بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ذات مرة، أثناء احتفال الجالية العربية بلندن بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد ألقيتُ كلمةً، واستشهدتُ فيها ببضعة أبيات مِن قصيدة رائعة يقول شاعرها:
شَوقِي إليكَ تَبَسُّمٌ وَبُكاءُ
والحُبُّ خوفٌ، والوصالُ رَجاءُ
والعاشِقُونَ إلى مقامِكَ رَكبهُمْ
ضاقت بِهِ البيداءُ والروحاءُ
رُوحِي فداكَ وما أَتَيتَ مِن الهُدى
أنتَ الهُدى، والنورُ، أنتَ الماءُ!!
وفجأة، رأيتُ مَن يشدّني مِن ثيابي، وقال لي: لعلّكَ تعرِف مَن صاحب هذه الأبيات!
فابتهجَتْ نفسي، وتأكدتُ مِمَّا كنتُ أعتقده؛ بأنَّ أشعاره سيُكتبُ لها الخلود، وتتجاوز المكان والزمان!
لا بدَّ أن يكون هذا الرجل من أحفاد سيّدنا (هُود) إلاَّ أنه اختار أن تكون رسالته من الخليج إلى المحيط... فهو يَنهج نهجه في تأليف القلوب، ومد الجسور بمختلف الوسائل بالحُب والمصافحة والكرم والفن والثقافة والشّعر والاحتفالات والأمسيات الأدبية!
أقول: ما رأيتُ أحدًا يستفيد بكل ثقافته، ويوظّف كلَّ أوقاته مثل هذا الرجل... وفي كلّ وظيفةٍ شغلها، وفي كل مكانٍ حلَّ به، وظّفَ مهاراته، وسخّر إمكاناته، وترك أثرًا كبيرًا، يظلُّ شاهدًا له على نبوغه وعطائه وإيجابيّته وأريحيّته!
عندما قابلته أول مرة -منذ ربع قرنٍ من الزمان- لمستُ فيه الحكمة اليمانيّة، فلا تَصدُر منه كلمة إلاَّ بميزان، ولا ينطق كلمةً إلاَّ ولها معنى، بلْ إنَّ كلامه منظوم على أوزان أشعاره. بلْ عندما يكلّمكَ كأنه يقرأ مِن كتاب، فلا يُخطئ ولا يَلْحن أبدًا... مع أنّني أخشى النحويين، وأكرهُ مجالسهم، وأتحاشى معرفتهم، بلْ أحيانًا أدعو عليهم بالهلاك!!
ولمَّا أجريتُ معه حوارًا أدبيًا؛ جعلته ضمن الحوارات التي جمعتها في كتاب (أعلام الأدب الإسلامي). ومرت الأيام، ونَشرتُ الحوار في إحدى الصحف، فأُعجِب رئيسُ التحرير بمحتوى الحوار وأبعاده، فطلب منّي أن أكونَ مُشرفًا على الصفحة الثقافية في تلك الجريدة!
أخيرًا، الحمد لله، ومِن حُسن الحظ -أيضًا- أنني تواصلتُ مع ذلك الدبلوماسي اليمني، الشّاعر الأديب، الدكتور (عبد الولي الشُميْري)! وقد صحّح لي ما كتبتُه آنِفًا وطمأنّني، وقال لي: الشيخ *عبد المجيد الزنداني* مازال حيًّا، وهو يتلقّى العلاج بإحدى مشافي تركيا.
ثمَّ أسعدني بإنجازه (موسوعة أعلام اليمن) والتي أعتقد أنها ستحظى بشهرةٍ واسعة؛ باعتبار أنَّ صاحبها عبقريٌّ حكيم، وأنها تحتوي على نوابغ اليمن وحُكمائه!
ولا أجد ما أختم به الكلام عن ذلكم الأديب، سوى بضعة أبيات من قصيدةٍ له في حب فلسطين، يقول فيها:
فِي فِلَسْطينَ أَشْلاءٌ مُبَعثَرةٌ
وفي فِلَسْطِينَ أَهلي أَدمُعٌ وَدمَا
مُدُّوا إلى الطّفلِ يا أعمامَهُ حَجَرًا
أو فَامنَحُوهُ سُيُوفًا بُتَّرًا خُذُمَا
وزوِّدُوهُ بِنَعْشٍ كُلَّ ثانيةٍ
فإنَّه لِرحابِ اللهِ قَد عَزَما!
ستّونَ عَامًا وأجيالٌ يُمَزِّقُها
جَيْشُ اليهود فَما اسْتَكفَى ولا رَحِما!
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد