بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الإمامة في صلاة الجماعة مِنَ الأمور المهمة التي يجب على طلاب العِلْمِ معرفتها، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
الأحق بالإمامة في صلاة الجماعة:
*روى مسلمٌ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا (إسلامَا)"
"وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ".(5)
* قَوْلُهُ: "فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا": أيْ: أسْبَقَهُم دخولاَ في الإسلام.
* روى مسلمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ".(6)
إمامة الصبي المميز للرجال:
تصح إمامة الصبي المميز لغيره مِن الرجال إذا كان أكثر الحاضرين حفظًا للقرآن وذلك في حالة عدم وجود إمام راتب أو نائب عنه.
*روى البخاريُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "لَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ وَبَدَرَأَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَقًّا، فَقَالَ: صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا وَصَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا. فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي، لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنْ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ، أَوْ سَبْعِ سِنِينَ". (3)
* قَوْلُهُ: "بَادَر" أيْ: أسْرَعَ.
* قَوْلُهُ: "أَكْثَرَ قُرْآنًا" أيْ: أَكْثَرَ حِفْظًا للقرآن الكريم.
* قال الإمَامُ ابن حجر العسقلاني (رَحِمَهُ اللهُ): هَذَا الْحَدِيث حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيَّةِ فِي إِمَامَةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فِي الْفَرِيضَةِ.(4)
صفة وقوف الإمام مع المأمومين:
(1) إذا كان مع الإمَام رَجُلٌ واحدٌ، أو صبيٌ مميزٌ، فإنه يقف عَن يمين الإمَام وبجانبه تمامًا، بحيث تكون قَدَم المأموم بمحاذاة قَدَم الإمام.
* رَوَى مالكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْهَاجِرَةِ (وقت الظهيرة) فَوَجَدْتُهُ يُسَبِّحُ (يُصلي)، فَقُمْتُ وَرَاءَهُ، فَقَرَّبَنِي حَتَّى جَعَلَنِي حِذَاءَهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا جَاءَ يَرْفَأ (مَوْلى عُمر) تَأَخَّرْتُ فَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ". (1)
* قال الإمَامُ البخاريُّ (رَحِمَهُ اللهُ): يَقُومُ المَأْمُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ.(2)
(2) إذا كان مع الإمام رَجُلان أو رَجُلٌ وصَبيٌ مميز، وَقَفَ الاثنان خَلْفَ الإمام.
* روى مسلمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ، فَجِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِيَدَيْنَا جَمِيعًا، فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ".(3)
(3) إذا كان مع الإمام رَجُلٌ وامرأةٌ، وقَفَ الرَّجُلُ بجوار الإمام، ووقفت المرأة وحدها خلفهما.
* روى البخاريُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمِّي أم سُلَيْمٍ خَلْفَنَا".(4)
(4) إذا كان مع الإمَامِ امرأةٌ، صَلَّت خَلْفَه، ولو كان هذا الإمَامُ هو زوجها، أو أحَدُ مَحارمها.
(5) إذا صَلَّت المرأةُ إمامة وكانت معها امرأةٌ واحدةٌ وقفت بجوارها تمامًا، وإذا كان معها امرأتان فأكثر، وقفت في وسط النساء.
* روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ رِيطَةَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَمَّتْهُنَّ وَقَامَتْ بَيْنَهُنَّ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ.(1)
صلاة النساء في المساجد:
يجوز للمرأة حضور صلاة الجماعة في المساجد، ولكن صلاتها في بيتها أفضل مِن صلاتها في المسجد.
* روى أحمدُ عَنْ أم حُمَيْدٍ، امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ. قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي. فَأَمَرَتْ فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى شَيْءٍ مِنْ بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ فَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ". (2)
* روى أبو داودَ عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ".(3)
شروط صلاة المرأة في المساجد:
يُشترطُ لخروج المرأة للصلاة في المسجد أن ترتدي ملابسها الواسعة، التي لا تجذب انتباه الرِّجَالِ، ويحرمُ على المرأة أن تخرجَ مِن بيتها متعطرة، ولو كان خروجها للصلاة في المسجد.
(1) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ".(1)
(2) روى مسلمٌ عَنْ زَيْنَبَ، امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعود، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا".(2)
(3) روى أبو داودَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، ﷺ قَالَ: "لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلَاتٌ".(3)
* قَوْلُهُ: "تَفِلَاتٌ" أيْ: غير مُتعطرات.
* إذا ترتب على خروج المرأة فتنةٌ أو مفسدةٌ، حَرُمَ ذهابها للصلاة في المسجد.
تسوية الصفوف: ينبغي على الإمامِ أن يُذَكِّرَ المأمومينَ بوجوب تسوية الصفوف عند إقامة الصلاة.
* روى الشيخانِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي اللهُ عنه، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ".(4)
* روى الشيخانِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال: قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ".(5)
فائدة مهمة:
يجبُ على الإمام أن يتأكد مِن تسوية الصفوف قبل أن يَدخلَ في الصلاة
* روى أبو داودَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِب، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَةٍ إلى نَاحِيَةٍ يَمْسَحُ صُدُورَنَا وَمَنَاكِبَنَا وَيَقُولُ: "لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الْأُوَلِ". (6)
صفة تسوية الصفوف:
* روى البخاريُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي. وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ".(1)
* روى أبو داودَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ، وَلَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ".(2)
أفضل صفوف صلاة الجماعة:
روى أبو داودَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الْأُوَلِ".(3)
وجوب إتمام الصفوف:
روى أبو داودَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، ﷺ، قَالَ: "أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ".(4)
مسابقة الإمام: يَحرمُ على المأموم أن يسبقَ إمَامَه عَمْدًا، فمسابقة المأموم لإمَامِهِ مِن كبائر الذنوب.
روى البخاريُّ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ، إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَار"ٍ.(5)
الصلاة بين الأعمدة:
تُكرهُ الصلاة بين الأعمدة في حالة اتساع المسجد وتجوز عند الزحام.
* روى ابنُ مَاجَه عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "كُنَّا نُنْهَى أَنْ نَصُفَّ بَيْنَ السَّوَارِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَنُطْرَدُ عَنْهَا طَرْدًا".(6)
قراءة الفاتحة خلف الإمام:
تجبُ قراءة الفاتحة على المأموم في جميع الصلوات الجهرية والسرية، فرضًا أم نفلًا، سَوَاء سَمِعَ المأمومُ فيها قراءةَ الإمام، أم لم يسمعها، وسَوَاء سكت الإمام بين الفاتحة والسورة، أم لم يسكت.(1)
* روى الشيخانِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ".(2)
* قَالَ الإمامُ الترمذيُّ (رَحِمَهُ اللهُ):
الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّابِعِينَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ يَرَوْنَ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ.(3)
* روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ القرآن فَهِيَ خِدَاجٌ، ثَلَاثًا، غَيْرُ تَمَامٍ. فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ؟ فَقَالَ: اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ".(4)
الجهر بالبسملة:
يُستحبُ عدم جَهْر الإمام بالْبَسْمَلَةِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) في الصلوات الجهرية. وهذا قول الجمهور مِن أهل الحديث.
* روى مسلمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)".(1)
* قَالَ الإمَامُ ابْنُ الْهُمَامِ (رَحِمَهُ اللهُ): "لَمْ يُرِدْ أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، نَفْيَ الْقِرَاءَةِ (للبَسْمَلَةِ)، بَلِ السَّمَاعَ لِلْإِخْفَاءِ، بِدَلِيلِ مَا صُرِّحَ بِهِ عَنْهُ، فَكَانُوا لَا يَجْهَرُونَ (بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)".(2)
فائدة مهمة:
يجب على المسلم ألا يُحدثَ فتنةً بسبب الجهر أو عدم الجهر بالبسملة. ومِنَ المعلوم أنه يجبُ على المسلم أن يتركَ الأمر المستحب إذا ترتب على فِعله مفسدة.(3)
اقتداء المأمومين بالإمام مع وجود حائل يمنع رؤيته:
إذا صلى المأمومون وكان بينهم وبين الإمام حَائِل أو طريق يسير فيه الناس، يمنع اتصال الصفوف، أو رؤية الإمَام، أو صلوا في مكان مستقل، صحت صلاتهم، وذلك في حالة الضرورة، كامتلاء المسجد والرحاب المتصلة به، بشرط سماع المأمومين لتكبيرات الإمام.(4)
* قَالَ الْحَسَنُ البصري (رَحِمَهُ اللهُ): لَا بَأْسَ أَنْ تُصَلِّيَ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ (الْإِمَام) نَهْرٌ.
* قَالَ أَبُو مِجْلَز (رَحِمَهُ اللهُ): يَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ جِدَارٌ، إِذَا سَمِعَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ.(5)
فائدة مهمة:
لا يجوز اقتداء المأموم بإمَامٍ عَن طريق الإذاعة، أو التلفزيون، سَوَاءٌ كان ذلك في صلاة الفريضة، أو في صلاة النافلة، ولو سَمِعَ المأمومُ قراءةَ الإمَام وتكبيراته.(1)
إمامة المتنفل بالمفترض:
يجوزُ اقتداء المسلم الذي يُصَلِّي الفرض بمَن يُصَلِّي النافلة، وذلك لأن مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، رضي اللهُ عنه، كان يُصَلي العشاء خَلْفَ النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم يعودُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فيكون إمامًا لقومه في صلاة العشاء، وقد
أقَرَّهُ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، على ذلك، ولم يُنْكِر عليه.
* روى البخاريُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ، فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَكَأَنَّ مُعَاذًا تَنَاوَلَ مِنْهُ فَبَلَغَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (فَتَّانٌ، فَتَّانٌ، فَتَّانٌ.) ثَلَاثَ مِرَارٍ".(2)
* قَوْلُهُ: (فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ) أي: فارقَ الإمامَ وصلى مُنفردًا.
* قَوْلُهُ: (تَنَاوَلَ مِنْهُ) أي: ذَكَرَهُ بسُوءٍ.
* قَوْلُهُ: (فَتَّانٌ): أي: مُنَفِرٌ عَن صلاة الجماعة، وتَصُد النَّاسَ عنها.
* قَالَ الإمَامُ أبو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ):
هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ مِنْ الْفِقْه جَوَاز صَلَاة الْمُفْتَرِض خَلْف الْمُتَنَفِّل لِأَنَّ صَلَاة مُعَاذ مَعَ رَسُول اللَّه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هِيَ الْفَرِيضَة، وَإِذَا كَانَ قَدْ صَلَّى فَرِيضَة فَصَلَاته بِقَوْمِهِ نَافِلَة. وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز إِعَادَة صَلَاة فِي يَوْم مَرَّتَيْنِ إِذَا كَانَ لِلْإِعَادَةِ سَبَب مِنْ الْأَسْبَاب الَّتِي تُعَاد لَهَا الصَّلَاة.(3)
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
(5) (مسلم حديث 673)
(6) (مسلم حديث 672)
(3) (البخاري حديث 4302)
(4) (فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج7 ص618)
(1) (صحيح) (موطأ مالك ص 154)
(2) (فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج2 ص 223)
(3) (مسلم حديث: 3010)
(4) (البخاري حديث 727)
(1) (صحيح) (مصنف عبد الرزاق ج3 ت ص 140 رقم 5086)
(2) (حديث حسن) (مسند أحمد ج45 ص37 رقم 27090)
(3) (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 530)
(1) (مسلم حديث 143)
(2) (مسلم حديث 142)
(3) (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 529)
(4) (البخاري حديث: 723 / مسلم حديث: 433)
(5) (البخاري حديث: 717 / مسلم حديث: 436)
(6) (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 618)
(1) (البخاري حديث: 725)
(2) (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 620)
(3) (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 618)
(4) (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 623)
(5) (البخاري حديث 691)
(6) (حديث حسن صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث 821)
(1) (صحيح مسلم بشرح النووي ج2 ص163)
(فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج2 ص283)
(سبل السلام للصنعاني ج1 ص354)
(نيل الأوطار للشوكاني ج307 ص310: ص311)
(فتاوى أركان الإسلام لابن عثيمين ص319)
(2) (البخاري حديث 756 / مسلم حديث 394)
(3) (سنن الترمذي ج2 ص118)
(4) (مسلم حديث 395)
(1) (مسلم حديث 399)
(2) (مرقاة المفاتيح علي الهروي ج2 ص 685)
(3) (مجموع فتاوى ابن تيمية ج22 ص405: ص437)
(4) (المغني لابن قدامة ج3 ص44: ص47)
(فتاوى ابن تيمية ج23 ص407)
(5) (البخاري مع فتح الباري ج2 ص250)
(1) (فتاوى دار الإفتاء المصرية ج20 رقم 3286 ص7365: ص7367)
(2) (البخاري حديث 701)
(3) (معالم السنن للخطابي ج1 ص170)
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد