الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من سنن الله عز وجل أن العباد الذي عصوا وتمادوا في العصيان أرسل الله جل وعلا عليهم أنواع العقوبات، ومن تلك العقوبات التي تصيب الناس: الطواعين والأوبئة.
للسلف أقوال في الأوبئة والطواعين جمعت بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفع بها.
· الطاعون:
• قال الإمام النووي رحمه الله: الطاعون قروح تخرج في الجسد، فتكون في المرافق أو الآباط أو في الأيدي أو الأصابع وسائر البدن، ويكون معه ورم، وألم شديد، وتخرج تلك القروح مع لهيب، ويسود ما حواليه، أو يخضر، أو يحمر حمرة بنفسجية كدرة، ويحصل معه خفقان القلب، والقيء.
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال الخليل: الطاعون الوباء... وقال الداودي: الصحيح أنه الوباء. وقال عياض: كل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونًا.
• قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: الطاعُون وباء معروف، فتاك والعياذ بالله... قيل: إنه وباء معين، وقيل: إنه كل وباء عام يحلَّ بالأرض فيصيب أهلها ويموت الناس منه.
· الطاعون رحمة الله جل وعلا:
• قال معاذ بن جبل رضي الله عنه عن طاعون الشام: هذه رحمة من ربكم عز وجل، ودعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم، وكف الصالحين قبلكم، ولكن خافوا ما هو أشد من ذلك أن يغدو الرجل منكم إلى منزله لا يدري أمؤمن هو أو منافق.
· من مات بالطاعون صابرًا محتسبًا فله مثل أجر الشهيد:
• قال العلامة العثيمين: الإنسان إذا نزل الطاعون في أرضه فإن الحياة غالية عند الإنسان سوف يهرب... فإذا صبر وبقي واحتسب الأجر وعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله، ثم مات به فإنه يكتب له مثل أجر الشهيد، وهذا من نعمة الله عز وجل.
· طاعون الجارف:
• قال النووي رحمه الله طاعون الجارف فسمى بذلك لكثرة من مات فيه من الناس.
• قال الإمام الذهبي رحمه الله: قال المدائني: حدثني من أدرك الجارف، قال: كان ثلاثة أيام، فمات فيها كل يوم نحو من سبعين ألفًا.
· طاعون عمواس:
• قال الإمام النووي رحمه الله: عمواس قرية بين الرملة وبيت المقدس، نُسب الطاعون إليها، لكونه بدأ فيها، وقيل: لأنهم عمَّ الناس وتواسوا فيه، ذكر القولين الحافظ عبدالغني في ترجمة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه.
· الاختلاط سبب للفاحشة التي هي سبب للطواعين:
• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: اختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام، والطواعين المتصلة.
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: الطاعون ينشأ عن ظهور الفاحشة.
· المعاصي ووقوع الأمراض والطواعين:
• قال ابن القيم رحمه الله: ولم تزل أعمال بني آدم، ومخالفتهم للرسل تحدث لهم من الفساد العام والخاص، ما يجلب عليهم من الآلام والأمراض، والأسقام والطواعين.
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: الطاعون قد يقع بسبب المعصية.
· الوباء:
• قال الإمام النووي رحمه الله: الوباء مرض عام يفضي إلى الموت غالبًا.
· وباء الجوع:
• قال العلامة العثيمين رحمه الله: الجوع يحمل معنيين:
المعنى الأول: أن يحدث الله سبحانه في العباد وباءً هو وباء الجوع، بحيث يأكل الإنسان ولا يشبع، وهذا يمرّ على الناس، وقد مرّ بهذه البلاد سنة معروفة عند العامة تسمى سنة الجوع. يأكل الإنسان الشيء الكثير ولكنه لا يشبع والعياذ بالله أبدًا.
· إذا ظهرت الفاحشة فشا الوباء:
• قال كعب الأحبار رضي الله عنه: إذا رأيت الوباء قد فشا، فاعلم أن الزنا قد فشا.
• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: لما اختلط البغايا بعسكر موسى، وفشت فيهم الفاحشة، أرسل الله تعالى عليهم الطاعون، فمات في يوم واحد سبعون ألفًا.
· الأعاجم يتقون الوباء في كانون الأول:
• قال صلى الله عليه وسلم: "... غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء، لا يمر بإناء ليس غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من ذلك الوباء" قال الإمام النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء" وفي الرواية الأخرى يومًا بدل ليلة، قال الليث: الأعاجم عندنا يتقون ذلك في كانون الأول. قوله: (يتقون ذلك) أي يتوقعونه ويخافونه.
تنبيه شهر كانون الأول، هو شهر ديسمبر، وهو الشهر الذي ظهر فيه وباء كورونا في الصين.
· تغطية الإناء صيانة له من الوباء:
• قال الإمام النووي رحمه الله: ذكر العلماء للأمر بالتغطية فوائد، منها:... صيانته من الوباء الذي ينزل ليلة من السنة.
· التسبيح والوباء:
• قال الإمام الشافعي رحمه الله: لم أر أنفع للوباء من التسبيح.
· الموت بالأوبئة:
• قال العلامة العثيمين رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين﴾[البقرة:155].
قوله: ﴿والأنفس﴾ أي: الموت بحيث يحلُّ في الناس أوبئة تهلكهم وتقضي عليهم. وهذا يحدث كثيرًا، ولقد حُدثنا أنه حدث في هذه البلاد _ أي البلاد النجدية _ حدث فيها وباء عظيم سنَتُه عند العامة سنة الرجمة!! إذا دخل الوباء في البيت لم يبق منهم أحد إلا دفن والعياذ بالله.
يدخل في البيت فيه عشرة أنفس أو أكثر فيُصاب هذا بعرض ومن غدًا الثاني والثالث والرابع حتى يموتوا عن آخرهم. وحدثنا أنه قدّم في هذا المسجد _ مسجد الجامع الكبير بعنيزة _ وكان الناس بالأول في قرية صغيرة ما فيها ناس كثير كما هو حال اليوم. يُقدّم أحيانًا في فرض الصلاة الواحدة سبع إلى ثمان جنائز، نعوذ بالله من الأوبئة.
وقال رحمه الله: كان في هذه البلاد فيما سبق تحصل أوبئة عظيمة... كان يموت أمم عظيمة... وتسمى هذه السنة عند العامة سنة الرحمة، تفاؤلًا أن الله عز وجل رحم الأمةُ بهذا الطاعون وقد وقع في عدة بيوت فأهلكهم.
· كثرة من يموت بالوباء:
• قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:
في سنة (258هـ) وباء شديد، ومات من الناس نحو من عشرين ألفًا.
وفي سنة (334هـ) كثر الوباء في الناس، وكان لا يدفن أحد أحدًا، بل يتركون في الطرقات فيأكل كثير منهم الكلاب.
وفي سنة (344هـ) وقع داء مركب من دم وصفراء ووباء، ومات بسبب ذلك خلق كثير، بحيث كان كل يموت في كل يوم قريب من ألف نفس.
وفي سنة (406هـ) وقع وباء شديد أعجز الحفارين والناس عن دفن موتاهم
وفي سنة (423هـ) وقع... الجدري، بحيث لم تخل دار من مصاب به.
وفي سنة (597) وقع وباء شديد ببلاد عنيزة بين الحجاز واليمن، وكانوا عشرين قرية فبادت منها ثماني عشرة لم يبق فيها ديار ولا نافح نار، وبقيت أنعامهم وأموالهم لا قاني لها، ولا يستطيع أحد أن يسكن تلك القرى ولا يدخلها، بل كان من اقترب إلى شيء من هذه القرى هلك من ساعته. نعوذ بالله من بأس الله وعذابه وغضبه وعقابه. أما القريتان الباقيتان فإنهما لم يمت منهما أحد ولا عندهم شعور بما جرى على من حولهم، بل هم على حالهم لم يفقد منهم أحد، فسبحان الحكيم العليم.
· دعا الناس برفع الوباء والقنوت والتوبة إلى الله:
• قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وفي سنة (749هـ) دعا الناس برفع الوباء... وشرع الخطيب في القنوت بسائر الصلوات والدعاء برفع الوباء... وحصل للناس خضوع وخشوع وتضرع وإنابة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد