُهم: مَن تعلّم القرآن وعلّمه ونشره بين الناس ودعا إليه وأقام الحُجج، والبراهين على صدقه، وكشف الشبهات عنه وصبر على ذلك يتعلم ويعمل ويدعو به ويُجاهد.

قال ابن تيمية:

فبيان دين الإسلام بالعلم، وبيان أَن ما خالفه ضلال وجهل، هو تثبيت لأصل دين الإسلام واجتثاثٌ لأصل غيره من الأديان التي يُقاتل عليها أهلُها، ومتى ما ظهر صحته وفساد غيره كان الناس أحد رجلين:

-1إِما رجل تبين له الحق فاتبعه، فهذا هو المقصود الأعظم من إرسال الرسل.

-2وإما رجل لم يتبعه، فهذا قامت عليه الحجة، إِما لكونه لم ينظر في أعلام الإسلام، أو نظر وعلم فاتبع هواه أو قصّر.

وإذا قامت عليه الحُجة كان أرضى لله ولرسوله وأنصرَ لسيف الإسلام وأذلَّ لسيف الكفار، وإذا قُدِّر أن فيهم من يعجز عن فهم الحجة فهذا: إنْ لم يكن معذورًا مع عدم قيامها، فهو مع قيامها أولى أن لا يُعذر، وإن كان معذورا مع قيامها فهو مع عدمها أعذرُ.

فعلى التقديرين:

*قيامُ الحجة أنصرُ وأعذر* انتهى.

فصل مهم جدًا في بيان خطأ من زعم أن ما يُسمى (آية السيف) نسخَ آيات: الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ومجادلة الكفار.

وبيّن فيه الأثر العظيم لبيان براهين الإسلام وحججه وأعلامه مع شواهد كثيرة على ذلك.

من كتاب (الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح) من ص٩٨  وما بعدها من المجلد الأول طبعة مركز تأصيل، والكتابُ أصلٌ لمن يريد أن يقيم حُجج الإسلام أو يُناظر عنه وخصوصا مناظرة النصارى.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply